الرئيس الموريتاني يشكل لجنة لإعادة هيكلة الحزب الحاكم

المعارضة حذرت من تنظيم انتخابات تشريعية غير توافقية ولوحت بالمقاطعة

الرئيس الموريتاني يشكل لجنة لإعادة هيكلة الحزب الحاكم
TT

الرئيس الموريتاني يشكل لجنة لإعادة هيكلة الحزب الحاكم

الرئيس الموريتاني يشكل لجنة لإعادة هيكلة الحزب الحاكم

شكل الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز لجنة فنية وكلفها بإعادة هيكلة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، ووضع استراتيجية جديدة لعمل الحزب الذي يراهن عليه الرئيس في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. اللجنة ضمت عدة وزراء: وزير الدفاع (رئيس اللجنة)، وزر الاقتصاد والمالية، وزير النفط والطاقة والمعادن، وزير الوظيفة العمومية وعصرنة الإدارة، وزيرة الإسكان والاستصلاح الترابي، كما ضمت أيضاً رئيس الحزب الحاكم وبعض الشخصيات البارزة في معسكر الموالاة.
وعقدت اللجنة أمس الجمعة اجتماعاً ناقشت خلاله تقييم عمل الحزب خلال السنوات الماضية، كما قررت فتح باب الانتساب، وقررت أنها بعد ذلك ستعمل على انتخاب الهيئات القيادية للحزب وفق هيكلة جديدة ستناقشها خلال الأيام القليلة القادمة. وكان الرئيس الموريتاني قد منح اللجنة الفنية مهلة عشرة أيام فقط للخروج بتوصيات واضحة وقرارات عملية من أجل ضخ دماء جديدة في الحزب تضمن فعاليته في المواسم الانتخابية المقبلة، إذ تستعد موريتانيا لانتخابات تشريعية وبلدية نهاية العام الجاري، بالإضافة إلى انتخابات رئاسية حاسمة العام المقبل.
وكان حزب الاتحاد من أجل الجمهورية قد تأسس عام 2009، من طرف الرئيس الحالي للبلاد محمد ولد عبد العزيز الذي كان أول رئيس له، ولكنه استقال من رئاسته بعد أن فاز في الانتخابات الرئاسية عام 2009، لأن القانون الموريتاني يمنع على رئيس البلاد تولي مناصب قيادية في الأحزاب السياسية، إلا أنه ما يزال يحتفظ بتأثير قوي داخل الحزب الذي تعاقبت على رئاسته شخصيات بارزة مقربة من الرئيس.
من جهة أخرى قال محمد الأمين ولد الشيخ وزير الثقافة والصناعة التقليدية الناطق باسم الحكومة في مؤتمر صحافي مساء أول من أمس الخميس، إن مهمة هذه اللجنة الفنية هي الاستعداد للانتخابات المقبلة التي أكد أنها ستجري في موعدها المحدد (نوفمبر/تشرين الثاني 2018)، ونفى ما يتردد من شائعات بخصوص إمكانية تأجيلها من أجل إفساح المجال لتنظيم حوار سياسي جديد مع المعارضة الديمقراطية.
وقال ولد الشيخ: «الانتخابات ستنظم في موعدها ولن تؤجل، لا أعتقد أن هنالك حواراً جديداً، لقد سبق أن نظم حوار مع المعارضة (أحزاب توصف بالمعارضة المعتدلة) وحدد القوانين والتعديلات»، في إشارة واضحة للحوار الذي نظمته الحكومة نهاية 2016، وقاطعته المعارضة الديمقراطية ووصفته بالمسرحية، ولكن هذا الحوار أسفر عن تعديلات دستورية جوهرية.
وأكد الوزير الناطق باسم الحكومة أن باب المشاركة في الانتخابات سيكون مفتوحاً أمام الجميع، حتى أولئك الذين قاطعوا الحوار السابق، في إشارة إلى المعارضة التي غابت عن جميع الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة، وكان آخر سباق انتخابي تشارك فيه هو الانتخابات الرئاسية عام 2009، وتبرر مقاطعتها الدائمة بعدم الثقة في النظام الحاكم.
وكان المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، أكبر ائتلاف معارض في موريتانيا، قد حذر مطلع هذا الأسبوع من «مغبة تنظيم انتخابات غير توافقية في جو يطبعه التوتر السياسي المتفاقم»، وقال المنتدى في بيان حاد إن ذلك سيدخل البلاد في «أزمات غير محسوبة العواقب».
ووجه المنتدى انتقادات حادة لنظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز، وقال إنه «يسبح عكس تيار طموحات الشعب، بالتمادي في اختطاف الدولة وخنق الحريات وإسكات كل صوت يرتفع ضد فساد النظام وتسلطه»، مستدلاً على ذلك بما قال إنه «الإصرار على تمرير قوانين انتخابية غير توافقية، وانتهاك الدستور والقوانين، وقمع المظاهرات السلمية، وتجنيد القضاء لتصفية الحسابات السياسية، وسجن الخصوم السياسيين». ودعا المنتدى إلى «التصعيد» من أجل «فرض التغيير الديمقراطي»، مؤكداً ضرورة العمل من أجل إيقاف «سياسات النظام القمعية وتماديه في الاستمرار في اختطاف البلاد نحو المجهول»، على حد تعبير المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة.
من جانبه أصدر حزب تكتل القوى الديمقراطية، الذي يوصف بأنه الحزب المعارض الأكثر شراسة، بياناً أمس الجمعة اتهم فيه النظام الحاكم بأن لديه «مخططا لتدمير البني التحتية للاقتصاد الوطني من خلال تفليس مؤسسات عمومية بعد أن استخدمت من أجل إثراء بطانة رئيس الدولة». وضرب الحزب المعارض المثال بالشركة الوطنية للإيراد والتصدير (سونمكس) والمؤسسة الوطنية لصيانة الطرق (أنير)، وتعاني الشركتان من مشاكل مالية أدت إلى الإفلاس وبدأت الحكومة في إجراءات التصفية والدمج مع مؤسسات أخرى مملوكة للدولة.
الحزب الذي يقوده الزعيم التقليدي للمعارضة أحمد ولد داداه وهو أحد الاقتصاديين المخضرمين في موريتانيا، حذر من أن ينتهي الأمر بإفلاس وتصفية الشركة الوطنية للصناعة والمناجم (سنيم)، وهي أكبر شركة منتجة للمعادن في موريتانيا تتولى استغلال مناجم الحديد شمالي البلاد. وأشار الحزب في بيانه إلى أن تصفية الشركات «تأتي لطمس أدلة الفساد بغية التهرب من المساءلة القانونية في المستقبل»، موضحاً أن الفساد أصبح واضح المعالم و«يتجلى في النهب الممنهج لثروات البلد وتفشي ظاهرة الرشوة على جميع الأصعدة».
في غضون ذلك يؤكد النظام الحاكم أنه أطلق حرباً شرسة على الفساد، منذ وصوله إلى الحكم عام 2008، معلناً أن هذه الحرب مكّنت الدولة من استعادة مليارات الأوقية كانت تذهب إلى جيوب المفسدين سنوياً، وقد وجهت هذه الأموال إلى مشاريع وطنية.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.