شوقي بزيع لـ «الشرق الأوسط»: لو استطعت لحذفت ثلث نتاجي الشعري

بعد فوزه بجائزة «سلطان العويس» وديوانه «الحياة كما لم تحدث»

شوقي بزيع - غلاف المجموعة الاخيرة
شوقي بزيع - غلاف المجموعة الاخيرة
TT

شوقي بزيع لـ «الشرق الأوسط»: لو استطعت لحذفت ثلث نتاجي الشعري

شوقي بزيع - غلاف المجموعة الاخيرة
شوقي بزيع - غلاف المجموعة الاخيرة

هو من شعراء جيل السبعينات، ومَن أطلق عليهم في لبنان اسم «شعراء الجنوب»، يوم كان هناك «شعراء المقاومة»، و«شعراء القومية»، و«شعراء الثورة» وكثرت الشعارات والنضالات. لكن شوقي بزيع، كما غيره، ممن أجروا مراجعات جذرية، انتقل تدريجياً إلى مقلب آخر ومدرسة أخرى في الرؤية لمساره الشعري. من شاعر المرأة وفلسطين والجنوب إلى قراءة الذات والعالم، وجوائز بينها «عكاظ» وأخيراً «سلطان العويس»، وتكريم في مهرجانات، يبدو شوقي بزيع اليوم، في حالة مراجعة ثالثة لمسار يكاد يلخص سنوات تمفصلت مع أصعب المرحل العربية وأكثرها تعقيداً، من يوم صدور ديوانه الأول «عناوين سريعة لوطن مقتول» عام 1978 إلى ديوانه الأخير «الحياة كما لم تحدث».

