النظام يستعيد كسب الاستراتيجية بدعم من مقاتلي حزب الله

الحرس الجمهوري يشكل أول كتيبة نسائية للمواجهات الأمامية في ريف دمشق

ألسنة النيران تلتهم سوقا في مدينة دوما بريف دمشق بعد قصف حكومي أمس (رويترز)
ألسنة النيران تلتهم سوقا في مدينة دوما بريف دمشق بعد قصف حكومي أمس (رويترز)
TT

النظام يستعيد كسب الاستراتيجية بدعم من مقاتلي حزب الله

ألسنة النيران تلتهم سوقا في مدينة دوما بريف دمشق بعد قصف حكومي أمس (رويترز)
ألسنة النيران تلتهم سوقا في مدينة دوما بريف دمشق بعد قصف حكومي أمس (رويترز)

أعلنت دمشق، أمس، استعادة قواتها السيطرة على مدينة كسب الحدودية مع تركيا في ريف اللاذقية شمال غربي البلاد، بعد 85 يوما على سيطرة قوات المعارضة عليها، في حين أكدت مصادر المعارضة الانسحاب من المدينة بعد تقدم القوات النظامية بمحيطها، وسيطرتها على التلال المرتفعة المشرفة على طريق تركيا - اللاذقية، وقطع خطوط إمداد المعارضة من ناحيتي جبل التركمان وجبل الأكراد الفاصلين بين اللاذقية وسهل الغاب شمال البلاد. وتأتي هذه التطورات بموازاة تقدم القوات النظامية في حمص، وتصعيد عملياتها العسكرية في درعا جنوب سوريا وريف دمشق.
وأكدت القوات السورية، استعادتها السيطرة على مدينة كسب الحدودية مع تركيا. ونشرت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) بيانا عن القوات المسلحة، قالت فيه إن {أهمية هذا الإنجاز تأتي من الموقع الجغرافي الاستراتيجي الذي تتميز به المنطقة ومن كونه يسقط أوهام العدوان وأدواته الإجرامية في محاولة تأمين منفذ بحري وإقامة منطقة عازلة على امتداد الحدود مع تركيا تشكل قاعدة تجميع وانطلاق لممارسة الأعمال الإرهابية ضد الشعب السوري}. وأشار البيان إلى أن السيطرة تحققت {بعد سلسلة من العمليات الدقيقة الناجحة أحكمت من خلالها السيطرة على بلدة النبعين والهيئات الأرضية الحاكمة المحيطة بها}.
وتعد بلدة كسب استراتيجية لوقوعها قرب المعبر الوحيد مع تركيا في محافظة اللاذقية، معقل الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس بشار الأسد، والذي يقوم المقاتلون عبره بنقل جرحاهم لإسعافهم في تركيا، حليفة المعارضة. وتحرم استعادة النظام السيطرة على كسب، مقاتلي المعارضة من الاحتفاظ بالمنفذ البحري الوحيد الذي تسيطر عليه، ويبلغ طوله ثمانية كيلومترات، ويمتد شاطئ قرية السمرا على الحدود التركية، حتى رأس البسيط بريف اللاذقية الشمالي. كما استعاد النظام السوري سيطرته على معبر حدودي مع تركيا، وهو الوحيد بحكم سيطرة المعارضة على سائر المعابر الواقعة في محافظتي حلب وإدلب.
وتعد السيطرة على كسب، انتكاسة لمقاتلي المعارضة الذين أطلقوا معركة {الأنفال} في مارس (آذار) الماضي، للسيطرة على معقل النظام، وتهديده بمعقله. وانضمت إلى المعركة، فصائل {الجبهة الإسلامية} إضافة إلى فصائل إسلامية أخرى.
وأوضحت مصادر المعارضة في ريف اللاذقية أن السيطرة تحققت {بعد انسحابنا من المنطقة}، مشيرة في تصريحات مقتضبة لـ{الشرق الأوسط}، إلى أن الانسحاب {اتخذ القرار فيه بعد تقدم قوات النظام وحزب الله على تخوم المنطقة، وقطع خطوط الإمداد إلى كسب من جبلي التركمان والأكراد المطلين على سهل الغاب ويصلان اللاذقية بريف إدلب}، مشيرة إلى أن قوات النظام بدأت تتقدم منذ أول من أمس، حيث سيطرت على التلال المرتفعة وقرية النبعين، بعد قصف جوي ومدفعي مكثف.
وكان مقاتلو المعارضة سيطروا على المدينة في 21 مارس الماضي، ما أجبر معظم سكان كسب ذات الغالبية الأرمنية على النزوح عن منازلهم بسبب المعارك قبل أن يُعلن مساء السبت عن انسحاب غالبيتهم منها أمام تقدم القوات النظامية، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن {القوات النظامية دخلت إلى مدينة كسب وتقدمت فيها دون أن تسيطر عليها بالكامل}، مشيرا إلى أن {اشتباكات ما تزال تدور فيها} عقب انسحاب غالبية مقاتلي جبهة النصرة والكتائب الإسلامية الليلة الماضية منها. وأشار إلى أن انسحاب أغلبية مقاتلي المعارضة {جاء بعد أن تمكنت عناصر من حزب الله اللبناني (الذي يساند الجيش في عملياته) من الاستحواذ على عدد من التلال المحيطة بمدينة كسب}، لافتا إلى أن ذلك {من شأنه وضع المقاتلين بمرمى الجيش وعناصر الحزب}.
وأوضح عبد الرحمن أن {المقاتلين فضلوا الانسحاب على أن تجري محاصرتهم} من قبل القوات النظامية كما حدث مع بقية المقاتلين في معاقل المعارضة، لافتا إلى {نقص في الإمداد لدى مقاتلي المعارضة وتقدم عناصر حزب الله وعناصر النخبة الذين يتمتعون بخبرة كبيرة}.
في موازاة ذلك، ذكرت {سانا} أن {وحدة من الجيش والقوات المسلحة أعادت الأمن والاستقرار إلى قرية أم شرشوح والمزارع المحيطة بها بريف حمص بعد القضاء على المجموعات الإرهابية المسلحة فيها}، مشيرة إلى استهداف تجمعات المعارضة في مناطق تلدو والرستن.
ومع تواصل المعارك في مختلف أنحاء البلاد واستنزاف مقاتلي الجيش النظام من الشبان، أعلن الحرس الجمهوري، أحد أقوى التشكيلات العسكرية في قوات النظام، تشكيل كتيبة «المغاوير» للبنات كخطوة ثانية بعد سرية «القناصات»، وتتألف الكتيبة من 800 فتاة، توزعت على مناطق عدة ضمن دمشق وريفها وهي حي القابون وحي جوبر شرقي العاصمة دمشق وداريا في الغوطة الغربية للعاصمة وبعض بلدات وقرى الغوطة الشرقية، بحسب ما ذكره موقع «جهينة نيوز» الموالي للنظام.
ونقل الموقع عن قائد كتيبة «المغاوير» قوله إن الحرب التي تشنّها {القوى الظلامية على سوريا، فرضت على المرأة السورية المشاركة في العمليات القتالية والتماس المباشر جنبا إلى جنب وفي الخندق نفسه مع القوات المسلحة}. وتعد هذه الكتيبة، الأولى من نوعها للقتال في الخطوط الأمامية.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».