هجوم صاروخي على قاعدة حفتر في بنغازي

محاولة اغتيال مسؤول أمني بطرابلس وأنباء عن استقالة رئيس الاستخبارات

سيارة مفخخة استهدفت أمس منزل هاشم بشر الرئيس السابق للجنة الأمنية في طرابلس (إ.ب.أ)
سيارة مفخخة استهدفت أمس منزل هاشم بشر الرئيس السابق للجنة الأمنية في طرابلس (إ.ب.أ)
TT

هجوم صاروخي على قاعدة حفتر في بنغازي

سيارة مفخخة استهدفت أمس منزل هاشم بشر الرئيس السابق للجنة الأمنية في طرابلس (إ.ب.أ)
سيارة مفخخة استهدفت أمس منزل هاشم بشر الرئيس السابق للجنة الأمنية في طرابلس (إ.ب.أ)

تصاعد، أمس، الصراع السياسي على السلطة في ليبيا بين حكومتي عبد الله الثني وخليفته رئيس الوزراء الجديد أحمد معيتيق، في حين أعلن الصديق عمر الكبير، محافظ مصرف ليبيا المركزي، عن مغادرته إلى مالطا في إجازة رسمية مفاجئة في محاولة للنأي بنفسه عن هذا الصراع.
واستقال سالم الحاسي، مدير جهاز المخابرات الليبية من منصبه، لكن مسؤولا في لجنة الأمن القومي بالمؤتمر الوطني العام (البرلمان) قال إن اللجنة لم تجتمع للبت في قبول هذه الاستقالة المفاجئة.
وقال الحاسي في استقالته: «لقد وصلت إلى حد أصبح معه من الصعب علي أمام عدم اقتناعي بالكيفية التي انتهت إليها السلطة التنفيذية من تشكيك في شرعيتها وضعف في بنيتها وفقدانها آخر ما تبقى لها من هيبة لدى المواطن، الأمر الذي لا أظنني أستطيع التكيف معه بشكل يمكن أن يخدم وطني».
ونفت حكومة الله الثني وبشكل قاطع أنها قامت بإتمام عملية التسليم والتسلم بينها وبين حكومة معيتيق، مؤكدة في بيان لها أمس، أنه لم تجر إجراءات التسليم من قبل أي وزارة من وزاراتها أو ديوان مجلس الوزراء.
وقالت حكومة الثني في بيان، إن كل ما هنالك أنها بدأت في الإجراءات وتجهيز الملفات بانتظار ما تصدره السلطة القضائية في القضية المعروضة أمامها. وأضافت: «إنها ملتزمة بتنفيذ ما يصدر عن القضاء من حكم في هذا الشأن»، في إشارة إلى الحكم المتوقع صدوره من المحكمة الدستورية العليا يوم الاثنين المقبل بشأن الطعن المقدم من بعض أعضاء المؤتمر الوطني بشأن عدم صحة انتخاب معيتيق.
وجاء البيان في وقت تتحدث فيه مصادر ليبية عن انسحاب المزيد من الوزراء من حكومة معيتيق في مؤشر على احتمال انهيارها في أيامها الأولى بعد سيطرتها على مقر الحكومة الرئيس في العاصمة طرابلس.
وفيما بدا أنه بمثابة انتقال جزئي للحكومة والبرلمان إلى بنغازي بشرق البلاد، عقد مساء أول من أمس لقاء ضم الثني والوفد الوزاري المرافق له وعز الدين العوامي، النائب الأول لرئيس المؤتمر الوطني ومجموعة العمل الوطني، حيث جرت مناقشة الأزمة السياسية الراهنة والجدل السياسي والقانوني الذي اعترى تشكيل الحكومة الجديدة.
وقال بيان لحكومة الثني، إنه «جدد التأكيد خلال الاجتماع على أن حكومته ليست طرفا في التجاذبات الحاصلة حاليا وليست لها خصومة مع أحد والأمر معروض على القضاء وما يقرره سيجري الالتزام بتنفيذه».
وبدورها، أعربت مجموعة العمل الوطني عن دعمها لحكومة الثني ورفضها للحكومة الجديدة نظرا لعدم قانونية إجراءات انتخابها، وأيضا لرغبة البعض في فرضها على الليبيين والمخاوف من أن يؤدي ذلك إلى تعطل المسار الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة.
وكان الثني قد أعلن في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس أنه يزور بنغازي استشعارا لخطورة وضعها الأمني، وللوقوف على ما تحتاج إليه الوحدات العسكرية والغرفة الأمنية أو مديرية الأمن بنغازي أو وحدات الصاعقة أو من وصفهم بالثوار الحقيقيين المنضوين تحت الغرفة الأمنية والذين يعترفون بشرعية الدولة.
وأضاف: «يجب أن نفرق ما بين الثوار الذين يقاتلون والمنضمين تحت شرعية الدولة وبين الخارجين عن القانون والذين ينتهكون الحرمات ويشيعون في المدينة الرعب والإرهاب للنساء والأطفال والشيوخ، هؤلاء لا يدركون المسؤولية الملقاة على عاتقهم جميعا ويتصرفون تصرفات لا ترقى للمسؤولية».
وعد الثني أن «بنغازي هي خط الدفاع الأول لليبيا، وإذا لا سمح الله، سقطت بنغازي تتهاوى باقي المدن تباعا».
وتابع: «أتمنى أن ندرك المسؤولية وأن يدرك قادتنا السياسيون من كل التوجهات السياسية، الخطورة، وأن يبتعدوا عن التجاذبات السياسية ويقفوا صفا واحدا لأجل وحدة ليبيا ولا نترك الفرصة لمن يريد أن يقسم ليبيا».
ونفى تقصير حكومته في دعم بنغازي قائلا: «لا يمكن بناء قوة حقيقة على أرض الواقع مع وجود الكم الهائل للسلاح في هذه المدينة ولا يتوقع أحد أنه خلال شهور أن يستقر الوضع الأمني كما تتصورون».
وبشأن حقيقة وجود صراع بين حكومتي الثني ومعيتيق على السلطة، قال الحبيب الأمين، وزير الثقافة: «نحن من جانبنا ليست لدينا رغبة، ولكن الحكومة تريد أن تغادر لاستكمال خارطة الطريق للوصول لمجلس النواب القادم»، في حين أعرب صلاح الميرغني، وزير العدل، عن أمله في انتهاء الأزمة بشكل سلمي وقانوني، وقال: «لا أعتقد أن هناك إمكانية لفرض أي شيء بالقوة لأن فرض الأمور بالقوة مضى عهده منذ ثلاث سنوات والمسألة قانونية وستحل بالطرق السلمية، والسياسيون الليبيون ينضجون الآن، وستمر ليبيا من هذا المنعطف بإذن الله».
إلى ذلك، قال بيان للمؤتمر الوطني، إن رئيسه نوري أبو سهمين، تلقى أمس اتصالا هاتفيا هو الأول من نوعه من الدكتور ناصر القدوة، مبعوث أمين عام الجامعة العربية إلى ليبيا.
وقال البيان إن أبو سهمين أكد للقدوة التمسك بالمسار الديمقراطي وبالانتقال السلمي للسلطة لمجلس النواب القادم في الموعد الذي جرى تحديده في الخامس والعشرين من الشهر الحالي، ونقل عن القدوة تأكيده في المقابل دعم الجامعة العربية للشرعية ودعم المؤسسات الدستورية وحرصها على توفير الأمان في ليبيا.
بموازاة ذلك، تحولت مظاهرات سلمية في قلب العاصمة الليبية طرابلس إلى مواجهات بين مؤيدين ومناوئين لعملية الكرامة التي تشنها قوات اللواء خليفة حفتر، القائد السابق بالجيش الليبي، في حين سعت قوات الأمن المنتشرة إلى الفصل بين الطرفين.
وتحدث متظاهرون عن قيام جهات مجهولة محسوبة على التيار الإسلامي بإطلاق نار على المتظاهرين، لكن لم ترد في المقابل لـ«الشرق الأوسط» أي تقارير عن سقوط أي ضحايا في المظاهرات التي تخرج للجمعة الثالثة على التوالي للمطالبة بتفعيل قوات الجيش والشرطة وإعلان تأييد عملية الكرامة لمحاربة المتطرفين في البلاد.
وتظاهر المئات من أنصار التيار الإسلامي أيضا على مقربة من ميدان الشهداء في قلب طرابلس ورفعوا الشعارات المناوئة لحفتر والداعية إلى احترام شرعية الدولة والبرلمان.
وكانت مديرية أمن طرابلس قد أعلنت عن خطة أمنية لتأمين المظاهرة، حيث انتشرت أعداد كبيرة من الشرطة وأجهزة الأمن المشتركة بميدان الشهداء والمناطق المجاورة، في حين قال العقيد محمد سويسي، مدير أمن طرابلس، إن الشرطة تقف على مسافة واحدة من الجميع.
كما خرجت مظاهرات مماثلة في عدة مدن ليبية لتأكيد التعاطف الشعبي مع قوات حفتر التي تخوض منذ الشهر الماضي معارك متقطعة على فترات ضد معسكرات تابعة لجماعات إسلامية متطرفة في بنغازي.
وأعلن هاشم بشر، الرئيس السابق اللجنة الأمنية في طرابلس، أن سيارة مفخخة استهدفت بصورة مباشرة منزل والده وبقية أسرته مما تسبب في حدوث أضرار جسيمة لعشرات المنازل وللسيارات التي كانت متوقفة بمكان الحادث.
وقال بشر، إن من قام بتنفيذ هذه العملية لا يريد للدولة أن تقوم وتنهض ولا يريد بناء مؤسستي الشرطة والجيش، داعيا إلى مقارعة الحجة بالحجة والحوار بالحوار دون استخدام لمثل هذه الأساليب.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.