ليبيا: حكومة «الوفاق» تشكّل لجنة لإبرام هدنة في سبها

حفتر يلتقي سلامة... ونائب السراج يزور لندن

جنود من الجيش الليبي بعد إحكام قبضتهم على مدينة بنغازي العام الماضي (أ.ف.ب)
جنود من الجيش الليبي بعد إحكام قبضتهم على مدينة بنغازي العام الماضي (أ.ف.ب)
TT

ليبيا: حكومة «الوفاق» تشكّل لجنة لإبرام هدنة في سبها

جنود من الجيش الليبي بعد إحكام قبضتهم على مدينة بنغازي العام الماضي (أ.ف.ب)
جنود من الجيش الليبي بعد إحكام قبضتهم على مدينة بنغازي العام الماضي (أ.ف.ب)

اعتبر غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، أن «عدوه هو الإبقاء على الوضع القائم في ليبيا»، وذلك غداة لقائه المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، بينما أعلنت حكومة «الوفاق الوطني» التي يترأسها فائز السراج عن تشكيل لجنة مع مجلسي «النواب والدولة» لإبرام هدنة في مدينة سبها، التي تشهد توتراً أمنياً منذ الأسبوع الماضي في جنوب البلاد.
وقال سلامة، الذي بحث مع عبد الرحمن العبار، عميد بلدية بنغازي، مسألة إعادة إعمار المدينة، مخاطباً أعضاء من مجلس النواب الذين التقاهم أمس «إن أي مبادرة تصدر عنكم من أجل إنهاء الوضع القائم، ولتحقيق توافقات هي محل ترحيب وضرورية».
وكان سلامة وحفتر قد أصدرا بيانين منفصلين حول اجتماعهما، الذي جرى بينهما مساء أول من أمس في مقر حفتر بمدينة الرجمة خارج بنغازي، لكنهما لم يكشفا عن تفاصيل المحادثات. واكتفى الطرفان بالقول إنهما بحثا العملية السياسية والتطورات الراهنة، وأقرا بأن خطة الأمم المتحدة لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية قبل نهاية العام الحالي تصطدم بعوائق.
في غضون ذلك، أعربت بعثة الأمم المتحدة عن قلقها البالغ إزاء التصعيد العسكري في سبها بجنوب ليبيا، وقالت في بيان «يجب وقف الاستخدام العشوائي للأسلحة في المناطق المكتظة بالسكان»، مشيرة إلى مقتل ما لا يقل عن 6 مدنيين، وإصابة تسعة آخرين بجروح في مدينة سبها.
ومن جهته، أعرب المجلس الرئاسي في بيان له عن «بالغ الأسف لتطورات الموقف في مدينة سبها، وما تشهده من اشتباكات وتقاتل بين أخوة ليبيين، في خرق لما توصلوا إليه من اتفاق للمصالحة، قبل أن يطالب بوقف فوري لإطلاق النار».
وأضاف المجلس «أنه يقف على مسافة واحدة بين جميع الأطراف، ويدعوهم إلى الاحتكام للعقل، والعودة إلى نهج الحوار والتفاهم، ومن المؤسف والمحزن والمدان أن يقتل الليبيون بعضهم بعضاً»، مبدياً حرصه الشديد على أمن واستقرار الجنوب، ومحاربة أي مجموعات من خارج البلاد، وأعرب عن ثقته «في رجاحة أهلنا في سبها وباقي مدن جنوبنا الليبي، وقدرتهم على تغليب مصلحة الوطن على ما عداها، لنجتاز سوياً ما تمر به بلادنا من أزمات». وكان السراج، الذي التقى أعضاء من مجلس النواب عن مناطق الجنوب للتشاور، والعمل على إنهاء الاقتتال الدائر في مدينة سبها، قد شدد على أن تحقيق الأمن والاستقرار في الجنوب يعد أولوية بالنسبة للمجلس الرئاسي وحكومته، موضحاً أن المجلس يقف على مسافة واحدة تجاه جميع الأطراف، وأنه يتوجب العمل الجماعي على قطع الطريق أمام مثيري الفتن.
بدورها، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إنها سلمت إمدادات طبية تكفي لضمان استقرار نحو 50 جريحاً في مدينة سبها، عقب الاشتباكات التي اندلعت هناك.
وقالت اللجنة، في بيان مقتضب، إنها تذكر جميع المشاركين في القتال بأن المستشفيات والعاملين الطبيين، بالإضافة إلى سيارات الإسعاف والمرضى، يخضعون لحماية القانون الإنساني الدولي.
وتشهد مدينة سبها، الواقعة على بعد 800 كيلومتر جنوب غربي العاصمة الليبية طرابلس، انفلاتاً أمنياً غير مسبوق منذ أيام، وذلك بسبب اشتباكات بين قبيلتي أولاد سليمان والتبو غير العربية، سقط على أثرها عدد من القتلى والجرحى، حيث هاجم مسلحو التبو مقر اللواء السادس بوسط سبها التابع لقوات حكومة السراج، الذي ينحدر أغلب عناصره من قبيلة أولاد سليمان، بعد مقتل أحد مسلحي التبو على يد قوة تابعة للواء.
من جهة ثانية، أعلن ناثان سيلز، منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية، أن «بلاده تعول على حكومة السراج في محاربة الإرهاب، وفرض سلطة القانون في ليبيا، مجدداً تأييد بلاده لها».
وقال سيلز، في تصريحات لقناة ليبية محليةـ مساء أول من أمس، إن «الولايات المتحدة تعمل بشكل دائم على برامج تدريبية في مجالات عدة، كان آخرها دورة تدريبية لمسؤولي الطيران المدني الليبي حول كيفية تعقب الإرهابيين خلال سفرهم، وذلك بالاعتماد على برنامج جديد اعتمدته الدول التي شاركت في المؤتمر الدولي حول حشد جهود تطبيق القانون لهزيمة (داعش)».
وقد تزامنت هذه التصريحات مع تصريح أليستر بيرت، وزير شؤون الدولة البريطاني لـ«الشرق الأوسط»، الذي أبلغ أحمد معيتيق، نائب السراج، بعد أن اجتمع به في العاصمة البريطانية لندن، أن بريطانيا تدعم جهود ليبيا كي تصبح أكثر استقراراً وشمولية وازدهاراً.
في سياق آخر، أنهى 50 متدرباً ليبياً مؤخراً برنامجاً تدريبياً مكثفاً للتخلص من المتفجرات بطرق آمنة، ضمن برنامج تدريبي للتخلص بأمان من مخاطر المتفجرات، بما في ذلك العبوات الناسفة. وفي هذا السياق قالت وزارة الخارجية البريطانية في «تغريدة» لها عبر وقع «تويتر» إن بريطانيا تدعم برنامجاً للحد من مخاطر المواد المتفجرة، ومُخلفات الحرب في ليبيا، الهدف منه تعزيز القُدرات الليبية على التصدي لمخاطر المُتفجرات بطريقة آمنة، وتسيير عودة النازحين إلى مناطقهم.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.