ألمانيا تعتزم تعويض25 ألف جزائري يهودي نجوا من «المحرقة النازية»

TT

ألمانيا تعتزم تعويض25 ألف جزائري يهودي نجوا من «المحرقة النازية»

أفيد أمس بأن ألمانيا تعتزم، للمرة الأولى، تعويض مجموعة كبيرة من الناجين من محرقة النازية (الهولوكوست) المتحدرين من أصول جزائرية. وغادرت غالبية اليهود الجزائر إلى فرنسا بعد نيل البلاد استقلالها عام 1962، ويُعرف عن أفرادها بعض الإسهامات في مجالات الثقافة، وبخاصة في الموسيقى الأندلسية، في القرنين الـ18 والـ19.
وأعلنت منظمة «كليمز كونفرنس»، المعنية بالعمل نيابة عن الناجين من الهولوكوست أو ورثة ضحايا المحرقة من أجل الحصول على تعويضات لهم، أن التعويضات الألمانية تتعلق بنحو 25 ألف يهودي جزائري يعيش معظمهم حالياً (20 ألفاً) في فرنسا ونحو 3900 منهم في إسرائيل. وأوضحت بيانات المنظمة الصادرة في تل أبيب، أمس، أنه من المخطط أن يحصل كل فرد من هؤلاء على تعويض تبلغ قيمته 2556 يورو تُدفع مرة واحدة. وقالت متحدثة باسم المنظمة التي تأسست عام 1951، إن التعويضات هي نتيجة لمفاوضات أجرتها المنظمة مع الحكومة الألمانية. وبحسب البيانات، فإنه من المقرر أن يحصل على هذه التعويضات اليهود الذين عاشوا خلال الفترة من يوليو (تموز) عام 1940 حتى نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1942 في الجزائر، وعانوا من ملاحقة النازيين.
وقال غريغ شنايدر نائب رئيس المنظمة: «هذا اعتراف متأخر منذ فترة طويلة بمجموعة كبيرة من اليهود في الجزائر عانت من إجراءات معادية لليهود من حلفاء للنازية مثل نظام فيشي»، مضيفاً أن هذه المجموعة كانت تعاني من تضييقات، في مجال التعليم والحياة السياسية والعمل، مشيراً إلى أنه «تم سحب الجنسية الفرنسية منهم وتم إقصاؤهم فقط لأنهم يهود». وأضاف أن «حكومة فيشي أخضعت هؤلاء الأشخاص لقيود على التعليم والحياة السياسية، والمشاركة في المجتمع المدني والعمالة وشطب الجنسية الفرنسية فقط لأنهم يهود». ولفت شنايدر إلى أن «القرار هو ثمرة سنوات من المفاوضات». يشار إلى أنه خلال الحرب العالمية الثانية، خضعت الجزائر، التي كانت مستعمرة فرنسية، لسيطرة ألمانيا النازية وحكومة فيشي في فرنسا.
ورجحت صحيفة «جيروزاليم بوست» أن يتم فتح مكتب تسجيل تابع لمؤتمر المطالبات المادية ضد ألمانيا (يتخذ من الولايات المتحدة مقراً له)، في ألمانيا الشهر الجاري على أن يبقى مفتوحاً حتى أبريل (نيسان) المقبل من أجل تلقي طلبات طالبي التعويضات، كما سيتم فتح مكاتب في مدن مثل باريس مرسيليا وليون وتولوز في فرنسا.
وبدأت المفاوضات بين مؤتمر المطالب والحكومة الألمانية حول الاعتراف بالناجين الجزائريين في أغسطس (آب) 2017، وسيتم دفع الأموال من خلال صندوق المساعدات التابع لمؤتمر المطالب. وستكون الخدمات مجانية لجميع الناجين، ولن تكون هناك حاجة إلى تمثيل قانوني، بحسب المؤتمر. ويقول روديغير ماهلو، ممثل مؤتمر المطالب في ألمانيا، في بيان، إنه «في حين أن مبلغ التعويض ليس كبيراً، إلا أن مبدأ الاعتراف بمعاناة الناجين خلال المحرقة هو الأمر المهم». وأوضح أن «الدفعة هي قدر صغير من العدالة التي يستحقها الناجون، لكن الاعتراف هو أمر مهم، وسنواصل المحاربة حتى يتم الاعتراف بكل ناج».
ويعتزم مؤتمر المطالب إرسال بريد مباشر للناجين المعروفين في بلدان عدا فرنسا لشرح تفاصيل أهليتهم في الحصول على تعويضات. وسيتم البدء بدفع التعويضات للمؤهلين للحصول عليها في يوليو (تموز) 2018.
ولا تتوافر معطيات كثيرة عن اليهود الذين عاشوا في الجزائر. وكتب الباحث في التاريخ فوزي سعد الله، في مؤلفه «يهود الجزائر، هؤلاء المجهولون» (2005): «العيش المشترَك بين المسلمين واليهود في مدينة الجزائر (العاصمة)، على سبيل المثال لا الحصر، لم يقتصر فقط على التشتت الجغرافي التلقائي للسكان بمختلف مللهم ونحلهم ومعتقداتهم دون حواجز، أو قيود بل تَجَسَّد حتى في التعاون في الأعمال والمشاريع، بما فيها الدينية (..) وثائق الأرشيف العثماني الموجود في العاصمة الجزائرية تتحدث عن تكاثف جهود إسلامية ونصرانية ويهودية لإنجاز مشروع بناء الجامع الجديد بين سنة 1656م وسنة 1666م، والذي ما زال شامخاً إلى اليوم وسط ساحة الشهداء في القصبة السفلى..».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.