> كيف ينظر شوقي بزيع اليوم إلى مراحل أحرقت ومفاصل تجاوزها، في زمن كل سنة فيه أشبه بعمر؟
- جيلي وُلِد على مفترقات خطرة من الآيديولوجيات والمصائر الجماعية، ليس فقط على الصعيد العربي بل العالمي أيضاً. جيل تلاطمت فيه الرياح بحيث كان صدى لهزائم فاجعة أبرزها هزيمة 1967، وفي الوقت ذاته، كان يبحث عن خيارات أخرى تمثلت في اليسار الجديد والالتحاق بالثورة العالمية التي كان تشي غيفارا أيقونتها. في هذه الحقبة كان تمزق بين الآيديولوجيا التي تتعامل مع الفن بوصفه في خدمة الثورات، بتأثير الواقعية الاشتراكية والسوفياتية وآخر صيحات الحداثة التي انعكست في الشعر العربي، وعالمياً عبر أحداث عدة، مثل ثورة الطلاب عام 1968 في فرنسا، والهيبيين وما تبعهم. كان العالم يعيش حالة من الفوران.
هذا كله انعكس على الشعر والأدب بالطبع، وبطرق مختلفة؛ كنا ندير آذاناً صاغية لهذه الحركات، خصوصاً أولئك الذين انتموا للجامعات اللبنانية وكلية التربية التي تحولت إلى مختبر للأفكار الوافدة والمقيمة، ومن جهة أخرى كان هناك من يدفعنا نحو كتابة الالتزام وتوظيف الشعر في خدمة القضايا الكبرى.
> وهذا ما دار حوله سجال كبير في بيروت.
- نعم، لا سيما بين مجلتي «الآداب» و«شعر». الأولى دعت للالتزام تأثراً بجان بول سارتر والتيار الوجودي، واتخذت مساراً قومياً عروبياً. و«شعر» التي اهتمت بالجماليات والإفادة من آخر صيحات الحداثة، وقصيدة النثر والتفاعل مع الثقافة الغربية. فترة غنية جداً تربينا في كنفها، وأمدتنا بروح المغامرة وحب المطالعة. ولم تكن تلك الأحلام الكبرى قد تمخضت عما آلت إليه الحرب الأهلية اللبنانية من مستوى ضحل، ولا على المستوى العالمي، من هريان وتفسخ.
> كثير من الشعراء أجروا مراجعات، وبينهم محمود درويش واتخذوا منحى آخر... كيف تنظر إلى ما كتبت في تلك الفترة؟
- قد يكون ما حدث لي أوائل السبعينات جزءاً من الإجابة عن هذا التمزق الذي عاشه جيلنا، ولم يكن حالة تخصني وحدي. كنت أتتلمذ على أدونيس وخليل حاوي ويمنى العيد وأنطون غطاس كرم وميشال عاصي، وأصوات أخرى تخرجني من نفق القصيدة العمودية التي تمرست بها، باتجاه مساحات أرحب على مستوى الكتابة الشعرية، من جهة ثانية كان انتمائي إلى أحد التنظيمات الماركسية يجعلني أذهب إلى خيار آخر، تحت ضغوط لتوظيف الشعر في خدمة الجماهير. وكانوا يتخذون من أحمد فؤاد نجم النموذج الأكمل للكتابة الشعرية. وقفت لفترة على مفترق هذين الخيارين، وأنا أعيش مرارة عالية. أنا بالمناسبة كنت أكتب بعض هتافات المظاهرات الطلابية، من بينها الهتاف الشهير «يا حرية» الذي كان جيلنا يردده، فيما كان يعرف بالهتافات الطيارة. وهذا كان محصلة طبيعية لما كان لي وفق الرفاق من موهبة يتوجب أن أستثمرها من أجل التغيير والتحريض السياسي والآيديولوجي. لكن كان لدي إحساس، بأن عليَّ أن أصغي للعصر، بأصواته الوافدة، بأساليبه، بتعقيداته، وأن أتخذ لنفسي خطاً بعيداً عن الخطابة والشعار والكتابة المباشرة. وفعلاً انتصر الخيار الثاني وتركت التنظيم الماركسي نتيجة لشعوري بالمرارة إزاء ما يطلب مني لأن الشاعر عصي على التدجين، بحاجة لكامل الحرية حين يكتب.
> هل أنت نادم على بعض ما كتبت؟
