رائحة «القهوة العربية» تفوح بنكهة واحدة

علب التحضير السريع تغزو السوق السعودية وتصهر اختلافات مذاقها في فنجان

للقهوة العربية تقاليد وطقوس
للقهوة العربية تقاليد وطقوس
TT
20

رائحة «القهوة العربية» تفوح بنكهة واحدة

للقهوة العربية تقاليد وطقوس
للقهوة العربية تقاليد وطقوس

في حين يفخر الإنجليز ببروتوكول شرب شاي ما بعد الظهيرة، باعتباره تقليدا بريطانيا عريقا، ينظر السعوديون إلى القهوة العربية بصفتها واحدا من أهم التقاليد الشعبية في البلاد، ورمز الضيافة والاحتفاء بالزوار، وهو ما وجه أعين المستثمرين في الآونة الأخيرة إلى الاستفادة من الشعبية والرواج الكبير اللذين تحظى بهما القهوة العربية، من خلال الاستثمار فيها وابتكار منتجات جديدة لتحضيرها بسرعة وسهولة. إذ من المتعارف عليه أن هناك طرقا متعددة لتحضير القهوة العربية، التي يختلف طعمها ولونها حسب كل منطقة، ففي جنوب السعودية تكون القهوة العربية فاتحة اللون مائلة إلى الصفرة، بينما في منطقة نجد تميل إلى اللون البني، في حين تتفاوت مكونات تحضير القهوة العربية من قبيلة إلى أخرى، إلا أنها تتفق على ضرورة البدء بحَمص القهوة (البن) وإضافة الهيل وقليل من الزعفران، وهي المكونات الأساسية للقهوة العربية.
لكن يبدو أن النكهات التقليدية للقهوة العربية في طريقها للانصهار في نكهة واحدة، مع انتشار منتجات القهوة العربية سريعة التحضير في السوق السعودية خلال هذا العام، والتي يجري فيها فتح كيس القهوة وخلطه بالماء المغلي مباشرة، ليجري تحضير «دلة» القهوة في خمس دقائق فقط، بعد أن كان تحضير القهوة يستغرق وقتا طويلا لا يقل عن الساعة، وهذا التوجه ساهم بخلقه عدد من الشركات المحلية الحديثة، ودخلت فيه شركات عالمية أخرى ترغب في الاستثمار بهذا المجال الواعد.
عن ذلك تتحدث لطيفة الوعلان، وهي مالكة مشروع «يتوق» للقهوة العربية في السعودية، قائلة: «القهوة العربية مشروب هام والكل يتناوله، وكان من المفترض أن يدخل المستثمرون في تطويره وابتكاره من سنوات وليس الآن فقط.. فهي جزء لا يتجزأ من ثقافتنا السعودية». وبسؤالها عن إمكانية توحيد نكهات القهوة في نكهة واحدة بعد انتشار أكياس التحضير الجاهزة، تقول: «هذا وارد جدا، لكن التنوع مطلوب، والبعض يضيف نكهته للقهوة الجاهزة ذاتها».
وأوضحت الوعلان في حديثها لـ«الشرق الأوسط» أن مشروعها الذي يكمل قريبا عامه الثالث هو الأول من نوعه في البلاد، مع اعتقادها أن السوق السعودية تستوعب الكثير من الابتكارات في صناعة وتقديم القهوة العربية لكونها مجالا رائجا جدا، حسب قولها. وعن إمكانية اختراق السوق الأجنبية تقول: «صعوبة تحضير القهوة العربية كانت هي العائق الوحيد في ذلك، لكن مع التقنية الآن وسهولة التحضير نتوقع أن يتغير ذلك، ونتطلع لإيصال القهوة إلى العالمية».
تجدر الإشارة إلى أن العلامة التجارية الشهيرة «نسكافيه» قد أطلقت هذا العام منتجا جديدا للتحضير السريع للقهوة العربية، مبررة ذلك بأنه يأتي «لإرضاء أذواق الأعداد الكبيرة من عشاق القهوة العربية الأصيلة في المملكة العربية السعودية»، وهو ما يعتبر حصيلة سنوات من الأبحاث، إذ يتكون هذا المنتج من حبوب القهوة الخضراء الممزوجة مع الهيل ونكهات طبيعية أخرى.
وهذا التوجه في التصنيع محليا وعالميا أسهم بدوره في خلق ثقافة جديدة داخل المقاهي الموجودة في السعودية، التي كانت في السابق تكتفي بتقديم القهوة العالمية مثل «الكابتشينو» و«الموكا» و«القهوة التركية» وغيرها. فاليوم أصبحت القهوة العربية حاضرة بقوة في قوائم هذه المقاهي، التي صارت تتنافس على توفيرها بالنظر لسهولة تحضيرها بعد انتشار أكياس التحضير في الأسواق، وكثرة الطلب عليها من قبل الزبائن الذين جعلوا المقاهي تعج برائحة القهوة العربية وأطباق التمر المرافقة لها.وتؤكد لطيفة الوعلان أن «القهوة العربية هي أكثر أنواع القهوة شعبية في السعودية ومنطقة الخليج العربي»، قائلة: «القهوة العربية ليست القهوة السوداء المعتادة، فهي مصنوعة من حبوب البن الشقراء وحفنة من التوابل التي تحضر ببطء.. يجري تقديم القهوة العربية في كل المناسبات الاجتماعية، من اجتماع بسيط للأصدقاء أو جلسة عائلية ساعة المغرب وحتى حفلات الزفاف الكبيرة.. هي جزء من ثقافة الضيافة العربية، وقد تغنى بها شعراء العرب».
وتضيف: «نحب القهوة العربية ونعشق رائحتها الزكية، إلا أننا في البداية كنا نشقى حتى نخرج بفنجان قهوة ممتاز.. تنضبط معنا الوصفة مرة وتفشل 10 مرات.. دفعنا ذلك للبحث فيها وفي طرق تحضيرها، مكوناتها، حبوبها، بهاراتها، وكيف تصنع وكيف تحضر. لِم تختلف قهوة أهل الجنوب عن أهل الحجاز؟ وما الذي يميز قهوة صديقتنا البدوية؟ من يومها بدأ مشوارنا مع القهوة»، وتردف بالقول: «القهوة وجدت لنستمتع بها لا أن نشقى في تحضيرها».
ومن اللافت أن شغف القهوة العربية ليس مقتصرا على كبار السن، بل هي تنتشر بين الشباب والفتيات كذلك، ووفقا لموسوعة «ويكيبيديا» الإلكترونية، تعتبر القهوة العربية رمزا من رموز الكرم عند العرب، وقد حلت عند العرب محل لبن الإبل، فباتوا يفاخرون بشربها وصارت مظهرا من مظاهر الرجولة في نظرهم، ويعقدون لها المجالس الخاصة التي تسمى بالشبة أو القهوة أو الديوانية.
وتحظى القهوة بالكثير من الاحترام عند العرب من اليمنيين والشاميين والخليجيين والسعوديين على وجه الخصوص، والقهوة لها عادات قبلية متعارف عليها بين الناس وكل القبائل، فيجب أن تسكب القهوة للضيوف وأنت واقف وتمسك بها في يدك اليسرى وتقدم الفنجان باليد اليمنى ولا تجلس أبدا حتى ينتهي جميع الحاضرين من شرب القهوة، بل وأحيانا يستحسن إضافة فنجان آخر للضيف في حال انتهائه من الشرب خوفا من أن يكون قد خجل من طلب المزيد، وهو ما يمثل غاية الكرم عند العرب.



«الموسوعة السعودية للسينما» تُثري المشهد العربي بـ40 كتاباً

كتاب الدكتور محمد البشير «السينما السعودية»
كتاب الدكتور محمد البشير «السينما السعودية»
TT
20

«الموسوعة السعودية للسينما» تُثري المشهد العربي بـ40 كتاباً

كتاب الدكتور محمد البشير «السينما السعودية»
كتاب الدكتور محمد البشير «السينما السعودية»

تنتظر المكتبة السينمائية العربية 40 إصداراً جديداً خلال هذا العام، تتشكل في مدينة الظهران؛ حيث تواصل «الموسوعة السعودية للسينما» مسيرتها الفكرية في عامها الثاني على التوالي، مُكرّسة جهودها لإثراء المكتبة العربية بإصدارات سينمائية نوعيّة. فبعد إطلاق 22 كتاباً خلال عامها الماضي، تُعلن الموسوعة عن طرح 40 عنواناً جديداً على 3 مراحل في هذا العام؛ حيث تتزامن المرحلة الأولى مع فعاليات مهرجان أفلام السعودية في دورته الـ11 المُقامة في الظهران خلال الفترة من 17 - 23 أبريل (نيسان).

عناوين جديدة ومؤلفون سعوديون

ويقدم 7 كتاب سعوديين وكاتب من البحرين المجموعة الأولى من إصدارات الموسوعة السعودية للسينما، ومن الكتب التي ستكون بانتظار المهتمين والمعنيين بالشأن السينمائي لهذا العام، الطبعة الثانية من كتاب «السينما الجديدة - تأملات في موت السينما بعد سيطرة الثورة الرقمية» للكاتب السعودي حسن الحجيلي، الذي يعالج من خلاله فكرة مهمة تتعلق بماهية السينما والتغيّرات التي طرأت عليها إثر التحول إلى استخدام الوسائل الرقمية في صناعة وعرض الأفلام، إضافة إلى مواضيع تحرض القارئ على المزيد من التعمّق في هذا السياق.

كما يطرح الكاتب والسينمائي السعودي بلال البدر كتاباً بعنوان «الطريق إلى الضوء - مبادئ التصوير السينمائي» وهو رحلة من المتعة والفائدة لكل من أصبح التصوير جزءاً لا يتجزّأ من حياتهم اليومية. أما الكاتب السعودي محمد الفهادي فسيقدم كتاباً بعنوان «إيقاع السيناريو - فن التحكم في الزمن» الذي يتناول فيه الأساليب المتنوعة لضبط سرعة وبطء السيناريو في السينما، من خلال استحضار أمثلة لمخرجين مهمّين وأفلام شهيرة.

كتاب «عيون محدقة باتساع» للناقد طارق الخواجي
كتاب «عيون محدقة باتساع» للناقد طارق الخواجي

في حين يأتي الكاتب السعودي طامي السميري بكتاب عنوانه «ضوء شديد العتمة - مراجعات سينمائية» يغوص من خلاله في دهاليز 12 فيلماً، يستقصي فيها بعض الموضوعات الحميمية والإشكالية التي تطرّق إليها كل فيلم، وفي الوقت ذاته يستجلي فيها فهمه ومنطقه وتأويله. في حين يطلّ الكاتب والسينمائي البحريني أمين صالح في إضاءة جديدة على عوالم أحد عظماء السينما، وقد اختار لهذا العام مخرجاً من المكسيك ليضع تجربته في متناول القارئ العربي من خلال كتاب بعنوان «أليخاندرو إيناريتو وشعرية الصدفة».

ويطرح السينمائي السعودي طارق الخواجي كتابه «عيون محدقة باتساع - في اثنتي عشرة ثيمة سينمائية» ملقياً الضوء على مفهوم الثيمة في السينما ويختار 12 منها ليقدمها مع أمثلة تشرح وتفسّر اختياره وتقسيماته. ولا تُغفل الموسوعة النقد الثقافي، فمن الكتب الجديدة كتاب بعنوان «نظرة أميركا للشرق.. سينمائياً» للكاتب السعودي عبد المحسن المطيري يرصد من خلاله النظرة العامة التي يحملها الغرب تجاه الشرق، سواء من الزاوية الثقافية الدينية أو الجغرافيّة، ويستعرض فيه - عبر تحليل مجموعة من الأفلام التي تناولت «الآخر» عموماً والشرق خصوصاً - كيف تشكّلت هذه النظرة وتطورت عبر التاريخ. يضاف لذلك كتاب الكاتب السعودي الدكتور محمد البشير «السينما السعودية وفيلموجرافيا الأفلام السعودية في صالات السينما حتى 2023»، ويقدم خلاله الكثير من التفاصيل الدقيقة والموضوعية على أفلام سعودية تابعها الجمهور وأحبها.

كتاب عن الشخصية المكرمة لهذا العام إبراهيم الحساوي
كتاب عن الشخصية المكرمة لهذا العام إبراهيم الحساوي

تكريم وإصدار استثنائي

كما سيكون جمهور مهرجان أفلام السعوديّة على موعد مع تكريم شخصية سينمائية سعودية وإصدار كتاب يتضمن سيرة حياة هذه الشخصية وشهادات عنها، وهو الفنان إبراهيم الحساوي، الضيف المكرّم لهذا العام، ويتعرف الجمهور عليه بشكل أعمق من خلال كتاب «إبراهيم الحساوي من مسرح القرية إلى الشاشة العالمية»، الذي أعدّه الكاتب السعودي جعفر عمران.

كتاب «السينما الجديدة» لحسن الحجيلي
كتاب «السينما الجديدة» لحسن الحجيلي

أرقامٌ تُعبّر عن رؤية

إضافة إلى هذه المجموعة الثرية التي تفتتح بها الموسوعة السعودية للسينما إصدارات عام 2025، ينتظر الوسط السينمائي إصدارات جديدة تضمّ 22 كتاباً سينمائياً مترجماً، و10 كتب جديدة لمؤلفين عرب وسعوديين، مما يعني أن القارئ العربي سيكون أمام 40 إصداراً سينمائياً جديداً بين مؤلَّف ومترجم، خلال هذا العام، تقدمها الموسوعة انطلاقاً من إيمانها بضرورة رفد المكتبة العربية بالكتب المتخصصة في مجال السينما، وإثراءً للسينمائيين العرب والسعوديين، وتقديراً لأهميّة إخراج الصناعة السينمائيّة من دائرة الكتابة غير الاحترافيّة، التي لا تقوم على أسس علميّة صلبة، والارتقاء بها إلى مستوى المهنيّة وعمق الاختصاص.

من الجدير بالذكر أن كتب الموسوعة السعودية للسينما وكتب ضيوف المهرجان المكرمين تنشرها دار «جسور» الثقافة للنشر والتوزيع، علماً بأن الدار قد نشرت 18 كتاباً في الدورة الـ9 لمهرجان أفلام السعودية، وتم من خلالها نشر 22 كتاباً في الدورة الـ10 للمهرجان، وهي الآن بصدد نشر 40 كتاباً ستصدر عن الموسوعة السعودية للسينما خلال عام 2025، إضافة إلى كاتب الشخصية المكرّمة الصادر عن المهرجان.