مخاوف عراقية من إفلات كبار الفاسدين من القصاص

محاولات لشمولهم بقانون العفو العام

TT

مخاوف عراقية من إفلات كبار الفاسدين من القصاص

في الوقت الذي أعلنت هيئة النزاهة في العراق عن استعادة أكثر من تريليون دينار عراقي «نحو مليار دولار أميركي» فإن مسؤولا عراقيا أبلغ «الشرق الأوسط» بأن «ملف الفساد في البلاد بلغ أخطر مراحله بسبب شمول قانون العفو العام لكبار الفاسدين».
وكشف مسؤول عراقي لـ«الشرق الأوسط»، شريطة عدم الكشف عن هويته، أن «قانون العفو العام تسبب في إشكالية خطيرة على صعيد مبدأ مكافحة الفساد في العراق بالإضافة إلى الضغوط التي يتعرض لها القضاة من قيادات سياسية وحزبية بعضها نافذة ورفيعة المستوى بهدف إيقاف الكثير من عمليات الكشف عن سرقات كبرى أو محاولة شمول أكبر عدد من الفاسدين في قانون العفو العام الذي وجد فيه الفاسدون ومن يقف خلفهم ثغرات يمكنهم المرور منها». وأضاف أن «هناك عمليات كشف فساد بحق أشخاص بلغت بين 400 و500 مليون دولار أميركي، ومع ذلك يتم غلق ملفاتهم بطريقة أو بأخرى من بينها شمولهم بالعفو العام».
بدوره، أكد عضو لجنة النزاهة في البرلمان العراقي مشعان الجبوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يتم الإعلان عنه من قضايا تتعلق إما باسترداد أموال أو إحالة فاسدين هي في الواقع لا تمثل شيئا مهما بالقياس إلى حجم الفساد الذي لا يزال مستشريا». ويضيف الجبوري الذي كان قد طلب مؤخرا من البرلمان العراقي رفع الحصانة جزئيا عنه لكي يذهب إلى القضاء ويكشف الكثير من الملفات أن «المشكلة التي نعانيها في العراق هي عدم توفر إرادة حقيقية لمحاربة الفساد وما دام الأمر كذلك فإن من الصعوبة الحديث عن تحقيق تقدم في هذا الملف الذي لا يقل في كل الأحوال خطورة عن الإرهاب».
وكان رئيس هيئة النزاهة حسن الياسري أعلن في مؤتمر صحافي الأربعاء إنجازات الهيئة لعام 2017 على صعيد استرداد الأموال إلى الخزينة العامة للدولة بالإضافة إلى إحالة الفاسدين إلى القضاء من بينهم وزراء ومسؤولين كبار. وقال الياسري إن «المبالغ المسترجعة وإيقاف صرفها ومنع هدرها بالدينار العراقي بلغت تريليونا و173 مليار دينار (نحو مليار دولار أميركي)»، مبينا أن «الأموال المسترجعة بالدولار بلغت 111 مليونا و276 ألف دولار». وأضاف الياسري أن «مجموع هذه المبالغ بالدينار العراقي التي تم استرجاعها بلغ أكثر من تريليون و305 مليارات دينار (نحو مليار و200 مليون دولار)»، مبينا أن «الأموال التي تمكنت الهيئة من كشفها عن طريق الإجراءات الوقائية قبل وقوع الفساد بلغت 948 مليار عراقي (نحو 800 مليون دولار أميركي)».
وأضاف الياسري أن «عدد الوزراء أو من هم بدرجتهم الذين صدرت بحقهم أوامر القبض بلغ 17 شخصا»، مشيرا إلى أن «هؤلاء صدر بحقهم 32 أمرا قضائيا». وتابع الياسري بأن «عدد أوامر القبض الصادرة بحق الدرجات الخاصة والمديرين العامين ومن هم بدرجتهم بلغ 273 شخصا».
وقال الياسري خلال مؤتمره الصحافي إن «ظاهرة الصكوك المزورة أرهقت الهيئة»، مبينا أن «الهيئة تنفذ يوميا عملية ضبط على صك مزور وتبلغ أرقاما خيالية». وطالب «وزارة المالية والمؤسسات المالية بأن تقف وقفة جادة فيما يتعلق بالصكوك المزورة والمقاصة الإلكترونية التي هي بعبع ووسيلة فساد كبرى»، مشيرا إلى أن «الهيئة تعاني أيضا من عمليات تزوير بمعاملات رواتب أعضاء مجالس المحافظات والتي تم مسكها باليد». وعد الياسري أن «هذه الأمور لا تدخل في اختصاص الهيئة حسب قانونها»، لافتا إلى أن «بعض الجهات لا تتعاون مع الهيئة في توفير صلاحياتها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».