- لست نادماً على شيء كتبته لأنه يشكل جزءاً من سيرتي ووعي الذي لا يولد كاملاً، ثم إننا ننقلب على أنفسنا باستمرار. ربما لستُ مزهواً ببعض القصائد التي كتبتها في المراحل المبكرة لأنني لم أكن قد امتلكت عدتي اللغوية والأسلوبية بعد. ولو قُدّر لي الآن أن أحذف ما لا أراه جديراً بالنشر، لحذفت ثلث نتاجي الشعري، على الأقل. مع ذلك لم أفعل كما بعض أسلافي من الرواد أو الجيل اللاحق مثل أدونيس ومحمود درويش وألجأ إلى حذف مجموعتي الأولى. هذا يعود إلى أن مجموعتي الأولى «عناوين سريعة لوطن مقتول» رغم أنها صدرت في أوج الحرب، فإنها جاءت نتيجة كثير من الغربلة والتمحيص والتصفية. عشرات القصائد التي كتبتها أوائل السبعينات، لم أكن راضياً عنها وحذفتها بالكامل؛ فبدت المجموعة لا تشبه المجموعات الأولى في شيء، وهذا ينطبق على زملائي ممن سموا «شعراء الجنوب»، مثل محمد علي شمس الدين، حسن عبد الله جودت فخر الدين، وآخرين.
> الشعراء يمرون بمراحل، يعيشون منعطفات في الكتابة. لو أخذنا مجموعتك «مرثية غبار» التي جاءت بعد أربعة دواوين وخمس سنوات من الصمت، شكلت مفصلاً في مسارك الشعري، ما المفاصل الرئيسية الأخرى كما تراها اليوم؟
- من ضمن المجموعات الأربع التي صدرت قبل «مرثية الغبار»، أرى بعض القصائد لا تزال تمثلني بامتياز، وأرى أنها كُتِبت بعصب مشدود يمزج بين الغنائية السيالة والكثافة الصورية مثل قصيدة «في الشمس كالأنبياء» المعروفة باسم «يا حادي العيس» لأنها تحولت إلى أغنية. مثلاً قصيدة «أية امرأة أنت» أعتبرها من أفضل قصائد الحب التي كتبتها طيلة حياتي. قصائد من نوعية «ما قاله الرجل الذي لم يمت في الحرب الأخيرة»، التي كانت بشكل أو بآخر «العدد صفر» أو تمهيداً لـ«مرثية الغبار». أو قصائد «العائد والصوت» التي كان فيها بعد ملحمي وحشد من الصور، عندما أقرأ أُفاجأ أنا نفسي. بموازاة ذلك هناك قصائد كان فيها شيء من التعسف والتركيب الذهني، تطغى اللغة الجمالية على البعد الإنساني، وكل ما حاولته انطلاقاً من تلك الفترة أن أعثر على الوصفة السحرية التي لا أتخلى فيها عن غنائيتي، وأنا أعتبر الغنائية شرطاً للكتابة. أقصد بذلك الإيقاع بما هو تعبير عن خلجات النفس وتوترها وإبعادها وحالاتها النفسية، وهذا إيغال في العمق الإنساني. الزمن الشعري ليس تراصفياً، وإنما متداخل. شخصية مثل السومري جلجامش على سبيل المثال، أو امرئ القيس أو المتنبي أو السياب، كأنما ينتمون إلى زمن واحد على مستوى الرؤية، وعلى مستوى محاولة كشف النقاب عن أسرار الوجود.
> في كتابتك، الطبيعة هي الثابت، ليست كصور فقط، وإنما كجزء من نسيج القصيدة، ثم هناك المرأة الموجودة دائماً، مع بعض التراجع لحضورها في الدواوين الأخيرة لصالح قراءة الذات واستعادة المسار. وتقول إن المرأة كانت تعويضاً عن غائب. فهل الشعر هو عملية تعويض لغوي أو بدل عن ضائع؟ ولنقل إنه استعادة الغياب أو التقاط اللحظة الهاربة؟
