نتنياهو يفشل في تبكير موعد الانتخابات

المعارضة تطالب المستشار القضائي بتقديم لائحة اتهام ضده

TT

نتنياهو يفشل في تبكير موعد الانتخابات

انتهت الأزمة الائتلافية في الحكومة الإسرائيلية، بفشل ذريع لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الذي كان قد بذل جهودا محمومة لتبكير موعد الانتخابات بأي ثمن. فقد اتضح أنه لن يستطيع تجنيد الأغلبية اللازمة لحل الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، وهي 61 نائبا، كي يتمكن من إجرائها في شهر يونيو (حزيران) المقبل. فقد كان رفاقه في الائتلاف أول من تصدى له ووقفوا حتى مع المعارضة وأجبروه على التراجع.
ولكن، وعلى الرغم من هذا الفشل، فإن مصادر مقربة منه قالت أمس الأربعاء، إنه لم يستسلم لهذا الواقع. وإنه يثق بأن الشرطة تحتاج إلى عشرة شهور على الأقل لكي تنهي الإجراءات القانونية لتقديمه إلى المحاكمة في ملفات الفساد المفتوحة ضده و«حتى ذلك الحين يخلق الله ما لا تعلمون».
وكان نتنياهو قد اعتمد في مساعيه لتبكير موعد الانتخابات، على الخلاف داخل ائتلافه حول القانون الذي تريد الأحزاب الدينية تمريره، ويقضي بإعفاء أولادهم من الخدمة الإجبارية في الجيش. وهو القانون الذي يرفضه الجيش وتصدى له وزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان. وقد هدد المتدينون بالتصويت ضد الموازنة العامة إذا لم يتم إقرار القانون. وهدد ليبرمان بالمقابل بالانسحاب من الحكومة إذا تم سن القانون. وقد وجد نتنياهو في هذه الأزمة فرصة له لإسقاط الحكومة والتوجه لانتخابات جديدة. لذلك لم يفعل شيئا لحل الخلاف، مع أن حليفه الأول نفتالي بنيت، وزير التعليم ورئيس حزب المستوطنين، قال إن هذه أزمة مصطنعة ويمكن حلها بعشر دقائق، إذا أراد رئيس الحكومة. وعندما لم يتحرك نتنياهو، توجه بنيت بنفسه إلى الأحزاب الدينية وتوصل معها إلى اتفاق حل وسط. لكن ليبرمان أصر على موقفه، مما جعل الجميع يرون أنه شريك مع نتنياهو في مؤامرة تبكير موعد الانتخابات. وتبين أن نتنياهو يستمد الشجاعة والإصرار على تبكير موعد الانتخابات، من نتائج استطلاعات الرأي التي تنشر يوميا وتشير إلى أن الجمهور، وعلى الرغم من أنه يعارض بغالبيته تبكير موعد الانتخابات، يمنحه ما يحتاج إلى أصوات لتشكيل الحكومة مرة أخرى. وقد نشرت الليلة الماضية نتائج استطلاعين، أحدهما نشرته قناة التلفزيون الثانية، وجاء فيه أنه لو جرت الانتخابات اليوم، لكان حزب الليكود قد فاز فيها مع 30 مقعدا (أي يحافظ على قوته الحالية) ويظل أكبر الأحزاب، والثاني بث في القناة العاشرة ويمنح الليكود 29 نائبا ويبقى الحزب الأكبر.
