ثمة مباراة معينة - أو إذا رغبنا دقة أكبر، نصف مباراة - تهيمن على ذاكرة هنريك مخيتاريان عن الفترة التي قضاها في صفوف «مانشستر يونايتد». خلال ديربي الدوري على أرض «أولد ترافورد» الموسم الماضي، في أول لقاء داخل إنجلترا بين جوزيه مورينيو وجوسيب غوارديولا. خلال المباراة، بدا اللاعب الأرميني تائهاً. ويعتبر مسؤولا جزئياً عن الهدف الافتتاحي بالمباراة لأنه لم يضغط في البداية بالقدر الكافي على ظهير مانشستر سيتي الأيمن باولو زاباليتا، وأخيراً تحرك في وقت متأخر للغاية. وقد دفع المدرب بلاعب آخر بدلاً عنه خلال استراحة بين الشوطين.
وعلى امتداد شهرين لاحقين، لم يشارك مخيتاريان في أي مباراة. وعلى ما يبدو، فقد أسهم هذا الموقف بصورة ما في تعزيز انطباع عام بأن مخيتاريان لاعب من الوزن الخفيف، لا يناسب الأعباء الدفاعية التي يكلف بها مورينيو لاعبيه. وبالفعل، يفتقر مخيتاريان إلى الحماس والنشاط بالمستوى الذي يبديه الكثير من رفاقه داخل «مانشستر يونايتد»، والذي يعتبر على أية حال الأطول على مستوى أندية بطولات الدوري الخمس الأوروبية الكبرى. والحقيقة أيضاً أنه رغم تمتعه بحالة جيدة من وقت لآخر، خاصة خلال مباريات بطولة الدوري الأوروبي قرب نهاية الموسم الماضي، فإنه بدا خلال عدد أكبر بكثير من المباريات شارد الذهن داخل الملعب ومضطرباً وغير متحمس.
وأثار ذلك اتهامات بأن مخيتاريان لاعب ضعيف، ليس على قدر المسؤولية التي يحملها على عاتقه. وبالنظر إلى المعاناة التي خاضها كل من الياباني شينجي كاغاوا الذي يلعب في فريق بوروسيا دورتموند الألماني حاليا والألماني نوري شاهين الذي يلعب في خط وسط دورتموند أيضا لإثبات وجودهما بالدوري الممتاز، كان هناك شعور بأن اللاعب السابق في صفوف دورتموند غير ملائم للكرة الإنجليزية.
بالتأكيد، تبقى هناك دوماً مشكلات عندما ينتقل لاعب ما من بيئة مغايرة تماماً كتلك التي كانت قائمة في «بوروسيا دورتموند» تحت قيادة يورغين كلوب، لكن فكرة أن مخيتاريان لم يرق له الجانب الدفاعي من كرة القدم لا تتماشى مع النجاح الذي حققه داخل «بوروسيا دورتموند» و«شاختار دونتيسك»، وكلاهما ناديان يعتمدان على الضغط الشديد على المنافس. وخلال المواسم الثلاثة التي شارك بها في الدوري الممتاز الألماني، نجح مخيتاريان في استعادة الاستحواذ على الكرة عبر اعتراض المنافس ومهارة استخلاص الكرة 2.7 مرة في المباراة الواحدة، و3.2 مرة للمباراة و3.2 مرة للمباراة.
ورغم أن الدوري الأوكراني ربما لا يطرح مقارنة عادلة، فإنه على مدار ثلاث مشاركات لـ«شاختار دونتيسك» في بطولة دوري أبطال أوروبا، نجح مخيتاريان في استعادة الاستحواذ 4.0 و6.1 و4.4 مرة للمباراة الواحدة. ومع ذلك، فإنه داخل «مانشستر يونايتد»، استعاد الاستحواذ 1.9 مرة فقط للمباراة بالدوري الممتاز الموسم الماضي، و1.5 مرة هذا الموسم. ويوحي ذلك بأن الأمر لا يتعلق بإخفاق كامن داخل اللاعب، وإنما قد يرتبط أكثر بأسلوب الاستعانة به داخل الملعب.
الملاحظ أن «مانشستر يونايتد» تحت قيادة مورينيو لا يضغط على النحو المتسق أو المنظم الذي كان يفعله «بوروسيا دورتموند» أو «شاختار دونتيسك». وعليه، غالباً ما يجد مخيتاريان نفسه مضطراً لتوفير وصلة مبدعة بين الصف الخلفي من الفريق الذي يلعب في العمق ودور «المساك» بوسط الملعب والمهاجم البعيد. وفي ذلك الدور، بدا أن اللاعب لا يشعر بالارتياح. من المحتمل أن يكون لدى «آرسنال» سياسة ضغط، وإن بدت غامضة لبعض الوقت. وبالنظر إلى شغف مدرب «المدفعجية» آرسين فينغر بأداء فريق «أياكس» مطلع سبعينات القرن الماضي، والتخمة التي يعانيها «آرسنال» في اللاعبين الفنيين وافتقاره إلى اللاعبين الذين يملكون مهارات دفاعية تقليدية، فإنه من المفترض أن يكون الفريق سريع الأداء.
