يمكن القول إن طريق دييغو مارادونا نحو فريق دندي الاسكوتلندي بدأ بصورة ما في مدينة لوتون. كان لاعب خط الوسط الإيطالي إيفانو بونيتي قد شارك في نهائي بطولة الكأس الأوروبية مع سامبدوريا مطلع تسعينات القرن الماضي، لكن في صيف 2000 ربما ترسخت صورته في أذهان جماهير كرة القدم من البريطانيين بوصفه ضحية طبق طائر من أجنحة الدجاج قذفه باتجاهه مدرب فريق غريمبسي، بريان لوز، في كينيلورث رود عام 1996 وذلك عندما كان يلعب لغريمبسي. وخرج بونيتي من هذا الحادث بعظام وجه تعاني تمزقاً وسمعة ملطخة، ولم تفلح المباراتان اللتان شارك خلالهما مع «كريستال بالاس» تحت قيادة أتيليو لومباردو بعد ذلك بعامين، في تحسين صورته.
وعاد بونيتي إلى جنوا وشارك في تدريب عدد من الأندية المشاركة بأدوار أدنى من دوري الدرجة الأولى. إلا أنه في إطار الدوري الاسكوتلندي الممتاز، كان لدى الملاك الجدد لنادي دندي طموحات في إضفاء بعض البريق والإثارة على النادي وتعزيز مكانته. وبحلول يونيو (حزيران) 2000، قرر الملاك أن المدرب جوكي سكوت لم يعد القائد المناسب للفريق في المرحلة الجديدة، وإنما رغبوا في أكثر مما يمكن للمدرب تقديمه. وعليه، تحدثوا إلى الألماني بيرند شوستر وأيضا مدرب المنتخب الفرنسي أقل من 21 عاماً آنذاك، رايموند دومينيك، ثم اختاروا الاعتماد على بونيتي الذي كان يفتقر إلى الخبرة لكنه يتمتع بعلاقات جيدة. وتمثلت خبرته الوحيدة بمجال التدريب في تدريبه نادي سيستريز بدوري الدرجة الثالثة الإيطالي.
وبدأ بونيتي مهمته مسلحاً بقدر هائل من الكاريزما وميزانية ضخمة نسبياً لضم لاعبين جدد حسده عليها بالتأكيد من سبقوه في تدريب الفريق (وإن كانت لم تبد فكرة جيدة للغاية عندما وقع النادي في أزمة مالية كبرى عام 2003 بسبب تراكم الديون عليه لمستوى وصل إلى 20 مليون جنيه إسترليني). وشرع بونيتي في محاولة إضفاء قدر من الإثارة وضم عدد من الأسماء الجديدة إلى فريق دندي. وبدأ الفريق الموسم بمواجهة أمام فريق مذرويل بتشكيل أساسي يضم 4 إيطاليين و3 اسكوتلنديين واثنين من الأرجنتين وإسباني ولاعب من جورجيا. إلا أن الأمور لم تسر على النحو المخطط له؛ ذلك أن بونيتي الذي اضطلع بدور لاعب ومدرب معاً تعرض للطرد خلال أولى مبارياته مع فريقه الجديد، وبحلول منتصف أكتوبر (تشرين الأول) كان دندي قد فاز في 3 مباريات فقط من الدوري الممتاز.
وكان يتولى مساعدة بونيتي شقيقه داريو الذي كان قد شارك في نهائي بطولة الكأس الأوروبية مع نادي روما عام 1984. وتطلع داريو إلى محاولة حل مشكلة غياب القوة الهجومية عن الفريق من خلال ضم مهاجم أرجنتيني كان قد التقاه وارتبط معه بعلاقة صداقة عندما كان يلعبان جنباً إلى جنب في فريق هيلاس فيرونا الإيطالي موسم 1988 - 1989. وبالفعل، وافق كلاوديو كانيغيا، 33 عاماً، اللاعب الدولي الأرجنتيني السابق، الذي كان آنذاك لا ينتمي لناد معين ولم يلعب إلا على نحو متقطع منذ عام 1996، على الانضمام لدندي لمدة 6 أشهر.
ونجح كانيغيا، الملقب بـ«الطائر»، في تسجيل هدف في أول مشاركة له مع ناديه الجديد خلال مباراة خارج أرضه، تحديداً أبردين. وبحلول الشتاء، كان قد نجح في ترسيخ صورته بطلاً في أعين جماهير النادي، وأصبح بمثابة محور لما بدت على نحو متزايد أنها تجربة ناجحة. ومنذ اللحظة التي وصل فيها كانيغيا إلى اسكوتلندا، بدأ اسم صديقه المقرب دييغو آرماندو مارادونا، يتردد في أرجاء دندي همساً.
