موسكو تفشل مساع غربية لفرض تنفيذ القرار 2401

TT

موسكو تفشل مساع غربية لفرض تنفيذ القرار 2401

أخفق أعضاء مجلس الأمن خلال اجتماع طارئ مغلق، أمس، في التوصل إلى موقف موحد حيال كيفية تطبيق قراره الرقم 2401، بعدما أحبطت روسيا منفردة ضغوط الدول الغربية من أجل وقف الحملة العسكرية الواسعة، التي تنفذها القوات النظامية السورية بدعم من الميليشيات الإيرانية الولاء، وبغطاء جوي روسي ضد مدن الغوطة الشرقية وبلداتها، وإدخال المساعدات الإنسانية العاجلة إلى عشرات الآلاف من المدنيين المحاصرين، وإجلاء الحالات الحرجة من المرضى والجرحى، والعمل على إخراج المقاتلين المصنفين إرهابيين من المنطقة وفقاً لاقتراح قدمته مجموعات المعارضة المسلحة.
وعلمت «الشرق الأوسط» من دبلوماسيين حضروا جلسة المشاورات المغلقة التي انعقدت بطلب من كل من فرنسا وبريطانيا، أن «الأجواء كانت مشحونة للغاية ومثيرة للإحباط» بعد الاستماع إلى إحاطتين من المبعوث الخاص للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا، والمديرة في مكتب الأمم المتحدة للمعونة الطارئة ليزا داوتن. وكشف دبلوماسي عن أن دي ميستورا ركز على الأوضاع الإنسانية بصورة خاصة في الغوطة الشرقية، وضرورة التزام كل الأطراف المتحاربة بالقرار 2401.، وعرض لأهمية الاستجابة للرسالة التي وجهتها فصائل المعارضة الرئيسية في الغوطة الشرقية، وهي «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن» و«أحرار الشام»، إلى مجلس الأمن وإلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش؛ لإخراج المقاتلين المصنفين إرهابيين والتابعين لتنظيمات «داعش» و«هيئة تحرير الشام» («جبهة النصرة» سابقاً) و«القاعدة» من المنطقة. وأضاف إن الإحصاءات الموجودة لدى قوى المعارضة تفيد بأن عدد هؤلاء يصل إلى نحو 270 مقاتلاً، بينما تفيد القوات الروسية أن العدد يصل إلى نحو 350 مقاتلاً، موضحاً أن «هذا العدد لا يشكل إلا نسبة قليلة جداً من نحو 8000 إلى 9000 مقاتل لدى جماعات المعارضة في الغوطة الشرقية». وقال: «لن أنسى قط أسفنا لعدم النجاح في الحد من عذابات سكان شرق حلب»، مضيفاً إنه «يتمنى ألا يحصل ذلك في الغوطة الشرقية». وأكد أن المنظمة الدولية «لن توفر جهداً لتطبيق القرار 2401 وسنواصل العمل على إخراج العناصر المصنفة في الأمم المتحدة إرهابية من الغوطة الشرقية». واعتبر أن الهدنة التي أعلنتها السلطات السورية بدعم روسي لمدة خمس ساعات يومياً «غير كافية»، مذكراً بضرورة «التزام تطبيق القرار 2401 بشكل تام عبر وقف الأعمال العدائية 30 يوماً متعاقبة في كل أنحاء سوريا». وأكد أن السلطات السورية تضع عراقيل أمام تشكيل اللجنة الدستورية التي جرى التوافق عليها في بيان سوتشي للحوار الوطني، داعياً الدول الضامنة لعملية آستانة - أي روسيا وإيران وتركيا - إلى التزام تعهداتها في هذا الشأن.
في ختام الجلسة، أدلى رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي المندوب الهولندي الدائم لدى الأمم المتحدة كارل أوستروم ببيان مقتضب أفاد فيه بأن «مجلس الأمن يجدد دعوته لكل الأطراف من أجل تطبيق القرار 2401 المتعلق بهدنة الأيام الـ30، ويعبر عن القلق إزاء تفاقم الأوضاع الإنسانية في البلاد».
وقال المندوب الفرنسي الدائم لدى الأمم المتحدة فرنسوا دولاتر: إن فرنسا وبريطانيا دعتا إلى هذا الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن؛ لأن «النظام السوري يواصل حصاره وقصفه مواطنيه في الغوطة الشرقية، في انتهاك تام للقرار 2401 الذي أصدره المجلس بالإجماع». وتحدث عن «خطوة أخرى مثيرة للسخرية القصوى من النظام السوري حصلت الاثنين الماضي عندما لم يحترم حتى التراخيص التي أعطاها للسماح للقوافل الإنسانية بتوصيل الغذاء والإمدادات الطبية للسكان»، مضيفاً إن «هذا أمر غير مقبول إطلاقاً ويجب أن يتوقف». وأعلن أن «فرنسا ناشطة للغاية ومتحركة بالكامل على أعلى مستوى حكومي للانخراط والضغط على جميع الذين لديهم نفوذ على النظام السوري».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.