واشنطن واعتبار «الإخوان» جماعة إرهابية

فرص تصنيفها تتزايد بعد «حسم» و«لواء الثورة»

قادة {الإخوان} هددوا من خلف القضبان بإثارة الفوضى في ربوع مصر (غيتي)
قادة {الإخوان} هددوا من خلف القضبان بإثارة الفوضى في ربوع مصر (غيتي)
TT

واشنطن واعتبار «الإخوان» جماعة إرهابية

قادة {الإخوان} هددوا من خلف القضبان بإثارة الفوضى في ربوع مصر (غيتي)
قادة {الإخوان} هددوا من خلف القضبان بإثارة الفوضى في ربوع مصر (غيتي)

إلى أين تمضي العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين وبين الولايات المتحدة؟ علامة استفهام مثيرة للجدل، وبخاصة في ضوء العلاقة التاريخية التي باتت معروفة للقاصي والداني بين الطرفين منذ أوائل الخمسينات في القرن الماضي. في تلك الفترة استقبل الرئيس دوايت أيزنهاور في البيت الأبيض سعيد رمضان، صهر حسن البنا، ومن تلك الساعة تحركت أشرعة الأصولية الإسلامية في بحر الحياة السياسية الأميركية، ولا تزال الأشرعة مفرودة في اتجاه الرياح الدولية.
كانت رئاسة باراك أوباما مثالاً واضحاً للتعاطي البراغماتي بين واشنطن وجماعة الإخوان بنوع خاص. وبلغ التنسيق حد السماح للجماعة - للمرة الأولى في تاريخها - بالوصول إلى مقاعد الحكم في مصر، ومحاولات أقرانها الآيديولوجيين تسلق سلم السلطة في مختلف الدول التي شهدت ما عرف بـ«الربيع العربي».
غير أن «ثورة يونيو (حزيران)» في مصر، ونهاية ولاية أوباما، ودخول الرئيس دونالد ترمب البيت الأبيض، وضعت نهايات سريعة لطموحات الجماعة ولو بصورة أولية ومبدئية، وإن بقيت هناك إجراءات قد تقرر واشنطن اتخاذها، وفي مقدمة هذه الإجراءات الاعتراف بأن الإخوان المسلمين جماعة إرهابية.

تصنيف {الإخوان} منظمة إرهابية
في العاشر من يناير (كانون الثاني) الماضي قدم السناتور الجمهوري تيد كروز مشروع قانون جديداً تحت اسم «تصنيف الإخوان المسلمين منظمة إرهابية». ودعا كروز من ثم وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إلى إجراء تحقيق، وتقديم تقرير للكونغرس حول الأسباب التي قد تحول دون إدراج الجماعة ضمن لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية.
الجدير بالذكر أنه لا يوجد في الداخل الأميركي تنظيم رسمي يحمل اسم الإخوان المسلمين. ولكن تقريراً نشرته في أوائل فبراير (شباط) الحالي مجلة «فورين آفيرز» الأميركية، أشار إلى الطبيعية السرية لمنظمة الإخوان منذ أسست عام 1928. وذكر أن أعضاءها في الولايات المتحدة يمضون على النهج نفسه، لا سيما وأنهم قدموا إلى البلاد منذ الخمسينات والستينات. وفي هذه الفترة كونوا جماعات لها وجه الجمعيات المدنية، غير أن أهدافها السرية لا تزال قائمة وبنفس الاتفاق الفكري مع «الجماعة الأم» في مصر.
ولعل ما يزعج كثرة من الأميركيين اليوم هو أن هذه الجمعيات والمؤسسات التي أنشأها «الإخوان غير الظاهريين» داخل أميركا خلال ثلاثة أو أربعة عقود خلت، تضطلع حالياً بدور قيادي في صفوف جيل الشباب المسلمين الذين ولدوا في الولايات المتحدة. ومن هنا فإن الاحتمالات قائمة بأن يطلق هؤلاء نوعاً من الحركة الراديكالية الأصولية، لا يلبث في «لحظة التمكين» أن ينقلب إلى المواجهة الدموية. ولعل النموذج الأول لهذا النوع من الحركية الراديكالية، بحسب فرانك غافني، مساعد وزير الدفاع في إدارة الرئيس رونالد ريغان والرئيس الحالي لـ«مركز الدراسات الأمنية»، «يتمثل في إنشاء مؤسسات إسلامية كالمدارس والمراكز الاجتماعية، والقضاء على الحضارة الغربية من الداخل، والتسبب في انهيارها».
ولعل ما يجعل المخاوف تتعاظم لدى بعض الأميركيين من الإخوان المسلمين هو أنه، منذ فشل الإخوان في حكم مصر وثورة المصريين عليهم والإطاحة بمحمد مرسي، يتعزّز ميل الإخوان للعمل السري أكثر من أي وقت مضى. وهذا أمر يجعل المخاوف قائمة داخل أميركا إزاء مستقبل هذه الجماعات السرية.