وحسب القناة الثانية سيحتل المرتبة الثانية، حزب يوجد مستقبل مع 21 مقعدا، والثالث المعسكر الصهيوني مع 13 مقعدا. كما منح استطلاع القناة العاشرة غالبية لحزب الليكود، 29 مقعدا، يليه يوجد مستقبل 24. ثم القائمة المشتركة 13. ووفقا لاستطلاع قناة الأخبار، تحصل المشتركة على 12 مقعدا، والبيت اليهودي على 11 ثم ميرتس على 7 ويهدوت هتوراة 7، وكلنا 6، وتحصل أورلي ليفي أبوكسيس، التي تظهر في الاستطلاعات لأول مرة، على 5 مقاعد، يليها يسرائيل بيتينو وشاس مع 4 مقاعد لكل منهما. أما استطلاع القناة العاشرة فيمنح المعسكر الصهيوني 11، البيت اليهودي 11، ميرتس 9. كلنا 6، يسرائيل بيتينو 6، يهدوت هتوراة 6 وشاس 5. يشار إلى أن استطلاع القناة العاشرة في الأسبوع الماضي، منح الليكود 29. ويوجد مستقبل 24، والمعسكر الصهيوني 12. والمشتركة والبيت اليهودي 10 لكل منهما، وميرتس 8، وكلنا ويسرائيل بيتينو 7 لكل منهما، ويهدوت هتوراة 6، وشاس 5.
وتعني هذه النتائج أن الأحزاب التي تشكل الائتلاف اليميني الحالي ستخسر من قوتها 2 - 4 مقاعد فقط، لكنها ستحتفظ بالأكثرية وتستطيع أن تشكل الحكومة القادمة أيضا برئاسة نتنياهو. وحسب مقربين من نتنياهو فإن لديه استطلاعات سرية تعطيه عددا أكبر من النواب. لكنه واجه مشكلة مع عدد من نواب حزبه ومع حزبين في الائتلاف على الأقل، هما حزب المستوطنين برئاسة وزير التعليم نفتالي بنيت وحزب كولانو برئاسة وزير المالية موشيه كحلون، الذين يستصعبون الذهاب لانتخابات بسبب قضية فساد شخصية لرئيس الحكومة. وقالوا لنتنياهو إن استطلاعات الرأي ليست مقدسة وقد تنقلب بشكل عكسي، خصوصا أن الشرطة أعلنت أنها ستواصل التحقيقات معه حتى في ظل الانتخابات وحتى إذا فاز بنسبة تصويت أعلى.
وفي ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء، أدرك ليبرمان أيضا أن الانتخابات ليست مضمونة له ولحزبه، فقرر التراجع. وهكذا وافق على التسوية التي طرحها بنيت مع المتدينين، وأضاف عليها بندا آخر يجعل الجيش شريكا في تعديل قانون التجنيد. وعندما رأى نتنياهو هذه الصورة، تراجع هو الآخر، وراح يدعي أنه هو الذي أنقذ الائتلاف الحكومي. وقال نتنياهو، في خطاب مقتضب في الكنيست، إنه توصل مع مكونات الائتلاف الحكومي إلى اتفاقٍ ينهي أزمته الحادّة التي كادت تطيح بحكومته. واعترف بأنه «لا انتخابات قريبة في الأفق».
وفي ساعة متأخرة نشر أن نفتالي بنيت تعهد لنتنياهو بألا يستقيل من منصبه قبل تقديم لائحة اتهام ضدّ الأخير في التهم التي يجري التحقيق فيها معه.
وهكذا، وبناءً على الاتفاق المبرم بين مكونات الائتلاف الحاكم، صادق الكنيست، بالقراءة التمهيديّة على مشروع قانون التجنيد الذي يعفي طلاب المدارس الحريديّة من الخدمة العسكريّة في الجيش الإسرائيلي، بأغلبية 59 صوتاً مقابل 38 معارضا. كما رفضت أغلبية الهيئة العامّة للكنيست كل مقترحات المعارضة الإسرائيليّة الداعية إلى حل الكنيست وتبكير موعد الانتخابات.
وتوجهت عضو الكنيست رفيطال سويد من المعارضة برسالة إلى المستشار القضائي للحكومة، أبيحاي مندلبليت، تطالبه فيها بمنع نتنياهو من استغلال الجهاز القضائي في معركته. وقالت إن عليه أن يحدد سقفا زمنيا أعلى لتقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو قبل الانتخابات: «حتى لا ينخدع الناخبون. عليهم أن يعرفوا إن كانوا سيصوتون لرئيس حكومة فاسد أم لا».



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.