خلط الرياضة بالسياسة... ما بين المحرمات والمسموح به

بعد قبول غوارديولا اتهام الاتحاد الإنجليزي له بشأن رمز كاتالونيا

غوارديولا يمارس الرياضة ويعطي تعليمات لجناحه ساني (أ.ف.ب) - غوارديولا يمارس السياسة ويرتدي رمز إقليم كاتالونيا في نهائي كأس الرابطة
غوارديولا يمارس الرياضة ويعطي تعليمات لجناحه ساني (أ.ف.ب) - غوارديولا يمارس السياسة ويرتدي رمز إقليم كاتالونيا في نهائي كأس الرابطة
TT

خلط الرياضة بالسياسة... ما بين المحرمات والمسموح به

غوارديولا يمارس الرياضة ويعطي تعليمات لجناحه ساني (أ.ف.ب) - غوارديولا يمارس السياسة ويرتدي رمز إقليم كاتالونيا في نهائي كأس الرابطة
غوارديولا يمارس الرياضة ويعطي تعليمات لجناحه ساني (أ.ف.ب) - غوارديولا يمارس السياسة ويرتدي رمز إقليم كاتالونيا في نهائي كأس الرابطة

في خضم دراستهم لمسألة ارتداء المدير الفني الإسباني لفريق مانشستر سيتي جوسيب غوارديولا أثناء فوزه بأول ميدالية له على صعيد الكرة الإنجليزية على استاد ويمبلي لشريط أصفر في إشارة لدعمه للمحتجزين من أعضاء حركة استقلال كاتالونيا، فإن قيادات اتحاد كرة القدم ربما يتعين عليهم أولاً إلقاء نظرة على سجل أسلافهم داخل الاتحاد، خاصة الأحداث التي وقعت عام 1938 عندما أصدروا تعليمات إلى أعضاء المنتخب الإنجليزي بتقديم التحية النازية على الاستاد الأوليمبي في برلين.
ويخبرنا التاريخ أن أفراد المنتخب فعلوا ذلك بناءً على توجيهات صدرت إليهم من السفير البريطاني السابق لدى ألمانيا، سير نيفيل هندرسون، الذي كان يمر بعام عصيب. وفي صباح المباراة، دعا هندرسون إلى اجتماع مع اثنين من قيادات اتحاد الكرة: تشارلز ريفورد براون، 71 عاماً، رئيس لجنة الاختيارات الدولية، وستانلي روس، أمين الاتحاد. وخلال الاجتماع، أخبرهما السفير أنه: «عندما أذهب لزيارة هير هتلر أقدم له التحية النازية لأنها المجاملة العادية المنتظرة. ولا تحمل هذه التحية أي تلميح إلى الإقرار بأي شيء قد يفعله هتلر ونظامه. وإذا كنت أنا أفعل ذلك، فما الذي يدفعكم أنتم أو فريقكم على الاعتراض؟».
وبعد أن نقل روس وريفورد براون طلب السفير إلى قائد المنتخب، إيدي هابغود، وزملائه، يبدو أن الجميع توصلوا إلى نتيجة واحدة مؤكدة. تبعاً لما ذكره ستانلي ماثيوز، الذي أحرز أهدافاً خلال المباراة التي فازت فيها إنجلترا بنتيجة 6 – 3، فإن «جميع اللاعبين تملكهم الغضب وعارضوا بشدة هذا الأمر، وأنا من بينهم». ودعم اللاعبون هابغود عندما قال إنه سيقف في صمت فحسب لدى أداء السلام الوطني للفريق الخصم، مثلما جرت العادة.
من ناحيته، استجاب روس بتحويل التوجيه إلى أمر، بدعم من السفير. وعليه، أجبر اللاعبون الـ11 الذين يمثلون إنجلترا على الوقوف داخل ملعب الاستاد الأوليمبي في 14 مايو (أيار) 1938، تحت أعين هيرمان غورينغ وجوزيف غوبلز و110.000 مشجع ألماني، رافعين أذرعهم اليمنى بالتوافق مع لاعبي الفريق الخصم أثناء أداء السلام الوطني الألماني الذي كان يعرف باسم «أغنية الألمان».