- كل إبداع هو نوع من سيرة ذاتية بشكل أو بآخر. الروائيون يقرون في دواخلهم وأحياناً في مقابلاتهم، بأن أبطالهم ليسوا سوى أقنعة لهم أو قصاصات من حياتهم. لا يستطيع الفنان أن يغادر نفسه، مهما فعل. هناك فرق بين أن تكون هذه النفس منغلقة على شرنقتها، أو أن تكون جزءاً من المتحد الكوني. في كل نفس جسوم كثيرة على ما يقول عروة ابن الورد في بيته الشهير «أقسّم جسمي في جسوم كثيرة». هذا شيء طبيعي. لكن تجربتي بعد «مرثية الغبار» وأنا فرحت لأنها نالت «جائزة عكاظ»، أعتبرها قصيدة أساسية في حياتي. لكن قصيدتي ذهبت في مناحٍ شتى وكثيرة الدلالات والأبعاد. لم تذهب فقط باتجاه السيرة بقدر ما ذهبت نحو أسئلة الوجود وإقامة حوارات مع شخصيات ورموز تاريخية وأسطورية، ولكل منها وجهه الخاص، وما يميزه عن سواه في علاقته بالعالم. كتبت عن فيروز باعتبارها أيقونة الصوت، كتبت عن ديك الجن بوصفه رمزاً للحب الذي يفضي إلى جنون الغيرة ومن ثم الموت، عن يوسف بوصفه تجلياً لحالات البحث عن الجمال المطلق، واعتبرت أن هذا الجمال كامن فينا جميعاً، وأن علينا أن نعرف كيف نستخرجه وندفع ثمنه أيضاً بالهبوط إلى قاع بئر الآلام. كتبت عن سالومي التي تمثل حالة المقايضة بين الرأس والرقص، أي الجسد الأنثوي في رغباته القصوى، عن بوذا بوصفه ممثلاً لهذه المصالحة الرائعة مع الوجود التي تمثل حالة النيرفانا والاتحاد مع الكون. ولكن أقول إنني كل هؤلاء أثناء كتابتي عنهم. في إحدى لقاءات فلوبير، حين سئل عن كتابته عن مدام بوفاري قال: «مدام بوفاري هي أنا». وأنا أستطيع القول إن كل من كتبت عنهم هم أنا. بهذا المعني أومن بالحلولية وأن روح الكون يجب أن تحل في الشاعر كي يستطيع استنطاقها ويعيد تشكيلها وصياغتها مرة أخرى.
> وكأنما كل ديوان له مناخه الخاص؟
- أكثر من شخص كتب أنه كان يلفته أن كل مجموعة تصدر فيها مقاربة جديدة وإضافة إلى ما سبقها. هذا بالفعل بدأ بعد «مرثية الغبار». في «قمصان يوسف»... مناخ مختلف عن «فراديس الوحشة» أو عن «سراب المثنى» التي احتفيت فيها باللغة ليس فقط كحامل للمعنى بل بما هي المعنى بحد ذاته، أي شعرية اللغة من صرخة امرئ القيس «قفا نبكِ». واعتبرت أن الثنائيات العاشقة في صحراء العرب خرجت من رحم صرخة امرئ القيس. وكأنه لم يكن هناك اثنان يخاطبهما امرئ القيس بل هو استمرأ هذه الألف المشبعة بالحسرات وتمتد مع الصحراء العربية لتصبح نداء لغير المرئي أو للحب كحالة، وهو على طريق الروم. نداء استدعى منادى، فخرجت من أحشاء المنادي جميل بثينة، وكثير عزة وعنترة وعروة. وهذه تختلف عن «صراخ الأشجار» حيث أعتقد أن بعض النقاد قالوا إن هذه المرة الأولى التي تكتب فيها مجموعة عن الأشجار، ليس فقط كخلفية أو مادة للكتابة بل بوصفها شخصية اعتبارية قائمة بذاتها.
> القصائد تُكتب متفرقة ثم تُجمع، فهل تتقصد أن تشتغل على مناخات بعينها في كل مرة؟
- لم أكتب يوماً بناء على خطة. تكون هناك هواجس لمقترحات يقدمها اللاوعي ويطرحها علي، تبقى حبيسة المادة الخام إلى أن أشعر بأعراض الكتابة. بعد أن سكتُّ خمس سنوات في الثمانينات، صِرْت أُصاب بالسكتة الشعرية غالباً لسنتين، هذا يلحظ من تاريخ إصدار دواويني. هذه الدواوين تأتي نتيجة تخزين وقراءات متواصلة، لا أستطيع خلال هذه الفترة أن أكتب أي حرف، ثم فجأة تصيبني أعراض أُعِبِّر عنها. وقلت مرة، يجب أن نكون نساء كي نفهم ما يصيب الشاعر من أعراض الكتابة. أشعر تماماً بالمخاض، حيث أمتلئ باللغة فإما أن ألد أو أن أُصاب بمرض خطير أو أُدفَع إلى الانتحار. لا بد أن أتخفف من هذا الحمل الذي لم أعد أستطيع حبسه.
ما يجري هو أن تأتي الأفكار تباعاً، فكلما أفرغت قصيدة أشعر أنني ممتلئ بأخرى. وهكذا أكتب الديوان قصائد متتالية كدفق واحد متقطّع. في البداية كنت أكتب قصيدة ثم أصمت، في فترة أخرى صرت أكتب ديواناً ثم أصمت.
