جامعة أكسفورد تجمّل الماضي الاستعماري

جامعة أكسفورد تجمّل الماضي الاستعماري
TT

جامعة أكسفورد تجمّل الماضي الاستعماري

جامعة أكسفورد تجمّل الماضي الاستعماري

شيء مؤسف جدا أن تحاول أعرق جامعة في بريطانيا، وواحدة من أقدم الجامعات وأرقاها في العالم، وهي جامعة أكسفورد، تجميل جريمة كبرى باتت البشرية المتحضرة تخجل من مجرد ذكرها، وتعدها من أبشع ما ارتكبه الإنسان الأوروبي بحق إخوته البشر في عصر يمكن تسميته بما قبل التاريخ الإنساني، أو هكذا من المفروض أن يكون.
لقد تبنت هذا الجامعة مشروعا ضخما يمتد لخمس سنوات تحت عنوان فضفاض كلماته تناقض إحداها الأخرى، وهو «علم الأخلاق والإمبراطورية»! ويهدف هذا البرنامج، كما هو معلن مباشرة، إلى الموازنة بين منافع الاستعمار البريطاني ومضاره! وبالطبع، منافع أي استعمار! أي بكلمة أخرى، إننا نشهد محاولة جادة تقودها جامعة كبرى لها احترامها وتأثيرها العلمي والأكاديمي في العالم كله لإحياء ما سمي بالاتجاه «الاعتذاري» Apologist، أي الاتجاه الذي يدافع عن الحقبة الكولونيالية، ويبرر أسبابها ودوافعها ودورها في «نقل الحضارة إلى الشعوب المتخلفة» بل حتى يضفي «أخلاقية مسيحية» على أكبر الإمبراطوريات في تاريخ العالم، التي غطت ربع مناطق الأرض، بمزارعها ونفطها وحديدها وترابها، وحكمت ربع سكان العالم بكل ما يناقض الأخلاق والمسيح والمسيحية. هذا البرنامج الخطير لا يزال يثير احتجاجات واسعة، بدأت داخل جامعة أكسفورد نفسها، وكان آخرها رسالة استنكار وقعها 50 أكاديمياً من مختلف أنحاء العالم، وخاصة من بلدان استعمرتها بريطانيا سابقاً مثل الولايات المتحدة، والهند، وجنوب أفريقيا، يحذرون فيها الجامعة من تبني «مثل هذه المقاربة التي تهدف إلى الموازنة بين العنف الذي مارسه الاستعمار و(منافع مفترضة)، وإلى إعادة تأهيل الإمبراطورية البريطانية، وبالتالي تجد تبريرا لتدخلاتها العسكرية الحالية».
يرأس هذا المشروع نايجل بيغاس أستاذ اللاهوت، وهو يحمل درجة بروفسور، أو ما يسمى بالإنجليزية Regius professor وترجمته الحرفية، حسب قاموس المورد، «الأستاذ الملكي»، أي أستاذ في جامعة بريطانية يحتل كرسياً أُنشئ بمنحة ملكية.
وقد اشتهر بيغاس بمقاله الشهير «لا تشعروا بالذنب تجاه تاريخنا الاستعماري»، الذي نشره في جريدة «التايمز» البريطانية قبل شهر فقط، مدافعاً فيه عن مقال كتبه بروس غيلي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة «بورتلاند»، داعيا فيه إلى إعادة الاعتبار إلى الكولونيالية، التي تملك اسما سيئاً، لكنه اضطر للاستقالة بعد موجة الاحتجاجات الكبيرة ضده. وعموماً، فمنطق الاثنين هو: حسناً، حصلت فظاعات أثناء الحكم الاستعماري، ولكن مثل هذه الفظاعات كانت موجودة قبله، واستمرت بعده!
مثل هذا المنطق الشكلي التبريري، غير الجدير بأستاذ علوم سياسية، هو المنطق الذي يتبناه البروفسور بيغاس. إنه حر بالطبع كشخص، في قول ما يريد، حتى لو كان منافيا للتاريخ والمنطق السليم، فلا قانون يمكن أن يطاله. وقد تبنى كثيرون مثله هذه المقاربات في الماضي القريب.
ولكن أن تتبنى جامعة مثل أكسفورد مشروعه الخطير هذا، الذي ستوظف فيه أموال طائلة، فهذه جناية فكرية وأخلاقية لا يمكن هضمها في الزمن الذي نعيش، إضافة إلى أنها تشكل إهانة بالغة لآلام وعذابات شعوب وبلدان بأكملها.
على امتداد نصف قرن، تطالب شعوب كثيرة البلدان الاستعمارية بالاعتذار منها على الفظاعات التي أنزلتها بها في الماضي، تأسيسا لعلاقات متكافئة، ومتوازنة بين الشعوب، وتخلصاً من عقد الماضي البغيض، لكن جامعة أكسفورد للأسف اختارت ليست فقط إحياء هذا الماضي وتذكيرنا به، تحت العباءة الأكاديمية الفضفاضة، بل تجميله أيضاً، ولو على حساب سمعتها العريقة.



لماذا تُعد ثقافة وضع ميزانية مالية «سامة»؟

خبيرة توصي بالإنفاق الواعي بدلاً من وضع ميزانية (رويترز)
خبيرة توصي بالإنفاق الواعي بدلاً من وضع ميزانية (رويترز)
TT

لماذا تُعد ثقافة وضع ميزانية مالية «سامة»؟

خبيرة توصي بالإنفاق الواعي بدلاً من وضع ميزانية (رويترز)
خبيرة توصي بالإنفاق الواعي بدلاً من وضع ميزانية (رويترز)

إذا كنتَ تحاول السيطرة على إنفاقك، فربما قمت بتسجيل أموالك في جدول بيانات، وتتبعت كل دولار، ووضعت خطة إنفاق صارمة؛ لكن الخبيرة دانا ميراندا -وهي معلمة مالية شخصية معتمدة- تقول إن وضع الميزانية بهذه الطريقة يمكن أن يكون «ساماً».

وأوضحت ميراندا في مقابلة مع شبكة «سي إن بي سي»، أن «ثقافة الميزانية هي نهجنا السائد في التعامل مع المال، والذي يعتمد على القيود والشعور بالخجل والجشع»، وشبَّهتها بـ«ثقافة النظام الغذائي».

وأضافت: «تُظهر الأبحاث في وضع الميزانية، ونرى الشيء نفسه مع مجموعة أوسع بكثير من الأبحاث في مجال الحمية الغذائية، أن هذا النوع من القيود لا ينجح».

وأشارت إلى أن الناس «يميلون إلى الفشل في الالتزام بهذه القواعد، وبالتالي سوف تشعر بهذا الخجل؛ لأنك لا تصل إلى هذه الأنواع من الأهداف التعسفية التي يتم تحديدها».

مع ذلك، يقول كثير من المخططين الماليين، إن إنشاء ميزانية هو أفضل شيء يمكنك القيام به لتحسين الأوضاع المالية.

إلا أن ميراندا استشهدت بدراسة أجريت عام 2018 من قبل باحثين في جامعة مينيسوتا، وجدوا القليل من الأدلة على أن الميزانية تساعد في تحقيق الأهداف المالية طويلة الأجل، مضيفة أنها يمكن أن تزيد أيضاً من القلق.

من ناحية أخرى، قالت شيدا إيزابيل إلمي، مديرة برنامج الأبحاث في برنامج الأمن المالي بمعهد أسبن، لشبكة «سي إن بي سي»، إن الميزانية يمكن أن تكون صعبة بشكل خاص للأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط. وذلك لأنهم أكثر عرضة لتقلُّب الدخول والأجور المنخفضة، والتي لا يمكن إدارتها بسهولة من خلال ميزانية صارمة ومحددة.

