عودة متعثرة للبرلمان العراقي بسبب الموازنة والانتخابات

امرأة تنتظر لاجتياز معبر حاج عمران الحدودي بين العراق وإيران أمس بعدما أعلنت طهران إعادة فتحه (أ.ف.ب)
امرأة تنتظر لاجتياز معبر حاج عمران الحدودي بين العراق وإيران أمس بعدما أعلنت طهران إعادة فتحه (أ.ف.ب)
TT

عودة متعثرة للبرلمان العراقي بسبب الموازنة والانتخابات

امرأة تنتظر لاجتياز معبر حاج عمران الحدودي بين العراق وإيران أمس بعدما أعلنت طهران إعادة فتحه (أ.ف.ب)
امرأة تنتظر لاجتياز معبر حاج عمران الحدودي بين العراق وإيران أمس بعدما أعلنت طهران إعادة فتحه (أ.ف.ب)

مع كثرة الاستحقاقات المؤجلة منذ العام الماضي، وفي المقدمة منها إقرار مشروعي قانوني الموازنة المالية والانتخابات، أخفق البرلمان العراقي بعقد جلسته الأولى للعام الجديد، أمس، وأرجأها إلى اليوم. ووعد رئيس البرلمان سليم الجبوري باستضافة مفوضية الانتخابات والدعوة إلى استضافة رئيس الوزراء حيدر العبادي، لحسم الخلاف بين الحكومة والبرلمان حول الموازنة.
وكان كل من العبادي والجبوري قد تبادل الاتهامات بالمسؤولية عن تأخير إقرار موازنة العام الحالي، بعدما أدت الخلافات السياسية حول الموازنة والانتخابات إلى عدم اكتمال النصاب لعقد الجلسة.
وكشف مصدر في البرلمان لـ«الشرق الأوسط» أن الجبوري عقد اجتماعاً مع رؤساء الكتل واللجان بعد تعذر اكتمال النصاب أمس «وتم الاتفاق على عدم إدراج قانون الموازنة وقانون انتخابات البرلمان وقانون انتخابات مجالس المحافظات في الجلسة (المقررة اليوم) إلى حين الاتفاق عليها». وأضاف المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه: «تم الاتفاق كذلك على استضافة رئيس الوزراء لحسم الخلاف بشأن كلتا القضيتين اللتين لم يعد ممكناً قبول أي تأخير بشأنهما».
وفي وقت أكد الجبوري خلال مؤتمر صحافي عقده في مبنى البرلمان، أمس، أن البرلمان سيواصل عقد جلسات مفتوحة لإقرار الموازنة المالية لهذا العام، فإنه أكد من جانب آخر عدم وجود موعد رسمي لإجراء الانتخابات، رغم أن مجلس الوزراء كان اقترح عقدها في 12 مايو (أيار) المقبل. ولا تزال مواقف الكتل السياسية والأحزاب متباينة فيما يخص موعد الانتخابات، إذ تريد الحكومة وبعض القوى إجراءها في موعدها المقرر، فيما تطالب قوى أخرى بتأجيلها بضعة أشهر.
وقال رئيس «تحالف القوى العراقية» صلاح الجبوري لـ«الشرق الأوسط» إن تحالفه مع إرجاء الانتخابات «بسبب عدم قدرة الحكومة على الإيفاء بالتزاماتها». وأوضح أن التحالف «يريد إجراء انتخابات نزيهة، وهو ما لا توجد أرضية له حتى الآن». وأضاف أن العبادي «سبق أن وضع التزامات عدة على عاتق الحكومة لتنفيذها قبل موعد الانتخابات، في مقدمتها إعادة النازحين وحصر السلاح بيد الدولة، وهي التزامات لم ينفذ إلا اليسير منها».
وأشار الجبوري إلى أنه «من بين نحو 4 ملايين نازح، لا يزال هناك نحو مليونين ونصف المليون في الخيام أو في العراء أو في مدن إقليم كردستان، ومن غير المعقول أن تتم إعادة هؤلاء في غضون الأشهر الخمسة المقبلة». ولفت إلى أن «عملية حصر السلاح بيد الدولة لا تزال في بداياتها، إضافة إلى صعوبتها البالغة، لا سيما فيما يتعلق ببعض الجهات المسلحة، وهو ما يعني أن المشهد لا يزال غامضاً إلى حد كبير».
في السياق ذاته، أكد نائب رئيس البرلمان آرام شيخ محمد وجود خلافات على الموازنة الاتحادية للعام الحالي، داعياً إلى ضرورة التواصل مع رئيس الوزراء لحسم تلك الإشكالات. وقال خلال اجتماع هيئة رئاسة البرلمان، بحسب بيان أصدره مكتبه، إن «هناك ملاحظات حول قانون الموازنة الاتحادية لعام 2018، ولذا يجب التواصل مع رئيس الوزراء وعقد لقاءات لحل الإشكاليات وحسم الخلافات».
وأضاف شيخ محمد أن «عدم عقد جلسات البرلمان بسبب الاختلال في النصاب لن يصب في مصلحة البلاد ويعطي صورة سلبية للشارع العراقي». وفيما يتعلق بانتخابات مجالس المحافظات في كركوك، شدد على أن «على جميع الأطراف عقد اللقاءات ومراجعة المواد القانونية التي صدرت في تلك الظروف واستئناف المفاوضات بين الأطراف وممثلي المكونات كافة للوصول إلى حلول ترضي الجميع». وقال: «نحن مع إجراء الانتخابات في التوقيتات الدستورية، لكن هناك عقبات ومشاكل، وعلى الجهات المعنية تكثيف الجهود والعمل الجاد والمتواصل لإزالة العقبات والعودة مرة أخرى إلى السياقات التشريعية والقانونية».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».