تحالف «المستقبل» ـ «القوات» غير محسوم... و«الافتراق الحبّي» لا يزعجهما

لقاء بين الحريري وجعجع إذا انتهى الاتفاق إلى تحالف استراتيجي

عنصران من قوات «يونيفيل» العاملة على الحدود بين لبنان وإسرائيل يراقبان استكمال بناء الجدار قرب الناقورة أمس (رويترز)
عنصران من قوات «يونيفيل» العاملة على الحدود بين لبنان وإسرائيل يراقبان استكمال بناء الجدار قرب الناقورة أمس (رويترز)
TT

تحالف «المستقبل» ـ «القوات» غير محسوم... و«الافتراق الحبّي» لا يزعجهما

عنصران من قوات «يونيفيل» العاملة على الحدود بين لبنان وإسرائيل يراقبان استكمال بناء الجدار قرب الناقورة أمس (رويترز)
عنصران من قوات «يونيفيل» العاملة على الحدود بين لبنان وإسرائيل يراقبان استكمال بناء الجدار قرب الناقورة أمس (رويترز)

يتمسّك تيار «المستقبل» وحزب «القوات اللبنانية» بالمضي في تحالفها السياسي والاستراتيجي الذي بدأ في عام 2005، وتعزيزه على مستوى الخيارات الوطنية، ومقاربتهما المشتركة لكيفية بناء الدولة وتعزيز مؤسساتها الدستورية، إلا أن هذا الخيارات قد لا تترجم تحالفاً انتخابياً، طالما أن بنود هذا التحالف لم تتبلور بعد، بالنظر للأولويات التي يفرضها القانون الانتخابي الجديد القائم على النظام النسبي مع الصوت التفضيلي، مما يجعل مصلحة كل طرف خارج نطاق التحالف في كثير من الدوائر، وعلى قاعدة «الافتراق الحبّي»، لكن ذلك يحتّم عليهما تفاهمات على بعض المقاعد، ينتظر أن تتوّج الاتفاق عليها، باجتماع يعقد في معراب اليوم بين رئيس «القوات» سمير جعجع، وموفد الرئيس سعد الحريري وزير الثقافة غطّاس خوري.
وتبقى الدوائر التي تختلط فيها القاعدة الشعبية للفريقين، موضع اهتمام وسعي إلى توافق يسجّل مكاسب مشتركة لهما، سواء في دائرة الشوف عاليه (جبل لبنان)، أو زحلة (البقاع)، أو في دائرة بيروت الأولى (الأشرفية)، وهو ما أشار إليه نائب رئيس الحكومة وزير الصحّة غسان حاصباني، الذي قال إن «النقاش الانتخابي بين القوات اللبنانية وتيار المستقبل، أصبح في مراحل متقدمة». وأوضح أن «التحالفات لن تكون شاملة في هذا القانون، إنما مدروسة بحسب ما تقتضيه الضرورات الانتخابية للمناطق». وقال «إذا انتهى النقاش والاتفاق إلى تحالف استراتيجي بعيد المدى بين الطرفين، قد يكون اللقاء بين الدكتور سمير جعجع والرئيس سعد الحريري قريباً».
ويتجنّب مسؤولون في «المستقبل» الحديث عن كيفية خوض المعركة الانتخابية بين التيار و«القوات اللبنانية»، طالما أن قيادتهما لم تحسم خيارها بالتحالف أو الاستغناء عنه، لكنّ مسؤولاً في ماكينة «المستقبل» الانتخابية، أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الماكينة الانتخابية لم تتبلّغ بأي اتفاق مع أي حزب سياسي، باستثناء الحزب التقدمي الاشتراكي»، مشيراً إلى أن «كل القوى تعيد النظر في مسألة التحالفات، ويبدو أن أغلبية الأحزاب كما نحن في «المستقبل» لها مصلحة في خوض المعركة من دون تحالفات». وقال: «كل شيء رهن نتائج المحادثات بيننا وبين (القوات) وهذا سيعلن عنه في إعلان اللوائح يوم الأحد».
وساد الفتور علاقة «المستقبل» و«القوات»، غداة استقالة الرئيس سعد الحريري من رئاسة الحكومة من الرياض، لكنّ خطوط الاتصال والتواصل فتحت بين الطرفين مجدداً، وهي تمهّد للقاء يجمع الحريري وجعجع في الأيام المقبلة.
من جهته، أعلن رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب «القوات اللبنانية» شارل جبّور، أن «التحالف الانتخابي بين الطرفين لم تكتمل عناصره بعد، وما يحصل الآن هو البحث في رؤيتهما وفي الدوائر التي قد يجري التحالف فيها». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «بلورة الاتفاق تنتظر حضور موفد الرئيس سعد الحريري الوزير غطّاس خوري إلى معراب (مقرّ جعجع)، لاستكمال المباحثات الانتخابية التي بدأتها القوات اللبنانية عبر الوزير ملحم رياشي».
وتوقع جبّور أن جلسة اليوم في معراب «حاسمة ومكتملة المعالم، ونتفق فيها أين نتحالف وأين لا نتحالف، وبالتالي لا حديث عن تحالف قبل أن يقدّم (المستقبل) رؤيته الانتخابية». وأضاف: «الحسابات الانتخابية قد تدفع كل طرف إلى تقديم مصلحته الانتخابية، فلا أحد سيقدم خدمات مجانية للآخر»، لكنه شدد على أن «التحالف السياسي الاستراتيجي الذي بدأ في عام 2005 هو قائم وثابت ومستمرّ تحت عنوان لبنان أولاً، وبالتالي عدم التحالف انتخابياً لا يعني التباعد استراتيجياً على الإطلاق».
وإذا كانت المصلحة تقتضي تغييب التحالف في أكثر المناطق، فإن الضرورة تلزمهما بالتلاقي في دوائر محددة، مثل بعلبك - الهرمل وزحلة (البقاع) وربما في دائرة بعبد ا (جبل لبنان)، وهو ما ألمح إليه شارل جبّور، الذي كشف أن «باكورة التحالف بدأت في دائرة بعلبك الهرمل، وننتظر أن تستكمل في دوائر أخرى إذا كانت مصلحة الطرفين تتقاطع فيها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».