إلغاء التقديمات للعسكريين اللبنانيين... أزمة جديدة أمام الحكومة

قائد الجيش أكد رفضه المس بمكافآت جنوده

TT

إلغاء التقديمات للعسكريين اللبنانيين... أزمة جديدة أمام الحكومة

تواجه الحكومة اللبنانية أزمة جديدة ضمن خطتها لتقليص نفقات الموازنة لعام 2018، وذلك نتيجة طرح إلغاء ما يعرف بـ«التدبير رقم 3»، الذي يعطي تقديمات إضافية للعسكريين في نهاية خدمتهم، وهو الأمر الذي يلقى رفضاً قاطعاً من قيادة الجيش اللبناني.
وكان هذا الموضوع الذي يأتي في سياق تقليص موازنة وزارة الدفاع الوطني ضمن الإجراءات التي تتخذها الحكومة في موازنة عام 2018، محور بحث أساسياً في جلسة المجلس الأعلى للدفاع الذي عقد أمس، برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون وحضور القيادات الأمنية والعسكرية، لكن لم يتم اتخاذ أي قرار بشأنه، بحيث تم الإبقاء عليه على أن يخضع لمزيد من البحث في وقت لاحق.
وفي حين قال وزير الداخلية نهاد المشنوق بعد الاجتماع إن «البحث لا يزال جاريًا في التدبير رقم 3، ولم يتمّ اتخاذ أي قرار بشأنه»، قالت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط»، إن «المجتمعين اتفقوا على الإبقاء عليه كما هو، وطلبوا من قائد الجيش جوزيف عون الذي كان حاضراً الاجتماع تقديم دراسات تفصيلية حول أعداد العسكريين الذين يستفيدون من هذا التدبير وغير ذلك من الأمور المتعلقة به، على أن يبحث بها لاحقاً».
وفي حين يفترض أن يحسم هذا الموضوع في أقرب وقت ممكن لأنه من المتوقع أن تقر الحكومة موازنة عام 2018 الأسبوع المقبل، لفتت بعض المعلومات إلى أن هذا الموضوع سيكون محور اجتماع قريب بين رئيس الجمهورية وقائد الجيش.
وفي الإطار نفسه، قالت مصادر متابعة للمباحثات إن «قراراً كهذا لا يمكن اتخاذه بهذه السهولة، خصوصاً في ظل الوضع الأمني والسياسي الحالي»، مشيرة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «زيادة الرواتب الأخيرة التي طالت موظفي القطاع العام أخذت بعين الاعتبار هذا التدبير وعائداته المادية على العسكريين، بحيث كانت الزيادة التي حصلوا عليها أقل من تلك التي منحت لموظفي القطاع العام، كذلك فإن السياسيين لن يجازفوا بقرار كهذا في مرحلة الاستحقاق الانتخابي».
وينص التدبير الذي كان قد بدئ العمل عليه منذ الحرب الأهلية على منح كل العسكريين مبلغاً شهرياً محدوداً إضافياً وتعويض نهاية الخدمة بعد التقاعد عن كلّ سنة 3 سنوات (1×3)، في محاولة لرفع تعويضات العسكريين الذين تعتبر رواتبهم متدنية، علماً أن القانون الأساسي كان يحصر هذا التدبير في العسكريين الذين يقومون بمهام خارج الثكنات أو على الحدود قبل أن يعمم على كل العسكريين.
وفي ظل منع القانون اللبناني العسكريين من التظاهر أو القيام بأي تحركات احتجاجية، قامت «رابطة المحاربين القدامى» بمتابعة الموضوع وهددت باللجوء إلى الشارع، في وقت أكدت فيه مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط»، أن قائد الجيش كان قد أكد رفضه المس بحقوق العسكريين وقدم خلال مشاركته في اجتماع المجلس الأعلى أمس، كل الوثائق والأدلة التي تثبت من جهة عدم القدرة عن التراجع عن هذا التدبير في الوضع الحالي، وما يترتب عليه من أعباء مالية لا تقاس بأعباء وزارات أخرى من جهة أخرى.
وقالت المصادر إنه «وإن كانت الحرب التي اتخذ القرار بناء عليها قد انتهت، لكن لا يمكن الاستهانة بالمهام التي تقوم بها القوى الأمنية والعسكرية اليوم من عمليات حربية وحفظ أمن ومكافحة الإرهاب»، مؤكدة: «كل جيوش العالم تستثمر بالأمن الذي يعزّز الاقتصاد والسياحة وليس العكس، وأي قرار كهذا من شأنه أن يؤثر سلباً على معنويات العسكريين».
وأوضحت: «هذا التدبير يقضي باستنفار 70 في المائة من العسكريين كحد أدنى، وبالتالي لا يمكن في الأوضاع الحالية أن يكون استنفار الجيش وانتشاره أقل من ذلك»، وسألت: «هل يستفاد من العسكريين الذين يضحون بحياتهم خلال الحرب ويتركون في مرحلة السلم؟ وألا يؤخذ بعين الاعتبار أن قراراً كهذا من شأنه أن يبعد الشباب اللبناني عن التطوع في الجيش؟»، موضحة: «يقولون إن هذا الإجراء يكلف الخزينة أعباء إضافية، لكن بناء على دراسات تفصيلية ومقارنات يظهر جلياً أن رواتب العسكريين بمختلف الرتب، وصولاً إلى أي ضابط مقارنة مع موظفي المؤسسات الرسمية من الفئة الرابعة إلى الأولى، هي مجحفة بحق عناصر الجيش».
وتوضح المصادر أن القرار الذي اتخذ خلال الحرب اللبنانية منذ بداية عام 1975 كان قد نص على أنه بناء على الظروف الصعبة التي عاشها الجيش خلال تلك الأحداث ومشاركته في العمليات الحربية وتضحياته في سبيل إنقاذ الوطن، إضافة إلى الشهداء الذين سقطوا، وبغية حث العسكريين على القيام بالواجب الوطني وحفاظاً على معنوياتهم، منح عناصر الجيش ضمائم حربية تعادل ضعفي الخدمة ابتداء من 1/ 1/ 1975 وحتى الانتهاء من الحالة الراهنة، من هنا تعتبر «أن الأوضاع الراهنة لا تزال قائمة حتى اليوم، والجيش يقوم بكل المهمات المطلوبة منه، لهذا ونظراً للجهوزية التامة لكل قطعاته، ما زال مطبقاً على عناصره تدبير الاستنفار رقم 3 عملاً بالمراسيم والمذكرات الصادرة بهذا الخصوص».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.