«حسم» و«لواء الثورة»
من ناحية أخرى، يتفق معظم العاملين في شؤون التاريخ والتحليل والسرد للجماعات الأصولية الإسلاموية على أن الإخوان المسلمين كانوا وما زالوا المعين الأصولي الأكبر الذي تفرعت عنه مختلف الجماعات المسلحة التي انتهجت العنف طريقاً لها. وهذا، بصرف النظر عن أسمائها، سواء كانت «جماعة الجهاد»، أو «الجماعة الإسلامية»، ولاحقاً «القاعدة»، وصولاً إلى التفريخ الأكثر توحشاً المعروف بـ«داعش»، وما انبثق عنه من جماعات متباينة الاتجاهات والتوجهات شكلياً.
في مصر، تحديداً، ظهرت جماعات عنف مسلح من بينها «حسم» و«لواء الثورة». ولقد أعلنتا أكثر من مرة مسؤوليتهما عن أعمال عنف وإرهاب داخل مصر، مما دعا السلطات الأميركية في 31 يناير الماضي لإعلانهما منظمتين إرهابيتين. ويرى الصحافي والكاتب الأميركي إيلي لايك هذا القرار من وزارة الخارجية الأميركية أنه تصرف حكيم من إدارة ترمب، في مواجهة الأذرع التابعة لجماعة الإخوان المسلمين.
القرار المذكور يؤدي بداية إلى منع الجماعتين من التعامل عبر النظام المالي الأميركي، وتالياً وضعهما تحت الرقابة المشددة للأجهزة الأمنية والاستخباراتية الأميركية. وكان من الطبيعي أن ترحب مصر بقرار واشنطن، معتبرة إياه «تطوراً إيجابياً في إدراك شركاء مصر الدوليين، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة، أهمية حظر تنظيم الإخوان الإرهابي والجماعات والتنظيمات المنبثقة عنه على أمن واستقرار مصر وشعبها».
كان من الواضح جداً منذ الحملة الانتخابية الرئاسية الأميركية أننا أمام إدارة إن لم تكن تمثل أقصى اليمين الأميركي، فإنها على الأقل تتشكل من جماعات يمينية. وفي الحالتين يمكن القطع بأنهما من الأضداد الطبيعيين للتيارات الإسلاموية، بل وللإسلام والمسلمين دون مواربة، ولقد وعد ترمب بمجابهة تلك التيارات بنوع خاص.
قبل سنة تقريباً كان ترمب قد وعد بتقويض عمل جماعة الإخوان وإدراجها على قوائم المنظمات الإرهابية مثل تنظيم «القاعدة». ولاحقاً قال أكثر من مسؤول بارز في إدارة ترمب إن الرئيس الجمهوري لا يخطط بحال من الأحوال - بعكس سلفه الديمقراطي باراك أوباما - لإيجاد أرضية مشتركة للتعامل مع الإخوان، وبالأخص، بعد تزايد العنف والعدوانية في تعاملاتها مع الداخل المصري بنوع خاص. وفي منتصف يناير الماضي صرح مسؤول في الحزب الجمهوري الأميركي لصحيفة «إزفستيا» الروسية بأن إدارة ترمب قد تدرج الإخوان على قائمة المنظمات الإرهابية، وإن ثمة عدداً كبيراً من أركان الإدارة يدعمون الرئيس في هذا الطرح. وإن واشنطن ترى أن الإخوان جماعة براغماتية تحاول تحقيق أهدافها عبر أجنحتها العسكرية.
أحد أبرز الذين اطلعوا على مشروع قانون السناتور كروز حول الإخوان، المحلل السياسي الأميركي ثيودور كاراسيك في موقع «غلف ستيت آناليتيك» في واشنطن، ولقد أشار حقاً إلى نية وضع الإخوان على لائحة الإرهاب. وعند كاراسيك أن الإخوان «تنظيم لا يحرض على العنف فقط، بل ويشدد على أنه البنية التي أدت إلى نشوء تنظيمي القاعدة وداعش. وإضافة لذلك، يقف تنظيم الإخوان المسلمين وراء الهجمات على ممثلي السلطات في كثير من دول الشرق الأوسط. في الوقت نفسه يوجد لهذا التنظيم مكاتب تمثيلية في كثير من دول الغرب بأميركا وأوروبا، الأمر الذي يثير قلق الإدارة الأميركية الحالية.

