استقالة جماعية لقياديي «آفاق تونس» تعمّق جراحه

TT

استقالة جماعية لقياديي «آفاق تونس» تعمّق جراحه

أعلن 24 عضوا من المجلس الوطني والمجالس الجهوية لدائرتي «صفاقس 1» و«صفاقس 2» الانتخابيتين، ومن المكتب السياسي والمكاتب المحلية لحزب آفاق تونس في هذه الولاية (المحافظة)، الواقعة جنوب شرقي العاصمة التونسية، استقالتهم الجماعية من جميع هياكل الحزب، الذي يتزعمه ياسين إبراهيم وزير التنمية والتعاون الدولي والاستثمار السابق.
ويرى خبراء وسياسيون أن من شأن هذه الاستقالة أن تعمق الأزمة الداخلية التي يعيشها حزب آفاق تونس، المنضم إلى حكومة الوحدة الوطنية، التي يترأسها يوسف الشاهد، بأربعة حقائب وزارية. وقد دعم «آفاق تونس»، الممثل في البرلمان بثمانية نواب، حكومة الوحدة الوطنية، حيث وقع في أغسطس (آب) 2016 على وثيقة قرطاج، إلا أنه رفض المصادقة على قانون المالية لسنة 2018، كما اعترض على قانون المصالحة مع موظفي النظام السابق، وهو ما جعله موضوع انتقادات حادة من قبل الحكومة وحزب النداء، المتزعم للمشهد السياسي. وينشط حاليا الوزراء الذين يمثلون حزب آفاق تونس في حكومة الشاهد، بعد أن جمدوا عضوياتهم في مختلف هياكل الحزب.
وحول أسباب هذه الاستقالة، أرجعت قيادات سياسية ذلك إلى «عدم احترام المؤسسات الجهوية والمحلية المنتخبة والشرعية من قبل ياسين إبراهيم، رئيس حزب آفاق تونس، وسعيه قبل وبعد انتخابه في المؤتمر الأخير لإقصاء كل من يخالفه الرأي»، على حد تعبيرهم.
وانتقد المستقيلون اعتبار جهة صفاقس التي ينتمون إليها، وخاصة مناضليها وقياداتها الجهوية والمحلية، قاعدة انتخابية ينحصر دورها في الامتثال غير المشروط لأوامر ياسين إبراهيم، وفق بيان أصدروه إثر الاستقالة. كما وجه الأعضاء المستقيلون رسالة إلى مناضلي ومناضلات حزب آفاق تونس تطالبهم «بعدم التستر على الممارسات التي من شأنها إعادة نمط سياسي مبني على الولاء للشخص»، وفق قولهم.
وقال أنور لعذار، النائب عن حزب آفاق تونس عن منطقة صفاقس في البرلمان، إنه «لا تراجع عن الاستقالة الجماعية، التي جاءت نتيجة سلوك ياسين إبراهيم بعد انتخابه على رأس الحزب»، مبرزا أن هناك «ما يشبه قيادة سياسية موازية في صفاقس، إذ بمجرد أن ينتهي اجتماع سياسي رسمي في الجهة حتى يعقد اجتماع ثان، تخرج عنه قرارات انفرادية».
وبخصوص أزمة بقاء أعضاء الحزب أو خروجهم من الحكومة، قال لعذار إن المجلس الوطني للحزب «صوت لصالح بقاء الوزراء في الحكومة بنسبة في المائة، لكن رئيس الحزب أعاد الاجتماع أكثر من مرة، وصوت مع عدد قليل من الأعضاء لفائدة خروجهم، وطلب منهم تنفيذ القرار، إلا أنهم واجهوه بتجميد عضويتهم في الحزب والبقاء في الحكومة»
وتعود جذور الخلاف بين مختلف مكونات حزب آفاق تونس إلى شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وذلك عندما قدم الوزراء الممثلون لحزب آفاق تونس في حكومة الوحدة الوطنية استقالتهم من الحكومة. إلا أن الشاهد رفض استقالتهم، وتمسك ببقاء وزير البيئة والتنمية المحلية رياض المؤخر، ووزير التكوين المهني والتشغيل فوزي عبد الرحمان، ووزيري الدولة عبد القدوس السعداوي (مكلف الشباب) وهشام بن أحمد (وزارة النقل). وفي المقابل أعلن أعضاء الحكومة تجميد عضويتهم في حزب آفاق تونس.
وبعد هذه التطورات طغى على الساحة السياسية موقفان متباينان: الأول يقوده ياسين إبراهيم، يدعو إلى مغادرة الحكومة والخروج من حكومة الوحدة الوطنية، والاستغناء عن وثيقة قرطاج، في حين يرى عدد من القيادات السياسية أن الوضع الحالي يتطلب من الحزب دعم الاستقرار السياسي في انتظار المحطات الانتخابية المقبلة (الانتخابات البلدية 2018 والانتخابات الرئاسية والبرلمانية 2019)، التي ستغير المشهد السياسي برمته.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.