واقعة تحرش جماعي بامرأة في ميدان التحرير تثير فزع المصريين

السيسي وجه وزير الداخلية بإنفاذ القانون بكل حزم للتصدي للظاهرة

رسم جداري في ضاحية الزمالك غرب القاهرة يمثل فتاة تتصدى للمتحرشين (أ.ب)
رسم جداري في ضاحية الزمالك غرب القاهرة يمثل فتاة تتصدى للمتحرشين (أ.ب)
TT

واقعة تحرش جماعي بامرأة في ميدان التحرير تثير فزع المصريين

رسم جداري في ضاحية الزمالك غرب القاهرة يمثل فتاة تتصدى للمتحرشين (أ.ب)
رسم جداري في ضاحية الزمالك غرب القاهرة يمثل فتاة تتصدى للمتحرشين (أ.ب)

في شارع رئيس بحي المهندسين (غرب القاهرة)، وضع نشطاء مصريون لافتة تقول: «امسك متحرش»، وتعكس اللافتة التي كتبت بخط اليد الفزع المتنامي من انتشار ظاهرة التحرش في البلاد، خاصة في أماكن التجمعات التي عرفتها العاصمة المصرية خلال سنوات ثلاث من الاضطرابات السياسية. وقبل يومين استيقظ المصريون على مشهد صارخ لمقطع مصور يظهر حالة تحرش جماعي بفتاة انتهكت في ميدان التحرير، خلال احتفال الآلاف بتنصيب الرئيس الجديد عبد الفتاح السيسي، مما دفعه إلى التدخل مطالبا وزير داخليته بإنفاذ القانون في هذا الشأن بكل حزم.
وتتولى السلطات القضائية في البلاد حاليا التحقيق مع سبعة من المشتبه بهم في واقعة التحرش بفتاة في ميدان التحرير قبل يومين، لكن عشرات الحالات السابقة يبدو أنها مرت من دون تقديم أي من الفاعلين إلى المحاكمة. وتبدي الدولة اهتماما متزايدا بقضية التحرش، وقال السفير إيهاب بدوي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة، إن الرئيس السيسي، وجه اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية في حكومة تسيير الأعمال، بضرورة إنفاذ القانون بكل حزم واتخاذ ما يلزم من إجراءات للتصدي لظاهرة التحرش.
وأضاف بدوي أن الرئيس السيسي وجه أيضا بتكريم النقيب مصطفى ثابت، ضابط قسم باب الشعرية، الذي أنقذ ضحية واقعة التحرش التي حدثت بميدان التحرير (مساء الأحد الماضي)، مشيرا إلى أنه ضرب مثلا في المروءة والشهامة، وأدى واجبه الوظيفي على الوجه الأكمل. وأشار بدوي إلى أن الرئيس يهيب بالمواطنين القيام بدورهم المنوط بهم لإعادة إحياء الروح الأخلاقية الحقيقية في الشارع المصري، منوها بقيام كل أسرة بتحمل مسؤوليتها الواجبة وبذل العناية اللازمة لبث القيم وتنمية الوازع الأخلاقي لدى أبنائها، وذلك إلى جانب جهود الدولة لتنفيذ القانون.
وزار وزير الصحة المصري عادل العدوي ضحية واقعة التحرش أمس، وقال الوزير إنه أبلغ ضحية التحرش برسالة طمأنة من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، كما أكد أن جميع المصريين حكومة وشعبا، يرفضون مثل هذه الأعمال الإجرامية، «التي صدر بشأنها قانون لمعاقبة مرتكبي هذه الجرائم الشنعاء»، مشيرا إلى أن المجتمع المصري لن يشهد مثل هذه الحوادث في الأيام المقبلة.
لكن نشطاء يقولون في المقابل إن الدولة جاءت متأخرة قليلا عن حركة المجتمع المدني، الذي بدأ منذ نحو عامين تشكيل جماعات لمقاومة الظاهرة. وفي أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2012، تأسست بالفعل مبادرة «شفت تحرش». وبحسب القائمين على المبادرة، فإنها تتشكل من مجموعة من السيدات والرجال من مختلف الأعمار، والمهن، والتخصصات، والمناطق الجغرافية، متطوعين من أجل مناهضة جرائم التحرش التي تستهدف النساء والفتيات. ولحقت السلطات المصرية بالمبادرات التطوعية، وأصدر الرئيس المنتهية ولايته، عدلي منصور، قبل يوم من مغادرته منصبه قانونا جديدا يغلظ العقوبة في جرائم التحرش، لكن ناشطات رأين أن العقوبات الواردة في القانون غير كافية.
وينص القانون الجديد على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه (نحو 500 دولار)، ولا تزيد عن خمسة آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية؛ سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأي وسيلة، بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية واللاسلكية». ويضاعف القانون العقوبة إذا تكرر الفعل من الجاني من خلال الملاحقة والتتبع للمجني عليه.
ويعتقد فتحي فريد، المنسق العام لحملة «شفت تحرش»، أن الدولة لم تقم بدورها للقضاء على ظاهرة التحرش وأشكال العنف ضد المرأة بشكل عام، ويقول فريد لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا يكفي أمام هذه الظاهرة الاكتفاء باجتماعات ومؤتمرات تلامس أطراف الموضوع، فالمطلوب الآن تشريعات قانونية لمكافحة أنماط العنف ضد المرأة وجمع القوانين المتناثرة في قانون موحد، فلم يعد مقبولا أن يجرى تعديل قوانين تعود لعام 1937 ونحن في 2014». ويضيف فتحي قائلا: «نحن ندعو الدولة لتبني خطط وطنية شاملة تشارك فيها وزارات الداخلية، والعدل، والتربية والتعليم، والصحة، والشباب، والإعلام، والثقافة، للعب دور توعوي لمكافحة جرائم العنف الجنسي».
ومن بين المقترحات التي تقدمت بها مبادرة «شفت تحرش» ومنظمات مجتمع مدني أخرى، إقامة مراكز احتجاز وتأهيل للمتحرشين، ويوضح فريد: «نحن نطالب بذلك لأنه من غير المتصور أن نعاقب شاب لاتهامه بالتحرش فنضعه في بيئة تجعل منه مجرما، فمراكز الاحتجاز في مصر غير آدمية وتنتج مجرمين في واقع الأمر».
وعما إذا كانت المبادرة قد رصدت خلال الفترة الماضية إدانة أي من مرتكبي جرائم التحرش، قال فريد بنبرة ساخرة: «ما سأقوله ليس مزحة، النيابة العامة استدعت أمس فقط سبع فتيات للتعرف على مشتبه بهم، في وقائع تحرش تعود لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2012».
ويروي النقيب ثابت، الذي أنقذ فتاة التحرير تفاصيل الواقعة التي أثارت الرأي العام خلال اليومين الماضيين، قائلا في تصريحات أمس: «سمعت أصوات استغاثة من الفتيات والسيدات، وعرفت منهن أن هناك مجموعة من الشباب يحاصرون سيدة، فأسرعت نحوهم برفقة القوة الأمنية، وعندما اقتربت من مكان الواقعة، وجدت الشباب قد شكلوا دائرة مغلقة حول الفتاة، ومزقوا ملابسها بالكامل». وتابع: «نظرا لشدة التدافع والزحام كان من الصعب الوصول إليها، فأطلقت الرصاص في الهواء حتى أتمكن من إنقاذها وإبعاد المتهمين، حيث كان هدفي الأول إنقاذ الفتاة مهما كلفني الأمر».
ولعبت المرأة المصرية دورا بارزا في المظاهرات والاحتجاجات التي أطاحت بنظامي حكم، كما شاركت بفعالية في الاستحقاقات الانتخابية منذ ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، لكن كثيرات منهن يشعرن بالمهانة بسبب الانتهاكات المتزايدة بحقهن في الشارع المصري. وخصصت وزارة الداخلية حديثا إدارة لمكافحة التحرش في الطرق العامة، لكن حالات التحرش الجماعي في ميدان التحرير خلال العامين الماضيين، تعكس عمق الإشكالية في بلد يعاني نحو 14 في المائة من شبابه البطالة، بحسب تقديرات حكومية. ويقول فريد منسق مبادرة «شفت تحرش» إن إجراءات وزارة الداخلية غير كافية، «فحتى الآن لم تخصص الداخلية رقما خاصا لتلقي البلاغات عن وقائع التحرش والعنف ضد المرأة».
وفي واقع سياسي معقد، يميل بعض المراقبين إلى تأويل الظاهرة الاجتماعية التي أرقت المصريين في إطار الصراع السياسي الراهن بين النظام الجديد وجماعة الإخوان المسلمين. ويقول ناشطون إن إثارة الأمر في الوقت الحالي محاولة من الجماعة للتأثير على مشهد تنصيب السيسي، لكن آخرين يرون أن هذه التبريرات تسهم في تفاقم الظاهرة، بتجاهل أسابها الحقيقية.



الداخلية السورية تعلن مقتل شخص واعتقال 8 بعملية أمنية ضد خلية لـ«داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
TT

الداخلية السورية تعلن مقتل شخص واعتقال 8 بعملية أمنية ضد خلية لـ«داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)

أعلنت السلطات السورية، الثلاثاء، أن قواتها قتلت زعيم خلية مرتبطة بتنظيم «داعش» واعتقلت 8 آخرين، على خلفية الهجوم الدامي الذي استهدف، الأحد، قوات الأمن بشمال البلاد.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، قالت الوزارة في بيان إن العملية «استهدفت موقع خلية إرهابية تتبع لتنظيم (داعش) الإرهابي»، وأدت العملية إلى «إلقاء القبض على جميع أفراد الخلية وعددهم 8، وحُيّد (قُتل) العنصر التاسع، متزعم الخلية، أثناء المداهمة».

وأفادت الوزارة بعملية أمنية ثانية بناء على المعلومات التي جمعتها من العملية الأولى، وأسفرت العمليتان عن «ضبط أحزمة ناسفة، وكواتم صوت، وصواريخ من نوع ميم-دال، إلى جانب أسلحة رشاشة».

وقالت الداخلية إن المجموعة المستهدفة «مسؤولة عن تنفيذ عدد من العمليات الإرهابية التي استهدفت دوريات أمنية وعسكرية في محافظتي إدلب وحلب».

وتأتي هذه العملية بعد هجوم استهدف، الأحد، دورية لإدارة أمن الطرق في ريف إدلب، ما أسفر عن مقتل أربعة من عناصر قوى الأمن الداخلي وإصابة خامس، حسب وزارة الداخلية السورية.

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» بأن مسلحين أطلقوا النار على الدورية أثناء تنفيذ مهامها على طريق معرة النعمان جنوب المحافظة.

وتبنى تنظيم «داعش» لاحقاً الهجوم، وفق ما أورده موقع «سايت» المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية.

ويأتي ذلك بعد أيام من استهداف وفد عسكري مشترك في مدينة تدمر وسط سوريا، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أميركيين، بينهم جنديان ومدني يعمل مترجماً، إضافة إلى إصابة عناصر من القوات الأميركية والسورية، حسب واشنطن ودمشق.


تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
TT

تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)

أقرت مصر حزمة واسعة من التسهيلات لمستثمري منطقة طابا ونويبع، الواقعتين على شاطئ البحر الأحمر بجنوب سيناء، بعد تضرر الأنشطة السياحية هناك على مدار العامين الماضيين، نتيجة الحرب في قطاع غزة والتوترات الأمنية المحيطة بالمنطقة.

وبحسب تصريحات إعلامية لرئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية في مصر، مصطفى منير، فإنه تمت الموافقة من جانب إدارة الهيئة على منح المستثمرين عاماً إضافياً لتأجيل سداد المديونيات، مع وقف المطالبة بالسداد لمدة 18 شهراً دون فوائد، لافتاً إلى أن هذه القرارات جاءت استجابة لمطالب المستثمرين وبعد عدة اجتماعات ميدانية وجولات تفقدية للمنطقة.

وتضمنت حزمة التسهيلات المقررة مد فترة الإعفاء من سداد قيمة الأراضي إلى 3 سنوات بدلاً من عامين، إلى جانب تجميد المديونيات لمدة سنة ونصف السنة دون فرض أي أعباء إضافية.

