روسيا: طائرة استطلاع أميركية حلقت في أجواء الهجوم على القاعدتين

الكرملين اعتبر أن الهجمات على حميميم وطرطوس تؤكد الحاجة لإطلاق العملية السياسية

جنود روس في قاعدة حميميم (سبوتنيك)
جنود روس في قاعدة حميميم (سبوتنيك)
TT

روسيا: طائرة استطلاع أميركية حلقت في أجواء الهجوم على القاعدتين

جنود روس في قاعدة حميميم (سبوتنيك)
جنود روس في قاعدة حميميم (سبوتنيك)

قالت وزارة الدفاع الروسية إن طائرة استطلاع أميركية كانت تحلق في الأجواء فوق قاعدتي حميميم وطرطوس، خلال تعرضهما لهجوم بطائرات مسيرة (درونات) تابعة للإرهابيين. وأشارت الوزارة في تصريحات لوكالة «تاس» إلى ما وصفته بـ«التزامن الغريب»، موضحة أنه «في الفترة التي جرى فيها الهجوم على حميميم وطرطوس بواسطة (درونات مجهولة)، كانت طائرة استطلاع أميركية تحلق على مدار أربع ساعات فوق مياه المتوسط على ارتفاع يزيد عن 7 آلاف متر، وكانت تجوب الأجواء بين قاعدتي طرطوس وحميميم».
وأثارت إشارة الدفاع الروسية إلى تورط «دول تتوفر لديها تقنيات متطورة في مجال الملاحة الفضائية» في الهجوم، جدلاً بين موسكو وواشنطن، إذ أكد البنتاغون أن التقنيات المستخدمة متوفرة في الأسواق، ومن جانبها ردت وزارة الدفاع الروسية وعبرت عن قلقها إزاء تصريحات ممثل البنتاغون. وتساءلت: «عن أي تقنيات يدور الحديث، وأين تقع تلك الأسواق. وأي استخبارات تتاجر وتبيع معطيات التجسس الفضائي؟».
وأكدت وزارة الدفاع الروسية أنها تعمدت عدم الحديث عن تورط دولة محددة في الهجوم، وكذلك عن التقنيات المستخدمة. وعادت وأكدت وجهة نظرها بأنه «لبرمجة التحكم بتوجيه (الدرون) على شكل طائرة، وإلقاء المتفجرات وفق إحداثيات منظومة الملاحة (جي بي إس) لا بد من توفر مدرسة هندسية متطورة من واحدة من الدول المتقدمة»، وأضافت: «نود أن نؤكد مجدداً أن مثل هذه التقنيات لم تكن حتى الآونة الأخيرة متوفرة لدى الإرهابيين».
ومقابل التحفظ في تصريحات وزارة الدفاع الروسية حول الجهة التي ترى أنها مسؤولة عن الهجوم، وجه السيناتور فرانتس كلينتسيفيتش، نائب رئيس لجنة الدفاع في مجلس الاتحاد الروسي، اتهامات مباشرة للولايات المتحدة. وقال في تصريحات لوكالة «ريا نوفوستي»، أمس، إن تنفيذ مثل ذلك الهجوم غير ممكن دون مساعدة أجهزة استخبارات. وأشار إلى أنه «لا يمكن الحصول على تقنيات كهذه في سوريا»، مضيفاً أنها «من عمل الاستخبارات التي تنسق مع الولايات المتحدة». واتهم الاستخبارات الأميركية بأنها «تمد يد العون لروسيا في إحباط هجمات إرهابية مثل المعلومات التي قدمتها حول الهجوم في بطرسبورغ، وباليد الثانية تقوم بتدريب أشخاص آخرين وتعليمهم وتسليحهم (لشن هجمات إرهابية)».
وسط هذا الجدل أظهر الكرملين ما يمكن وصفه بـ«ضبط النفس» في رد الفعل على الهجمات التي تعرضت لها القواعد في سوريا، والتي رأى مراقبون أنها عمل استفزازي قد يدفع روسيا لإعلان استئناف العمليات العسكرية الواسعة في سوريا، وإعادة القوات التي سحبتها من هناك. وفي إجابته على سؤال حول دقة توقيت قرار بوتين بسحب القوات من سوريا، على ضوء الهجمات الأخيرة، قال المتحدث الرسمي باسم الكرملين دميتري بيسكوف، للصحافيين أمس، إن الرئيس بوتين عندما اتخذ قرار سحب القوات كان يدرك أن الهجمات لن تتوقف على الفور، وأكد أن «المجموعة من القوات والبنى التحتية التي ما زالت موجودة في حميميم وطرطوس، لديها كل ما هو ضروري لمواجهة هذا الهجمات الإرهابية»، وتابع بقوله إن «تلك الهجمات للأسف ستستمر»، مشدداً على أن هذا الوضع «يؤكد من جديد على ضرورة تكثيف الجهود في مجال التسوية السياسية» للأزمة السورية.
إلى ذلك قال مصدر عسكري لصحيفة «كوميرسانت»، إن «هناك احتمالاً كبيراً بأن تكون حركة (أحرار الشام) هي من نفذ الهجوم»، وأشار إلى أن «الحركة حاولت، لكن دون جدوى، استخدام الطائرات المسيرة لتدمير وحدات نزع الألغام التابعة للجيش السوري في حمص»، مؤكداً أنه تم حينها رصد تلك الأجسام الطائرة وتدميرها على الفور، وأضاف أن «فك تشفير بيانات الطائرات المسيرة التي تم إنزالها في حميميم تؤكد إلى حد ما احتمال ضلوع الحركة في الهجوم». وقالت «كوميرسانت» إن معلومات متوفرة لديها تشير إلى أن المقاتلين استخدموا طائرات مسيرة شبيهة في قصف حميميم بقذائف الهاون ليلة الأول من يناير (كانون الثاني) الحالي.
ويأتي هذا التصعيد قبل أيام على اجتماع يتوقع أن تعقده وفود الدول الضامنة (روسيا، وتركيا، وإيران) للتشاور حول مؤتمر الحوار السوري في سوتشي، المتوقع انعقاده نهاية الشهر الحالي. وكانت مصادر من المعارضة قالت لوكالة الأنباء الإيطالية (آكي)، إن روسيا قد تضطر لتأجيل المؤتمر مدة شهر. وأكد مصدر من موسكو أن التحضيرات جارية على قدم وساق للمؤتمر، وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إنه لا يوجد حتى الآن أي مبرر يدعو للتأجيل، وأن العمل مستمر على وضع القائمة النهائية للمشاركين. وأشار إلى أن «التعقيدات الميدانية تشكل، على العكس، عاملاً رئيسياً يؤكد ضرورة الإسراع في العملية السياسية». وأشار المصدر إلى أن المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا سيبحث المؤتمر مع الأطراف السورية خلال الجولة المقبلة من جنيف، لكنه مع ذلك لم يستبعد «تأجيلاً لفترة محدودة جداً من الزمن» لأسباب تقنية تتعلق بأجندة الأطراف، وتوافق موعد المؤتمر مع جدول أعمال المدعوين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».