> وعلى هذا النحو كتبت ديوانك الأخير بحثاً عن «الحياة التي لم تحدث»؟
- اسمه مرتبط ببعض القصائد التي تتصدى لفكرة أن ما عشناه في الواقع، ليس هو الحياة التي كنا نرغب في أن نعيشها، وكأنما ما عشناه هو نثريات الأشياء، سقط متاع الحياة. وهذا يتوافق مع ما قاله ناظم حكمت «أجمل البحار التي لم أزرها بعد» ويتوافق نسبياً مع قول كونديرا: «الحياة هي في مكان آخر». لكن الفارق أن كونديرا يقول إن الحياة موجودة ولكن في مكان آخر. ونحن أبناء الريف حين نأتي إلى المدينة نقول دائماً إن الحياة هناك كانت أفضل وأجمل. وحين نعود إلى مساقط رؤوسنا نصاب بالخيبة، دائماً الحياة في مكان آخر. لكنني أذهب إلى أبعد من ذلك، وأقول إن الحياة التي عشناها هي «نيجاتيف» الحياة التي يجب أن نعيشها. في ظل هذه الفكرة تمر حالات كثيرة، في قصيدة مثلاً أتحدث عن الرسائل عن البيوت التي نبنيها في زمن متأخر ونعرف أننا لن نعيش فيها طويلاً، لكننا نستعيد من خلالها الفراديس الضائعة، ومن جهة أخرى نتمرن على الموت لأنها أشبه بقبور مقلوبة. دائماً هناك عشرات الموضوعات تراودني بين ديوان وآخر، وهذا لم أكن أعيشه في تجاربي الأولى. كانت موضوعاتي موزعة بين الأرض والنساء من خلال الحديث عن الحرية أو المقاومة وهي موضوعات مهمة، لكن فيما بعد لم يعد هناك موضوع صالح للكتابة إلا وأفيد منه.
> جائزة العويس أُعطيت لك وهدى بركات وجورج قرم في وقت واحد. من ناحية نلحظ أن النخبة تخبو، ولكن من ناحية أخرى لا تزال هذه النخبة همزة وصل عربية، على ما يبدو؟
- «العويس» من أهم الجوائز العربية من حيث المصداقية. لكنني أقول إن على المبدعين ألا يكتبوا من أجل الجوائز لأن هذا يفسد العلاقة بين الكاتب واللغة. قيل لي بعد الحصول على جائزة عكاظ سنة 2010 في الطائف: ألا تخشى على شعرك أن يتراجع بسبب الجائزة؟. قلت لهم: أعطوني فرصة وسترون. ما بداخلي من قلق وهذا الارتباط العضوي (المدمر) باللغة لا يسمح لأي جائزة أن تقضي على حلمي بالمزيد من التنقيب. هذا هاجسي الأساسي. قلتُ منذ البداية: لشعر لا يحتمل أي ضرّة، لهذا تزوجتُ في الخمسين كي لا تنافس شعري المؤسسة بانشغالاتها. وابتعدت عن الوظيفة قبل التقاعد بـ25 سنة وكنتُ ملحقاً بوزارة الإعلام اللبنانية، وطلبت أن أتفرغ للكتابة وهذا ما حدث. لم أبحث عن أي منصب أو مال، كنت مسؤولاً عن صفحة ثقافية في جريدة معروفة، وأي شخص كان يتمنى هذا واستقلتُ. أخلصتُ للشعر بالشكل الطبيعي العادي، لكن في هذا الزمن المليء بالخيانات الشائعة والمتوفرة، يبدو الإخلاص عملة نادرة. وهذه دعوة للأجيال اللاحقة لأن تسير في الطريق نفسه وأبعد. أنا راضٍ عما فعلت، دون أن أكون راضياً تماماً عما أنجزتُ، لكنني على الأقل قمتُ بما في وسعي.
وبالعودة إلى جائزة «العويس» أقول إنها جاءت تكريماً لمعنى لبنان الحقيقي. لبنان الهش الذي ينكسر لأقل الأسباب، لبنان الذي يعيش في مهب السياسات المتعارضة، يبدو أن الجزء الأصلب في هذا البلد متصل بالثقافة، وهو أمر يدعو إلى الاعتزاز. لأنه للأسف في السياسة لا شيء في ظل الفساد المستشري يدعو للاعتزاز. لذا على المثقفين وحدهم أن يحسموا أمرهم ويحملوا عبء تظهير صورة لبنان الحقيقية.