وأوضح أن المنطقة تعرضت لضغوط استثنائية أدت إلى توقّف غالبية المقاصد السياحية، مشيراً إلى أن عدد الفنادق العاملة حالياً لا يتجاوز 6 فنادق من بين 55 فندقاً مسجلة في المنطقة.

حوافز حكومية لمنتجعات جنوب سيناء في مصر لتنشيط السياحة (هيئة تنشيط السياحة)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أشارت تقارير إعلامية مصرية إلى «إغلاق نحو 90 في المائة من المنشآت السياحية في مدينتي طابا ونويبع الواقعتين بسيناء على شاطئ البحر الأحمر وتراجع معدل الإشغالات الفندقية في منتجع شرم الشيخ ومدن جنوب سيناء نتيجة الحرب على غزة».

الدكتور يسري الشرقاوي، مستشار الاستثمار الدولي ورئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، عدّ التسهيلات المالية التي تقدمها الحكومة المصرية لمساندة المشروعات السياحية المتعثرة خطوة مهمة، لكنها لا تمثل حلاً كاملاً في مواجهة تداعيات الظروف الجيوسياسية الراهنة، مشدداً على ضرورة تبني استراتيجية متعددة المحاور.

وقال الشرقاوي، لـ«الشرق الأوسط»: «تُعد السياحة أحد أهم المصادر للعملة الصعبة في مصر، وكان تأثير الظروف الجيوسياسية على مناطق سيناء، خصوصاً المناطق الجنوبية المتضررة جغرافياً، تأثيراً مباشراً وحاداً».

وتابع: «اليوم، تنظر الحكومة المصرية إلى عام 2026 بوصفه عاماً مرتقباً للهدوء النسبي والاستقرار، وهو العام الذي سيأتي أيضاً بعد شهور من الافتتاح الكامل للمتحف المصري الكبير، والتدابير المتخذة تهدف إلى جعل عام 2026 عاماً ذهبياً لقطاع السياحة إذا ما تلاشت التأثيرات الخارجية»، مؤكداً أن الحلول المالية المطروحة حالياً ستسهم في سداد الفواتير الكبيرة المستحقة على أصحاب المشروعات السياحية المتعثرة في سيناء، ومتوقعاً المزيد من المساعدات التدريجية في هذا الصدد.

وبحسب تصريحات رئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية في مصر، مصطفى منير، فإن الهيئة حرصت على جمع مطالب المستثمرين، وإقرار ما يدعم استمرارية النشاط في المنطقة التي تمثل أحد أهم المقاصد في جنوب سيناء.

واستقبلت مصر، وفق بيانات رسمية 15.7 مليون سائح خلال عام 2024، ما يُعدّ أعلى رقم تحققه البلاد في تاريخها. كما أعلنت زيادة أعداد السائحين خلال الربع الأول من العام الحالي 2025 بنسبة 25 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، رغم التحديات الجيوسياسية التي تواجهها المنطقة.

ودعا الشرقاوي إلى ضرورة تدخل أوسع من الحكومة على 3 محاور متزامنة لضمان جذب أعداد أكبر من السائحين؛ أولها المحور الدبلوماسي والسياسي، عبر استمرار الجهد المكثف، ممثلاً في وزارة الخارجية وتحت توجيهات القيادة السياسية، لضمان التحسن التدريجي المستقر في الظروف الجيوسياسية وتلاشي أثرها، إلى جانب الترويج النوعي، من خلال إعداد وزارة السياحة والآثار المصرية برامج ترويجية جاذبة تستهدف إعادة تثبيت الرؤية الآمنة لأسواق السياحة الدولية تدريجياً، خاصة للوافدين إلى سيناء.

وتابع: «كما يجب أن يكون هناك ترويج مدعوم للسياحة الداخلية للحفاظ على نسب الإشغال داخل هذه المنطقة، فلا يمكن لأي منطقة في العالم أن تتجاوز جميع الآثار إلا إذا تضافرت الأيدي الداخلية مع الدعم الخارجي».


«الخط الأصفر» يشعل التوترات بين مصر وإسرائيل

منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«الخط الأصفر» يشعل التوترات بين مصر وإسرائيل

منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

في وقت تحدث فيه إعلام إسرائيلي عن زيادة وتيرة التوتر بين مصر وإسرائيل في الفترة الحالية، بسبب ممارسات حكومة بنيامين نتنياهو في قطاع غزة، قال مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأجهزة المصرية رصدت ما تقوم به إسرائيل من مخالفات لاتفاق شرم الشيخ، وأعدت به ملفاً وأبلغت به واشنطن للتأكيد على أن القاهرة ملتزمة ومصرة على تنفيذ الاتفاق».

ووفق عسكريين سابقين بمصر، فإن «القاهرة ترى في ممارسات إسرائيل بغزة محاولة للتملص من خطة ترمب المتفق عليها، واللجوء لترسيخ وجود عسكري إسرائيلي دائم فيما يعرف بالخط الأصفر بغزة، مما يهدد الأمن القومي المصري».

و«الخط الأصفر» هو خط تقسيم يفصل قطاع غزة إلى جزأين، وفقاً لخطة السلام الموقعة بشرم الشيخ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهي الخطة التي تهدف إلى إنهاء حرب غزة. ويفصل الخط الأصفر 47 في المائة من الأراضي في المنطقة الغربية التي يسيطر عليها الفلسطينيون، عن 53 في المائة من قطاع غزة التي تسيطر عليها إسرائيل، وتقريباً جميع الفلسطينيين في غزة نزحوا إلى المنطقة الغربية من الخط.

قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)

وكشف تقرير لـ«القناة 14» الإسرائيلية عن نشاط للجيش الإسرائيلي فيما يعرف بـ«الخط الأصفر»، وتعديل التضاريس الجغرافية لقطاع غزة، وهو ما تعدّه القاهرة «تهديداً مباشراً لمصالحها الإقليمية»، وفق القناة، التي ذكرت أن «ذلك أغضب مصر ودفعها للشكوى إلى الولايات المتحدة، متهمة إسرائيل بأنها تعمل على تقسيم قطاع غزة إلى جزأين، وتغيير التركيبة الديموغرافية والتضاريسية للمنطقة».

وحسب التقرير، فإن القاهرة «تنظر بقلق بالغ لما يجري في قطاع غزة، خصوصاً بعد تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي إيل زامير، حول الخط الأصفر، باعتباره خطاً دفاعياً وهجومياً جديداً»، حيث إن نشاط الجيش الإسرائيلي في المنطقة «الصفراء» - الذي يشمل تدمير بنية تحتية للأنفاق وهدم منازل - «يفسر في القاهرة على أنه استعداد لترسيخ وجود عسكري طويل الأمد في غزة، ما دفع مصر إلى التحرك الدبلوماسي العاجل باتجاه واشنطن»، وفق القناة العبرية.

وأكد نائب مدير المخابرات الحربية ورئيس جهاز الاستطلاع السابق بمصر، لواء أركان حرب أحمد كامل، أن «مصر غاضبة بشدة من محاولات إسرائيل التملص من التزامها بخطة السلام المتفق عليها، وتحركاتها في المنطقة الصفراء توحي برغبتها في تثبيت وجود عسكري دائم في غزة وقرب الحدود المصرية، مما يمثل تهديداً للأمن القومي المصري».

مصادر تتحدث عن اشتراطات مصرية لعقد قمة بين السيسي ونتنياهو (إعلام عبري)

كامل، وهو مستشار بالأكاديمية العسكرية المصرية للدراسات العليا والاستراتيجية قال لـ«الشرق الأوسط»: «الموقف المصري واضح ومحدد وثابت في عده قضايا رئيسية تخص الأمن القومي المصري، ويقوم على أن السلام هو الهدف الرئيسي والاستراتيجي للسياسة الخارجية المصرية، واحترام مصر للاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي، خصوصاً اتفاقيه السلام الموقعة عام 1979، والملحق العسكري المرفق بالاتفاقية وتعديلاته الخاصة بزيادة أعداد القوات المسلحة المصرية في سيناء، وضرورة احترام إسرائيل للاتفاقيات الموقعة بين الجانبين».

وأوضح أن «هناك اشتراطات مصرية للتهدئة مع إسرائيل تتعلق بتنفيذ اتفاق غزة طبقاً لمبادرة الرئيس الأميركي ترمب بمراحلها المختلفة، والبدء فوراً في المرحلة الثانية دون عرقلة أو أسباب واهية، مع التأكيد على تثبيت وقف إطلاق النار الدائم والتحول إلى مرحلة السلام، وقيام إسرائيل بالتنفيذ الدقيق للاتفاقية ودخول المساعدات الإنسانية بالكميات المتفق عليها، وفتح معبر رفح في الاتجاهين».

ومن الشروط كذلك بحسب كامل، «رفض مصر الهجرة القسرية أو الطوعية لسكان قطاع غزة، وكذلك الإجراءات الإسرائيلية بالضفة الغربية الخاصة بإقامة المستوطنات وضم الضفة الغربية لإسرائيل، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من كامل أراضي القطاع بما فيها محور فيلادلفيا والعودة لحدود 7 أكتوبر 2023، والتأكيد أن الوجود الإسرائيلي الحالي هو وضع مؤقت مرهون بتطور تنفيذ مراحل الاتفاق، وأن الخطوط الملونة ومنها الخط الأصفر، هي خطوط وهمية لا يعتد بها».

الشرط الرابع، وفق كامل، متعلق بـ«مدى تجاوب نتنياهو وحكومته مع المطالب العربية الواضحة في المبادرة العربية، والخاصة بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، والشروع والموافقة على حل الدولتين وعدم التهجير للفلسطينيين؛ سواء بغزة أو الضفة، وإبداء النوايا الحسنة الخاصة بحسن الجوار وعدم الاعتداء، والتجاوب مع المطالب الدولية الخاصة بإخلاء المنطقة من التهديد بالسلاح النووي، وانضمام إسرائيل للاتفاقيات الدولية بذات الشأن».

مسلحون من «حماس» يرافقون أعضاء «الصليب الأحمر» نحو منطقة داخل «الخط الأصفر» الذي انسحبت إليه القوات الإسرائيلية في مدينة غزة (أرشيفية - رويترز)

ويعتقد أن «مصر لن تتجاوب مع المساعي الأميركية والإسرائيلية الخاصة بعقد اجتماع بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، دون تقديم إسرائيل مبادرة واضحة ومحددة لرغبتها في السلام واستقرار المنطقة، وتكون قابلة للتنفيذ».

وذكرت التقارير الإسرائيلية أن الولايات المتحدة حاولت فعلياً تنظيم قمة ثلاثية في واشنطن؛ بين السيسي ونتنياهو بحضور ترمب، لكن الفكرة ارتطمت بجدار الشروط المصرية التي وصفها الإعلام العبري بـ«غير المقبولة» من وجهة النظر الإسرائيلية، لكن التقارير ذاتها أشارت إلى أن القاهرة تتوقع أن يمارس ترمب ضغوطاً خلال لقائه المرتقب مع نتنياهو في فلوريدا نهاية الشهر الحالي، لـ«كبحه» والحد من خطواته في غزة.

وقال رئيس الأركان السابق للجيش المصري، اللواء سمير فرج، إن «هناك تعويلاً كبيراً على القمة التي ستعقد بين ترمب ونتنياهو ومخرجاتها، وإن ترمب بالقطع سيضغط على نتنياهو للالتزام بخطة السلام في غزة، التي تحمل اسم ترمب شخصياً».

ونوه فرج في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بأن مصر ستقيم الموقف في إطار ما ستتمخض عنه قمة ترمب ونتنياهو، ولكن في الوقت ذاته، فإن موقفها واضح وثابت في أنها لا تقبل أبداً بتثبيت الوجود العسكري الإسرائيلي في الخط الأصفر، أو في أي منطقة من غزة، وكل ما تفعله حكومة نتنياهو تدرك القاهرة تماماً أنه محاولة لعرقلة خطة السلام التي تنص على الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من جميع أراضي غزة.