تركيا: حراك حزبي مبكر استعداداً لانتخابات 2019

محاكمة انقلابيين حاولوا السيطرة على مجموعة إعلامية

TT

تركيا: حراك حزبي مبكر استعداداً لانتخابات 2019

تشهد الساحة السياسية في تركيا حراكاً مبكراً يتمحور حول الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي ستجرى في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام المقبل، أشعلتها المبادرة المبكرة لحزبي العدالة والتنمية الحاكم و«الحركة القومية» المعارض، اللذين شكلا ائتلافاً باسم «تحالف الشعب» لخوض الانتخابات البرلمانية معاً.
وتقدم الحزبان، عقب هذا التحالف، بحزمة تعديلات على قانون الانتخابات إلى البرلمان تتضمن 26 مادة تتيح للتحالفات الانتخابية، وليس فقط الأحزاب، خوض الانتخابات. وأعطى ذلك لحزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، الضوء الأخضر للدخول في تحالف على «المبادئ». وقال رئيس الحزب كمال كليتشدار أوغلو، في مقابلة مع صحيفة «حريت» التركية أمس، ردا على سؤال حول إمكان تشكيل تحالف مع حزب السعادة الإسلامي، والحزب «الجيد» بزعامة ميرال أكشنار، في الانتخابات القادمة، إنه لا يعارض دخول حزبه في تحالفات على المبادئ، وأن يكون المبدأ هو الحفاظ على النظام البرلماني في البلاد، وإلغاء التعديلات الدستورية التي قادت إلى إقرار النظام الرئاسي في استفتاء 16 أبريل (نيسان) 2017، والتي فتحت الباب للديكتاتورية على حد قوله.
وأشار أوغلو إلى أن حزبه يطالب بدستور جديد للبلاد، ويرى أن تركيا بحاجة إلى دستور ديمقراطي جديد، وأن حزبه لا يرغب في بقاء الحد النسبي لتمثيل الأحزاب في البرلمان (شرط الحصول على 10 في المائة من أصوات الناخبين)، ويرى تخفيضه إلى 1 أو 2 في المائة حتى يتمكن أكبر عدد من الأحزاب من دخول البرلمان.
ولا تتضمن حزمة التعديلات المقترحة من العدالة والتنمية والحركة القومية تخفيض الحد النسبي لدخول البرلمان، ويتمسك حزب العدالة والتنمية بها. وكان حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد اعتبرا دخول حزب العدالة والتنمية في تحالف مع حزب الحركة القومية دليلا على تآكل القاعدة الشعبية لحزب العدالة والتنمية، وتراجع قوته إلى الحد الذي دفعه للاستعانة بحزب الحركة القومية وربما توسيع التحالف ليشمل حزب الوحدة الكبرى لاحقا. وقالت رئيسة الحزب الجيد، ميرال أكشنار، إن سعي العدالة والتنمية للتحالف مع حزب ضعيف كالحركة القومية هو مؤشر على تغير مزاج ناخبيه، وأن حزبها سيستفيد من الناخبين الذين سيتحولون عنه لأن أصواتهم لن تذهب إلى الشعب الجمهوري بل إلى حزبها، كونه قريبا من طبيعة هؤلاء الناخبين وتوجهاتهم المحافظة.
وفتح إعلان حزب الشعب الجمهوري موافقته على التحالف، ربما مع حزب السعادة والحزب الجيد، رغم اختلاف التوجهات التكهنات لسعي الأحزاب الثلاثة إلى طرح بديل للرئيس رجب طيب إردوغان في انتخابات الرئاسة المقبلة الأوساط الأحزاب التركية.
وثار جدل واسع خلال الأيام القليلة الماضية بعد أن أعلن حزب السعادة الإسلامي أنه يرفض الانضمام إلى تحالف الشعب الذي كونه حزبا العدالة والتنمية والحركة القومية، وأنه سيطرح مرشحا لرئاسة الجمهورية. وتردد اسم الرئيس السابق عبد الله غل على أنه المرشح المحتمل لحزب السعادة الذي أسسه رئيس الوزراء الراحل نجم الدين أربكان، الذي عمل غل معه في الحقل السياسي لسنوات طويلة في الأحزاب التي أسسها قبل أن يشكل مع إردوغان حزب العدالة والتنمية. وقوبلت هذه التكهنات بردود فعل غاضة من جانب غل وعدد من قياديي حزب العدالة والتنمية الذين انتقدوا بشدة ما أسموه بـ«العرائس» التي يحركها البعض بالخيوط على وسائل التواصل الاجتماعي.
