البعثة الأممية «تفوض أمر» سيف القذافي إلى الشعب الليبي

TT

البعثة الأممية «تفوض أمر» سيف القذافي إلى الشعب الليبي

وأدَ المبعوث الأممي لدى ليبيا، غسان سلامة، موجة غضب، قبل تصاعدها في بعض الأوساط القبلية والسياسية بالبلاد، عقب تصريح منسوب له حول المستقبل السياسي لسيف الإسلام نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، الذي لم يُشاهد منذ أن أطلقت سراحه «كتيبة مسلحة» بمدينة الزنتان (غرب ليبيا) في الحادي عشر من يونيو (حزيران) الماضي.
وفور إعلان سلامة، أول من أمس، أنه «لا يسعى إلى لقاء سيف الإسلام؛ لأنه مطلوب من القضاء الدولي»، جاءت ردود أفعال غاضبة تتوالى، موجهة رسائل سريعة إلى المبعوث الأممي، بأن «حديثه عن سيف يناقض مبدأ المصالحة الوطنية»، مشيرة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «لا يحق لأحد التحدث نيابة عن الليبيين»، لكن المبعوث الأممي رد في «تغريدة» عبر صفحة على «تويتر» قائلاً: «ليتنا نلتزم جميعاً بنقل التصريحات دون تحريفها، وقراءتها بتمعن قبل التعليق إيجاباً أو سلباً عليها»، لافتاً إلى ضرورة «استلهام ثقافة التحاور... فنحترم أنفسنا والآخرين».
ومضت البعثة الأممية توضح موقف سلامة، في بيان إلى وسائل الإعلام، وقال: «إن (الأمم المتحدة) تحترم سيادة الدول دون تدخل فيها، وحق الترشح في الانتخابات شأن داخلي يحدده قانون انتخابات نافذ»، مستكملة: «وفي ليبيا الشعب هو من يقرر عبر مؤسساته الدستورية والتشريعية من يترشح لأي منصب سيادي».
وقُبيل توضيح البعثة الأممية، قال عضو مجلس النواب صالح إفحيمة «كنا نعتقد أن أهم ما يميز سلامة، عن سابقيه من المبعوثين، قدرته على قراءة المشهد الليبي بشكل واقعي، لكن حديثه عن سيف القذافي جاء مناقضاً لمبدأ المصالحة الوطنية الذي تنادي به الأمم المتحدة كأساس لبناء ليبيا».
وأرجع إفحيمة «الإقبال المتزايد على التسجيل في سجل الناخبين، رغم فقدان المواطنين الثقة في الساسة، وعدم اكتراثهم بمن سيكون على سدة الحكم في ليبيا، إلى دخول رمز كسيف الإسلام القذافي على معادلة الانتخابات في ليبيا».
وأضاف إفحيمة على صفحته عبر «فيسبوك»: «سيف الإسلام مواطن ليبي يتمتع بكامل الحقوق وعليه كافة الواجبات تجاه بلاده، وإذا رغب في الترشح لأي منصب في ليبيا فليس من حق أحد منعه أو الوقوف ضد إرادة الليبيين في اختياره أو إقصائه».
ونقل إفحيمة لـ«الشرق الأوسط» أن البعثة الأممية «تواصلت معه، وأخبرته أن التصريح الذي أدلى به سلامة حُرّف»، و«أنها ملتزمة بعدم التدخل في العملية الانتخابية، وأن قانون الانتخابات هو الذي سيحدد من الذي سيترشح من عدمه، وفقاً للشروط المطلوبة».
وحول مطالبة سلطات قضائية ليبية و«الجنايات الدولية» بتسيلم سيف لمحاكمته عن تهم تشكل «جرائم ضد الإنسانية»، رد إفحيمة: «ترشح سيف شأن داخلي بحت، كما أنه لم يعد مطلوباً للقضاء الليبي؛ لأنه أفرج عنه بموجب قانون العفو العام».
وفي الثاني عشر من يونيو الماضي، قال إبراهيم مسعود، القائم بأعمال النائب العام الليبي: إن «المتهم سيف القذافي محكوم عليه غيابياً في 28 يوليو (تموز) 2015؛ ومن ثم فهو مطلوب القبض عليه بموجب هذا الحكم الغيابي، حتى محاكمته عن التهم المنسوبة إليه».
وأضاف مسعود في حينها: «وبشأن إفراج (كتيبة أبو بكر الصديق) عن سيف، تطبيقاً لقانون العفو العام الصادر من البرلمان... قانون العفو لا يكون إلا من خلال إجراءات واستيفاء لشروط قانونية تختص بتنفيذها السلطة القضائية دون منازع في الاختصاص». ودعت المحكمة الجنائية الدولية، في الرابع عشر من يونيو إلى اعتقال سيف الإسلام أو تسليم نفسه، وطالبت مدعية محكمة جرائم الحرب فاتو بنسودا، ليبيا ودولاً أخرى باعتقاله، ومحاكمته «بتهم ارتكاب جرائم حرب بسبب قمع المعارضة لصالح حكم والده في عام 2011.
غير أن أحد مشايخ قبيلة ورفلة في مدينة بني وليد، (145 كيلومتراً جنوب شرقي طرابلس) «رفض ما أسماه اللعب بورقة أنصار النظام السابق، في العملية الانتخابية المقبلة»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «من حق كل الليبيين الترشح طالما توفرت فيهم الشروط المطلوبة وفقا للقانون الذي سيعده مجلس النواب». وأضاف الشيخ، الذي رفض ذكر اسمه: «سئمنا من التدخلات الخارجية في شؤون بلادنا، وننتظر الانتخابات لخوضها لصالح الوطن الذي يعاني منذ سنوات... نحن نريد استقرار البلاد».



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.