طرد مُعلم بريطاني من مدرسة لعرضه مقاطع فيديو لترمب على الطلاب

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)
TT

طرد مُعلم بريطاني من مدرسة لعرضه مقاطع فيديو لترمب على الطلاب

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)

اتُّهم مُدرّس في مدرسة بريطانية بتعريض الأطفال للخطر، وأُحيل إلى برنامج مكافحة الإرهاب الحكومي بعد عرضه مقاطع فيديو للرئيس الأميركي دونالد ترمب على طلابه في حصة السياسة الأميركية.

وصرح المُدرّس، وهو في الخمسينيات من عمره، لصحيفة «التلغراف» بأنه «شُبّه بالإرهابي» بعد عرضه مقاطع الفيديو، بما فيها مقطع من حفل تنصيب ترمب، على طلاب المرحلة الثانوية.

وقد أبلغت كلية هينلي، وهي مدرسة ثانوية في هينلي أون تيمز، أوكسفوردشاير، تضم أكثر من ألفي طالب، عن مُحاضر العلوم السياسية وأحيل إلى هيئة حماية الطفل المحلية، التي خلصت إلى أن إحالة الأمر إلى برنامج مكافحة الإرهاب الحكومي تُعدّ «أولوية».

اتُّهم المعلم بالتسبب في «أذى نفسي» لطلابه في المرحلة الثانوية، الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و18 عاماً. وفي وثيقة اطلعت عليها صحيفة «التلغراف»، أشار مسؤولون محليون معنيون بحماية الطفل إلى أن عرض مقاطع الفيديو قد يرقى إلى مستوى «جريمة كراهية».

دفعت هذه الادعاءات الغريبة المعلم، الذي حصل على شهادته في منتصف التسعينيات، إلى رفع دعوى قضائية ضد الكلية. وفي تسوية تفاوضية، حصل الرجل على تعويض قدره ألفا جنيه إسترليني (ألفين و697 دولاراً) بعد أن أجبرته فعلياً على الاستقالة من وظيفته التي كان يتقاضى عنها 44 ألف جنيه إسترليني سنوياً - أي نحو 59 ألف دولار.

ويعتقد اتحاد حرية التعبير أن القوانين التي تهدف إلى حماية الأطفال من القتلة والمغتصبين تُستخدم بشكل خاطئ لملاحقة البالغين ذوي الآراء غير الرائجة. وقال الاتحاد إن قضية المعلم مثال واضح على «استغلال بروتوكولات حماية الطفل كسلاح لإسكات شخص ما لأسباب سياسية».

وقال المعلم، الذي فضل عدم الكشف عن هويته: «لقد شبهوني بالإرهابي. كان الأمر صادماً للغاية. إنه أشبه بكابوس، كأنه مشهد من رواية...».

تُظهر وثائق اطلعت عليها صحيفة «التلغراف» كيف بدأت كلية هينلي تحقيقاتها في يناير (كانون الثاني) 2025 بعد أن تقدم اثنان من طلاب المحاضر بشكاوى. وقد اتُّهم المحاضر بالتدريس «المتحيز» و«غير ذي الصلة بالموضوع».

ذكرت الكلية في رسالة بريد إلكتروني رسمية بتاريخ 28 يناير أنه زُعم أنه «عرض على طلابه مقاطع فيديو لدونالد ترمب وحملته الانتخابية ودعايته، بالإضافة إلى مقاطع فيديو أخرى لا صلة لها بما يُدرَّس».

ثم أفادت الكلية بأن أحد مقاطع الفيديو «أثار انزعاجاً شديداً لدى أحد الطلاب».

قال المعلم: «كان الأمر مرعباً، لا يُصدق. كنا نناقش الانتخابات الأميركية، وكان ترمب قد فاز للتو، وعرضتُ مقطعي فيديو من حملة ترمب. وفجأة، اتُّهمتُ بالتحيز. قال أحد الطلاب إنه شعر باضطراب نفسي، وادعى أنه عانى من كوابيس».

وعندما سُئل عما إذا كان متطرفاً يمينياً، أجاب المعلم، وهو مؤيد للحزب الجمهوري لكنه يُصر على أن آراءه معتدلة: «لستُ متطرفاً».


