انقسام حول جدوى مؤتمر جنيف للحوار بين الفرقاء الليبيين

TT

انقسام حول جدوى مؤتمر جنيف للحوار بين الفرقاء الليبيين

بينما قلل نواب ليبيون من جدوى مؤتمر جنيف، الذي عقد خلال الثلاثة أيام الماضية، واعتبروه «مضيعة للوقت» على اعتبار أن غالبية الحاضرين ليسوا أصحاب قرار، رأى آخرون أنه «لا يوجد ما يمنع من التحاور بين جميع الأفرقاء».
وشهد المؤتمر، الذي نظمه مركز الحوار الإنساني في جنيف بسويسرا، تحت عنوان «الحد من التوترات وتعزيز الاستقرار في ليبيا»، ودُعي إليه أعضاء في مجلس النواب وشخصيات عامة وقبلية، اعتذارات عدة، لأسباب متباينة. وفي هذا السياق قال صالح أفحيمة، عضو مجلس النواب، إن «مثل هذه المؤتمرات غير الرسمية لا تخرج بنتائج ملموسة»، لافتاً إلى أنها المرة الثالثة التي يدعو فيها هذا المركز «شخصيات ليبية تختلف عن تلك التي حضرت في المرات السابقة؛ لكن دون التوصل لشيء يمكن تنفيذه، أو يحلحل الأزمة في البلاد».
وأضاف أفحيمة لـ«الشرق الأوسط» أنه «بغض النظر عن كون هذه الشخصيات التي حضرت المؤتمر مؤثرة في المشهد الليبي أم لا، فهي ليست صاحبة قرار لأن غالبيتها من النظام السابق، أو لا تشغل أي منصب حالياً، وبالتالي فإنها لا تمثل إلا نفسها»، مبرزا أن «هناك من اعتذر من النواب والشخصيات العامة، بعضهم أبدى أسبابه أو تحفظ، مثل وزير الداخلية الأسبق عاشور شوايل، وعضو مجلس النواب سلطنة المسماري، وغيرهم».
وتداولت وسائل إعلام محلية قائمة، قالت إنها مسربة للشخصيات التي دعيت لحضور هذا الحوار، بينها رئيس المؤتمر الوطني (المنتهية ولايته) نوري أبو سهمين، ورئيس المجلس الأعلى للدولة عبد الرحمن السويحلي، بالإضافة إلى عسكريين بارزين، بينهم العميد سالم جحا عن مدينة مصراتة، وآمر المنطقة الغربية أسامة الجويلي، وعدد من السياسيين البارزين من مختلف التوجهات، مثل رئيس تحالف القوى الوطنية الدكتور محمود جبريل، وسفير ليبيا السابق في الإمارات العارف النايض، ورئيس حزب الوطن وزعيم الجماعة الليبية المقاتلة السابق عبد الحكيم بالحاج. ولم يستبعد أفحيمة أن يكون المؤتمر «باباً لدخول جماعة الإخوان المسلمين إلى العملية السياسية في البلاد، بدعوى أنها جزء من المكون الاجتماعي»، مضيفاً أن «غالبية الأطراف الدولية التي تدخل على خط الأزمة لا تعلم طبيعة مشكلتنا بشكل دقيق، وجلسات الحوار جاءت تحت عنوان تعزيز الاستقرار في ليبيا، وهذا أراه نوعاً من الترف ليس له معنى لعدم وجود قوة موحدة تفرض الأمن». وانتهى إلى القول إن ليبيا «أصبحت مناطق نفوذ للبعض، تحميها أجنحة عسكرية، وكل منها يسيطر بطريقته».
بدوره، قال وزير الداخلية الأسبق عاشور شوايل، إنه رفض الدعوة لحضور المؤتمر، وأرجع ذلك إلى أنه «طلب من المنظمين أسماء المدعوين، فأخبروه ببعضهم، وتم التحفظ على الأغلبية».مضيفا: «لقد رفضنا الدعوة بشكل مطلق لعدم جدوى الجلوس مع أطراف كانت السبب في أزمة الوطن السياسية والاقتصادية».
ورأى د. المختار الجدل، عضو المجلس الانتقالي السابق، وفقا لـ«بوابة أفريقيا»، أن حوار جنيف «ما هو إلا إعادة تدوير لمشروع الدوحة المقترح من علي الصلابي»، و«يهدف إلى تمكين جماعة الإخوان المسلمين من المشهد السياسي»، لافتاً إلى أن الشخصيات التي تمت دعوتها لحضور المؤتمر «لا تمثل إلا أنفسها». والصلابي هو عضو ما يسمى «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين»، واسمه مدرج على قوائم الإرهاب.



انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)

أرغم الحوثيون جميع الموظفين في مناطق سيطرتهم، بمن فيهم كبار السن، على الالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن ما يقولون إنها استعدادات لمواجهة هجوم إسرائيلي محتمل.

