حزب «الدعوة» يتفادى الانشقاق

ترك لأنصاره حرية الاختيار بين العبادي والمالكي

العبادي - المالكي
العبادي - المالكي
TT

حزب «الدعوة» يتفادى الانشقاق

العبادي - المالكي
العبادي - المالكي

تفادى حزب الدعوة أخطر انشقاق منذ آخر انشقاق حصل في صفوفه عام 2006، عندما خرج منه الناطق السابق باسمه إبراهيم الجعفري بعد الإطاحة به من رئاسة الوزراء لصالح نوري المالكي. فبعد صراعات صامتة وأخرى معلنة بين أمين عام الحزب ورئيس الوزراء السابق نوري المالكي، ورئيس مكتبه السياسي ورئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، اتفق قادة حزب الدعوة على الحفاظ على وحدة الحزب ككيان سياسي عبر الانسحاب من السباق الانتخابي، مع ترك حرية الخيار لأنصاره المشاركة بشخوصهم لصالح المالكي أو العبادي.
الحزب وفي بيان له مساء أمس أعلن أن «قيادات حزب الدعوة اجتمعت بحضور نوري المالكي وحيدر العبادي، واتخذت مجموعة قرارات تصب لصالح الدعوة ووحدة الصف، فيما قدمت طلبا للمفوضية العليا للانتخابات». وأشار البيان إلى «عدم دخول حزب الدعوة الإسلامية بعنوانه حزبا سياسيا في التحالفات السياسية والانتخابية المسجلة لدى دائرة الأحزاب في المفوضية العليا للانتخابات، وتحديدا في انتخابات مجلس النواب والمحافظات لعام 2018». وأضاف أن «لأعضاء الحزب بمختلف مستوياتهم التنظيمية والقيادية الحرية الكاملة بالمشاركة في الانتخابات بعناوينهم الشخصية وليست الحزبية والترشيح في أي قائمة أو ائتلاف آخر».
وجاءت هذه التسوية عشية إعلان منتظر اليوم عن الكيانات السياسية التي ستشارك في انتخابات مايو (أيار) المقبل. وبالنسبة لحزب الدعوة فإن الإشكالية كانت أن «ائتلاف دولة القانون» بزعامة المالكي، الذي ينتمي إليه العبادي، مسجل لدى مفوضية الانتخابات باسم الأول، بينما العبادي سجل كيانه الانتخابي «النصر» باسم شخص آخر مقرب منه اسمه حسون الربيعي. وبما أن العبادي يبحث عن تسلسل «رقم واحد» بوصفه أحد زعماء الخط الأول، ويصنفه الكثيرون على أنه اللاعب الأقوى بين الجميع، لأنه يتربع على العديد من المنجزات، في المقدمة منها طرد تنظيم داعش من العراق، وتحرير كل الأراضي التي احتلها في زمن سلفه المالكي، فإن كون «ائتلاف دولة القانون» مسجل باسم المالكي، يعني أن الأخير لا بد أن يكون الرقم 1 والعبادي رقم 2. وحتى على صعيد قائمة «النصر» فإن العبادي، وإن كان زعيمها، لا يحتل «رقم واحد» بل يحتله من سجلت القائمة باسمه.
وقبل التسوية، أقر جبار العبادي، عضو ائتلاف دولة القانون، والمقرب من رئيس الوزراء، لـ«الشرق الأوسط» بأن هناك إشكالية عميقة داخل حزب الدعوة، حيث بات الجميع يبحثون عن مخرج لهذا المأزق الذي إن تعذر حسمه قبل إعلان الكيانات الانتخابية اليوم «ربما سيكون سبباً لانشقاق جديد في حزب الدعوة»، مبيناً أن «كفة العبادي هي الراجحة في هذه المعادلة، لأن هناك نية لانسحاب قيادة حزب الدعوة من ائتلاف دولة القانون، وهو ما يعني التسبب بخسارة كبيرة للمالكي، لأن معظم قيادات الدعوة (8 من 11 عضواً) هم مع العبادي». وكشف جبار العبادي عن «وجود مساع حثيثة تقودها شخصيات سياسية وقيادات حزبية محايدة باتجاه التوصل إلى تسوية بين الطرفين، بحيث لا يؤدي ذلك إلى تمزيق حزب الدعوة»، موضحاً أن «المقاربة الأكثر مقبولية ربما لكل الأطراف هي انسحاب حزب الدعوة من ائتلاف دولة القانون، بحيث يبقى مرجعية حزبية لا علاقة له بالائتلافات، ويقف على الحياد، ولا يجب عليه تبني أي قائمة انتخابية» ويبدو أن هذا هو ما حصل في التسوية التي تم التوصل إليها أمس.
وحول المباحثات التي يجريها العبادي مع قوى «الحشد الشعبي» المسجلة ضمن قائمة «الفتح المبين»، يقول جبار العبادي إن «المباحثات جارية بين الطرفين، وقد توصلا على ما يبدو إلى تفاهمات، لكن هناك قضايا فنية لم تحسم بعد، وبالتالي لا أحد يعرف إن كان سيدخل الطرفان (العبادي والحشد) في تكتل انتخابي واحد أم لا».
في سياق ذلك، أكد الخبير القانوني طارق حرب أنه بموجب القانون «لا يعني انتماء فرد لحزب إلزامه بعدم تشكيل قائمة انتخابية، واتخاذه أسما غير اسم حزبه، ذلك أن الحظر في قانون الأحزاب على تكرار اسم الحزب لكي لا يؤدي إلى تشويش لدى الناخب». وأضاف أن «انتماء شخص إلى حزب لا يعني إلزامه بالتصويت لقائمة الحزب الانتخابية، فله الخيار، وقد لا يجد في المرشحين من هو مؤهل».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».