قلق في الجزائر من حظر استيراد مئات السلع الضرورية

«العفو الدولية» تتهم السلطات بترحيل 6500 مهاجر أفريقي بالقوة

جزائريون يتبضعون من مركز اختفت منه مجموعة واسعة من المنتجات المستوردة (رويترز)
جزائريون يتبضعون من مركز اختفت منه مجموعة واسعة من المنتجات المستوردة (رويترز)
TT

قلق في الجزائر من حظر استيراد مئات السلع الضرورية

جزائريون يتبضعون من مركز اختفت منه مجموعة واسعة من المنتجات المستوردة (رويترز)
جزائريون يتبضعون من مركز اختفت منه مجموعة واسعة من المنتجات المستوردة (رويترز)

بعد قرار الحكومة الجزائرية الخاص بفرض حظر على استيراد مئات السلع، بدأ المواطنون يلاحظون خلال الأيام القليلة الماضية اختفاء بعض البضائع التي تعودوا على شرائها من المتاجر سابقا.
وفي بداية العام، منعت السلطات استيراد 851 سلعة، من بينها منتجات غذائية وبعض المواد الخام في محاولة لسد عجز تجاري يتسع بفعل تراجع إيرادات الطاقة بنحو النصف منذ منتصف 2014.
يقول منصور، الذي ييدي أسفه وقلقه على اختفاء شوكولاته سويسرية درج على اقتنائها لابنته، وهو يستعرض السلع في مركز التسوق أرديس بالعاصمة الجزائرية، ومعه زوجته وابنته التي تبلغ من العمر ست سنوات، إنه يشعر ويلمس أثر حظر الاستيراد. وأضاف موضحا: «أنا لا أجد المنتوجات التي كنت أجدها من قبل، وقد لاحظت ارتفاعا في الأسعار مقارنة بالسابق. أظن أن السبب هو غياب المنافسة، لقد اغتنموا الفرصة لرفع الأسعار واحتكار السوق».
لكن في المقابل يقول مسؤولون لوكالة «رويترز» للأنباء إن قرار الحظر سيشجع الإنتاج المحلي، ويحميه من منافسة المنتجات المستوردة. غير أن شركات محلية، بينها شركات مشروبات وخزف، تقول إن نقص المواد الخام سيعرض أنشطتها للخطر.
ويجتذب مركز التسوق أرديس، الذي افتُتح عام 2012، ويعد أكبر مراكز التسوق في الجزائر، أعدادا كبيرة من المستهلكين يوميا نظرا لأنه يعرض مجموعة واسعة من المنتجات الاستهلاكية المحلية والمستوردة.
لكن تلك المجموعة الواسعة من المنتجات تقلصت الآن، رغم أن وليد علوني، مدير المركز يهون من شأن هذا التغيير بقوله إن «قرار الحظر نعمة مقنعة. أنا أراه بهذا الشكل لأنه سيشجع الشركات المحلية والوطنية على مضاعفة جهودها لكي تصبح أكثر إنتاجية».
إلا أن عددا كبيرا من مديري الشركات المحلية والمستهلكين يشعرون بقلق من هذا القرار، ويرون أن الحظر سيزيد الضغط عليهم، على الأرجح، الأمر الذي سيؤدي إلى احتمال انهيار شركاتهم بسبب تآكل مخزونات المواد الخام، حسب رأيهم.
يقول علي حماني، رئيس جمعية المنتجين الجزائريين للمشروبات، إن «الأثر المباشر للقرار، الذي اتُخذ دون تشاور مع المعنيين، سيؤدي على الأرجح إلى اختفاء منتجات من السوق. كما أننا نخاطر بتقليل كمية المنتجات التي ستتوفر في السوق. وبعض المستوردين يشعرون بقلق بشأن مستقبل تجارتهم، ويقلقون من احتمال إغلاق شركاتهم».
ويتزامن كل ذلك مع ما تشهده الجزائر حاليا من إضرابات واحتجاجات بشكل يومي تقريبا على مظالم اجتماعية واقتصادية.
وعلى صعيد غير متصل، قالت منظمة العفو الدولية أمس، إن الجزائر رحلت بالقوة 6500 مهاجر أفريقي العام الماضي، متهمة السلطات الجزائرية بـ«الاعتقال التعسفي على أساس التنميط العرقي»، وأضافت المنظمة في تقريرها السنوي الصادر أمس، أنه «بين أغسطس (آب) وديسمبر (كانون الأول) الماضيين، تم اعتقال بطريقة تعسفية والترحيل القسري لأكثر من 6500 مهاجر، ينحدرون من بلدان مختلفة في جنوب الصحراء الكبرى، إلى الدولتين المجاورتين مالي والنيجر».
ووصفت المنظمة الجزائر، بأنه بلد لا يرحب باللاجئين والمهاجرين، مشيرة إلى حالة اللاجئين السوريين، الذين تقطعت بهم السبل على الحدود مع المغرب.
كما أشارت المنظمة في تقريرها إلى «اعتقال ومحاكمة النشطاء السلميين، بمن فيهم الأشخاص الذين يحتجون على البطالة أو الخدمات العامة»، لافتة إلى اعتقال أحد الصحافيين للاشتباه فيه بـ«التجسس وبيع وثائق سرية لدبلوماسيين أجانب». ونوهت المنظمة إلى أن «أكثر من 280 من أتباع الطائفة الدينية الأحمدية، تمت ملاحقتهم قضائيا العام الماضي، بسبب معتقداتهم أو ممارساتهم الدينية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».