موسكو تتهم واشنطن بالتعاون مع «داعش»

TT

موسكو تتهم واشنطن بالتعاون مع «داعش»

رأى مسؤولون روس أن الأنباء حول نقل قوات التحالف الدولي قادة «داعشيين» من دير الزور على متن مروحيات «تؤكد التعاون الوثيق بين التحالف والإرهابيين»، في وقت استكملت روسيا التثبيت القانوني لاتفاقية طرطوس، بعد أن صادق عليها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس؛ وذلك بالتزامن مع تقارير صحافية تتحدث عن أهمية العملية الروسية في سوريا ووصفها «إنجازاً عالمياً».
واتهم السيناتور فرانتس كلينتسيفيتش، نائب رئيس لجنة مجلس الاتحاد لشؤون الدفاع والأمن، القوات الأميركية بالتعاون مع «داعش»، وجاء كلامه في سياق تعليقه على أنباء نشرتها وسائل إعلام النظام السوري، وتزعم أن قوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، قامت بإجلاء قادة الإرهابيين من دير الزور إلى منطقة مجهولة في محافظة الحسكة. وقال كلينتسيفيتش: إن تلك الأنباء «دليل آخر يؤكد التعاون الوثيق بين مقاتلي (داعش) والتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة»، ولمح إلى تورط أوروبي في هذا الموضوع، وأشار إلى أن «مثل هذه الوقائع لا يمكن ألا تلقي بظلالها على الدول الأوروبية الأعضاء في التحالف الدولي»، وقال: «يبقى أن نفهم هل هم (الأوروبيون) لا علم لهم فعلاً بما يفعله الأخ الأكبر (أي القوات الأميركية)، أم أنهم يعرفون كل شيء ويغضون النظر». واتهم السيناتور الروسي الأميركيين بأنهم ينقذون الإرهابيين في سوريا من القضاء التام عليهم، وقال: إنه «من الواضح السعي لاستخدام هؤلاء المقاتلين في المواجهة ضد القوات الحكومية، عبر زجهم ضمن صفوف قوات (سوريا الديمقراطية)، التي تدعمها الولايات المتحدة».
وكان فاليري غيراسيموف، رئيس الهيئة العامة للأركان الروسية، وجّه اتهامات مماثلة للأميركيين والأكراد. وقال في تصريحات للإعلام الروسي مطلع الأسبوع الحالي: إن معطيات وسائل الرصد الفضائي وغيرها من وسائل استطلاع «تؤكد وجود مقاتلين يتلقون التدريب في قاعدة التنف الأميركية على الحدود السورية مع الأردن والعراق». واتهم الأكراد، وقال: إن «نحو 400 مقاتل قام الأكراد بنقلهم، بمساعدة أميركية، إلى معسكر الشدادي (في محافظة الحسكة)»، وأضاف: إن «قرابة 800 شخص وصلوا كذلك إلى معسكر الشدادي قادمين من مناطق شرق الفرات، حيث تتقدم القوات الكردية»، ورأى قائد الأركان في القوات الروسية أن «هؤلاء المقاتلين هم عملياً (داعش)، لكن يجري العمل معهم، ويحصلون على أسماء أخرى، مثل «جيش سوريا الجديد»، وغيره من أسماء»، ومهمة هذه القوات وفق ما يرى غيراسيموف «زعزعة الوضع» في سوريا.
وانتهت روسيا أمس من عملية التثبيت القانوني لاتفاقية قاعدة طرطوس البحرية في سوريا، بموجب التشريعات الروسية، وأعلن الكرملين أن الرئيس فلاديمير بوتين صادق على الاتفاقية، وذلك بعد أن صادق عليها البرلمان بمجلسيه، الدوما ومجلس الاتحاد. وكانت روسيا صادقت صيف هذا العام على برتوكول الاتفاقية الخاصة بنشر قوة جوية روسية في حميميم، والذي وقّعته الحكومة الروسية مع النظام السوري في 18 يناير (كانون الثاني) 2017، مستكملة بذلك التثبيت القانوني لكل الوثائق المرتبطة بنشر قواتها الجوية والبحرية في سوريا، قبل انطلاق حملات الانتخابات الرئاسية الروسية.
ونشرت وسائل إعلام روسية تقارير موسعة حول «النجاحات والفشل في سياسات الكرملين عام 2017»، اتفقت غالبيتها على وصف العملية العسكرية الروسية في سوريا بأنها «الإنجاز الأهم لبوتين» خلال عام. ونشرت وكالة «ريا نوفوستي» نتائج استطلاع للرأي أعدته مؤسسة «رومير»، وقال فيه 23 في المائة من المواطنين الروس المشاركين في الاستطلاع: «إن الحدث الأهم خلال العام هو العملية السورية»، بينما قال 32 في المائة: «إن تلك العملية كانت الحدث الأهم على المستوى العالمي»، ورأى 18 في المائة أن «الحدث الأهم عالمياً هو تصدي القوات الروسية لتنظيم داعش الإرهابي في سوريا».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».