تل أبيب ترفض الاتهامات اللبنانية وتوافق على وساطة دولية

حذرت من «تهديد إيران الملاحة في البحرين الأبيض والأحمر»

TT

تل أبيب ترفض الاتهامات اللبنانية وتوافق على وساطة دولية

في الوقت الذي يتبادل فيه قادة إسرائيل ولبنان الاتهامات حول الجدار المقام على الحدود بينهما، وتفاقم الخلاف حول حقوق التنقيب عن النفط والغاز في أعماق البحر المتوسط، عقد المجلس الوزاري السياسي الأمني المصغر للحكومة الإسرائيلية، أمس الثلاثاء، اجتماعا له بحضور القيادات العسكرية والاستخبارية تم فيه استعراض الأوضاع وتقرر الرد على الحملة اللبنانية على الجبهة الدبلوماسية واستمرار الجهود العسكرية لمواجهة خطر التدهور. وقد توجه الوزراء بقيادة بنيامين نتنياهو إلى الحدود مع سوريا ولبنان في جولة ميدانية، بعد اختتام الاجتماع.
وقالت مصادر سياسية في تل أبيب إنه على الرغم من التصعيد الكلامي وتهديدات السياسيين، فإن المجلس الحكومي الإسرائيلي تقبل اقتراحا لوساطة دولية مع لبنان لفض الخلافات.
وعرض المسؤولون العسكريون نتائج الاجتماع الذي عقد أول من أمس، تحت رعاية قوة السلام التابعة لليونيفيل، المرابطة على الحدود الإسرائيلية - اللبنانية، بمشاركة ضباط كبار من الجيش الإسرائيلي والجيش اللبناني، وفيه تمت مناقشة النزاعات التي أثارتها أعمال الجيش الإسرائيلي لبناء «جدار عائق» على الحدود. وقالوا إنهم رفضوا الادعاء اللبناني بوجود تجاوزات إسرائيلية في 13 نقطة على الحدود البرية بين البلدين، ورفضوا تهديد الجنرالات اللبنانيين بأنهم لن يسمحوا للآليات العسكرية الإسرائيلية بالعمل في نقاط الحدود المتنازع عليها. وأكد الضباط الإسرائيليون أن الجدار يبنى فقط على الأراضي الإسرائيلية حسب ترسيم الحدود الذي قامت به الأمم المتحدة قبل سنوات عدة وهو ما يعرف بالخط الأزرق. واعتبروا الموقف اللبناني استفزازا تعود أصوله لتحريض كاذب من «حزب الله» يهدف إلى التستر على النشاط العدواني لإيران في سوريا ولبنان.
وتطرق اجتماع القيادات السياسية والأمنية الإسرائيلية إلى الخلافات مع لبنان حول مناطق التنقيب عن الغاز والنفط. ومع أن الحكومة أكدت أن هناك حدودا واضحة ومتفقا عليها حول حدود مناطق التنقيب، فقد وافقت على تفعيل وساطة دولية بين البلدين للبت في المسألة، لكن بشرط أن لا يتم العمل في المناطق الخلافية.
وتضمن جدول الأعمال السياسي الأمني نقاشا حول ما تسميه إسرائيل «الخطر الإيراني الناجم عن ترسيخ الوجود العسكري لقوات إيرانية مباشرة وميليشيات تابعة لإيران تنتشر في سوريا وجنوب لبنان، والجهود التي تبذل لبناء مصنع صواريخ دقيقة في جنوب لبنان، وتسليح (حزب الله) بأسلحة متطورة». وعاد الوزراء إلى التهديد بتدهور الأوضاع إلى صدام عسكري، يصبح فيه لبنان كله ساحة حرب وليس «حزب الله» وحده. وقال رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إنه كان قد ناقش هذه المسألة مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ومع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، خلال مشاركته في منتدى دافوس الاقتصادي، وكذلك في موسكو مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وإن «الحوار الاستراتيجي» بهذا الشأن يتواصل.
وأما وزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان، فعاد ليؤكد أن «الحرب المقبلة على الجبهة الشمالية ستكون بأكبر قوة»، وأن «على إسرائيل أن توضح لكل لبناني بأنه في حال اضطر سكان تل أبيب إلى دخول الملاجئ فسوف يدخل كل سكان بيروت إلى الملاجئ». ولكنه طلب من الوزراء أن لا يكثروا من التصريحات ويتركوا الموضوع الأمني لوزير الأمن ورئيس الحكومة. وخص بذلك رئيس «البيت اليهودي» وزير التعليم، نفتالي بينيت، الذي كان قد أعلن أنه «في الحرب المقبلة على الحدود الشمالية يجب العمل بشكل مباشر ضد إيران ولبنان، وليس فقط ضد (حزب الله)».
من جهة ثانية، التقى ضابط كبير في سلاح البحرية الإسرائيلي، الليلة قبل الماضية مع المراسلين العسكريين الإسرائيليين، وقال أمامهم إن إيران تهدد الملاحة البحرية في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر على السواء. وقال إن «(حزب الله) يمتلك أسلحة تهدد منطقة المياه الاقتصادية الإسرائيلية، بينما يهدد الوجود الإيراني في اليمن السفن التجارية التي تصل إلى البحر الأحمر ومنه إلى الأبيض المتوسط».
وتناول الضابط، أيضا، التهديد الذي تتعرض له منصات الغاز في المياه الإقليمية لإسرائيل. وقال: «إننا نتعامل مع وجود أكثر الأنظمة تقدما التي تم نقلها إلى (حزب الله) واليمن، وهذا يشكل، بالتأكيد، تهديدا للسفن التجارية ولمنصات الغاز الإسرائيلية». وأوضح أنه «خلال القتال يجب أن نكون قادرين على الأمر بإغلاق المنصات بشكل يجعل من الممكن إعادة ترميم المنصة إذا ما تضررت». وأضاف أن «المنصة التي تحوي الغاز، المنصة (الساخنة)، سوف تتبخر ولن تصلح للاستخدام مرة أخرى».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.