ماذا سيخسر الإخوان؟
هناك مآلات قد تقضي على آمال الإخوان في العودة مجدداً للسلطة في العالم العربي والإسلامي، ولكن التصدي لها في الولايات المتحدة سيحرم الجماعة من الملجأ والملاذ الأخير المحتمل.
هذا، بدايةً، سيعني حظر دخول أي مواطن غير أميركي ينتمي للجماعة أو على صلة بها إلى الأراضي الأميركية، الأمر الذي يقطع أوصال الجماعة لوجيستياً، وبصورة غير مسبوقة حول العالم.
والأمر الثاني، الذي لا يقل أهمية عن سابقه، يتصل بالدعم المالي للإخوان، وفي هذه الحالة سيخضع ممولو الإخوان لقانون العقوبات الأميركي إن هم أقدموا على تقديم تبرعات لجماعة إرهابية، سواء كان هذا الدعم في صورة أموال مباشرة أو خدمات لوجيستية أخرى.
أما الأمر الثالث، في حال اتخاذ قرار على هذا النحو فإن كل أصول وموجودات الجماعة على الأراضي الأميركية ستصادر وتؤول إلى الخزانة الأميركية، مما يعني فقدان كل المكتسبات المالية التي عملت الجماعة من أجلها طوال خمسة عقود أو أكثر. ولن يتوقف الضرر عند المؤسسات التابعة للإخوان فحسب، بل سيمتد حكماً إلى جميع المنظمات والهيئات المرتبطة بعلاقات تفاعلية مع منظمات الجماعة، مما يجعلها عرضة بدورها لأن تصبغ بصبغة «غير قانونية». غير أن الكارثة الأكبر التي يمكن أن تحل بالجماعة في أميركا بعد إدراجها على قوائم المنظمات الإرهابية... إمكانية الملاحقات القضائية بأثر رجعي وفتح ملفات كثيرة، ضدها. وهنا فإن كثيرين في اليمين الأميركي متشوقون لمحاسبة إدارة أوباما، بنوع خاص. ولعل إدراج الإخوان منظمة إرهابية سيعطي فرصة ذهبية لإدارة ترمب للمضي قدماً في طريق ترحيل المئات، وربما الآلاف من المسلمين الذين تحوم من حولهم شبهات التعاطي مع الإخوان أو الاتصال والتواصل معهم في أنحاء الولايات الواسعة، بما في ذلك من اللاجئين والمهاجرين الذين لا يود ترمب رؤيتهم في طول البلاد وعرضها مرة ثانية.
يبدو واضحاً أن القرار ليس يسيراً، لا سيما في ضوء علاقات أميركا الخارجية مع دول بعينها، أو في سياق أضابيرها الاستخباراتية السرية، وبخاصة، ما يتعلق بعلاقة الإخوان مع الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» طوال عقود بدأت في الخمسينات ولم تنقطع حتى اليوم.