ومع هذا، بدا الفريق أحيانا خلال الفترة الأخيرة على ذات الدرجة من التراخي على هذا الصعيد، بدرجة تشبه تراخي النادي إزاء تجديد عقود اللاعبين. ومع هذا، تظل الحقيقة أن أفضل أداء قدمه الفريق في الفترة الأخيرة - تحديداً مباراتي قبل النهائي والنهائي ببطولة كأس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم الموسم الماضي، والمواجهة على أرضه أمام «توتنهام هوتسبير» هذا الموسم - اعتمد على الضغط القوي، والمفترض أن مخيتاريان القادم من مانشستر يونايتد قادر بسهولة على التكيف مع هذا الأسلوب.
ومع هذا، ثمة صعوبة وراء تحديد الدور الذي يناسب مخيتاريان على وجه التحديد داخل الملعب. تجدر الإشارة إلى أن «آرسنال» اعتمد هذا الموسم على أسلوبي لعب 3 - 4 - 2 - 1 و4 - 2 - 3 - 1. وقد اعتمد السبت الماضي خلال مواجهته أمام «كريستال بالاس» والتي انتهت بفوزه بنتيجة 4 - 1، على أسلوب لعب 4 - 3 - 3. ورغم قدرة مخيتاريان على اللعب في مساحات واسعة - على سبيل المثال، في نهائي بطولة الأوروبي، بدأ في الجناح الأيسر في إطار أسلوب لعب 4 - 3 - 3 - فإن ثمة اعتقادا عاما بأنه يشعر بارتياح أكبر لدى المشاركة وسط الملعب، الأمر الذي قد يخلق مشكلات إذا ما وافق مسعود أوزيل على عقد جديد واستمر مع الفريق.
والسؤال هنا: هل يمكن الاستعانة بمخيتاريان وأوزيل معاً؟ ربما نعم، في إطار أسلوب لعب 3 - 4 - 2 - 1. إلا أنه حال الاستعانة بواحد منهما في مركز واسع، قد تفتقر الأجناب إلى ديناميكية في الأداء. وبالتأكيد مع مشاركة مخيتاريان وأوزيل على نحو متناغم، يعني ذلك توافر الكثير من الفرص أمام مهاجم مركزي. ومن بين المؤشرات على مدى عدم الارتياح الذي يشعر به غالباً مخيتاريان داخل «مانشستر يونايتد»، أنه خلال موسمه الأخير في الدوري الألماني الممتاز ساعد في تسجيل 15 هدفاً، بينما عاون في إحراز ستة أهداف فقط على امتداد الموسم ونصف الموسم التي قضاها في «أولد ترافورد»، منها خمسة خلال المباريات الثلاثة الأولى من هذا الموسم.
وبعد التوقيع الرسمي الذي سيسمح لمخيتاريان بالحصول على فرصة إطلاق مسيرته من جديد ومحاولة استعادة المستوى الذي كان عليه في بوروسيا دورتموند بين 2013 و2016، قال مورينيو: «أود أن أتمنى لهنريك كل النجاح والسعادة، وأنا متأكد من أنه سيحصدهما. إنه لاعب لن ننساه، لا سيما بمساهمته في مشوارنا في يوروبا ليغ»، في إشارة إلى مسابقة الدوري الأوروبي التي أحرزها يونايتد الموسم الماضي حيث سجل الأرميني الهدف الثاني في النهائي ضد أياكس أمستردام الهولندي (2 - صفر).
وفي المقابل الآخر، تحدث فينغر عن مخيتاريان الذي أصبح مهمشا تحت إشراف مورينيو بعدما عجز عن تقديم المستوى الذي كان عليه مع فريقه السابق دورتموند، قائلاً: «هنريك لاعب متكامل جدا. يخلق الفرص، يدافع جيدا... بإمكاني القول إنه لاعب يتمتع بكل الصفات». وبدوره، أعرب اللاعب الأرميني، الذي انتقل إلى يونايتد عام 2016 مقابل 30 مليون جنيه إسترليني، عن سعادته بالانضمام إلى آرسنال، مضيفاً: «إنه حلم يتحول إلى حقيقة لأني لطالما حلمت باللعب مع آرسنال. وبما أني أصبحت هنا الآن، فسأقدم كل ما لدي لهذا الفريق من أجل صناعة التاريخ».
مخيتاريان... هل يعيد إشعال جذوة حماسه القديم في آرسنال؟
تكتيكات فينغر ربما تساهم في تحفيز لاعب بدا تائهاً تحت قيادة مورينيو
مخيتاريان... هل يعيد إشعال جذوة حماسه القديم في آرسنال؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة