العاهل الأردني: مسألة القدس تجب تسويتها في إطار الحل النهائي

اجتماع وزاري عربي في عمّان يتمسك بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية

TT

العاهل الأردني: مسألة القدس تجب تسويتها في إطار الحل النهائي

شدد الأردن أمس على «مركزية القدس» بالنسبة إلى العرب، واعتبرها «مفتاح السلام في المنطقة، ولا أمن ولا استقرار ولا أمان في المنطقة دون حل يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية». وجاء هذا الموقف خلال استضافة عمّان اجتماعات الوفد الوزاري العربي المصغر المكلف بمتابعة «الآثار السلبية لقرار الإدارة الأميركية بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها».
وذكرت وكالة الأنباء الأردنية «بترا» الرسمية، أن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني استقبل في قصر الحسينية أمس، الوفد الوزاري العربي الذي يزور عمّان والذي يضم وزراء خارجية مصر سامح شكري، وفلسطين رياض المالكي، والسعودية عادل الجبير، والمغرب ناصر بوريطة، ووزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، إضافة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط. وحضر الاجتماع أيضاً مسؤولون أردنيون بينهم وزير الخارجية أيمن الصفدي.
وأضافت وكالة «بترا» أن العاهل الأردني أكد خلال اللقاء «ضرورة تكثيف الجهود وتنسيق المواقف العربية لدعم الأشقاء الفلسطينيين في الحفاظ على حقوقهم التاريخية والقانونية الراسخة في مدينة القدس، وفي مساعيهم الرامية لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية». وتابع أن «مسألة القدس تجب تسويتها ضمن إطار الحل النهائي واتفاق سلام عادل ودائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين، يستند إلى حل الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية». كما شدد «على أهمية دعم صمود المقدسيين وحماية الهوية العربية لمدينة القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية فيها»، لافتاً «إلى ضرورة البناء على الإجماع الدولي فيما يتعلق بوضع مدينة القدس القانوني».
وأوضحت الوكالة أن اللقاء بحث في «أفضل السبل لمواجهة تداعيات القرار الأميركي الذي يخالف قرارات الشرعية الدولية، التي تؤكد أن وضع القدس لا يقرر إلا بالتفاوض بين الأطراف المعنية. كما جرى الاتفاق على ضرورة تكثيف الجهود لإيجاد أفق سياسي للتقدم نحو إنهاء الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي على أسس تلبي حقوق الشعب الفلسطيني في الحرية وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية».
وفي مؤتمر صحافي مشترك مع أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إن الملك عبد الله الثاني «أكد خلال استقباله أعضاء الوفد (الوزاري)، مركزية القدس كقضية أساسية بالنسبة لنا كعرب؛ مسلمين ومسيحيين، وهي مفتاح السلام في المنطقة، ولا أمن ولا استقرار ولا أمان في المنطقة دون حل يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».
وقال الصفدي إن الاجتماع الوزاري «هو اجتماع تنسيقي تشاوري»، مشيراً إلى العمل مع المجتمع الدولي «لإطلاق جهد فاعل ومنهجية للضغط على إسرائيل للالتزام بقرارات الشرعية الدولية، ووقف كل الخطوات الأحادية التي تستهدف فرض حقائق جديدة على الأرض، وخصوصاً بناء المستوطنات ومصادرة الأراضي ومحاولات تفريغ القدس من سكانها العرب المسلمين والمسيحيين والعمل مع المجتمع الدولي لإيجاد حل للصراع العربي - الإسرائيلي».
ونقلت «بترا» عن الصفدي تأكيده «أن موقفنا كجامعة للدول العربية ودول عربية من هذا القرار واضح، بأنه يشكل خرقاً للقوانين والشرعية الدولية، ولا أثر قانونياً له، وأن الدول العربية ستعمل في هذا الإطار، وهذا موقف واضح وجامع للدول العربية بأن القدس قضية لا تتقدم عليها أي قضية أخرى في العالمين العربي والإسلامي والمسيحي أيضاً، ومن هنا جاء اجتماع اليوم وجئنا لندرس كيفية تنفيذ التكليف». وتابع: «تم خلال الاجتماع التأكيد على الاستمرار بالانخراط مع المجتمع الدولي لرفض القرار وتبيان خطورته والتأكيد على عدم قانونيته وعدم وجود أي أثر قانوني له».
وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن الصفدي قال أيضاً في مؤتمره الصحافي مع أبو الغيط: «كان هناك قرار سياسي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وسنسعى الآن إلى الحصول على قرار سياسي دولي عالمي للاعتراف بالدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من يونيو 1967 وتكون القدس عاصمة لها».
من جهته، أكد أبو الغيط بحسب الوكالة الفرنسية، أن الهدف من الاجتماع «كان مفيداً للغاية». وأعلن عن «اجتماع وزاري موسع سيعقد نهاية الشهر الحالي للاستمرار في التحليل والرؤية».
وتعترف إسرائيل التي وقعت معاهدة سلام مع الأردن في 1994، بإشراف المملكة الهاشمية على المقدسات الإسلامية في مدينة القدس. وأعلنت إسرائيل القدس «عاصمتها الأبدية والموحدة» عام 1980 في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي وضمنه الولايات المتحدة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».