اليوم، من الصعب التطلع إلى صور السلام الوطني في برلين دون أن يقشعر بدن المرء. وليس بمقدور أي شخص الدفاع عن مسألة إصدار مثل هذه التعليمات. وإذا كان قرار اتحاد الكرة الذي صدر منذ 80 عاماً جاء انطلاقاً من دواعي المواءمة السياسية، فإن ما فعله غوارديولا يبقى على الأقل نابعاً من قناعاته الشخصية.
تلك هي الحال في كرة القدم لدرجة أن البعض ربما يظن أن ثمة خلية داعمة لاستقلال كاتالونيا يجري تكوينها في الوقت الراهن في شرق مانشستر. أي شيء يؤيده غوارديولا يتعين على جماهير مانشستر سيتي دعمه هي الأخرى - أو على الأقل رفض أي حجة ضد إصراره على الدفاع عن الإيماءة السياسية التي قدمها خلال المباراة والتي أثارت بالفعل أزمة بينه وبين الكيان الرسمي المعني بتنظيم رياضة كرة القدم.
جدير بالذكر أن غوارديولا كان لاعباً يملك قدرا متميزا من الذكاء، وبفضل رؤيته والحافز القوي بداخله نجح في أن يصبح المدرب الأبرز على مستوى العالم، مكانة حملت معها راتباً سنوياً بقيمة 15.3 مليون جنيه إسترليني. وكانت مشاركته في الدوري الممتاز لافتة نظراً لبلاغة تصريحاته ومستوى من اللياقة والذوق لا يقل سوى بقدر يسير عن ذوق كل من المدربين السويدي سفين غوران إريكسون والإيطالي كلاوديو رانييري خلال فترة عملهما في إنجلترا. ومن الصعب تخيل أن يتمكن أحد من خوض هذا العدد الكبير من المباريات وحصد هذا العدد الضخم من البطولات أثناء مشاركته في خط الوسط مع برشلونة والمنتخب الإسباني، دون أن ينمي بداخله مقاومة ورفض لفكرة التراجع.
وبالنظر إلى الأوضاع العالمية الراهنة، فإننا ربما نملك جميعاً وجهات نظر إزاء مدى نجاعة فكرة تقسيم الاتحادات الوطنية الأكثر تناغماً إلى وحدات أصغر. بالنسبة لغوارديولا فإنه بالتأكيد يحق له اعتناق الآراء التي تحلو له، بجانب حقه في التعبير. كما أن لغوارديولا وجهة نظر وجيهة عندما أخبر منتقديه الإنجليز بأن ثلاث سنوات ونصفا فقط مرت على إعطاء بريطانيا أبناء اسكوتلندا حق تقرير المصير عبر استفتاء شعبي. بيد أن هذا لا يجعله بالضرورة صائباً في ارتدائه شريطاً أصفر داخل استاد ويمبلي - تماماً مثلما أن تاريخ اتحاد الكرة المؤسف فيما يخص صنع القرار على هذا الصعيد لا يجعله بالضرورة خاطئاً.
ويتمثل السبيل الوحيد في تسوية الخلاف في أن يتشارك الجانبان في محادثة يبدي كل منهما خلالها استعداده للإنصات باحترام إلى وجهة نظر الآخر. ونعلم تماماً أن غوارديولا سوف يدافع عن نفسه بقناعة. ويكمن التساؤل فيما إذا كان اتحاد الكرة، الذي يفتقر تاريخياً إلى القدرة على إصدار الأحكام الصائبة واتخاذ إجراءات حاسمة، يملك الشجاعة على طرح حجج مقابلة. من بمقدوره إخبار الكاتالوني المعتد بنفسه، خاصة بقدرته اللافتة على الرد بحكمة وذكاء، أن ثمة مكانا ووقتا مناسبين لكل شيء، وأن ملعب الكرة ربما لا يكون المكان المناسب لإبداء الولاء تجاه شيء لا صلة له بالمناسبة الرياضية القائمة؟