جاء ذلك في وقت انضم فيه موظفون بمدينة تعز (جنوب غرب) الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى إضراب المعلمين، مطالبين بزيادة في الرواتب.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين، وعلى الرغم من أنهم لا يصرفون الرواتب لمعظم الموظفين، فإنهم وجّهوا بإلزامهم، حتى من بلغوا سن الإحالة إلى التقاعد، بالالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن الإجراءات التي تتخذها الجماعة لمواجهة ما تقول إنه هجوم إسرائيلي متوقع، يرافقه اجتياح القوات الحكومية لمناطق سيطرتهم.

وبيّنت المصادر أن هناك آلاف الموظفين الذين لم يُحالوا إلى التقاعد بسبب التوجيهات التي أصدرها الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي بوقف الإحالة إلى التقاعد، إلى حين معالجة قضايا المبعدين الجنوبيين من أعمالهم في عهد سلفه علي عبد الله صالح، وأن هؤلاء تلقوا إشعارات من المصالح التي يعملون بها للالتحاق بدورات التدريب على استخدام الأسلحة التي شملت جميع العاملين الذكور، بوصف ذلك شرطاً لبقائهم في الوظائف، وبحجة الاستعداد لمواجهة إسرائيل.

تجنيد كبار السن

ويقول الكاتب أحمد النبهاني، وهو عضو في قيادة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، إنه طلب شخصياً إعادة النظر في قرار تدريب الموظفين على السلاح، لأنه وحيد أسرته، بالإضافة إلى أنه كبير في العمر؛ إذ يصل عمره إلى 67 عاماً، واسمه في قوائم المرشحين للإحالة إلى التقاعد، بعد أن خدم البلاد في سلك التربية والتعليم واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم لما يقارب الأربعين عاماً.

ومع تأكيده وجود الكثير من الموظفين من كبار السن، وبعضهم مصابون بالأمراض، قال إنه من غير المقبول وغير الإنساني أن يتم استدعاء مثل هؤلاء للتدريب على حمل السلاح، لما لذلك من مخاطر، أبرزها وأهمها إعطاء ذريعة «للعدو» لاستهداف مؤسسات الدولة المدنية بحجة أنها تؤدي وظيفة عسكرية.

حتى كبار السن والمتقاعدون استدعتهم الجماعة الحوثية لحمل السلاح بحجة مواجهة إسرائيل (إ.ب.أ)

القيادي في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ذكر أنه لا يستبعد أن يكون وراء هذا القرار «أطراف تحمل نيات سيئة» تجاه المؤسسات المدنية، داعياً إلى إعادة النظر بسرعة وعلى نحو عاجل.

وقال النبهاني، في سياق انتقاده لسلطات الحوثيين: «إن كل دول العالم تعتمد على جيوشها في مهمة الدفاع عنها، ويمكنها أن تفتح باب التطوع لمن أراد؛ بحيث يصبح المتطوعون جزءاً من القوات المسلحة، لكن الربط بين الوظيفة المدنية والوظيفة العسكرية يُعطي الذريعة لاستهداف العاملين في المؤسسات المدنية».

توسع الإضراب

وفي سياق منفصل، انضم موظفون في مدينة تعز الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى الإضراب الذي ينفّذه المعلمون منذ أسبوع؛ للمطالبة بزيادة الرواتب مع تراجع سعر العملة المحلية أمام الدولار وارتفاع أسعار السلع.

ووفقاً لما قالته مصادر في أوساط المحتجين لـ«الشرق الأوسط»، فقد التقى محافظ تعز، نبيل شمسان، مع ممثلين عنهم، واعداً بترتيب لقاء مع رئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك؛ لطرح القضايا الحقوقية المتعلقة بالمستحقات المتأخرة وهيكلة الأجور والمرتبات وتنفيذ استراتيجية الأجور، لكن ممثلي المعلمين تمسكوا بالاستمرار في الإضراب الشامل حتى تنفيذ المطالب كافّة.

المعلمون في تعز يقودون إضراب الموظفين لتحسين الأجور (إعلام محلي)

وشهدت المدينة (تعز) مسيرة احتجاجية جديدة نظّمها المعلمون، وشارك فيها موظفون من مختلف المؤسسات، رفعوا خلالها اللافتات المطالبة بزيادة المرتبات وصرف جميع الحقوق والامتيازات التي صُرفت لنظرائهم في محافظات أخرى.

وتعهّد المحتجون باستمرار التصعيد حتى الاستجابة لمطالبهم كافّة، وأهمها إعادة النظر في هيكل الأجور والرواتب، وصرف المستحقات المتأخرة للمعلمين من علاوات وتسويات وبدلات ورواتب وغلاء معيشة يكفل حياة كريمة للمعلمين.