«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
TT

«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)

ارتبط مسمى «حزب الله» بنوعين؛ أعلام صفراء في لبنان، وحسن نصر الله أمين عام حزب الله، لبنان، لكن النوع العقائدي الأكبر خطورة يسير في دماء العراق، حزب هو بذات الاسم، عقائديون أكبر أثراً في سفك الدماء، حيث يرعون الأمر أكبر من مجرد حزب أصفر له الضاحية الجنوبية في لبنان؛ مسكن ومقر ومشيعون.
بين دجلة والفرات، حزب يسمى كتائب «حزب الله العراق»، له أكثر من 13 عاماً وهو في تشكيله الحالي، ليس بالهين عوضاً عن ميليشيات «الحشد الشعبي» التي أخذت كل الوهج الإعلامي كونها مرتبطة بنظام إيران، لكن «حزب الله العراق» وكتائبه تمر في أزقة السواد وبأخطر من دور ميداني تمارسه «الحشد الشعبي»، لأن العقائدية ونشرها أشد خطورة من ميدان يتقهقر فيه الأضعف، نظراً للضربات الآمنة التي يقودها الحلفاء أولو القوة من غرب الأرض لوقف تمدد النزيف، دائماً ما يكون مصنع الوباء يمر بحزب الله العراق.

قبل أشهر، كان الحزب تعرض لواحدة من أعنف الغارات على مواقعه، بعد هجوم صاروخي استهدف قاعدة التاجي في العراق، وقتل فيها جنديين أميركيين وبريطانياً، وجاء الرد خلال ساعات قليلة بفعل غارات أميركية - بريطانية مشتركة، ضد منشآت لميليشيات حزب الله العراقي في محافظتي بابل وواسط ومنطقة سورية محاذية للحدود العراقية.
نظرة سريعة على حزب الله العراق، من التاريخ، كان عماد مغنية (قتل في 2008 بغارة إسرائيلية في دمشق) الإرهابي اللبناني التابع لإيران، وحزب الله لبنان، كان أحد صنّاع هيكل هذا الحزب في العراق، حيث بدأ في العمل وفقاً لتوجيهات وأوامر نظام الملالي في تكوين حزب يشبه حزب الله اللبناني، وهو ما يبدو أن الأوامر جاءته في تجويد هذا الحزب ليكون بذراعين: عسكرية وعقائدية، ويبدو أن مغنية تجاوز أخطاء عديدة في تشكيل ووهج حزبه اللبناني، فصنع بهدوء هيكلة مختلفة للحزب، جعلت كل المساجد والحسينيات وقوداً يضخ فيها البذور التي يرغبها أولو العمائم.
ظهر الحزب بحضوره الأول بقوام تجاوز 4 آلاف شخص، منتمين بعضويات عدة داخله، وتنامى العدد حتى قبل تصنيف الولايات المتحدة له كـ«تنظيم إرهابي»، لكنه جعل دوره التسويقي للحشد والتنظيم أكبر من مجرد عسكرة، بل فكرة أكثر ارتباطاً في نشر آيديولوجيا عبر مواقع عدة، ومنها تفريخ عناصر في قطاعات مهمة داخل العراق؛ منها وزارة التعليم ووضع لبنات التعاون مع أحزاب دينية؛ منها «الحزب الإسلامي» الذي يتغذى بمنهج الإخوان المسلمين.
ربما ما يدور أن الحزب هو جزء في تكوين «الحشد الشعبي» لكن ذلك يمر بتقاطعات، حيث يشير عبد القادر ماهين، المتخصص في شؤون التنظيمات الإرهابية، إلى أن الحزب يظهر كونها جزءاً من تكوين الحشد، لكنه جزء يصنع الكعكة الميليشياوية ويشارك في تسميمها ويعمل على توزيعها في المناطق المجاورة.
يشير ماهين في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إلى أنه لا أمين عاماً للحزب أسوة بحزب الله اللبناني، حيث يظهر فيه حسن نصر الله، مبرراً ذلك أن الفرق بين تكوين الحزبين هو الحاجة والدور، حيث يتمركز في جنوب العراق بعتاد عسكري، له هدف في وضع حضور طاغٍ يحاول تفخيخ الحدود، لأن الهدف يرتبط مع إمبراطورية إيران الكبرى الممتدة، ولا يظهر له الأثر السياسي كممثلين له كما هو الحزب اللبناني ليكون أثره في تشكيل الحكومات والبرلمانات.