الأهم عن ذلك، أنه يتعين أن يكون ثمة شخص قادر على إقناعه بأن مظاهر التعبير عن الانتماءات السياسية محظورة لسبب وجيه للغاية. وكان ذلك السبب وراء معاقبة روبي فاولر لإبدائه تأييده طرد 500 من العاملين في ميناء ليفربول على قميصه خلال مباراة في مباراة في بطولة كأس الكؤوس الأوروبية، وعقاب نيكولاس أنيلكا خلال عامي 1997 و2014 على الترتيب بعد طريقه احتفاله التي أثارت غضباً واسعاً لدى البعض بسبب ما اعتبرته «معاداة للسامية» و«تحية نازيّة». وكان المهاجم الفرنسي المخضرم قد احتفل عقب تسجيله هدفه الأول في شباك وستهام بوضع يده اليسرى على كتفة الأيمن في الجولة التاسعة عشرة من الدوري الإنجليزي الممتاز. وتمثل العقاب الأول في فرض «يويفا» غرامة قدرها 2.000 فرنك سويسري، بينما تمثل الثاني في قرار اتحاد الكرة بمعاقبة اللاعب بحرمانه من المشاركة في خمس مباريات.
وربما ينبغي أن يشرح أحد لغوارديولا أنه منذ 10 سنوات كان يعمل كسفير بأجر لقطر لتعزيز مساعيها للفوز باستضافة بطولة كأس العالم. ولا يسعنا سوى التساؤل كيف يشعر غوارديولا اليوم بعد الكشف عن تطبيق الدولة الخليجية لقوانين عمل مثيرة للجدل تقيد حقوق العمال المهاجرين العاملين في بناء استادات جديدة، وعدم اكتراثها الواضح إزاء مقتل العشرات في خضم ذلك؟ من وجهة نظر التاريخ، فإن استعداده لتمثيل قطر ربما يمكن الدفاع عنه أكثر مما حدث في برلين من قبل الاتحاد الإنجليزي عام 1938.
وأعلن الاتحاد الإنجليزي أن الإسباني غوارديولا قبل الاتهام بشأن ارتدائه رمز إقليم كاتالونيا. وكان الاتحاد الإنجليزي فتح إجراء تأديبيا بحق غوارديولا في 23 فبراير (شباط) الماضي لأنه قام منذ نهاية العام الماضي، بارتداء شريط أصفر اللون في كل مباراة ومؤتمر صحافي دعما لأربعة مسؤولين كاتالونيين مسجونين في إسبانيا. كما أمهله حتى الخامس من الشهر الحالي ليشرح أسباب ذلك. وأمضى غوارديولا، المولود في سانتبيدور في كاتالونيا، معظم مسيرته لاعبا ومدربا في برشلونة، عاصمة الإقليم الانفصالي.
وشرح في ديسمبر (كانون الأول) الماضي أنه يرى مصير الانفصاليين المسجونين «غير عادل». وأضاف: «إذا أرادوا توقيفي (لهذا الأمر)، الاتحاد الأوروبي، البرميرليغ، الاتحاد الدولي، حسنا». وتحاكم السلطات الإسبانية الانفصاليين الكاتالونيين لدورهم في محاولة انفصال كاتالونيا والتي أدت في 27 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى إعلان استقلال كاتالونيا من جانب واحد. وردت الحكومة الإسبانية على الفور بوضع المنطقة تحت وصايتها، رافضة حكومة الإقليم وحلت البرلمان الكاتالوني لعقد انتخابات محلية في أواخر ديسمبر (كانون الأول) شهدت فوز الاستقلاليين. وحتى الآن، اعتقلت الحكومة الإسبانية أربعة من قادة الانفصال على ذمة التحقيقات لاتهامهم بالتمرد، والعصيان، وسوء إدارة المال العام وبينهم نائب رئيس كاتالونيا السابق أوريول جونكيراس.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».