أزمة وقود «حوثية» تشلّ صنعاء

الميليشيات تحض على التجسس على السكان... وانتهاكات في ريمة والمحويت

مسلحون يمنيون موالون للشرعية يحرسون محطة للطاقة في مدينة المخا الساحلية أمس (رويترز)
مسلحون يمنيون موالون للشرعية يحرسون محطة للطاقة في مدينة المخا الساحلية أمس (رويترز)
TT

أزمة وقود «حوثية» تشلّ صنعاء

مسلحون يمنيون موالون للشرعية يحرسون محطة للطاقة في مدينة المخا الساحلية أمس (رويترز)
مسلحون يمنيون موالون للشرعية يحرسون محطة للطاقة في مدينة المخا الساحلية أمس (رويترز)

لم يكد سكان صنعاء والمناطق التي يسيطر عليها الانقلابيون الحوثيون يفيقون من صدمة «أزمة الغاز المنزلي» التي افتعلتها الميليشيات قبل أيام، حتى فاجأتهم أمس «أزمة البنزين» التي شلت الحركة جزئيا في العاصمة، وأدت إلى رفع سعر الوقود إلى مستولى قياسي.
وفي الأثناء، لم تتوقف انتهاكات الجماعة الانقلابية ضد اليمنيين، سواء عبر حملات التجنيد والتعبئة الطائفية في أوساط الأطفال والنساء وتلامذة المدارس، أو عبر عمليات الاختطاف والقتل العمد. وشدد قادة الجماعة المحليون في صنعاء خلال اجتماع رسمي، على قيام وجهاء أحياء العاصمة باستقطاب المجندين، وإقناع السكان بأهمية الالتحاق بدورات الجماعة الطائفية. وقال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن الميليشيات طلبت من الوجهاء القيام بأعمال تجسسية وأمنية تتمثل في رصد تحركات السكان والإبلاغ عن أسماء المناهضين للجماعة أولا بأول، وكذلك التدقيق في أسماء وهويات أي سكان جدد ينتقلون للإقامة في أحيائهم.
وشوهدت طوابير طويلة من السيارات أمام عدد محدود من محطات البنزين العاملة في العاصمة صنعاء أمس، وذلك بعد قيام الميليشيات بافتعال أزمة أخرى، لغرض فرض زيادة جديدة على سعره المرتفع أصلا. ووصل سعر كل 20 لترا أمس إلى نحو 20 ألف ريال (نحو 50 دولارا)، في السوق السوداء، في ظل توقف غالبية المحطات عن العمل بداعي انتهاء الكمية، في حين أبقت المحطات العاملة على السعر السابق وهو 7500 ريال.
ويباع البنزين في محافظة مأرب التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية، بـ3 آلاف ريال لكل 20 لترا، ويكشف ذلك حجم المكاسب الضخمة التي يجنيها المتمردون الحوثيون في مناطقهم جراء الأسعار المرتفعة التي يفرضونها لبيع المشتقات النفطية. ودفعت أزمة الغاز المنزلي المستمرة التي افتعلتها الميليشيات الحوثية قبل أيام، السكان في صنعاء إلى استخدام الحطب ونفايات الورق والبلاستيك لإنضاج الطعام بطرق تقليدية.
إلى ذلك، أقدم مسلح حوثي خضع لدورة تعبئة طائفية على قتل أربعة أشخاص وإصابة ثلاثة آخرين في محافظة ريمة، إثر رفض المصلين في قريته ترديد «الصرخة الخمينية» التي باتت جزءا من عقيدة الجماعة التي تحاول فرضها على بقية اليمنيين. وأفادت مصادر محلية متطابقة في مديرية بلاد الطعام بمحافظة ريمة، بأن مسلحا حوثيا يدعى أحمد علي العزب، أطلق النار على مجموعة من سكان قرية الغربي الواقعة في منطقة المسخن بعد خروجهم من صلاة الظهر قبل يومين، مما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص بينهم امرأة كانت هرعت لنجدة شقيقها القتيل بعد سماع الرصاص، إلا أن المسلح باشرها بإطلاق النار وأرداها قتيلة على الفور. وكشفت المصادر عن أسماء القتلى، إضافة إلى ثلاثة أشخاص آخرين جرحوا برصاص المسلح الحوثي الذي كان عائدا من دورة تعبئة طائفية خضع لها لمدة أسبوعين. وحسب ما أفادت به المصادر لـ«الشرق الأوسط» خاض المسلح الحوثي عقب انتهاء الصلاة نقاشا حادا مع أهالي القرية الصغيرة خارج المسجد، احتجاجا على عدم ترديدهم «الصرخة الحوثية الخمينية» ورفضهم إرسال أبنائهم إلى القتال إلى جانب الميليشيات، قبل أن يقوم بإطلاق النار عليهم من سلاحه الآلي.
من جهة أخرى، قالت مصادر قريبة من الكابتن السابق لمنتخب كرة القدم اليمني، أحمد البريد، إن ميليشيات الحوثيين قامت باختطافه مع شقيقه قبل أربعة أيام وأودعتهما أحد معتقلاتها في محافظة إب. وأكدت المصادر أن الجماعة الانقلابية تتهم نجم المنتخب اليمني السابق، بالمشاركة في عملية إطلاق نار حدثت في منطقة «المشنة»، بين أهالي المنطقة وعناصر موالين للجماعة.
وعلى صعيد الانتهاكات الحوثية كشف تقرير حقوقي يمني عن ارتكاب الميليشيات الانقلابية 175 انتهاكا بحق المواطنين في محافظة المحويت (غرب صنعاء) خلال الشهرين الأخيرين. وأوضح التقرير الصادر عن منظمة «راصد» للحقوق والحريات التي تنشط في المحافظة أن تلك الانتهاكات تنوعت بين الاختطاف، والتهجير القسري، والتجنيد الإجباري، ونهب الممتلكات واحتلال المؤسسات الحكومية والأهلية. وقال التقرير إنه رصد خلال يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين 54 حالة خطف قام بها الحوثيون و5 حالات إخفاء قسري و15 حالة تجنيد إجباري للأطفال.
وذكر التقرير أن ميليشيات الحوثي استحدثت معسكرا تدريبيا لعناصرها في المحافظة واستحدثت 11 نقطة تفتيش في المحافظة فضلا عن احتلال 31 مبنى حكوميا وتحويل 12 منشأه حكومية إلى ثكنات عسكرية. وكشف عن أنه وثق قيام ميليشيات الحوثي «بنهب المعونات الغذائية المقدمة من المنظمات الإغاثية والإنسانية، وبيع جزء منها في السوق السوداء وصرف الجزء الآخر لأسر مقاتليها».


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».