فصائل فلسطينية تهاجم قرارات «المركزي»

عضو في اللجنة التنفيذية: بعض القضايا يحتاج إلى تدرج مثل تعليق الاعتراف بإسرائيل والتخلص من الاتفاقات

أسرة الشاب أحمد سالم تتلقى العزاء في مقتله على أيدي قوات الاحتلال في الضفة الغربية أول من أمس (أ.ف.ب)
أسرة الشاب أحمد سالم تتلقى العزاء في مقتله على أيدي قوات الاحتلال في الضفة الغربية أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

فصائل فلسطينية تهاجم قرارات «المركزي»

أسرة الشاب أحمد سالم تتلقى العزاء في مقتله على أيدي قوات الاحتلال في الضفة الغربية أول من أمس (أ.ف.ب)
أسرة الشاب أحمد سالم تتلقى العزاء في مقتله على أيدي قوات الاحتلال في الضفة الغربية أول من أمس (أ.ف.ب)

فيما هاجمت فصائل فلسطينية قرارات المجلس المركزي الفلسطيني، أكد مسؤول فلسطيني أن قرارات المجلس ملزمة، وستدخل حيز التنفيذ، بإشراف ورقابة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.
وقال واصل أبو يوسف، عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة ومجلسها المركزي، لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نتوجه نحو مرحلة جديدة مختلفة... وقرارات (المركزي) واضحة وملزمة، وبعضها لا يحتاج لنقاش حتى»، وتابع موضحاً: «مثلا رفض القرار الأميركي بشأن القدس، ورفض أي دور أميركي في أي عملية سياسية، والعمل على إيجاد مقاربة جديدة عبر مؤتمر دولي وآلية دولية، مسألة منتهية وقد باشرنا بها... والحق في المقاومة على الأرض، وتحقيق الوحدة كلها مسائل لا جدال حولها». لكنه شدد على بعض المسائل التي «تحتاج إلى قرارات وتدرج، مثل تعليق الاعتراف بإسرائيل، والتخلص من الاتفاقات بما في ذلك الاقتصادية».
وكان المجلس المركزي، وهو هيئة دائمة منبثقة عن المجلس الوطني، ويعد أعلى هيئة تشريعية فلسطينية في حالة انعقاده، قد أدان ورفض قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، والعمل على إسقاطه، مؤكدا أن الهدف المباشر هو استقلال دولة فلسطين، مما يتطلب الانتقال من مرحلة سلطة الحكم الذاتي إلى مرحلة الدولة، والتي تناضل من أجل استقلالها، وبدء تجسيد سيادة دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967.
وأعلن «المركزي» أن الفترة الانتقالية التي نصت عليها الاتفاقيات الموقعة في أوسلو والقاهرة وواشنطن، بما انطوت عليه من التزامات، لم تعد قائمة.
وكلف «المركزي» اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بتعليق الاعتراف بإسرائيل إلى حين اعترافها بدولة فلسطين على حدود عام 1967، وإلغاء قرار ضم القدس الشرقية ووقف الاستيطان. كما جدد قراره بوقف التنسيق الأمني بكل أشكاله، وبالانفكاك من علاقة التبعية الاقتصادية، التي كرسها اتفاق باريس الاقتصادي، وذلك لتحقيق استقلال الاقتصاد الوطني، والطلب من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ومؤسسات دولة فلسطين البدء في تنفيذ ذلك.
وشرح أبو يوسف كيف أن «المركزي» اتخذ هذه القرارات وسط نقاشات عميقة وآراء مختلفة. وقال في هذا السياق: «قررنا أنه لا يمكن أن نستسلم للإمبريالية الأميركية مهما كان الثمن... وقد قلنا وسنقول: لا لصفقة القرن. وكل هذه التضحيات لن تذهب هدرا... هذا غير ممكن»، مضيفاً أنه «إذا كانوا يريدون إخراج القدس وشطب حق عودة اللاجئين فماذا تبقى؟».
ونفى أبو يوسف أي نية لتأجيل أو المماطلة في تنفيذ قرارات «المركزي»، وقال إن جميع القرارات ملزمة، ويجب أن تنفذ فورا، واللجنة التنفيذية ستراقب ذلك.
لكن عمليا يتوجب على الجهات المختصة وضع خطة من أجل وضع توصيات المجلس المركزي محل التنفيذ، ولا يمكن تنفيذ كل شيء بسرعة بسبب الكلفة المتوقعة لها سياسيا وماليا. ويتوقع أن تقر التنفيذية بعض التوصيات فورا، لكنها ستؤجل قرارات من قبيل تجسيد الدولة، وتعليق الاعتراف بإسرائيل والتخلص من الاتفاقات الاقتصادية.
وقال مصدر كبير لـ«الشرق الأوسط»: «ليست دفعة واحدة بكل تأكيد... ولا يمكن القفز في الهواء. وإلغاء الاتفاقات الاقتصادية يحتاج إلى خطط واضحة ومدروسة. لا نريد أن نغامر. سنبدأ في وضع خطط وتطبيقها شيئا فشيئا».
وسيراقب الفلسطينيون مدى جدية القيادة الفلسطينية في تطبيق قرارات المجلس المركزي بعد تجربة سابقة متعلقة بقرار بوقف التنسيق الأمني، لم يطبق فورا. لكن حتى قبل أن يتبين إلى أي حد ستلتزم القيادة الفلسطينية بتطبيق قرارات «المركزي»، هاجمت فصائل فلسطينية القرارات وتحفظت أخرى عليها، إذ قالت حركة حماس إن الاختبار الحقيقي لما صدر عن المجلس المركزي من قرارات هو في الالتزام بتنفيذها فعليا على الأرض، ووضع الآليات اللازمة لذلك. فيما هاجم النائب مشير المصري عن حركة حماس المجلس المركزي، وقال إنه يسرق القرار الفلسطيني ويذهب به بعيداً عن إرادة شعبنا.
وقال المصري إن حركة حماس وفصائل أخرى طالبت المجلس المركزي بسحب الاعتراف بإسرائيل، وإلغاء اتفاقية أوسلو «لكنه للأسف لم يلتزم بأي طلب من ذلك».
أما خالد البطش، مسؤول العلاقات الوطنية في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، فقال إن حركته كانت تأمل في أن يصدر عن «المركزي» قرارات أكثر قوة ووضوحا، وأضاف في تصريح مكتوب: «ما صدر من توصيات تحمل لغة يجب على (المركزي) متابعتها بهدف تنفيذ القرارات، ووضع الآليات الضرورية لها، خاصة فيما يتعلق بتحقيق المصالحة ووقف التنسيق الأمني، وإلغاء اتفاقية باريس الاقتصادية، والتأكيد على سحب الاعتراف بإسرائيل».
وانتقد البطش أن البيان لم يلغ العملية السياسية (التسوية)، بل اعتبرها قائمة على أساس البحث عن راعٍ جديد لها، وقال إن «المطلوب هو حماية الثوابت، وليس تحسين شروط التفاوض وصولا لترتيب البيت الفلسطيني، وفق اتفاق القاهرة 2005 - 2011، والتصدي لمتطلبات المرحلة المهمة في تاريخ القضية الفلسطينية والصراع مع الاحتلال.
من جانبها، تحفظت الجبهة الشعبية، ثاني أكبر فصيل في منظمة التحرير، على قرارات «المركزي»، وقال بيانها إنّ «العودة إلى سياسة اللعم (نعم ولا في نفس الوقت) في صوغ غالبية المواقف، التي تتطلب وضوحاً في الرد على الواقع القائم وما نشأ عنه من تطورات سلبية، إنما تعني الاستمرار في مربع المراوحة والانتظار، واستمرار الرهان على جهود إقليمية ودولية بإعادة إحياء المفاوضات، وعلى الإدارة الأميركية إذا تراجعت عن قرارها بخصوص القدس».
وأعلنت «الشعبية» أنها تتحفظ على بيان «المركزي»، داعية إلى استمرار بذل الجهود مع كل القوى والشخصيات الوطنية والديمقراطية لنضالٍ ديمقراطي متواصل من أجل نقد وتصويب السياسة الرسمية الفلسطينية، وإخراجها من النهج والسياق الذي حكمها منذ أوسلو.
وكانت الشعبية ومعها الجبهة الديمقراطية قد امتنعتا عن التصويت على نص البيان الختامي، بعدما أحيل إلى التصويت بسبب خلافات حول النص. وكانت رئاسة «المركزي» قد رفضت الاقتراحات التي تقدّمت بها الجبهتان بعقد اجتماعٍ عاجل للجنة التحضيرية للمجلس الوطني، وبدعوة لجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير للانعقاد، كما شب خلاف حول ضرورة إلغاء اتفاق أوسلو، بدل اعتبار الفترة الانتقالية منتهية، وسحب الاعتراف بإسرائيل بدل تعليقه، وقطع العلاقة مع واشنطن نهائياً بدل إخراجها من العملية السياسية، وأشكال المقاومة المتبعة وعدم قصرها على السلمية، والمبادرة العربية وحتى من البطريرك ثيوفيلوس المتهم بتسريب أراضٍ وتعريب الكنيسة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.