عاصفة شتوية قوية تضرب اسكتلندا وتعطل شبكة السكك الحديدية

مدن أوروبية ساحليّة تستعد وتحذّر من مخاطر العاصفة

عاملان على شاطئ بحر الشمال قرب مدينة نوردش في ألمانيا
عاملان على شاطئ بحر الشمال قرب مدينة نوردش في ألمانيا
TT

عاصفة شتوية قوية تضرب اسكتلندا وتعطل شبكة السكك الحديدية

عاملان على شاطئ بحر الشمال قرب مدينة نوردش في ألمانيا
عاملان على شاطئ بحر الشمال قرب مدينة نوردش في ألمانيا

ضربت عاصفة شتوية قوية قادمة من المحيط الأطلسي اليوم الخميس اسكتلندا، ما تسبب في تعطل حركة النقل في المنطقة، كما يستعد شمال أوروبا لرياح بقوة الاعصار.
وعلقت شبكة السكك الحديدية في اسكتلندا عملياتها بسبب الرياح القوية التي تعصف بالبلاد، ما تسبب في أضرار بالمعدات ونثر الحطام على القضبان.
واضطرت السلطات لإخلاء محطة غلاسكو الرئيسية بعد أن دمر الحطام أجزاء زجاجية في السقف. وسجّلت زوابع بسرعة 184 كيلومترا في الساعة.
وقالت شركة الطاقة الاسكتلندية "هيدرو" إنها تعمل على إعادة التيار الكهربائي لنحو 20 ألف منزل. كما نصحت سلطات الطرق قائدي المركبات بتجنب الطرق السريعة في أجزاء من اسكتلندا.
وأصدرت هيئة الأرصاد الجوية البريطانية تحذيرات من الطقس القاسي للمناطق الشمالية والشرقية.
كما حذرت وكالة البيئة البلديات في الساحل الشرقي لإنجلترا من أجل الاستعداد "لأخطر اندفاع مد الساحل على مدار 30 سنة" مصحوبا برياح عاتية وأمواج عالية وموجات مد مرتفعة ما يشكل خطر "حدوث فيضان ساحلي ضخم". هذا ويتوقّع أن تصل العاصفة "خافيير" إلى القارة في وقت متأخر بعد ظهر اليوم.
أمّا في بلجيكا فتستعد المدن الساحلية للعاصفة، وسط مخاوف من أن مزيجا من الرياح القوية والمد يمكن أن يؤدي إلى مستويات مرتفعة من المياه. ويتوقع أن تصل ذروتها في الساعة الثالثة صباحا(02:00 بتوقيت غرينتش) غدا الجمعة.
وقال كارل ديكالوي، حاكم مقاطعة ويست فلاندرز، إنه "وفقا لنظم المحاكاة، نقدّر أن مستوى المياه سيصل إلى 2.6 متر. وهذا سيكون أعلى قياس في 30 سنة ... لكن لا يوجد سبب حتى الآن للهلع".
وذكرت محطة "آر تي بي إف" التلفزيونية، أن الرياح على الساحل يمكن أن تصل سرعتها إلى 100 كيلومتر في الساعة.
كما افادت وكالة الأنباء البلجيكية "بلجا" بأن رجال الإطفاء يخزنون أكياس الرمال لمواجهة الفيضانات، بينما من المقرر نشر دوريات شرطة إضافية، كما طلب من أصحاب القوارب ربطها بصورة آمنة.
وأطلقت وسائل إعلام محلية لقب "عاصفة القديس نيكولاس" على العاصفة، حيث يحتفل الأطفال في بلجيكا والدول الأوروبية بيوم القديس نيكولاس غدا الجمعة.
وفي ألمانيا، بدأ مطار هامبورغ في إلغاء رحلات طيران مقررة في وقت متأخر اليوم الخميس بسبب الخطر الذي يلوح في الأفق. وطلب من أسواق أعياد الميلاد التقليدية في المدينة أن تغلق أبوابها وتثبت الأكشاك الخشبية المؤقتة.



«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.