المستقلون ينافسون الأحزاب السياسية في الانتخابات البلدية التونسية

TT

المستقلون ينافسون الأحزاب السياسية في الانتخابات البلدية التونسية

كشف عادل البرينصي، عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية، وجود اهتمام خاص بالانتخابات البلدية من قبل الأحزاب السياسية والمستقلين وممثلي المجتمع المدني، وهو ما أفرز منافسة قوية على الترشح في 350 دائرة بلدية، مشيراً إلى أن حظوظ القائمات المستقلة تبدو وافرة، خصوصاً بالمناطق الداخلية، حيث سيتم الاختيار من قبل الأحزاب السياسية على الكفاءات التي تتمتع بسمعة جيدة، وبقربها من شواغل الناس، على حد تعبيره.
ولاحظ البرينصي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن اليومين الأولين بعد فتح باب الترشح للانتخابات البلدية، شهدا قبول ما لا يقل عن 383 قائمة انتخابية في كامل تراب البلاد، ومن بينها 118 قائمة مستقلة، وهو ما يمثل نحو 30.8 في المائة من الترشحات.
وافتتح باب تقديم الترشحات للانتخابات البلدية المزمع إجراؤها في 6 مايو (أيار) المقبل رسمياً الخميس الماضي، على أن يقفل في 22 الشهر الحالي.
وعرفت بعض البلديات، على غرار بلدية مرناق وبوعرادة والساحلين ومكثر، بعض المفاجآت، حيث لم تتلقَّ أي ترشحات رغم مرور 3 أيام على انطلاق عمليات قبول الترشح، والأمر نفسه بالنسبة للقائمات الائتلافية، التي لم تقدم مرشحيها للانتخابات البلدية.
وتتنافس حركة النهضة وحزب النداء بقوة على تغطية كل الدوائر البلدية، وفتح أبواب الترشح أمام القائمات المستقلة، وفي هذا السياق أكد راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، تخصيص نسبة 50 في المائة من القائمات الانتخابية لفائدة المستقلين، وهو التوجه نفسه بالنسبة لقيادات حزب النداء.
بدوره، قال محسن النويشي، رئيس مكتب الانتخابات والحكم المحلي في حركة النهضة، إن الحزب تقدم خلال اليومين الأولين بـ93 قائمة انتخابية، إلى مختلف فروع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بالجهات، مؤكداً أن الحركة ستترشح في كامل الدوائر الانتخابية البالغ عددها 350 دائرة، واعتبر أن النهضة واجهت عدداً من الصعوبات، خصوصاً في ترتيب المرشحين.
وفي المقابل، تمكن حزب النداء، المتزعم للائتلاف الحاكم، من تقديم 80 قائمة انتخابية في عدد كبير من البلديات الكبرى، في انتظار التقدم في كل البلديات، البالغ عددها 350 بلدية، ولا يشترك حزب النداء في هذه التغطية لكامل البلديات إلا مع حركة النهضة حليفه السياسي القوي.
ومن نتائج المنافسة القوية على الترشح وترؤس القائمات الانتخابية، ما سيدعم حظوظ الفوز في الانتخابات البلدية المقبلة، قدم أعضاء المكتب الجهوي لحركة نداء تونس بصفاقس (ثاني كبرى مدن تونس) استقالة جماعية بسبب ما اعتبروه «إخلالات في تحديد القائمات المرشحة للانتخابات البلدية، ومن ثم الإعلان عن استقالة كل أعضاء المكتب».
وأفاد أعضاء المكتب في بيان لهم بأن الحركة تعيش تخبطاً وصمتاً من جانب المدير التنفيذي (حافظ قائد السبسي)، أمام من اعتبروهم «المرتزقة والعابثين بمستقبل الحزب»، على حد تعبيرهم.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.