وفي مطلع يناير (كانون الثاني)، بعد أسبوع من توقيع كانيغيا عقد لمدة عامين ونصف العام مع ناديه الجديد، توقفت الهمسات؛ فقد تقررت مشاركة مارادونا في صفوف دندي خلال مباراة ودية أمام نابولي؛ الفريق الذي كان يلعب في صفوفه مارادونا.
وأصدر النادي بياناً قال فيه: «فيما يتعلق بالتكهنات المستمرة في وسائل الإعلام، فإن نادي دندي يؤكد أنه جرت مراسلات في الفترة الأخيرة بين مارادونا وممثلين له، ونادي دندي لكرة القدم، جرى خلالها توضيح رغبة الطرفين في أن يلعب مارادونا لحساب دندي في مباراة ودية واحدة رفيعة المستوى». وأضاف البيان: «ونأمل في أن نتمكن من الاتفاق على باقي التفاصيل، مثل التاريخ والوقت والمكان فيما يخص المباراة، وذلك في غضون الأيام القليلة المقبلة. إلا أنه يبدو من المحتمل على نحو متزايد أن تجري أي مباراة تضم مارادونا على أرض (دينز بارك) معقل فريق دندي».
وبصدور هذا البيان، فقدت المدينة التي كانت قد سيطرت عليها حمى كانيغيا بالفعل، عقلها تماماً. وفي هذا الصدد، قال كولين سميث، الرئيس التنفيذي لهيئة السياحة في مدينة دندي: «هذا سيمنح المدينة الصورة الرفيعة التي كانت تسعى وراءها».
وبدت الصفقة محسومة: سيغادر مارادونا كوبا، حيث كان يتلقى العلاج من إدمان الكوكايين على امتداد عام تقريباً، ويتجه إلى الساحل الشرقي لاسكوتلندا لخوض أول مباراة له بها منذ عام 1979.
إلا أنه في الوقت الذي كان يهلل فيه أبناء المدينة ومسؤولوها في انتظار مارادونا، وصل اللاعب الأسطورة لمطار فيوميتشينو في روما. وكان قد خطط لحضور مباراة نابولي أمام فيرونا ولقاء مدير نادي نابولي، كورادو فيرلينو لمناقشة إمكانية اضطلاعه بدور في النادي. بدلاً من ذلك، اصطحبته قوات الشرطة وأعلنت أنه يجري التحقيق معه بخصوص اتهامات احتيال ضريبي تتعلق بمبلغ يقدر بـ16.6 مليون جنيه إسترليني.
ولم يخرج مارادونا من غرفته بالفندق في روما حتى وقت متأخر من اليوم التالي، وبدت عليه أمارات التعاسة. وقال: «لقد خانني فيرلينو مجدداً. لقد أخبرني أن النادي سوف يسوي هذه المسألة. وقد تحدثت إلى فريق المحامين الخاص بي وأخبروني بأن نابولي يتعين عليه دفع هذه الأموال».
وترك هذا الحادث آمال دندي في عقد مباراة كبرى تدر عليه أرباحاً هائلة، محطمة. وقال بونيتي: «لا أعتقد أن ثمة إمكانية لعقد مباراة بمشاركة دييغو هذا الموسم.
في الحقيقة تحدثنا إليه وأبدى استعداده للعب، لكن أي مباراة يشارك بها دييغو مارادونا يجب أن تكون أمام فريق رفيع المستوى». وبذلك انهارت الخطة وماتت إلى الأبد في مايو (أيار) عندما رحل كانيغيا إلى رينجرز. أما الأخوان بونيتي فاستمرا مع النادي عاما آخر قبل رحيلهما. وبحلول نهاية عام 2003، جرى التحفظ على النادي بسبب الديون. أما مارادونا، فبدا أن نابولي كان لا يزال على استعداد لعرض فرصة عمل عليه بمجرد تسويته قضايا الضرائب المتعلقة به.
القصة المنسية... عندما أوشك مارادونا على الانضمام لفريق دندي الاسكوتلندي
المالكون الطموحون للنادي حاولوا القيام بثورة تنعش الخزائن الخاوية
مارادونا بقميص نابولي - مارادونا والأرجنتين ولقب مونديال 1986 («الشرق الأوسط»)
القصة المنسية... عندما أوشك مارادونا على الانضمام لفريق دندي الاسكوتلندي
مارادونا بقميص نابولي - مارادونا والأرجنتين ولقب مونديال 1986 («الشرق الأوسط»)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة

