المعارضة والنظام يتقاسمان مدينة دير الزور.. و«داعش» تتمدد في ريفها

«الدولة» تقاتل لربط شرق سوريا بغرب العراق على غرار الحسكة

المعارضة والنظام يتقاسمان مدينة دير الزور.. و«داعش» تتمدد في ريفها
TT

المعارضة والنظام يتقاسمان مدينة دير الزور.. و«داعش» تتمدد في ريفها

المعارضة والنظام يتقاسمان مدينة دير الزور.. و«داعش» تتمدد في ريفها

تستغل القوات النظامية في مدينة دير الزور شرق سوريا انشغال مقاتلي المعارضة السورية بخوض معارك ضد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» في ريف المحافظة، لتقضم أحياء جديدة من المدينة، حيث باتت تسيطر على أكثر من ثلث مساحتها. وفي حين تخلو مدينة دير الزور من وجود تنظيم «داعش»، الذي يركز جهوده الميدانية على الريف القريب من الحدود العراقية، تجهد كتائب «الجيش الحر» للاحتفاظ ببقية أحياء المدينة.

وتقع محافظة دير الزور، شرق سوريا، على نهر الفرات الذي يقسمها إلى قسمين، يسار النهر وهو امتداد بادية الشام وعلى ضفته تقع المدينة، ويمين النهر وهو امتداد لبادية الجزيرة السورية. وتبعد المدينة القريبة من الحدود العراقية، نحو 450 كيلومترا شمال شرقي دمشق و320 كيلومترا جنوب شرقي حلب. ويتحدر معظم سكانها الذين يبلغ تعدادهم نحو 300 ألف من أصول عشائرية خصوصا قبيلتي البقارة والعقيدات.

ويوضح ناشطون معارضون في المدينة أن تنظيم «داعش» يتبع حاليا سياسة الاقتراب من المناطق الحدودية، ما دفعه إلى سحب عناصره من مركز مدينة دير الزور، لتنحصر المعارك هناك بين القوات النظامية وفصائل المعارضة السورية. وبحسب ناشطين، تسيطر المعارضة على نحو 65 في المائة من مساحة مدينة دير الزور، مقابل 35 في المائة خاضعة لسيطرة النظام.

جغرافيا، تحكم القوات النظامية سيطرتها على أحياء الجورة وحرادش، إضافة إلى أجزاء من الصناعة والرصافة والعمال، فيما تسيطر المعارضة على أحياء الموظفين والحمدية والرشدية والجبيلة والحويقة وخسارات، إضافة إلى منطقة المطار القديمة.

وتبدو جبهة منطقة البصيرة في ريف دير الزور الشرقي هامة جدا بالنسبة لمقاتلي المعارضة السورية الذين يقاتلون تنظيم «داعش»، إذ في حال سقوطها، يصبح عناصر التنظيم على مشارف مدينة البوكمال الحدودية، ليسهل عليهم ربط مدينة دير الزور في الفترة اللاحقة بمحافظة الأنبار العراقية.

ورغم أن كتائب المعارضة المنضوية تحت قيادة «الجيش السوري الحر»، تسيطر على مساحات شاسعة من الريف الشرقي، تمتد من البصيرة جنوبا حتى البوكمال، لكن تنظيم «الدولة الإسلامية» يسعى من خلال المعارك الأخيرة إلى توسيع مناطق نفوذه بهدف الاقتراب أكثر من الحدود مع العراق. وبات اليوم يسيطر على معظم المناطق غرب البصيرة وصولا إلى بلدة حطلة.

وتتمثل أولوية كتائب المعارضة في الوقت الحالي بمنع عناصر «داعش» من التقدم نحو أي منطقة حدودية قريبة من العراق، بحسب ما يؤكد رئيس المجلس العسكري للجيش الحر في دير الزور، مهند الطلاع، موضحا لـ«الشرق الأوسط» أن «ربط المناطق الحدودية بين العراق وسوريا كما حصل في الحسكة سيزيد تنظيم (الدولة) قوة لأن طرق الإمداد ستصبح مفتوحة».

وكان تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، نشر صورا لمقاتليه وهم يزيلون الحدود بين محافظتي نينوى العراقية والحسكة السورية. وأظهرت الصور التي نشرت على موقع «المنبر الإعلامي الجهادي» القريب من هذا التنظيم وعلى حساب «الدولة الإسلامية» على موقع «تويتر»، مقاتلين يستخدمون جرافة لإزالة سواتر ترابية تفصل بين نينوى في شمال غربي العراق والحسكة في شمال شرقي سوريا.

تقاسم السيطرة بين كتائب المعارضة وتنظيم «داعش» ينسحب على الريف الغربي، ففي حين تحكم فصائل المعارضة سيطرتها على ما يعرف بمنطقة «الشامية»، الممتدة من بلدة التبنين مرورا بحليبة وزلبية وصولا إلى بلدة معادان عتيق، يسيطر تنظيم «داعش» على ما يعرف بمنطقة «الجزيرة» التي تضم مناطق جزرة البوحميد وجزرة ميلاجة والكبر والكسرة والحسينية. كما يسيطر التنظيم على جزء من طريق دير الزور – دمشق عند بلدة شولة، إضافة إلى سيطرته على عدد من البلدات المنتشرة على نهر الخابور.

ويولي تنظيم «داعش» أهمية كبيرة لمدينة دير الزور بسبب وجود عدد من حقول النفط والغاز داخل أراضيها، لدرجة أنه يطلق عليها اسم ولاية «الخير»، في إشارة إلى الثروات الموجودة فيها، كما يسعى التنظيم إلى السيطرة على دير الزور بهدف ربطها جغرافيا بمدينة الأنبار العراقية لتسهيل إعلان دولته. في المقابل تقاتل كتائب المعارضة على جبهتين، ففي حين تحاول عرقلة مخططات «داعش»، تسعى كذلك إلى طرد القوات النظامية من المدينة لإحكام السيطرة عليها، وتجهد الأخيرة للاحتفاظ ببعض الأحياء في مركز المدينة بهدف تأخير سقوطها بيد المعارضة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.