في سياق مواز، أسقط البرلمان التركي عضوية نائبين عن حزب الشعوب الديمقراطي المعارض (المؤيد للأكراد) بعد صدور أحكام قضائية بحبسهما بتهمة إهانة رئيس الجمهورية ودعم الإرهاب. وأسقط البرلمان عضوية أحدهما بعد أن أدانته المحكمة بتهمة إهانة رئيس الجمهورية، لوصفه الرئيس رجب طيب إردوغان بـ«السلطان المزيف». وبإسقاط عضوية النائبين، انخفض عدد نواب حزب الشعوب الديمقراطي في البرلمان التركي إلى 50 نائبا.
وكان البرلمان التركي أسقط في وقت سابق عضوية سبعة نواب عن الحزب، بمن فيهم الرئيس المشارك السابق فيجين يوكسيكداغ بعد صدور حكم قضائي بحقهم بتهمة دعم «الإرهاب» والغياب عن الكثير من الجلسات. وسبق أن اعتقلت السلطات التركية 13 نائبا من حزب الشعوب الديمقراطي في نوفمبر 2016، بمن فيهم الرئيسان المشاركان السابقان صلاح الدين دميرتاش ويوكسيكداغ بتهم تتعلق بدعم حزب العمال الكردستاني.
على صعيد آخر، طالبت النيابة العامة بعقوبة السجن المؤبد لثلاثة من كبار الضباط بالجيش التركي شاركوا في محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو (تموز) 2016 لاتهامهم بمحاولة الإطاحة بالنظام الدستوري. كما طالبت النيابة، خلال جلسة استماع في قضية الهجوم على مجموعة «دوغان» الإعلامية في إسطنبول، بأحكام إضافية بالسجن. وطلبت النيابة براءة 16 مشتبها فيهم آخرين من الجنود تم اعتقالهم في إطار القضية نفسها. وكانت المجموعة دخلت مرآب السيارات في مجموعة دوغان حيث يقع المقر الرئيسي لصحيفتي «حريت ديلي» و«حريت ديلي نيوز» وقناة «دي» وغيرها من وسائل الإعلام التابعة لمجموعة دوغان على متن طائرة هليكوبتر، وصرخوا بعد أن انقسموا إلى مجموعتين وفتحوا النار في الهواء: «لقد استولت هيئة الأركان العامة للجيش على السلطة في الدولة»، كما هددوا الموظفين في مركز دوغان للإعلام ببنادق وطلبوا منهم فتح الأبواب.
وجاء الهجوم على المجموعة بعد أن نقلت مذيعة قناة «سي إن إن تورك» التابعة للمجموعة هاندا فرات الرئيس رجب طيب إردوغان على شاشة القناة عبر تطبيق «فيس تايم» ليوجه رسالة إلى المواطنين للنزول إلى الشوارع والتصدي للانقلابيين والمتآمرين.
في سياق متصل، أبدى مقرر الأمم المتحدة الخاص بشأن التعذيب نيلز ميلتسر قلقه البالغ تجاه معلومات عن تعرض المعتقلين في إطار محاولة الانقلاب في تركيا للتعذيب. وقال ميلتسر، في جنيف أول من أمس، إنه تلقى تقارير عن الضرب والصعق الكهربائي والغمس في مياه مثلجة والحرمان من النوم والإهانات والاعتداءات الجنسية.
وبحسب ميلتسر فإن عدداً كبيراً من أنصار حركة غولن، وحزب العمال الكردستاني تعرضوا لهذه المعاملات. وقال ميلتسر، إن الهدف من وراء هذه الوسائل الوحشية في التحقيق هو إجبار الضحايا على تقديم اعترافات أو تشويه آخرين، وإن وكيلي المدعي العام في تركيا يرفضان التحقيق في حدوث تعذيب ضد المعتقلين مبررين ذلك بوجود حالة طوارئ في البلاد. وأكد ميلتسر أنه لا يجوز تعذيب أحد حتى في ظل حالات الطوارئ.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.