غارات على دوما بالغوطة الشرقية تزامناً مع دخول قافلة إنسانية

طفل سوري يسير وسط المباني المدمرة بمدينة دوما في الغوطة الشرقية (أ.ف.ب)
طفل سوري يسير وسط المباني المدمرة بمدينة دوما في الغوطة الشرقية (أ.ف.ب)
TT

غارات على دوما بالغوطة الشرقية تزامناً مع دخول قافلة إنسانية

طفل سوري يسير وسط المباني المدمرة بمدينة دوما في الغوطة الشرقية (أ.ف.ب)
طفل سوري يسير وسط المباني المدمرة بمدينة دوما في الغوطة الشرقية (أ.ف.ب)

استهدفت ضربات جوية مدينة دوما في الغوطة الشرقية المحاصرة اليوم (الجمعة) بحسب شاهد والمرصد السوري لحقوق الإنسان، في وقت تستعد فيه وكالات إغاثة لتسليم مساعدات غذائية للمدينة.
وذكر أحد سكان دوما والمرصد أن الطائرات لا تزال تحلق في الأجواء.
إلى ذلك، أفاد مسؤلون في الصليب الأحمر بدخول قافلة مساعدات إنسانية تضم 13 شاحنة إلى الغوطة الشرقية، لإيصال مواد غذائية تعذر تسليمها مطلع الأسبوع جراء كثافة القصف.

وأفادت المتحدثة باسم اللجنة في دمشق، إنجي صدقي، لوكالة الصحافة الفرنسية: «دخلت القافلة الآن، وسنقوم بإيصال ما تبقى من المساعدات التي لم يتم تسلميها من القافلة السابقة» جراء كثافة القصف.

ووفقا للجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا، انتظرت القافلة خارج الغوطة الشرقية لساعات بانتظار الدخول، وتسليم مساعدات غذائية للجيب الخاضع للمعارضة الجمعة.
وأشارت هنرييتا فور المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أمس (الخميس)، إلى أن منطقة الغوطة الشرقية المحاصرة في سوريا أصبحت «جحيما على الأرض» للأطفال، وأن المساعدة مطلوبة بشكل عاجل.

وصرحت فور لـ«رويترز» في مقابلة: «لا يتوقف القصف مطلقا تقريبا، وحجم العنف يعني أن الطفل يرى العنف ويرى الموت ويرى بتر الأطراف. والآن هناك نقص في المياه والغذاء، ولذلك ستنتشر الأمراض».

ويشن النظام السوري هجوما عنيفا منذ أسبوعين، في محاولة للسيطرة على الغوطة الشرقية، ويقول المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن الحملة العسكرية قتلت أكثر من 900 مدني، منذ بدئها في 18 فبراير (شباط).

وأصدر مجلس الأمن الدولي قرارا في 24 فبراير، يطالب بهدنة لمدة 30 يوما في أنحاء سوريا؛ لكن النظام وحليفته روسيا قالا إن الهدنة لا تشمل المعارضة المسلحة.

وبالنسبة لسكان الجيب الذي يقطنه نحو 400 ألف شخص، وفقا لتقديرات الأمم المتحدة، فقد جاء الهجوم بعد سنوات من الحصار الذي تسبب في نقص في إمدادات الغذاء والدواء.

وسمح النظام لقافلة إغاثة من الأمم المتحدة بالدخول إلى الغوطة الشرقية يوم الاثنين؛ لكنه جردها من الإمدادات الطبية. واضطرت القافلة لمغادرة الجيب قبل أن تنتهي من إفراغ حمولتها بسبب القتال.
وتابعت فور: «نحتاج في منظمات الإغاثة إلى فرصة لإيصال المساعدات. هناك حاجة لدخول قوافل الغذاء والإمدادات. لم تتمكن القافلة الماضية من تفريغ سوى نصف حمولتها».

وتسبب القتال في الغوطة الشرقية في نزوح مزيد من الأشخاص إلى مناطق أخرى داخل الجيب. وانتهت عمليات حصار سابقة فرضتها قوات النظام على مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، بمغادرة آلاف المدنيين لمناطق أخرى من البلاد.

وأشارت فور إلى أن «الحرب شردت 5.8 مليون سوري، وأصبحوا إما لاجئين في الخارج وإما نازحين في الداخل... نصف هذا العدد من الأطفال، وبالتالي أكثر المتضررين هم الأطفال».
وأكثر الأطفال المعرضين للأخطار هم من انفصلوا عن أسرهم. وتحاول «يونيسف» لم شملهم بذويهم.

وأضافت: «الوضع في الغوطة الشرقية صعب بشكل خاص. ليست لدينا سبل كافية للوصول إلى الناس... هذا وقت عصيب جدا على الأطفال».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».