حملت المناكفات السياسية على خلفية ملفات مرتبطة بالأداء الحكومي بين «التيار الوطني الحر» ووزراء حزب «القوات اللبنانية»، مؤشرات على انتقال الصراع الانتخابي إلى داخل الجسم الحكومي، ما أظهر أن هناك محاولات لـ«تطويق القوات» على أعتاب الانتخابات النيابية التي لم ينتهِ التباحث حول تحالفاتها بين الطرفين، مع أن حظوظ التحالف محصورة بدوائر محددة، وهو ما ينفيه «الوطني الحر»، واضعاً أبعاده في سياق غير انتخابي.
ورغم أن الطرفين لم ينزلقا إلى اتهامات مباشرة، إلا أن الردود المتقابلة ظهرت في ملفات ذات أبعاد حكومية، مثل ملف الكهرباء الذي تقود فيه «القوات» مواجهة ضد بواخر الطاقة التي تنوي الحكومة استئجارها، واستدعت ردوداً كثيرة من وزير الطاقة المحسوب على «الوطني الحر» سيزار أبي خليل، وكتلة «التغيير والإصلاح»، فضلاً عن توجيهات أصدرها الرئيس ميشال عون «للتحقق من أوضاع الجمعيات والمؤسسات المتعاقدة مع وزارة الشؤون الاجتماعية، وعملها وحجم نشاطها، لتمييز تلك التي تحتاج فعلا للدعم عن الوهمية منها»، وهو ما دفع وزير الشؤون الاجتماعية المحسوب على «القوات» بيار بو عاصي للإيضاح بأن «هناك 594 جمعية ومؤسسة متعاقدة مع الوزارة تستوفي كل الشروط وسبق لي أن فسختُ عقوداً مع 20 جمعية غير منتجة».
ولا يرى «التيار الوطني الحر» أن تلك محاولات لحصار «القوات» أو عزلها، بحسب ما يؤكد عضو كتلة «التغيير الإصلاح» النائب زياد أسود الذي يرى «أنها تندرج ضمن سياق التباينات بالتحالفات، وتعبر عن وجهات نظر سياسية بين الأطراف»، حيث «يجد كل فريق مصلحته بالتحالفات في مكان مختلف».
وشدد أسود، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على «أننا نرفض عزل أي فريق أو مكون بمعنى إلغائه، وإذا لم تكن هناك إمكانية للتحالف، فإن ذلك لا يعني التآمر»، لافتاً إلى أن «المفاهيم السياسية أحياناً تُعمم على نحو خاطئ». وأكد أسود أن الصراع داخل الحكومة «أكبر من الخلافات على التباينات الانتخابية»، لافتاً إلى أنها «تباينات على كثير من الملفات بدأت منذ تشكيل الحكومة، وهو ليس جديداً ولن يكون الأخير». وقال: «لا أعتقد أن أبعادها انتخابية، بل هي مرتبطة بوضعية العهد والتحالفات التي نشأت بعد التسوية الرئاسية»، مضيفاً أنه «لا لزوم لأن تُمنح أبعاداً أخرى».
وإلى جانب التباينات المتبادلة في الملف الانتخابي، بدا أن ظاهر الصراع بين الطرفين يستعر على خلفية الأداء الحكومي، ويؤشر إلى أن الصراع انتقل إلى داخل المؤسسات.
وينفي رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات اللبنانية» شارل جبور، أن تكون هناك محاولات لحصار «القوات» داخل الجسم الحكومي، موضحاً أنه «في المرحلة التي ترافقت مع استقالة الرئيس الحريري نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي كانت هناك محاولات لعزل (القوات)، تندرج ضمن إطار خطة سياسية لضرب المشروع السيادي»، مشدداً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على أن تلك المحاولات «فشلت، كما فشلت محاولات استغلالها للأطباق على لبنان»، مضيفاً أن «(القوات) تشكل عائقاً أمام ترجمة تطلعات البعض غير اللبنانية، وهم يدركون أن تحقيق (القوات) لفوز انتخابي سيشكل عائقاً في المستقبل أمام تحقيق أهدافهم».
وإذ رأى أن «الحرب ضد (القوات) مشتعلة ضمن المواجهة السيادية»، قال جبور إن «محاولات تطويق (القوات) لم تتوقف ولن تتوقف، لكننا نعمل في السياسة انطلاقاً من قناعاتنا، وقد نجحنا في إسقاط محاولات حصارنا من انطلاقتنا»، لافتاً إلى «خطة ضمنية لدى البعض من أجل الحد من قدرة (القوات) على الخروج بكتلة نيابية كبيرة، ونواجهها بالعمل للوصول إلى أفضل نتيجة في الانتخابات لأنها محطة أساسية».
ولا يرى جبور أن المناكفات السياسية مع «الوطني الحر» تعبر عن محاولات حصار «القوات»، قائلاً إنها «تندرج ضمن محاولة بعض الأطراف لتمرير مشاريع». واعتبر أن المناكفات «جزء من الحياة السياسية واللعبة الديمقراطية»، مشيراً إلى أن «محاولة كل طرف تسجيل نقاط تحت سقف الدستور، هو أمر طبيعي». وقال: «واجهت (القوات) خطة الكهرباء، لم تأخذ بعين الاعتبار التفاهمات والتحافات السياسية، بل تصرفت وفق قاعدة الدستور، ووفق مبدأ يدفع الشعب اللبناني لاستعادة ثقته بالسلطة». وأشار إلى «أننا نلتقي على ملفات مع (الوطني الحر)، ونختلف على أخرى، ولا أرى أن هناك محاولة تطويق معلنة، بل عملية شد حبال ليؤكد كل طرف وجهة نظره السياسية».
وتصاعدت وتيرة التباينات بين الحليفين اللذين وقعا إعلان نوايا في يونيو (حزيران) 2015 إثر التحضيرات للانتخابات النيابية المقبلة، حيث لم تثمر العلاقة تحالفات انتخابية واسعة بينهما. وبينما قال أسود إن هناك اتفاقاً مع «القوات» على التحالف الانتخابي في بعض المناطق، بينما لا ينطبق الأمر نفسه على مناطق أخرى، إذ إن المصلحة الانتخابية لكل فريق تقتضي عدم التحالف، قال جبور إنه «وفق القانون الانتخابي الجديد، لم يتحالف أي فريق سياسي مع الآخر في كل الدوائر الانتخابية، باستثناء (حزب الله) و(حركة أمل) اللذين تحالفا في كل الدوائر لاعتبارات إيرانية فرضت تحالفهما فيها». وقال: «كل طرف عقد تحالفاته انطلاقاً من أولوياته الانتخابية»، كاشفاً أن «الوطني الحر» عرض على «القوات» تحالفات في دوائر معينة «لكننا رفضناها»، مضيفاً: «إننا ندرس تحالفاتنا الآن مع التيار الوطني الحر ومع تيار المستقبل في دوائر محددة»، مشدداً على أن «التواصل الانتخابي لم ينتهِ بعد». وقال: «هناك تواصل وحوار حتى تنجلي الأمور، ولا يمكن القول: إن لا تحالف مع (الوطني الحر) حتى الآن».
تباينات «الوطني الحر» و«القوات» تتخطى التحالفات الانتخابية
الصراع انتقل إلى الجسم الحكومي
تباينات «الوطني الحر» و«القوات» تتخطى التحالفات الانتخابية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة