شبكات تزوير وجماعات «متنفذة» تسيطر على أملاك للدولة العراقية

TT

شبكات تزوير وجماعات «متنفذة» تسيطر على أملاك للدولة العراقية

كشف نائب محافظ بغداد جاسم البخاتي أن «حجم الامتدادات العشوائية في العاصمة بلغ نحو 600 مجمع سكني، تتوزع على مناطق واسعة» من المدينة، مشيراً إلى أن «الأراضي المتجاوز عليها مملوكة للدولة وتعود لدوائر ووزارات مختلفة».
وقال البخاتي لـ«الشرق الأوسط» إن «قضية التجاوز على أراضي الدولة وأملاكها واضحة، والجميع يعرف الأيدي التي امتدت إليها، لكن لا أحد يجرؤ على محاسبتها أو استعادة ما أخذته». ونفى علمه بالممتلكات التي تسيطر عليها جهات سياسية.
لكن مسؤولاً في قسم التخطيط بوزارة الإسكان والإعمار والبلديات، كشف، أمس، عن «وجود 1800 عقار مملوك للدولة يتراوح بين قصور رئاسية وأراض زراعية، سيطرت عليها شخصيات وأحزاب سياسية ومواطنين عاديين في محافظة بغداد».
وقال مدير قسم التخطيط في الوزارة مهدي النعيمي في تصريحات صحافية إن «ضعف القانون وراء تأخير إخراج الجهات الحزبية والمواطنين من المواقع التابعة للدولة التي تم التجاوز عليها».
ولا يستبعد مطلعون على ملف عقارات الدولة وأراضيها أن يتضاعف عدد أملاك الدولة المستولى عليها، إذا ما أخذت بعين الاعتبار الأراضي والعقارات التي تسيطر عليها الأحزاب والجماعات السياسية في بقية المحافظات العراقية الـ17 الأخرى.
ويعترف رئيس «هيئة النزاهة» حسن الياسري باستحواذ بعض الجهات على عدد كبير من الأراضي التابعة لوزارات الدفاع والمالية والبلديات. وذكر الأسبوع الماضي في تصريحات لإحدى المحطات التلفزيونية أن «بعض الموظفين في دوائر السجل العقاري في بغداد وكربلاء والنجف زوروا مستندات لعشرات العقارات الغالية الثمن وحولوا ملكيتها من الدولة إلى أشخاص».
ويشير إلى استيلاء بعض الجهات على أراضٍ وعقارات مملوكة للدولة تقع بين مرقدي الإمامين الحسين والعباس في كربلاء، تقدر قيمة مساحة الـ100 متر فيها بنحو 10 ملايين دولار.
وكانت «النزاهة» كشفت الشهر الماضي عن «إعادة ملكية مجموعة عقارات في محافظة كربلاء بلغت قيمتها التقديرية 43 مليار دينار، إلى ملكية الدولة». وكشفت عن «قيام مديرية التسجيل العقاري في كربلاء بتزوير سندات عقارات بغية تغيير ملكيتها من الملكية العامة إلى ملكية أفراد». ويوضح مسؤول في الهيئة أن عمليات نهب واسعة مارستها شخصيات وأحزاب متنفذة على «أملاك عناصر النظام السابق».
ويشير المصدر الذي يفضل عدم نشر اسمه أن «أحزاباً وشخصيات متنفذة مارست عمليات ابتزاز وتهديد واضحة على عائلات مسؤولين سابقين وسيطرت على ممتلكات وعقارات بربع قيمتها الحقيقية وأحياناً بلا ثمن».
وكشف عن «استيلاء مسؤول سابق على قصر شهير في المنطقة الخضراء تبلغ قيمته نحو 10 ملايين دولار بسعر 800 مليون دينار (نحو 650 ألف دولار) فقط». ولفت إلى «عدم وجود محافظة عراقية لم يتم فيها الاستيلاء على ممتلكات الدولة بالاحتيال أو التزوير أو الابتزاز».
ولفت إلى أن «عمليات تلاعب كبيرة حدثت عبر هيئة نزاعات الملكية من خلال تقديم وثائق مزورة»، مشدداً على أن «ملف عقارات وأراضي الدولة من أكبر ملفات الفساد في العراق بعد 2003».
ورغم الحديث المتصاعد عن عمليات مكافحة الفساد في الأشهر الماضية، إلا أن العراق، ووفق تقرير «منظمة الشفافية العالمية» لهذا العام، حصل على المرتبة السادسة عربياً والـ12 عالمياً بين أكثر دول العالم فساداً.



خفوت هجمات الحوثيين خلال أسبوع من الضربات الإسرائيلية

الحرائق لا زالت مستمرة في مستودعات الوقود في ميناء الحديدة اليمني رغم مُضيّ أكثر من أسبوع (رويترز)
الحرائق لا زالت مستمرة في مستودعات الوقود في ميناء الحديدة اليمني رغم مُضيّ أكثر من أسبوع (رويترز)
TT

خفوت هجمات الحوثيين خلال أسبوع من الضربات الإسرائيلية

الحرائق لا زالت مستمرة في مستودعات الوقود في ميناء الحديدة اليمني رغم مُضيّ أكثر من أسبوع (رويترز)
الحرائق لا زالت مستمرة في مستودعات الوقود في ميناء الحديدة اليمني رغم مُضيّ أكثر من أسبوع (رويترز)

خفتت هجمات الجماعة الحوثية ضد السفن، خلال أسبوع من الضربات الإسرائيلية على ميناء الحديدة اليمني، الخاضع للجماعة، فيما واصل الجيش الأميركي عملياته الاستباقية الدفاعية؛ للحدِّ من قدرة الجماعة العسكرية.

وعلى الرغم من تهديد زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي بالرد على قصف إسرائيل مستودعات الوقود في ميناء الحديدة، والاستمرار في مهاجمة السفن، فإن الأسبوع الأخير لم يشهد تسجيل أي هجمات مؤثرة، سواء باتجاه إسرائيل، أو ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

حريق ضخم في ميناء الحديدة اليمني إثر ضربات إسرائيلية استهدفت خزانات الوقود (أ.ف.ب)

ومع انطفاء الحريق الذي أتى على نحو ثلثَي القدرة التخزينية للوقود في ميناء الحديدة، جرّاء الضربات الإسرائيلية، تجدّدت، السبت، الحرائق مع انفجار أحد الخزانات بفعل الحرارة التي انتقلت إليه من الخزانات المجاورة، وسط إفادة مصادر محلية بسقوط 6 مصابين من العمال.

وكانت إسرائيل نفّذت في 20 يوليو (تموز) ضربات انتقامية ضد الحوثيين استهدفت خزانات الوقود والكهرباء في الحديدة، رداً على طائرة مسيّرة استهدفت تل أبيب في 19 يوليو، تبنّت الجماعة الموالية لإيران في اليمن إطلاقها، وأدّت إلى مقتل شخص وإصابة آخرين.

في غضون ذلك، أوضحت القيادة المركزية الأميركية، السبت، أن قواتها نجحت خلال 24 ساعة في تدمير 6 طائرات بدون طيار تابعة للحوثيين المدعومين من إيران، في منطقة تسيطر عليها الجماعة، دون تحديد للمكان.

وبشكل منفصل، أفاد البيان بأن القوات الأميركية دمّرت 3 زوارق حوثية مسيَّرة قبالة سواحل اليمن، مشيراً إلى أن هذه الأسلحة كانت تمثل تهديدًا وشيكًا للولايات المتحدة وقوات التحالف، والسفن التجارية في المنطقة، وأنه تم اتخاذ الإجراءات لحماية حرية الملاحة، وجعل المياه الدولية أكثر أمانًا.

وكانت وسائل إعلام الجماعة الحوثية أقرّت، الجمعة، بالضربات التي وصفتها بـ«الأميركية والبريطانية»، وقالت إن 4 غارات استهدفت مطار الحديدة، وهو مطار جنوب المدينة خارج عن الخدمة منذ سنوات، في حين استهدفت 4 غارات أخرى مواقع في جزيرة كمران قبالة الحديدة.

وأقرّت الجماعة بتلقّي أكثر من 580 غارة منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، وسقوط 57 قتيلاً و87 جريحاً جرّاء الضربات التي تشنّها واشنطن تحت ما سمّته تحالُف «حارس الازدهار».

وتشنّ الجماعة الحوثية الموالية لإيران منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي؛ إذ تدّعي أنها تحاول منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، بغضّ النظر عن جنسيتها، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

صورة وزّعها الحوثيون للطائرة المسيّرة التي استهدفت تل أبيب (أ.ف.ب)

كما تزعم الجماعة أنها تقوم بهجمات في البحر المتوسط وموانئ إسرائيلية، بالاشتراك مع فصائل عراقية مسلّحة موالية لإيران، ضمن عمليات الإسناد للفلسطينيين في غزة، وهو الأمر الذي تقول الحكومة اليمنية إنه يأتي هروباً من استحقاقات السلام، وخدمةً لأجندة طهران في المنطقة.

تهديد مستمر

كان زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي عبّر عن سعادة جماعته بالمواجهة المباشرة مع إسرائيل وأميركا وبريطانيا، وتوعّد باستمرار التصعيد البحري ضد السفن ومهاجمة إسرائيل، وأعلن أن الهجوم بالطائرة المسيّرة على تل أبيب هو بداية المرحلة الخامسة من التصعيد.

وهوَّن زعيم الجماعة الانقلابية في اليمن من أهمية الضربة الإسرائيلية على ميناء الحديدة، وقال إن جماعته ستواصل عملياتها، وإن أي ضربات أخرى لن يكون لها أي تأثير على قدراتها العسكرية، مشدّداً على أن الجماعة لن «تتراجع عن موقفها».

وتبنّت الجماعة الحوثية منذ نوفمبر الماضي كثيراً من الهجمات ضد إسرائيل، دون أي تأثير يُذكر، باستثناء هجوم المسيّرة الأخير على تل أبيب، كما تبنّت مهاجمة أكثر من 170 سفينة في البحرين الأحمر والعربي، تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

عناصر حوثيون ضمن تجمّع للجماعة في صنعاء تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة (رويترز)

وأصابت الهجمات الحوثية، حتى الآن، نحو 30 سفينة منذ بدء التصعيد، غرقت منها اثنتان؛ إذ أدى هجوم في 18 فبراير (شباط) إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استُهدفت في 12 يونيو (حزيران) الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي في 6 مارس (آذار) الماضي إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية.

وإلى جانب الإصابات التي لحقت بالسفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.

مساعٍ أُمَمية

قاد التصعيد الحوثي ضد السفن إلى تجميد عملية السلام في اليمن، بعد أن كانت خريطة الطريق التي تم التوصل إليها بوساطة سعودية وعُمانية، وأعلنها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ نهاية العام الماضي، على وشك أن ترى النور.

وإذ يكافح المبعوث لإنجاز ما يمكن على صعيد التهدئة وخفض التصعيد في اليمن، أفاد في بيان، السبت، أنه اختتم زيارة إلى واشنطن، حيث التقى مسؤولين أميركيين كباراً لمناقشة التطورات في اليمن، واستكشاف سبل دعم عملية سياسية جامعة لحل النزاع.

المبعوث الأُممي إلى اليمن هانس غروندبرغ يكافح لإنجاز اختراق في مسار السلام (د.ب.أ)

وأضاف أنه التقى مع القائم بأعمال وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية، جون باس، ومساعدة وزير الخارجية لشؤون المنظمات الدولية، ميشيل سيسون، ومساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، ومنسق مجلس الأمن القومي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بريت ماكغورك، والمبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن، تيم ليندركينغ.

وأوضح غروندبرغ أنه استعرض خلال اجتماعاته التحديات التي تُعيق جهود الوساطة في اليمن، بما في ذلك التطورات الإقليمية، ومسار التصعيد المُقلِق في اليمن منذ بداية العام.

وشدّد المبعوث على ضرورة منح الأولوية مسار السلام والحوار والتهدئة في اليمن. كما أكّد على أهمية الدعم الإقليمي والدولي المتضافر لتحقيق هذا الهدف.