استعادت مراكز إنتاج الفوسفات بولاية قفصة، في الجنوب، نشاطها بوتيرة عادية، أمس، وذلك بعد تعطل دام أسابيع بسبب احتجاجات العاطلين عن العمل.
وأفاد وزير الطاقة والمناجم خالد قدور، أمس، لوسائل إعلام محلية، بعودة إنتاج الفوسفات بكل المواقع التابعة لشركة فوسفات قفصة الحكومية، بمدن الحوض المنجمي في المظيلة، وأم العرائس والرديف والمتلوي. كما أعلن عن استئناف عمليات الشحن والنقل للفوسفات عبر القطارات بصفة عادية.
وتعطل الإنتاج بصفة كلية منذ 20 يناير (كانون الثاني) الماضي بسبب احتجاجات العاطلين عن العمل ضد نتائج توظيف في شركة فوسفات قفصة، المشغل الرئيسي في الجهة.
ومن جانبهم، قال معتصمون، أمس، إنهم علقوا اعتصامهم بمراكز الإنتاج، ومنحوا الحكومة مهلة للتوصل إلى حلول بشأن مطالب الجهة، فيما أعربت الحكومة، في بيان لها، عن «ارتياحها لعودة إنتاج ونقل الفوسفات، بما يفضي إلى عودة الشركة إلى سالف نشاطها». كما تعهدت في مقابل ذلك بـ«الوفاء بالتزاماتها تجاه ولاية قفصة، في ما يتعلق بتسريع وتيرة التنمية والتشغيل».
وتعتبر تونس من أهم مصدري العالم لمادة الفوسفات، لكن حجم الإنتاج تهاوى من نحو 8 ملايين طن سنوياً إلى أقل من النصف بعد أحداث الثورة (عام 2011)، وذلك بسبب الإضرابات العمالية والمطالب المرتبطة بالتشغيل والتنمية في قفصة. وقدرت الوزارة خسائر النقص في الإنتاج بنحو 34 مليون طن خلال 7 سنوات، بينما فاقت الخسائر المالية 10 مليارات دينار (2.4 مليار دولار).
وعلى صعيد غير متصل، قرر رضوان عيارة، وزير النقل، إرجاع سائق القطارات عصام الدين الفيتاتي، الذي تم عزله قبل أكثر من سنة، بعد تبليغه عن وجود فساد في الشركة التونسية للسكك الحديدية الحكومية، إلى عمله بالشركة نفسها.
ومن المنتظر أن يستعيد الفيتاتي نشاطه بداية من يوم الاثنين المقبل، وهو ما كان محل إشادة من قبل عدد من الجمعيات الحقوقية وهيئة مكافحة الفساد.
وقام عصام الدين الفيتاتي بالتبليغ عن شبهة فساد تتعلق بصفقة شراء قاطرات بقيمة 165 مليون دينار تونسي، فتم إصدار قرار بعزله بهدف الانتقام منه.
ولاحظت منظمة «أنا يقظ» الحقوقية المستقلة أن إرجاع المبلغ عن الفساد إلى عمله يؤكد إقرار الشركة بـ«جدية شبهات الفساد المبلغ عنها»، ويشير بشكل صريح إلى «وجود تلاعب بالمال العمومي، وأساليب مريبة في بعض الملفات والصفقات داخل الشركة»، على حد قولها.
وتخوض حكومة الشاهد منذ شهر مايو (أيار) الماضي حرباً قوية ضد الفساد، حيث اعتقلت عدداً من رجال الأعمال والمهربين المتهمين بالفساد، وشددت في أكثر من تصريح على أن مكافحة الفساد سياسة دولة، وليست عملية ظرفية انتقائية، لكن عدداً من الأطراف السياسية شككت في جدية الحكومة في فتح ملفات فساد كبرى، وترى أن الهدف الأساسي من وراء ما قامت به هو «الدعاية السياسية، وتصفية حساب مع أشخاص خرجوا عن المنظومة القائمة»، على حد تعبيرها.
وخلال الشهور الماضية، تم توقيف 22 رجل أعمال، وصدرت أحكام بالسجن ضد 11 رجل أعمال، واعتقل 33 موظفاً في الحملة ضد الفساد، فيما بلغت قيمة الأموال المطلوب دفعها لخزينة الدولة نحو 3600 مليون دينار تونسي، كما بلغت قيمة السلع المحجوزة نحو 20 مليون دينار تونسي، وقدرت قيمة المخالفات الجمركية بنحو 119 مليون دينار تونسي. أما مخالفات صرف العملة، فهي ترتفع إلى 315 مليون دينار.
وكان شوقي الطبيب، رئيس «الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد»، قد حذر من أن «المبلغين عن الفساد من موظفي الإدارات العامة يتعرضون إلى التنكيل والتضييق من طرف رؤسائهم في العمل»، في ظل إحصاءات تشير إلى أن 90 في المائة من ملفات الفساد الواردة إلى هيئة مكافحة الفساد (هيئة عامة مستقلة) كان مصدرها ضد إدارات ومنشآت عامة أبلغ عنها موظفون في هذه الإدارات. وقد تعرض موظفون بلغوا عن الفساد لعقوبات وإجراءات بحقهم، بلغت حد المحاكمة بتهمة إفشاء السر المهني، ولذلك لم يتجاوز عدد المبلغين عن حالات الفساد نسبة 5 في المائة فقط من التونسيين، وذلك بسبب خوفهم من الانتقام وغياب قانون يحمي المبلغين، حسب معطيات وزارية.
وقد أكد الطبيب استمرار ظاهرة الفساد واستشرائها في عدد كبير من الأنشطة الاقتصادية والإدارات الهامة، موضحاً أن الفساد يكلف تونس سنوياً ما لا يقل عن نقطتين من نسبة النمو الاقتصادي.
تونس: المحتجون يعلقون اعتصامهم بمراكز إنتاج الفوسفات
تونس: المحتجون يعلقون اعتصامهم بمراكز إنتاج الفوسفات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة