4 أحزاب مغاربية تطلق مبادرة لكسر الجمود في شمال أفريقيا

التقت في الجزائر بمناسبة مؤتمر «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»

TT

4 أحزاب مغاربية تطلق مبادرة لكسر الجمود في شمال أفريقيا

اتفقت أربعة أحزاب من الجزائر والمغرب وتونس وليبيا، على إطلاق «تنسيق مشترك لمتابعة الوضع الذي تعيشه بلدان شمال أفريقيا». وتعد المبادرة الحزبية فريدة قياسا إلى حالة الجمود التي أصابت العمل السياسي المغاربي الجماعي، منذ أن تعطَلت مسيرة «اتحاد المغرب العربي» عام 1994. بسبب الخلافات بين الجزائر والمغرب.
ونشر «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، (حزب علماني جزائري) أمس، بموقعه الإلكتروني «إعلانا مشتركا» لقيادات الأحزاب الأربعة وهي «حزب الأصالة والمعاصرة» المغربي الذي يمثله عضو مكتبه السياسي امحمد لقماني، و«الحزب الجمهوري» التونسي بقيادة أمينه العام عصام الشابي، و«حزب ليبيا الأمة» بقيادة عضو مكتبه السياسي أحمد دوغة. وضمَ البيان المشترك أيضا توقيع رئيس «التجمع من أجل الديمقراطية»، محسن بلعباس الذي يعتبر من أبرز الأحزاب المعارضة في البلاد، له تمثيل في البرلمان. وللحزب نظرة تختلف عن نظرة الحكومة، فيما يخص العلاقات بين دول المغرب العربي، وهو يدعو إلى تحسين العلاقة مع المغرب.
وحضر قادة الأحزاب الثلاثة، أشغال مؤتمر الحزب الجزائري، عقد الأسبوع الماضي، بصفتهم مدعوين. وجاء في وثيقتهم المشتركة، أن «الوفود الحزبية التونسية والجزائرية والمغربية والليبية المجتمعة في الجزائر العاصمة، على هامش أشغال المؤتمر الخامس للتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، بحثت مستقبل منطقة جنوب الصحراء الكبرى واتفقت على إعطاء امتداد لعلاقاتها، وتطويرها بالطرق والوسائل التي يتعهدون بتحديدها في أقرب الآجال الممكنة».
وأشار «البيان المشترك»، إلى أن «هذه المبادرة تفرضها متطلبات تاريخية واعتبارات سياسية، تزداد تداعياتها الجيوسياسية إلحاحا يوما بعد يوم». وتحدث عن «حاجة ماسة إلى توفير إطار ذي مصداقية، عملي ومساير للوضع الذي تعيشه بلدان شمال أفريقيا الأربعة، من أجل تجاوز تشتت إمكانياتها السياسية والاقتصادية... وضع يعيق الحركة في شمال القارة ويتركها عرضة لحالة الجمود وخطر التردي، بل وحتى زعزعة الاستقرار». وتابعت الوثيقة أن «جميع المشاركين في المؤتمر، يرون أن هناك ضرورة ملحة، اقتصاديا وبيئيا وأمنيا، لا تتحمل أي تأجيل ولا أي ذريعة، لقيام عقد جديد يشمل البلدان الأربعة المذكورة والدول المحاذية لمنطقة الساحل»، في إشارة إلى مشاكل أمنية واقتصادية معقَدة تواجه ما يعرف بـ«المنطقة جنوب الصحراء»، وتشمل مالي والنيجر وتشاد. وتعد هذه المنطقة عمق المغرب العربي. ويوجد تنافس بين الجزائر والمغرب، على ربط علاقات قوية بين حكوماتها التي تؤثر في سياستها فرنسا، كقوة استعمارية سابقا.
وبحسب أصحاب البيان، فهم «مقتنعون بأن آفاق ترتيب جديد للعلاقات بين بلدان المنطقة باتت مطلوبة، بشرط تجاوز السياقات الظرفية والطوارئ التي تجاهلت وقوّضت وحاربت مصيرا مشتركا. فأوضاع المنطقة اليوم والتطورات الدولية الراهنة، تتطلب منا أن ندرج هذا المصير ضمن الأولويات في الأجندة الإقليمية».
ويرى الموقعون على الوثيقة أن «نداءنا هذا الذي يُلزمنا، موجّه أيضا إلى جميع القوى التقدمّية في بلداننا، للانضمام إلى مناقشاتنا من أجل التوصل في أقرب الآجال، إلى تهيئة مناخ سياسي مبني على الثقة الأخوية التي تفرض إشراك مواطنينا بفعالية، في استثمار هذه الفرصة الثمينة التي تقرر سيادتنا، وهي ضما نة لتنمية المنطقة الشيء الذي عجزت الحكومات عن تحقيقه». وأعلن البيان عن إطلاق «هيئة لتبادل النقاش والمقترحات، تجمعنا مرَة في السنة بأحد البلدان الأربعة بغرض تقييم مدى تقدم وانتشار المبادرة». ولم يذكر أصحاب المقترح إن كانوا سيرفعونه إلى حكومات بلدانهم.
وجرت محاولة مشابهة تقريبا، عام 2016 عندما زار القيادي اليساري المغربي محمد بن سعيد آيت إيدر، الجزائر لحضور أربعينية رجل الثورة حسين آيت أحمد. واجتمع المناضل المغربي مع مسؤولين بالحكومة، منهم وزير الخارجية وعدة أحزاب منها «جبهة التحرير الوطني» (غالبية)، وعرض على من التقاهم المشاركة في مناظرة دولية، كان سينظمها «مركز محمد بن سعيد آيت إيدر» حول قضية الصحراء، في أبريل (نيسان) من نفس العام بمراكش. وأثارت زيارة آيت إيدر جدلا واسعا بالجزائر، ورأى فيها مراقبون «محاولة تقارب بين الجزائر والمغرب». غير أن المناظرة لم تنظم في النهاية ولم يحدث «التقارب».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.