اشتباه باختراق الضابطة اللبنانية الموقوفة مواقع وزارات ومؤسسات أمنية

القضاء يلاحق سوزان الحاج ومقرصن حساب الممثل عيتاني بـ«الافتراء الجنائي»

سوزان الحاج (أ.ف.ب)
سوزان الحاج (أ.ف.ب)
TT

اشتباه باختراق الضابطة اللبنانية الموقوفة مواقع وزارات ومؤسسات أمنية

سوزان الحاج (أ.ف.ب)
سوزان الحاج (أ.ف.ب)

كشفت التحقيقات الأمنية والقضائية عن أدور خطيرة، لعبتها المقدّم في قوى الأمن الداخلي سوزان الحاج ورفيقها إيلي غبش، تتعدّى حدود قرصنة صفحات الممثل المسرحي زياد عيتاني، وتوريطه زوراً بتهمة «التعامل مع إسرائيل، وتقديم معلومات أمنية لإسرائيل عن وزراء لبنانيين»، إلى ما هو أبعد وربما أخطر، ويتمثّل بـ«قرصنة مواقع إلكترونية لمؤسسات أمنية ووزارات ومصارف لبنانية، ومؤسسات وهيئات لبنانية وأجنبية، ومحاولة توريط أشخاص آخرين بجرم العمالة لإسرائيل». وهي أفعال تهدد بـ«كشف أمن البلد»، على حدّ تعبير مصدر أمني لبناني.
فبعد أسبوع على التحقيقات الأولية التي أجرتها شعبة المعلومات، بناءً على استنابة قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا، الذي طلب فيها توضيح نقاط غامضة مرتبطة باتصالات زياد عيتاني وصفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي، ادعى مفوض الحكومة المعاون لدى المحكمة العسكرية القاضي هاني حلمي الحجار على سوزان الحاج وإيلي غبش، بجرائم «الافتراء الجنائي والتزوير وقرصنة مواقع إلكترونية، واختلاق أدلة مادية حول تعامل أحد اللبنانيين مع إسرائيل (زياد عيتاني)»؛ وذلك سنداً لمواد تصل عقوبتها القصوى إلى الأشغال الشاقة مدة عشر سنوات. وأحالهما إلى قاضي التحقيق العسكري الأول القاضي رياض أبو غيدا، طالباً استجوابهما وإصدار مذكرتين وجاهيتين بتوقيفهما.
وعلى أثر إحالة الموقوفين إلى قاضي التحقيق العسكري، أصدر النائب العام التمييزي، القاضي سمير حمود، بياناً جاء فيه «اجتمع النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي سمير حمود اليوم (أمس) في مكتبه مع مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس، ومعاون مفوض الحكومة القاضي هاني حلمي الحجار؛ عملاً بمبدأ وحدة وتسلسلية النيابة العامة، وتداول معهما بشأن الملف الذي أحاله إلى النيابة العامة العسكرية في قضية الحاج ــ غبش، وبنتيجة المعطيات الواردة في الملف، ادعت النيابة العامة العسكرية على موقوفين اثنين وثالث مجهول الهوية وكل من يظهره التحقيق لإقدامهم بأدوار مختلفة تفاوتت بين التحريض والاشتراك في جرائم متعددة».
وأشار بيان القاضي حمود إلى أن الادعاء ارتكز على مسألتين، الأولى «اختلاق أدلة مادية وإلكترونية غير صحيحة حول تعامل أحد اللبنانيين (عيتاني) مع العدو الإسرائيلي، وعلى تقديم إخبار خطي يحتوي مستندات مزورة إلى المديرية العامة لأمن الدولة، عُزي فيه إليه ارتكاب أفعال جنائية بحسب قانون العقوبات اللبناني، مع معرفتهم ببراءته منها وعلى التحريض على اختلاق أدلة مادية وإلكترونية حول تعامل أحد الصحافيين اللبنانيين مع العدو الإسرائيلي وتقديم أخبار بحقه». أما المسألة الأخرى، بحسب البيان، فهي «شنّ هجمات إلكترونية وقرصنة مواقع وزارات لبنانية ومؤسسات أمنية لبنانية ومصارف لبنانية، ومواقع إخبارية ومواقع أخرى مختلفة محلية وأجنبية على شبكة الإنترنت».
وأمام المعطيات الجديدة، فقد كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، عن أن «كل هذه الأفعال دبّرتها سوزان الحاج لأسباب شخصية ونفّذها إيلي غبش، لكن أكبر ضحاياها كان الممثل زياد عيتاني، الذي جرى اعتقاله بناءً على أدلة مختلقة». وأكدت، أن «ما تردد عن عدم معرفة الحاج بالمقرصن غبش غير صحيحة، فهي تعرفت عليه عندما كانت رئيسة لمكتب مكافحة جرائم المعلوماتية، حيث حضر غبش إلى مكتبها لمراجعتها بشأن شخص موقوف لديها، وعرّفها عن نفسه وخبرته في مجال المعلوماتية والقرصنة واختراق المواقع الإلكترونية والصفحات الخاصة، وهنا بدأت العمل معه بشكل رسمي».
وأفادت المصادر المطلعة، بأن الحاج «وخلال وجودها في مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية، كلّفت غبش بقرصنة أي موقع إلكتروني إخباري أو حزبي يتناولها بشكل سلبي، وبعد نقلها تأديبياً من منصبها، استمرّت باستخدام غبش، وطلبت منه قرصنة مواقع عائدة لمؤسسات أمنية ووزارات ومصارف لبنانية وهيئات في الخارج، وكان هدفها إرسال رسالة تفيد بأن الأمور باتت سائبة بعد نقلها من مكتب المعلوماتية»، وأكدت المصادر، أن «ثمة تسجيلات صوتية توثّق كل هذه الأفعال، وهي موجودة في الملف».
أما زياد عيتاني، فإن القصّة بدأت مع اتخاذ سوزان الحاج قرار الإيقاع به وتوريطه بجرم التعامل مع إسرائيل؛ انتقاماً منه لنسخه إشارة إعجاب (like) وضعتها على تغريدة المخرج شربل خليل، التي هاجم فيها المملكة العربية السعودية، وإرسالها إلى أحد الصحافيين الذي نشرها وروّج لها وكانت سبباً بنقلها من منصبها تأديبياً. وأوضحت متابعة لمسار التحقيقات، أنه «بعد عشرة أيام من نقل سوزان الحاج من منصبها، قام إيلي غبش وبطلب مباشر منها، بفتح حساب وهمي باسم (نيللي) بزعم أنها فتاة إسرائيلية، وبعث بطلب صداقة (friend request) إلى الممثل عيتاني الذي لم يتجاوب ولم يرسل موافقة (accept)، ثم بعث له بعدة رسائل ومحادثات لم يبادر الممثل إلى فتحها أو حتى قراءتها»، مشيرة إلى أن «هذا الحساب المزوّر جرى إنشاؤه قبل عشرة أيام من توقيف الممثل، حيث جرى نسخ هذه المحادثة التي أتت من طرف واحد، وسلّمت إلى جهاز أمن الدولة الذي سارع إلى القبض عليه واستجوابه تحت الضغط النفسي والجسدي، وإحالته إلى المحكمة العسكرية، حيث لا يزال موقوفاً 23 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي». في حين اكتفى مصدر أمني بالقول لـ«الشرق الأوسط»: إن «هكذا أفعال لا تنال من أشخاص محددين أو مؤسسات، بقدر ما تؤدي إلى كشف أمن البلد».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».