ماسبيرو يحظر ظهور العرافين والمنجمين

أحمد المسلماني (الهيئة الوطنية للإعلام)
أحمد المسلماني (الهيئة الوطنية للإعلام)
TT

ماسبيرو يحظر ظهور العرافين والمنجمين

أحمد المسلماني (الهيئة الوطنية للإعلام)
أحمد المسلماني (الهيئة الوطنية للإعلام)

أعلنت الهيئة الوطنية للإعلام عن حظر استضافة العرافين والمنجمين على شاشات القنوات التابعة لها، أو عبر أثير إذاعاتها المختلفة، أو بوابتها الإلكترونية، أو عبر مجلة الإذاعة والتلفزيون التابعة لها.

وأكد رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، أحمد المسلماني، على استمرار سياسة الهيئة بشأن حظر استضافة العرافين والمنجمين في جميع إذاعات وقنوات الهيئة، وكذلك موقع الهيئة ومجلة الإذاعة والتلفزيون.

ودعا المسلماني إلى استطلاع مستقبل المنطقة والعالم عبر التفكير العلمي وقواعد المنطق، ومعطيات علم السياسة والعلوم الأخرى، والاستعانة في هذا الصدد بالعلماء والأكاديميين والمثقفين، وفق بيان للهيئة، الخميس.

ودعا رئيس «الهيئة الوطنية للإعلام» للابتعاد عن الترويج لخرافات المنجمين والمشعوذين، وعدّ أنهم «يستهدفون إهانة العقل، وتسفيه المعرفة، وتأسيس شهرة كاذبة على توقعات عشوائية لا سند لها».

وخلال موسم رأس السنة ومع قرب بداية كل عام يتم الترويج عبر فضائيات متنوعة لتوقعات المنجمين والعرافين الذين نالوا شهرة كبيرة خلال الأعوام الماضية. وقال الناقد الفني والإعلامي، أحمد سعد الدين لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه البرامج تجد شهرة واسعة وكبيرة في الفضائيات الأخرى، بل إن فضائيات تعتمد على فقرات ثابتة مع بدايات العام، بحيث يعتمد عليها في الريتش والترند، بحجة إعطاء الأمل أو حتى الأخبار المشوقة».

وترى الدكتورة سارة فوزي، أستاذة الإعلام بجامعة القاهرة، أن «نشر التنجيم والدجل والتنبؤات أمر مرفوض؛ لأنه يؤثر على الرأي العام بشكل كبير»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «قرار ماسبيرو بمنع المنجمين والعرافين سليم تماماً، لحماية الوعي وحماية التفكير سواء النقدي أو العلمي»، وأشارت إلى الجانب الديني أيضاً، وأن «ممارسات العرافين والمنجمين محرّمة في الديانات السماوية».

وأكدت دار الإفتاء المصرية على تحريم التنجيم والعرافة، وذكرت في فتوى على موقعها الإلكتروني أن «المنجِّم يدعي علم الغيب، وليس له التحقُّق من ذلك، وإن وقع ما تَنَبَّأ به، فهو كاذب في ادِّعاء علمه، والتنجيمُ أمر مُحَرّم شرعاً، فهو نوع من الكهانة، ويؤول إلى ادِّعاء عِلم الغيبِ الذي استَأثَر الله به».

أما عن حظر التلفزيون المصري لظهور العرافين والمنجمين، فهذا ما يراه سعد الدين «حفاظاً على الذوق العام، والعادات والتقاليد، ومحددات المجتمع»، ومن ثم يرى أن «منع ظهور العرافين قرار صائب تماماً ، يحافظ على تقاليد ماسبيرو التي تربت عليها الأجيال».

فيما تؤكد الدكتورة سارة فوزي أستاذة الإعلام أن «حظر ظهور العرافين والمنجمين يحمي المجتمع من مخاطرهم ومن الانسياق وراء الدجل والخرافات، خصوصاً مع وجود نسبة أمية كبيرة، ومن ثم هناك شرائح يمكن أن تنساق وراء هذه الأمور».


