كنيسة القيامة في القدس تحتفل بـ«الانتصار» على إسرائيل

نتنياهو يجمد ضرائب ومشاريع ويقيم لجنة خاصة للحوار مع رؤساء الكنائس

يصلون أمام باب كنيسة القيامة المغلق في القدس الشرقية (أ.ف.ب)
يصلون أمام باب كنيسة القيامة المغلق في القدس الشرقية (أ.ف.ب)
TT

كنيسة القيامة في القدس تحتفل بـ«الانتصار» على إسرائيل

يصلون أمام باب كنيسة القيامة المغلق في القدس الشرقية (أ.ف.ب)
يصلون أمام باب كنيسة القيامة المغلق في القدس الشرقية (أ.ف.ب)

تراجعت إسرائيل عن قرارات فرض الضريبة المعروفة باسم «أرنونا» على الممتلكات الكنسية، وجمدت مناقشة تشريعات تتعلق بمصير أراض كنسية، بعد 3 أيام على إغلاق كنيسة القيامة في القدس.
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالاتفاق مع رئيس بلدية الاحتلال في القدس، نير بركات، إقامة لجنة خاصة لتسوية الأمر مع رؤساء الكنائس.
ويرأس اللجنة تساحي هنغبي وزير الشؤون الإقليمية الإسرائيلي، وممثلون عن وزارات المالية والشؤون الخارجية والداخلية وبلدية القدس.
وكلفت اللجنة بالاتفاق على مسار لحل مسألة الضريبة (ضريبة السكن) على العقارات التابعة للكنيسة، وذلك عبر التفاوض مع مندوبي الكنائس بهدف التوصل لتفاهمات حول الموضوع.
وجاء في بيان من مكتب نتنياهو: «في أعقاب طلب رؤساء الكنائس المسيحية إجراء مفاوضات حول مسألة بيع الأراضي في القدس، طلب رئيس الوزراء من الوزير هنغبي أن يدرس ويفحص المسألة. وخلال فترة عمل الوزير هنغبي ستعلق الحكومة أي تشريع في هذا المضمار».
وفورا قررت بلدية القدس أن تعلق، مؤقتا، إجراءات جباية الضرائب البلدية التي اتخذتها في الأسابيع الأخيرة ضد الكنائس.
واحتفل مئات المسيحيين أمس أمام باب الكنيسة وهتفوا للانتصار وأقاموا صلوات في المكان.
والتراجع الإسرائيلي جاء بعد 3 أيام فقط على إغلاق كنيسة القيامة في القدس، احتجاجا على فرض البلدية ضرائب تصل إلى 650 مليون شيقل سنويا على الممتلكات الكنسية، وطرح مشروع يسمح بمصادرة أراض كنسية.
وحتى الأمس، صلى مسيحيون وزوار أجانب أمام أبواب الكنيسة المغلقة في مشهد نادر الحدوث.
وشوهد زوار أجانب وفلسطينيون يحملون الصلبان والأناجيل ويؤدون صلاتهم قرب الأبواب المغلقة، قبل أن يتحول المكان إلى ساحة للتضامن.
وزار رجال دين مسلمون الكنيسة المغلقة وعبروا عن تضامنهم مع الكنائس في وجه إسرائيل.
وكان بطريرك الروم الأرثوذكس ثيوفيلوس الثالث، أعلن أنه سيبقي الكنيسة مغلقة حتى حل المسألة، مندداً بالتمييز «المنهجي» الذي يواجهه المجتمع المسيحي في إسرائيل. ولم يعرف ما إذا كانت الكنيسة ستعيد فتح أبوابها أو تنتظر توضيحات وضمانات أكثر.
وقال رئيس التجمع الوطني المسيحي في الأراضي المقدسة، ديمتري دلياني، إن الكنائس انتصرت على الاحتلال في هذه المعركة.
واستبق القرار الإسرائيلي مسيرات واسعة في القدس دعا إليها نشطاء فلسطينيون تجاه كنيسة القيامة. وجاء في بيان وزع أمس على أهالي القدس: «ندعوكم لمسيرة إلى كنيسة القيامة أم كنائس الدنيا، للوقوف والاحتجاج على القرارات الجائرة بحق الطائفة المسيحية عامة في بلادنا المقدسة، من فرض الضرائب والمخالفات على كنائسنا المسيحية العظيمة في القدس».
ويعد هذا الإغلاق أطول إغلاق للكنيسة التي أغلقت قبل ذلك يوما واحدا في عام 1999، احتجاجاً على تدنيس الكنيسة من أحد الزوار. وحظيت الكنيسة بدعم رسمي فلسطيني وأردني وأوروبي.
وطلبت رام الله وعمان من إسرائيل احترام الوضع القائم في القدس، وأيدوا إغلاق الكنيسة.
كما أيدت كنائس الشرق الأوسط، رؤساء كنائس القدس بإغلاق أبواب كنيسة القيامة أمام زوار المدينة الوافدين من كل أنحاء العالم، ردا على قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي فرض الضرائب.
وأهاب مجلس الكنائس في بيان، بالسلطات المختصة الحفاظ على الأعراف السائدة التي ترعى الوضع القائم في المدينة المقدسة، واحترام القوانين التي تفرضها المواثيق الدولية لمدينة القدس.
وأعرب عن قلقه العميق بخصوص مستقبل الحضور المسيحي في الأراضي المقدسة بشكل عام، وفي القدس بشكل خاص، نتيجة لهذه القرارات التعسفية التي اتخذتها السلطات المحلية، والتي من شأنها، إذا ما نفذت، أن تؤول إلى تجريد الكنيسة من ممتلكاتها، وإنهاء حضورها في المدينة بشكل كلي، الأمر الذي لن يقبله أحد.
وقالت مصادر إسرائيلية إنه، إضافة إلى المواقف الرسمية في المنطقة، فإن ضغوطا أوروبية مورست كذلك على إسرائيل.
وتجنبت إسرائيل أزمة مرتقبة مع بداية تدفق الزوار المسيحيين إلى المنطقة قبل أعياد الفصح القريبة.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.