{احتجاجات الخبز} السودانية تتمدد... والقبض على قادة سياسيين

المعارضة تتعهد بمواصلة الاحتجاجات حتى إسقاط النظام سلمياً... وتلغي مخرجات الحوار الوطني

مواطنون سودانيون يتجمهرون حول انابيب غاز في أحد شوارع الخرطوم.
مواطنون سودانيون يتجمهرون حول انابيب غاز في أحد شوارع الخرطوم.
TT

{احتجاجات الخبز} السودانية تتمدد... والقبض على قادة سياسيين

مواطنون سودانيون يتجمهرون حول انابيب غاز في أحد شوارع الخرطوم.
مواطنون سودانيون يتجمهرون حول انابيب غاز في أحد شوارع الخرطوم.

دخلت مظاهرات الخبز في السودان، طوراً جديداً أمس، باعتقال عدد من قادة الأحزاب السودانية، في حين لجأت سلطات الأمن لاستخدام أساليب أكثر عنفاً، لتفريق مئات الأشخاص حاولوا التجمع في أحد ميادين العاصمة الوطنية أم درمان، للاحتجاج على سياسات نظام حكم الرئيس عمر البشير، والتنديد بالغلاء الفاحش الذي اجتاح البلاد، وأدى إلى ارتفاع جنوني في أسعار السلع الاستهلاكية الرئيسية، وعلى رأسها الخبز.
ومن أبرز المعتقلين نائب رئيس حزب الأمة القومي محمد عبد الله الدومة، وسكرتير الحزب الشيوعي محمد مختار الخطيب الذي اعتقل من منزله قبيل الاحتجاجات، وفقاً لإفادة من المتحدث باسمه، فضلاً عن اعتقال أربعة من أنجال الزعيم السياسي والديني الصادق المهدي، بينهم ثلاثة نساء، وضربهم مبرحاً على مرأى من الصحافيين، قبل اقتيادهم إلى جهة مجهولة. ودعا المهدي عقب الاحتجاجات، الشعب السوداني، إلى حشد قواه لإسقاط نظام الحكم بالطرق السلمية.
وحشدت سلطات الأمن عدداً كبيراً من عناصرها، مدعمين بالآليات العسكرية، في ميدان «المدرسة الأهلية» بأم درمان، المكان المقرر التجمع فيه للاحتجاج، من وقت باكر من صبيحة أمس. وقامت الشرطة بغمر الميدان نفسه بمياه الصرف الصحي منذ ليل الثلاثاء، للحيلولة دون وصول المحتجين إلى المكان.
وكان تحالف قوى المعارضة، المكون من 30 حزباً، قد وجّه دعوة إلى مناصريهم، للتظاهر في الميدان المذكور، أبرزها حزب الأمة القومي بزعامة المهدي، والحزب الشيوعي، وحزب المؤتمر السوداني، وحزب البعث الاشتراكي.
وقبل أن يكتمل تجمع المحتجين، استهدفت قوات الشرطة التجمعات خارج الميدان بالغاز المسيل للدموع، واستخدمته بكثافة، ما حال دون وصول المحتجين، لمكان التجمع. وكان المحتجون يهتفون «لا للجوع... لا لارتفاع الأسعار». واستخدمت قوات الشرطة ورجال بثياب مدنية، العصي الكهربائية والهراوات، ضد المحتجين، وأصابت عدداً من المواطنين، من بينهم أحد أحفاد المهدي، والصحافي بهرام عبد المنعم الذي أصيب بكسر في يده، وآخرين نقلوا إلى حوادث مستشفى أم درمان. وقال الصحافي بهرام عبد المنعم لـ«الشرق الأوسط»، إنه كان يؤدي مهامه الصحافية، وفجأة انهمرت عليه العصي الكهربائية، وخراطيم المياه البلاستكية؛ ما أدى لسقوطه أرضاً ودخوله في حالة إغماء.
وأول من أمس، نظمت المعارضة مظاهرة احتجاجية ضد غلاء الأسعار، دعا لها الحزب الشيوعي السوداني، وتوعدت بمواصلة الاحتجاج يوم أمس بوقفة احتجاجية في أم درمان، وتعهدت بمواصلة الاحتجاجات لحين إسقاط النظام، وتحقيق الانتقال السلمي الديمقراطي وتغيير نظام الحكم.
وعقب تفريق التجمع الاحتجاجي، قال رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي في مؤتمر صحافي مشترك مع قادة المعارضة: إن نظام عمر البشير قتل الحوار الوطني، وتعهد هو ورفاقه في المعارضة بدفنه.
ووصف المهدي نظام الحكم بـ«الكاذب»، وقال: إنه دعا لحوار وطني، تخلى عنها سريعاً، ولم يلتزم بما تمخض عنه، وتابع: «واصل النظام إخفاقاته، وهبط إلى أدنى درجات الهبوط».
ودعا المهدي الشعب لحشد قواه لإسقاط نظام حكم الرئيس البشير عبر الطرق السلمية. وفي الوقت ذاته، وجهة دعوة للأجهزة الأمنية والنظامية السودانية، طالبها فيها بحماية المواطنين، وقال: «أدعو الأجهزة النظامية لحماية المواطنين بدلاً من الاعتداء عليهم، وحماية نظام فاشل».
وانتقد المهدي سياسات نظام الحكم، ودعا للتخلي عما أسماه «المحورية»، وتبني «أعمال قد تورط السودان في حروب إقليمية»، مشيراً بذلك إلى الحشود العسكرية بالقرب من الحدود السودانية الإريترية، ودعا لاتباع سياسة خارجية متوازنة بين الانتماء العربي والأفريقي والإسلامي والدولي.
وحذر المهدي المواطنين من الوقوع فيما أسماه «الأعمال التي تلهي الشعب عن مهامه»، وقال: «أدعو الشعب السوداني، للانتباه وعدم السماح للمهرجين، بتوظيف أفعال القصد عنها إلهاء الناس عن مهامهم في مقاومة الديكتاتورية».
وأجمعت أحزاب المعارضة على سبعة أهداف، من بينها إزالة نظام الحكم عبر العمل الجماهيري السلمي، وكفالة حقوق الإنسان وبسط الحريات، وتكوين حكومة قومية انتقالية، لحين إقامة انتخابات حرة نزيهة. واتفقت على «إبرام اتفاقية سلام عادلة وشاملة» مع الحركات المسلحة، الهدف منها إزالة أسباب النزاع في البلاد كافة، وتحديد أسس إدارة التنوع في السودان، وتطبيق سياسات بديلة متفق عليها، في كافة المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وصولاً لعقد مؤتمر قومي دستوري لكتابة الدستور الدائم للبلاد.
وقال أمين عام حزب البعث السوداني يحيى محمد الحسين: إن سياسات نظام الحكم دفعت المعارضة للوصول لما أسماه «المرحلة المتقدمة من الوحدة»، وتابع: «هذه وحدة لم تشهدها المعارضة منذ أمد طويل، وهي مسألة جديدة في العمل المعارض». وأوضح الحسين، أن أوضاع البلاد وتدهورها دفعت الناس للتعامل بشكل ممنهج معها، مستفيدة من التطور الذي يشهده العالم، والذي بلغ حد تطابق برامج الأحزاب، ويقوم على «الديمقراطية وحقوق الإنسان». وأضاف: «أنا متفائل بأن الوحدة التي وصل إليها المعارضون تختلف عن ما سبقها، ولن تنتهي بقيام الانتخابات».



إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
TT

إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)

بهدف توحيد الصف اليمني ومساندة الشرعية في بسط نفوذها على التراب الوطني كله، أعلن 22 حزباً ومكوناً سياسياً يمنياً تشكيل تكتل سياسي جديد في البلاد، هدفه استعادة الدولة وتوحيد القوى ضد التمرد، وإنهاء الانقلاب، وحل القضية الجنوبية بوصفها قضيةً رئيسيةً، ووضع إطار خاص لها في الحل النهائي، والحفاظ على النظام الجمهوري في إطار دولة اتحادية.

إعلان التكتل واختيار نائب رئيس حزب «المؤتمر الشعبي» ورئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر رئيساً له، كان حصيلة لقاءات عدة لمختلف الأحزاب والقوى السياسية - قبل مقاطعة المجلس الانتقالي الجنوبي - برعاية «المعهد الوطني الديمقراطي الأميركي»، حيث نصَّ الإعلان على قيام تكتل سياسي وطني طوعي للأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، يسعى إلى تحقيق أهدافه الوطنية.

القوى السياسية الموقعة على التكتل اليمني الجديد الداعم للشرعية (إعلام محلي)

ووفق اللائحة التنظيمية للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، ستكون للمجلس قيادة عليا تُسمى «المجلس الأعلى للتكتل» تتبعه الهيئة التنفيذية وسكرتارية المجلس، على أن يكون المقر الرئيسي له في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، وتكون له فروع في بقية المحافظات.

وبحسب اللائحة التنظيمية للتكتل، فإن الأسس والمبادئ التي سيقوم عليها هي الدستور والقوانين النافذة والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية، والتداول السلمي للسلطة، والعدالة، والمواطنة المتساوية، والتوافق والشراكة، والشفافية، والتسامح.

ونصَّ الباب الثالث من اللائحة التنظيمية على أن «يسعى التكتل إلى الحفاظ على سيادة الجمهورية واستقلالها وسلامة أراضيها، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام، ودعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على كافة التراب الوطني، وتعزيز علاقة اليمن بدول الجوار، ومحيطه العربي والمجتمع الدولي».

وكان المجلس الانتقالي الجنوبي، الشريك في السلطة الشرعية، شارك في اللقاء التأسيسي للتكتل الجديد، لكنه عاد وقاطعه. وأكد المتحدث الرسمي باسمه، سالم ثابت العولقي، أن المجلس الانتقالي الجنوبي يتابع نشاط التكتل الذي تعمل عليه مجموعة من الأطراف لإعلانه، ويؤكد عدم مشاركته في هذا التكتل أو الأنشطة الخاصة به، وأنه سيوضح لاحقاً موقفه من مخرجات هذا التكتل.

ومن المقرر أن يحل التكتل الجديد محل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تأسس منذ سنوات عدة؛ بهدف دعم الحكومة الشرعية في المعركة مع جماعة الحوثي الانقلابية.

ويختلف التكتل الجديد عن سابقه في عدد القوى والأطراف المكونة له، حيث انضم إليه «المكتب السياسي للمقاومة الوطنية» بقيادة العميد طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وغيرهما من القوى التي لم تكن في إطار التحالف السابق.

ووقَّع على الإعلان كل من حزب «المؤتمر الشعبي العام»، وحزب «التجمع اليمني للإصلاح»، و«الحزب الاشتراكي اليمني»، و«التنظيم الناصري»، و«المكتب السياسي للمقاومة الوطنية»، و«الحراك الجنوبي السلمي»، وحزب «الرشاد اليمني»، وحزب «العدالة والبناء».

كما وقَّع عليه «الائتلاف الوطني الجنوبي»، و«حركة النهضة للتغيير السلمي»، وحزب «التضامن الوطني»، و«الحراك الثوري الجنوبي»، وحزب «التجمع الوحدوي»، و«اتحاد القوى الشعبية»، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وحزب «السلم والتنمية»، وحزب «البعث الاشتراكي»، وحزب «البعث القومي»، وحزب «الشعب الديمقراطي»، و«مجلس شبوة الوطني»، و«الحزب الجمهوري»، وحزب «جبهة التحرير».

وذكرت مصادر قيادية في التكتل اليمني الجديد أن قيادته ستكون بالتناوب بين ممثلي القوى السياسية المُشكِّلة للتكتل، كما ستُشكَّل هيئة تنفيذية من مختلف هذه القوى إلى جانب سكرتارية عامة؛ لمتابعة النشاط اليومي في المقر الرئيسي وفي بقية فروعه في المحافظات، على أن يتم تلافي القصور الذي صاحب عمل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تحوَّل إلى إطار لا يؤثر في أي قرار، ويكتفي بإعلان مواقف في المناسبات فقط.

بن دغر مُطالَب بتقديم نموذج مختلف بعد إخفاق التحالفات اليمنية السابقة (إعلام حكومي)

ووفق مراقبين، فإن نجاح التكتل الجديد سيكون مرهوناً بقدرته على تجاوز مرحلة البيانات وإعلان المواقف، والعمل الفعلي على توحيد مواقف القوى السياسية اليمنية والانفتاح على المعارضين له، وتعزيز سلطة الحكومة الشرعية، ومكافحة الفساد، وتصحيح التقاسم الحزبي للمواقع والوظائف على حساب الكفاءات، والتوصل إلى رؤية موحدة بشأن عملية السلام مع الجماعة الحوثية.