الأطراف اليمنية ترحب بغريفثتس وتتمسك بمواقفها لإحلال السلام

الشرعية تشدد على المرجعيات الثلاث والانقلابيون يشترطون وقف عمليات التحالف

TT

الأطراف اليمنية ترحب بغريفثتس وتتمسك بمواقفها لإحلال السلام

رحبت الحكومة اليمنية الشرعية والانقلابيون الحوثيون، أمس، بتعيين مبعوث الأمم المتحدة الجديد إلى اليمن مارتن غريفثتس، إلا أن كل طرف جدد تمسكه برؤيته الخاصة تجاه الحل الذي يتوجب على المبعوث الجديد أن يأخذ به في سياق مساعيه الحميدة لإحلال السلام.
ففي حين جددت الحكومة الشرعية تمسكها بالمرجعيات الثلاث المتوافق عليها لحل الأزمة وإحلال السلام، قالت ميليشيا الحوثي الانقلابية في معرض ترحيبها بتعيين غريفثتس مبعوثاً جديداً، إن تحقيق السلام يجب أن يبدأ من وقف التدخل العسكري للتحالف العربي إلى جانب الشرعية وإنهاء الحصار المفروض على الجماعة لمنع تدفق واردات الأسلحة.
ومع انقضاء الخميس الماضي، أصبح قرار الأمم المتحدة بتعيين السياسي البريطاني المخضرم مارتن غريفثتس مبعوثاً للأمين العام إلى اليمن خلفاً للموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد ساري المفعول، لعدم اعتراض مجلس الأمن الدولي عليه. وتمنى ولد الشيخ أمس في تغريدات على «تويتر» النجاح لخلفه في مسؤوليته الجديدة، التي قال إنها تنطوي على تحديات. وقال إن الأطراف اليمنية ستستفيد من خبرة مارتن غريفثتس طويلة الأمد في القضايا الإنسانية المعقدة والوساطة في الصراعات. وكشف الموريتاني ولد الشيخ أن خلفه البريطاني سيواصل ما قام به هو من خلال «البناء على الأساس المتين الذي أرساه من أجل التوصل إلى حل سلمي ودائم للصراع».
من جهته، قال مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة خالد حسين اليماني في رسالة ترحيب من قبل الجانب الحكومي بتعيين المبعوث الجديد بعثها إلى الأمين العام: «إنه لا يمكن تحقيق السلام والحل السياسي المستدام في اليمن إلا عبر الالتزام بمرجعيات السلام الثابتة في الأزمة اليمنية». وتتمثل تلك المرجعيات والثوابت الثلاثة كما أوردتها رسالة اليماني في «المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن ذات الصِّلة وعلى وجه الخصوص القرار 2216»، وهو القرار الذي يعكس بحسب تعبير اليماني «إدراك المجتمع الدولي لجوهر المشكلة في اليمن التي ترتبت عن انقلاب الميليشيا الحوثية المدعومة من إيران على الدولة اليمنية».
وشدد مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة على «أهمية أن يعمل مجلس الأمن على إنفاذ قراراته ذات الصِّلة بالشأن اليمني وأن ينصاع الحوثيون للقرارات الدولية وألا يكافأوا على جرائمهم ضد الإنسانية»، لأن ذلك - بحسب قوله - سيجعل العصابات والميليشيا المسلحة في العالم «تتمادى ضد الكيانات الشرعية عبر نشر الإرهاب والفوضى».
وقال اليماني إن «الحكومة اليمنية تتطلع للعمل مع المبعوث غريفثتس بالروح البناءة نفسها والمرونة المعهودة لتحقيق السلام المستدام الذي ينهي معاناة اليمنيين المستمرة منذ الانقلاب الحوثي في 21 سبتمبر (أيلول) 2014، الذي أدى إلى قتل وتهجير ونزوح الآلاف من اليمنيين وخراب البنية التحتية والصحية والتعليمية».
ومن جانبها، رحبت ميليشيا الحوثي الانقلابية أمس في بيان رسمي بصنعاء بتعيين المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن، وأشارت إلى أنها متفائلة بتعيينه لجهة «خبرته الطويلة في مجال المفاوضات وحل النزاعات سلمياً». وقال البيان الحوثي إن الجماعة تأمل أن يكون غريفثتس «عاملاً إيجابياً للوصول إلى التسوية السياسية المنشودة باتجاه السلام المستدام والعمل بشكل حيادي ومهني بما من شأنه إيقاف التدخل العسكري لدول التحالف العربي إلى جانب الشرعية وإنهاء الحصار المفروض على الجماعة لمنع واردات الأسلحة».
وكانت الجماعة الموالية لإيران رفضت مطلع السنة الجديدة استقبال المبعوث السابق ولد الشيخ في صنعاء بعد أن كالت له التهم بأنه «منحاز وغير محايد»، في حين كان مسلحون موالون للجماعة أطلقوا النار على موكبه في آخر زيارة له إلى صنعاء بعد خروجه من المطار، ما اعتبر حينها محاولة لاغتياله.
وعلى رغم تخلص الميليشيات الحوثية من حليفها في الانقلاب على الرئيس السابق علي عبد الله صالح في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فإن القيادات التي كانت موالية له في صنعاء في حزب «المؤتمر الشعبي» أصدرت هي الأخرى بياناً يتطابق في شكل تام مع البيان الحوثي فيما يخص الترحيب بالمبعوث الأممي الجديد.
ويرجح مراقبون أن مجيء بيان قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء على تلك الصورة المتطابقة مع الحوثيين يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أنهم باتوا يشكلون «النسخة الحوثية» من الحزب التي تخلت نهائياً عن دعم الرئيس السابق وعن قراره الأخير قبل مقتله بفض الشراكة مع الميليشيات الحوثية وفتح صفحة جديدة مع تحالف دعم الشرعية لإحلال السلام.
وعلى خلفية التسريبات التي أفادت أخيراً بأن الجماعة الحوثية قررت فرض موالين لها في وفد الحزب المتوقع مشاركته في مفاوضات السلام المقبلة، أصدر الحزب بياناً مرتبكاً بهذا الشأن ينفي فيه صحة تلك التسريبات، إلا أنه من جهة أخرى قام بتأكيدها حينما ذكر في بيان النفي أنه «لم يناقش حتى الآن تسمية أعضاء الوفد المفاوض»، في حين يفترض أن أسماء الوفد التفاوضي معروفة وسبق أن شاركت في جولات التفاوض السابقة في سويسرا والكويت ولا داعي للنقاش لتسميتها من جديد.
وكان رئيس حكومة الانقلاب غير المعترف بها والقيادي المحسوب على الحزب عبد العزيز بن حبتور، أكد في تصريحات أخيرة لإحدى القنوات التلفزيونية الإيرانية صحة التسريبات التي تحدثت أن الجماعة الحوثية حسمت الأمر للذهاب من صنعاء إلى المفاوضات المرتقبة بوفد موحد هي من ستختار أعضاءه تحت قيادتها.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.