حليف لنتنياهو يطالبه بالاستقالة إذا واجه لائحة اتهام

اليمين يتظاهر ضد الفساد... وتل أبيب تشهد مظاهرة مختلطة من عشرة آلاف

TT

حليف لنتنياهو يطالبه بالاستقالة إذا واجه لائحة اتهام

على الرغم من الضغوط الشديدة التي مارسها مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومساعدوه على قادة أحزاب وجمعيات اليمين، شارك نحو ألف شخص في أول مظاهرة لليمين تطالب بوقف الفساد، وتلمح بضرورة أن يخلي نتنياهو مكانه في رئاسة الحكومة لشخصية أخرى من الليكود، قبل أن يتسبب تمسكه بالحكم في خسارة الحكم لصالح قوى الوسط واليسار.
كانت إسرائيل قد شهدت الليلة قبل الماضية 7 مظاهرات في مختلف أنحاء البلاد ضد فساد الحكم، طالب فيها المتظاهرون بسقوط نتنياهو وضرورة حبسه. وهي مظاهرات تقام منذ مطلع السنة في الساعة الثامنة من مساء كل يوم سبت. وكانت أكبرها في تل أبيب، إذ شارك فيها أكثر من 10 آلاف إسرائيلي، لكن غالبية هؤلاء المتظاهرين هم من قوى المعارضة الليبرالية واليسارية وبعض المواطنين العرب. غير أن الجديد كان في المظاهرة التي جرت في القدس الغربية، على مقربة من بيت نتنياهو، وكان المشاركون فيها فقط من قوى اليمين. وعلى الرغم من أن عددهم لم يزد على ألف متظاهر، فقد لفتوا النظر بشكل واضح كونهم جزءاً من اليمين، الذي كان حتى الآن يلتزم الصمت، أو يدافع عن نتنياهو ويهاجم الشرطة على تحقيقها معه في قضية الفساد.
وقد رفع نشطاء اليمين شعارات مثل: «لا يمين ولا يسار - مستقيم» و«الشرطة والجيش لنا جميعاً»، و«نستحق سياسة نظيفة». وأنشد المتظاهرون في القدس النشيد الرسمي لحركة «بيتار» اليمينية، التي انبثق عنها حزب الليكود.
وكان من بين المتحدثين في مظاهرة القدس وزير الدفاع السابق موشيه يعلون، الذي قال إن «الفساد يسبب مشاعر غياب العدالة لدى المواطن، وفقدان ثقة المواطن بالقيادة وبمؤسسات الدولة. والفساد في إسرائيل اليوم بات أخطر بكثير من تهديد إيران و(حزب الله) وحماس و(داعش)»، وأضاف: «قيمنا أهم من هذا الشخص أو ذاك. نظافة اليد ومحاربة الفساد يتعلقان بالقيادة في الأعلى، وبالثقافة في الأسفل. من واجبنا القومي الدفاع عن البيت في مواجهة التهديدات الداخلية. انحرفنا عن الطريق، ومن واجبنا إعادة الدولة إلى المسار».
كما تحدث في المظاهرة الحاخام يوفال شارلو، أحد زعماء الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية، وقال: «نحن نجتمع لنعلن أننا نريد إسرائيل مكاناً تجري فيه الحياة العامة باستقامة وشفافية، وتقاسم القوة السلطوية، لكي نشكل منارة لأنفسنا وللعالم كله».
أما المظاهرات الأخرى، فجرت في حيفا والعفولة ومفترق سمخ وروش بينا ونهاريا. وشارك في مظاهرة تل أبيب قرابة 10 آلاف متظاهر، رفعوا لافتات كتب عليها «الفاسدون إلى البيت» و«نكنس الفاسدين» و«وقت تنظيف الإسطبلات»، ورددوا هتافات: «بيبي نتنياهو إلى سجن معسياهو»، و«المال والسلطة - عالم سفلي»، و«لن نتنازل».
ورحب الناشط الاجتماعي ايبي بنيامين، خلال كلمته في مظاهرة تل أبيب، بتنظيم مظاهرة اليمين في القدس، وقال إن «الانتصار هذا الأسبوع أكبر لأن اليمين الأخلاقي فهم أن عليه محاربة الفساد»، وأضاف أنه قبل 6 سنوات، طلب منظمو مظاهرات الاحتجاج الاجتماعي المساعدة من رئيس الحكومة، واليوم «نحن نقول له: استقل، أيها الفاسد»، وتابع: «حراس البوابة خيبوا أملنا، الكنيست خيبت أملنا، المعارضة خيبت أملنا؛ نحن هنا لنقول لكل الفاسدين المداهنين الجبناء: لن نتنازل».
وقال ميني نفتالي، أحد المنظمين الأساسيين للمظاهرة، إن «هذه مظاهرة الشعب، كلنا موحدون ضد الفاسدين. رئيس الحكومة يحاول إخافة الشرطة، ويستهتر بها. لقد حاول القول لكم إنه إذا كان معكم كثيراً من المال، فلا تهم ما هي توصية الشرطة». وأضاف، على خلفية هتافات الحضور «بيبي إلى البيت»، أن «رئيس الحكومة يعرف أنه في اللحظة التي يوجد فيها الشعب في الخارج، ويقول له لا نريدك، فسيذهب إلى البيت. في اليوم الذي ستصدر فيه التوصيات، سيتضاعف عدد هؤلاء الناس».
وكان ديوان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد ناشد في الأيام الأخيرة أعضاء الكنيست من الائتلاف والناشطين اليمينيين عدم المشاركة في مظاهرة القدس. وبعد الضغط، ألغى أعضاء الكنيست أورن حزان ويهودا غليك (الليكود) مشاركتهما، بينما شارك روعي فوكلمان وراحيل عزاريا، من حزب «كلنا»، في المظاهرة. وكتب فوكلمان على حسابه في «تويتر»: «إذا كنت متردداً بشأن ما إذا كان من الصحيح الوصول إلى مظاهرة ساحة صهيون، مساء السبت، فقد انتهى هذا التردد بعد حملة التخويف إزاء المنظمين والمتحدثين. ويل للمعسكر الذي لا يوجد فيه مكان لمحاسبة النفس».
وعقب الليكود على مظاهرة القدس، فاعتبرها يسارية مغلفة بشعارات يمينية، وهدفها الوحيد هو إسقاط حكومة الليكود، وأضاف: «مصوتو اليمين لا يتأثرون بحفنة من السذج وأصحاب المصالح الذين يتعاونون مع اليسار، ولن يكرروا خطأ الإطاحة بحكومة الليكود، وإنزال كارثة أوسلو الثالثة على دولة إسرائيل».
من جهة ثانية، فاجأ الرئيس الجديد للائتلاف الحكومي، ديفيد أمسلم، الجميع وصرح بأنه «إذا تم توجيه لائحة اتهام ضد رئيس الوزراء بالرشوة، فيجب عليه الاستقالة»، فهو معروف بقربه من نتنياهو وتأييده الأعمى له. وخلال مشاركته في اجتماع لنقابة المحامين في إيلات، هاجم الشرطة بشدة، لكنه قال بشكل مفاجئ: «إن رئيس الوزراء الذي اتهم بالرشوة لا يمكن أن يكون رئيساً للوزراء».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».