«طلاق» عمرو أديب ولميس الحديدي يخطف الاهتمام بمصر

خلال آخر ظهور للثنائي في خطوبة نجلهما (فيسبوك)
خلال آخر ظهور للثنائي في خطوبة نجلهما (فيسبوك)
TT

«طلاق» عمرو أديب ولميس الحديدي يخطف الاهتمام بمصر

خلال آخر ظهور للثنائي في خطوبة نجلهما (فيسبوك)
خلال آخر ظهور للثنائي في خطوبة نجلهما (فيسبوك)

تصدر خبر طلاق الإعلامي عمرو أديب والإعلامية لميس الحديدي «التريند» في مصر بعد وقت قصير من إعلان الخبر، وتأكيده عبر وسائل إعلام محلية عقب أسابيع من الشائعات.

جاء الطلاق الرسمي، بعد زواج استمر أكثر من 25 عاماً في هدوء وبناءً على طلب الإعلامية لميس الحديدي، وفق مصادر مقرَّبة لها تحدثت لـ«الشرق الوسط». فيما لم يسجل الثنائي أي تعليقات بحساباتهما على مواقع التواصل الاجتماعي رغم انخراطهما في النقاشات العامة بشكل مستمر.

ويطل الثنائي على الشاشة من خلال برنامجي «توك شو»؛ إذ تظهر لميس الحديدي عبر قناة «النهار» من خلال برنامج «الصورة»، فيما يطل عمرو أديب من خلال برنامج «الحكاية» عبر قناة «إم بي سي مصر»، ويوجد البرنامجان ضمن قوائم الأعلى مشاهدة عادةً بين برامج «التوك شو» وفق استطلاعات الرأي.

وتصدر اسم عمرو أديب ولميس الحديدي بشكل منفصل منصة «إكس» في مصر فور إعلان الخبر مع تدوينات عدة مرتبطة بالطلاق جرى إعادة نشرها.

جاء إعلان الانفصال لوسائل الإعلام بعد أسابيع من الشائعات التي لاحقت علاقة الثنائي، وتردد أنها شهدت توترات وشائعات انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي وتجاهلها الثنائي بشكل كامل ولم يتم التعليق عليها.

نشأت قصة الحب بين الثنائي الإعلامي عمرو أديب ولميس الحديدي خلال عملهما في الصحافة في تسعينات القرن الماضي معاً، بعد انفصال عمرو أديب عن زوجته الأولى، وفق أحاديث أدلى بها الثنائي في لقاءات سابقة، فيما كانت نقطة الخلاف الوحيدة المعلنة بينهما مرتبطة بالتشجيع الكروي، حيث يُعرف عمرو أديب بتشجيع نادي الزمالك بينما تشجع لميس الحديدي النادي الأهلي.

وتحدثت لميس الحديدي عن رغبة عمرو أديب في الارتباط به عدة مرات قبل إعلان الزواج وقيامه بإبعاد كل من يحاول الارتباط بها قبل زواجهما رسمياً.

وعَدّ الخبير في الإعلام الرقمي و«السوشيال ميديا» معتز نادي، التزام الثنائي الصمت عبر مواقع التواصل لأسباب عدة «من بينها شهرتهما على نطاق واسع ليس في مصر فقط بل في العالم العربي، بالإضافة إلى سابقة تناول الثنائي العديد من الأخبار المماثلة عن الانفصال في برامجهما».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «أخبار زيجات وانفصال المشاهير عادةً ما تكتسب زخماً (سوشيالياً) وتلقى رواجاً وتفاعلاً فور الإعلان عنها لكن استمرار الأمر يختلف من شخص لآخر»، لافتاً إلى أن أولى حلقات الثنائي الإعلامي في برنامجيهما ستكون محل متابعة مكثفة أيضاً وسيكون لها بروز على مواقع التواصل سواء تم التطرق إلى الأمر أم لا منهما.

كان آخر ظهور للثنائي عمرو أديب ولميس الحديدي في خطوبة نجلهما الوحيد عمر التي أُقيمت الشهر الماضي في أجواء عائلية واقتصر الحضور بها على والدَي العروسين.