الأكراد يسيطرون على كركوك بعد خروج الجيش العراقي منها

حكومة الإقليم تنشئ مخيمات للنازحين من نينوى

جعفر مصطفى، الوزير الكردي المسؤول عن قوات البيشمركة الكردية (يسار) يصافح محافظ كركوك الكردي نجم الدين كرم  بعد استيلاء القوات الكردية على منشأة النفط في المحافظة أمس (أ.ف.ب)
جعفر مصطفى، الوزير الكردي المسؤول عن قوات البيشمركة الكردية (يسار) يصافح محافظ كركوك الكردي نجم الدين كرم بعد استيلاء القوات الكردية على منشأة النفط في المحافظة أمس (أ.ف.ب)
TT

الأكراد يسيطرون على كركوك بعد خروج الجيش العراقي منها

جعفر مصطفى، الوزير الكردي المسؤول عن قوات البيشمركة الكردية (يسار) يصافح محافظ كركوك الكردي نجم الدين كرم  بعد استيلاء القوات الكردية على منشأة النفط في المحافظة أمس (أ.ف.ب)
جعفر مصطفى، الوزير الكردي المسؤول عن قوات البيشمركة الكردية (يسار) يصافح محافظ كركوك الكردي نجم الدين كرم بعد استيلاء القوات الكردية على منشأة النفط في المحافظة أمس (أ.ف.ب)

سيطرت قوات كردية تابعة لإقليم كردستان العراق أمس على مدينة كركوك النفطية المتنازع عليها أمس بعد أن انسحبت القوات الحكومية من مواقعها أمام تقدم متشددين ومسلحين يتجهون نحو بغداد.
وقال متحدث إن قوات البيشمركة في الشمال الكردي الذي يتمتع بحكم ذاتي سيطرت على القواعد التي انسحب منها الجيش في كركوك. وأضاف المتحدث باسم البيشمركة جبار ياور لوكالة الصحافة الفرنسية: {سقطت كركوك بأكملها في أيدي البشمركة ولم يعد هناك وجود للجيش العراقي في كركوك الآن}. ويطمح الأكراد منذ فترة طويلة للسيطرة على كركوك وهي مدينة تقع خارج منطقتهم المتمتعة بالحكم الذاتي مباشرة وتوجد بها احتياطيات نفطية هائلة. والتحرك السريع من جانب قوات الأمن الكردية التي تتمتع بدرجة عالية من التنظيم للسيطرة على المدينة بالكامل يبين كيف أعاد التقدم السريع لمقاتلي جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام هذا الأسبوع رسم خريطة العراق وربما خريطة الشرق الأوسط بأكمله.
وبدوره، قال هلكورد حكمت مدير الإعلام في وزارة البيشمركة قال لـ{الشرق الأوسط} إن قوات البيشمركة انتشرت في كافة المناطق المتنازع عليها، ودخلت إلى المواقع التي أخلاها الجيش العراقي. وكشف أن انتشار قوات البيشمركة شملت أطراف كركوك حيث استطاعت ملء الفراغ التي تركها الجيش العراقي بعد انسحابها من مواقعها.
ومن جهة أخرى، أعلنت حكومة إقليم كردستان أمس الانتهاء من عملية إنشاء مخيمات للنازحين من محافظة نينوى، وبينت أن مخيم خازر القريب من محافظة أربيل يتكون من 100 خيمة حاليا، مشيرا إلى أن هذا الرقم سيزداد في الأيام المقبلة بسبب كثرة عدد النازحين من نينوى، فيما قال شرطي عراقي هارب من الموصل إن داعش نصبت محافظا جديدا لنينوى، وأوضح أن المحافظ الجديد كان من قيادات البعث السابقين في المدينة.
وقال رزكار مصطفى قائمقام قضاء خبات التابع لمحافظة أربيل لـ{الشرق الأوسط}: {بعد تدفق أعداد كبيرة من النازحين إلى إقليم كردستان، ارتأت حكومة الإقليم إنشاء مخيمات لإيواء نازحي الموصل الذين لا يستطيعون العيش في أربيل لعدم قدرتهم المالية، فأنشأنا هذا المخيم بالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة وعدد من المنظمات الدولية الأخرى».
وتابع مصطفى {كانت حصة محافظة أربيل مخيما واحدا، هذا المخيم يتكون من 100 خيمة، وهذا العدد قابل للزيادة لأنه أنشئ لإيواء 1000 عائلة نازحة}، مشيرا {إذا تأزم الوضع أكثر من هذا في الموصل فستكون لنا استعدادات أخرى في هذا المجال}، وبين أن حكومة الإقليم توفر لهم كافة المستلزمات الضرورية من طعام ومياه منذ اللحظة الأولى لنزوحهم. وسيوصل الطاقة الكهربائية إلى المخيم خلال 24 ساعة. وأضاف قائمقام خبات أن حكومة الإقليم وفرت مستشفى ميداني بالقرب من المخيم مع توفير عدد من الفرق الطبية الجوالة التي تتجول في المخيم لمعالجة الحالات المرضية واتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك. وبدأ نازحون من الموصل التوافد إلى مخيم خازر، ووصف عدد منهم عن صعوبة الوضع الأمني الذي عاشوه في الموصل خلال الأيام القليلة الماضية، وأضافوا أن مسلحي تنظيم داعش أبلغوهم بترك مساكنهم فورا.
وقالت سعدية حبيب لـ{الشرق الأوسط}: {عائلتنا تتكون من 10 أشخاص البارحة تركنا الموصل، مسلحو داعش دخلوا علينا المنزل وأبلغونا أن نتركه فورا، اليوم وصلنا إلى هنا، تسلمنا هذه الخيمة من إقليم كردستان، الآن بدأوا يوزعون علينا الملاءات والطعام والماء ومبردات الهواء، ننتظر عودة الهدوء إلى مدينتا لنعود إليها}.
وأما أبو أحمد، البالغ من العمر 70 عاما، فأكد أنه لما سمع سقوط مركز المحافظة فترك مع عائلته المكونة من 8 أفراد منزله الواقع في أطراف الموصل خوفا من القصف الحكومي ليلا. وغالبية النازحين بينوا لـ{الشرق الأوسط} أنهم تركوا مناطقهم خوفا من تنفيذ هجوم مرتقب للحكومة العراقية على الموصل.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».