جرِّب الإنفاق «الواعي»

وفقاً لميراندا، تنبع سُمِّية الميزانية من ثقافة رأسمالية تهدف إلى جني مزيد من المال وتجميع الأصول، بدلاً من التركيز على جودة حياة الأفراد.

بدلاً من التوفير، أوصت ميراندا بـ«الإنفاق الواعي». وقالت إنه «مثل نهج بديهي أو واعٍ لإنفاق واستخدام الأموال».

وأضافت: «بدلاً من وضع خطة لأموالك حول أين سيذهب كل دولار ومحاولة الالتزام بذلك، ومعاقبة نفسك عندما لا تفعل ذلك، ومكافأة نفسك عندما تفعل ذلك، خذ الأمر بوعي أكبر، لحظة بلحظة».

وتابعت: «اسأل كيف يخدمك المال في هذه اللحظة؟ كيف يمكن للمال أن يخدمك بطريقة أوسع خارج الأرقام وجداول البيانات التي نميل إلى وضعه فيها؟».

واعترفت ميراندا بأنه ليس من السهل تبنِّي هذه العقلية؛ لكنها قالت إن الناس بحاجة في البداية إلى الثقة بأنفسهم أكثر.

وعندما سُئلت عن مخاطر الإفراط في الإنفاق، قالت ميراندا إنه من الجيد تحمل ديون بطاقات الائتمان. وعلى الرغم من الجدل، قالت إن تحمل الديون ليس دائماً «خطأ أخلاقياً» أو «مدمراً» كما يجعلك المجتمع تعتقد.

وأضافت: «اعتبرها جزءاً من الموارد المتاحة لك للإنفاق، طالما أننا نفهم كيف تعمل منتجات الديون لدينا، وعواقب القرارات المختلفة التي نتخذها بشأن الديون».

اذهب في «موعد مالي»

ولفتت ميراندا إلى أن هناك طريقة أخرى لتجنب الإنفاق المتهور، وهي أن تأخذ نفسك في «موعد مالي» كل أسبوعين.

وأوضحت أنها طريقة لأتمتة إدارة أموالك، حتى لا يكون لديك هذا النبض المستمر للتوتر المالي في رأسك.

في الموعد المالي، يمكنك التحقق من كيفية تأثير إنفاقك على مجالات مختلفة من حياتك، وتحديد أولويات ما هو مهم.

قالت ميراندا: «بذلك، إذا أخذت هذه الإجازة التي يخطط لها أصدقائي، فكيف يؤثر ذلك على الأموال التي أضعها في مدخرات التقاعد الشهر المقبل؟ أو كيف يؤثر ذلك على ما أنفقه في مجالات أخرى؟ كيف يؤثر ذلك على مقدار ما سأستخدمه في بطاقة الائتمان الخاصة بي؟».

وأضافت أنه يمكنك أيضاً إنشاء «خريطة مالية» تساعد في تنظيم أهدافك والموارد التي يمكنك الوصول إليها والتزاماتك المالية، ويجب أن تكون مرنة.

على سبيل المثال، إذا كنت تخطط في البداية لتخصيص 10 في المائة من أموالك لمدخرات التقاعد كل شهر، ولكنك أدركت بعد ذلك أنك تفضل إنفاق هذه الأموال الآن، فيمكنك القيام بذلك باستخدام خريطة مالية.

وقالت: «يمكنك تحريكها نوعاً ما حسب ما هو منطقي بالنسبة لك؛ لكنها تساعدك على رؤية وضعك المالي حتى تتمكن من فهم عواقب القرارات التي تتخذها. يمكنك التأكد من أن لديك دائماً هذا الفهم لوضعك المالي، بحيث يكون من السهل اتخاذ قرارات الإنفاق الواعية أثناء قيامك بمهامك اليومية».