إذن ما الدور الذي يلعبه الحزب؟

الحزب كما يرى ماهين، أنه ذو دور عسكري في الأصل، لكن الترتيبات ما بعد 2009 جعلته أكثر قدرة في تكوين فريق احتياط عسكري ليس أكثر وفق الحاجة، يدعم التوجهات والسياسات الإيرانية، لكن ما أخل بتلك القاعدة مشاركته المباشرة في دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأصبح أكثر من 4 أو 5 آلاف جندي مشاركين في السيطرة على مدن سورية تحت إمرة إيران في سوريا التي تتشكل من 4 فصائل مسلحة.
الحزب ليس عسكرياً فقط؛ كان ولا يزال صاحب دور في الترويج العقائدي، وتصوير الحضور الإيراني بشكل إيجابي مزعوم، إضافة إلى عمله الاقتصادي، حيث يدخل عناصره الكبرى في مفاصل مهمة في الاقتصاد العراقي، من شركات اتصالات وشركات نفطية، وأخرى ذات علاقة بقطاع الطيران، وإدارة المطارات والمنافذ، وبعض الأشخاص أبرزهم هادي العامري الذي كان صاحب صولات وجولات حين حمل حقيبة وزارة النقل العراقية في وقت سابق، وكان أبرز مهددي الاستمرار الكويتي في بناء ميناء مبارك الكبير، حيث هددت كتائب الحزب الشركات من الاستمرار بالعمل، وحينها ظهر العامري بأن ذلك المشروع «يغلق القناة الملاحية لموانئ العراق».
مرحلة مختلفة ظهرت، حين عاودت الآلة العسكرية الحزبية لكتائب حزب الله العراق، بالعمل من خلف الصفوف، حيث كانت أبرز مهددي السفارات وأكثر ملغمي مسارات الحلول السياسية، بل ومن رمى بقادة العراق اليوم في تحدي أن يرضخوا أمام شعب بدأ في كراهية الحضور الإيراني، وكان الحزب أبرز علامات استهداف المتظاهرين في العراق في كل البلاد، بغية كسر حدة السيوف الشعبية لتصبح مجرد مقبض دون رأس حربة كي يحافظ الحزب على الوجود الإيراني، خصوصاً أنه أبرز متلقٍ للأموال من نظام إيران وأكثرها غناءً.
الدور الاقتصادي لكتائب حزب الله العراق أصبح أكثر وضوحاً، حيث كان أكبر المنتفعين في عام 2015، من «الفدية القطرية» التي وصلت إلى أكثر من مليار دولار، مقابل إطلاق سراح قطريين كانوا يقضون وقتهم في الصيد جنوب العراق، ورغم أن الأنباء قالت إن الخاطفين لعدد من أبناء الأسرة الحاكمة القطرية ومعاونيهم الذي بلغ 28 شخصاً، كانوا من تنظيم «داعش»، لكن التقارير المسربة لاحقاً في بدايات 2016 حيث جرى تخليصهم وعودتهم إلى قطر، كانوا يتبعون لكتائب حزب الله العراق، وهو ما ينافي الرواية الرسمية القطرية التي تقول إنها دفعت المبلغ للحكومة العراقية.
الدور المستقبلي لن ينفك عن منهجية تتقاطع مع حزب الله اللبناني، حيث لدى الحزب اليوم الرؤى ذاتها، خصوصاً في اعتماد سياسة «افتعال الأزمات»، كي لا ينكسر الحضور الإيراني ونفوذه في المؤسسات الدينية وبعض السياسية، التي يجد فيها بعضاً من رجاله الذين يقبعون في سياسة تخفيف الضغط على النظام السياسي ومحاصصته التي تستفيد منها ميليشيات إيران في العراق، وما بعد مقتل قاسم سليماني، غربلة يعيشها الحزب الذي يجرب يوماً بعد آخر أسلوب التقدم خطوة بخطوة، مستفيداً من تكتيك الفأر في نشر طاعون على أرض هي الأهم لإيران.