اشتداد المعارك في القلمون والنظام السوري يتأهب لاقتحام النبك

حصيلة مجزرة «الباب» 26 قتيلا.. وباريس تستنكر استهداف مدرستها بدمشق

مقاتل كردي سوري من (واي بي دي) يحفر اسم الأمن الكردي الآسايش على حاجز إسمنتي بنقطة تفتيش في الحسكة (رويترز)
مقاتل كردي سوري من (واي بي دي) يحفر اسم الأمن الكردي الآسايش على حاجز إسمنتي بنقطة تفتيش في الحسكة (رويترز)
TT

اشتداد المعارك في القلمون والنظام السوري يتأهب لاقتحام النبك

مقاتل كردي سوري من (واي بي دي) يحفر اسم الأمن الكردي الآسايش على حاجز إسمنتي بنقطة تفتيش في الحسكة (رويترز)
مقاتل كردي سوري من (واي بي دي) يحفر اسم الأمن الكردي الآسايش على حاجز إسمنتي بنقطة تفتيش في الحسكة (رويترز)

بينما تصعد قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد من هجماتها لاقتحام بلدة النبك ضمن خطتها لاستعادة البلدات الواقعة في منطقة القلمون بريف دمشق، جدد النظام قصف مدينة الباب في ريف حلب أمس مما أسفر عن مقتل 26 شخصا على الأقل. وجاء ذلك بينما سقطت قذائف على مدرسة فرنسية في دمشق، من غير أن تسفر عن إصابات.
واشتدت المعارك، أمس، في بلدة النبك في القلمون بين قوات المعارضة السورية والجيش النظامي، حيث صعد الأخير من قصفه البلدة، فيما كان مقاتلو المعارضة يحاولون صد هجمات متكررة لاقتحامها. وقال ناشطون، إن «القوات النظامية سيطرت على المستشفى في البلدة بعد دخول عناصر المعارضة إليها».
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل خمسة من عناصر القوات النظامية إثر تفجير مقاتل من جبهة النصرة نفسه بسيارة مفخخة عند منتصف ليل السبت / الأحد قرب مركز شرطة الطرق العامة على طريق دمشق - حمص الدولي في منطقة النبك.
وفيما أكد ناشطون أن القوات الحكومية لم تتمكن من دخول البلدة بفعل القتال الشديد، قالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط»، إن «قوات النظام كثفت من حملاتها غرب المدينة بهدف تأمين طريق حمص – دمشق، كما للسيطرة على الأحياء الغربية الملاصقة للطريق الدولي قبل الدخول إلى داخل البلدة».
وتعد النبك واحدة من أكبر بلدات القلمون الواقعة في ريف دمشق الشمالي، وتتضمن مصانع، ويقطنها ما يزيد على 50 ألف نسمة. وبدأت الحملة العسكرية عليها بعد استعادة القوات النظامية السيطرة على قارة ودير عطية في القلمون. وأفاد ناشطون سوريون بشن الطائرات السورية غارات جوية على النبك، غداة وقوع غارات جوية عدة على يبرود القريبة منها، وسط استمرار الاشتباكات العنيفة في النبك.
وفي دمشق، تعرضت «مدرسة شارل ديغول» الفرنسية، الواقعة في منطقة المزة في غرب دمشق، لقصف بقذائف «الهاون»، لم يسفر عن وقوع إصابات، واقتصرت الخسائر على الماديات. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر داخل المدرسة قوله، إن «قذيفة سقطت على مدخنة أحد الصفوف ولم يصب أحد لكن تحطم الزجاج وتصدعت جدران»، وأضاف أن «التلاميذ كانوا في الصف حين سقطت القذيفة وهم 15 طفلا عمرهم خمس سنوات».
وتضم المدرسة نحو 220 تلميذا بينما كانت في السابق تضم نحو 900 قبل بداية الأزمة السورية، ويرتادها تلاميذ سوريون وكذلك أولاد الأجانب القلائل الذين لا يزالون في البلاد.
وأدانت فرنسا على لسان وزير خارجيتها لوران فابيوس سقوط قذيفة هاون على المدرسة، مؤكدة أن «ذلك يعتبر عملا جبانا». وقال فابيوس، إن «فرنسا تدين بشدة هذا العمل الجبان الذي كان يمكن أن يتسبب بمقتل تلاميذ صغار».
وتجدد أمس القصف على حي برزة شرق العاصمة من قبل قوات النظام السوري باستخدام المدفعية الثقيلة، بالتزامن مع حدوث اشتباكات متقطعة على أطراف الحي بين الجيش السوري الحر وقوات النظام، كما تعرض حيا القابون والعسالي لقصف عنيف.
في غضون ذلك، قال ناشطون سوريون إن «حصيلة غارة جوية نفذتها مروحية تابعة للطيران السوري على بلدة الباب التي تبعد 30 كيلومترا شمالي مدينة حلب، بلغت 26 قتيلا، بينهم أربعة أطفال».
وقال مركز حلب الإعلامي، إن «قصف قوات النظام لمنطقة الباب، لليوم الخامس على التوالي، تجدد أمس مستخدما حاوية متفجرة، مما أدى إلى سقوط العشرات البعض منهم إصاباتهم خطرة»، مشيرا إلى أن هناك العشرات ما زالوا تحت الأنقاض. ولفت المركز إلى أن المنطقة شهدت حركة نزوح واسعة للعائلات بينما تتجدد الاشتباكات في حي الأشرفية بحلب وعند مبنى المواصلات وعلى أطراف منطقة النقارين.
وقالت لجان التنسيق المحلية في سوريا، إن «عدد القتلى في مناطق مختلفة من محافظة حلب تجاوز إلى 61 شخصا خلال يومين إضافة إلى عشرات الجرحى وذلك جراء قصف لأحياء سكنية ومعارك في مناطق مختلفة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».