ـ الفيلم: غذاء العيد
ـ إخراج: لوسيان بورجيلي
ـ النوع: دراما اجتماعية | لبنان
ـ تقييم: (4*)
عائلة لبنانية مسيحية كبيرة تلتقي في بيت رب العائلة في حفلة غذاء تجمع بين الأفراد في محبة ووئام. الطعام كثير. الجو جميل والمحيطون بطاولة الغذاء هم أولاد وبنات الأب، ومعظمهم صحبوا أزواجهم لهذه المناسبة. الأيدي ترتفع وتهبط على الطعام بلا توقف، والحوار لا ينقطع. من الحديث عن المناسبة (عيد الفصح) إلى الحديث حول عرى المحبة العائلية، ثم تتدحرج إلى أول بوادر الانفلات صوب آراء متناقضة حول كل ما هو راهن في السياسة الطائفية المحلية.
الأب سيصوّت لمن دفع، ولو أنه يبرر ذلك جيداً فعنده أن من تعرفه (من السياسيين) أفضل ممن تتعرف عليه، حسب المثال الشائع. لكن إحدى البنات تعارض ذلك وتدعو إلى لبنان جديد لا يقوم على تكرار سبحة المنتخبين الذين يشكو البلد من فسادهم، لكن الناس تعاود انتخابهم بسبب نظام التبعية. وبل تقول في حدة إن الدين لا علاقة له بالوطن، وإنها لا تمانع في أن ترى رئيس جمهورية غير ماروني ذات مرة. دق على الباب والأم تفتح لتجد رجلاً ملتحياً يطلب تسديد فاتورة الكهرباء (تصفه بالداعشي للحيته الكثة). لكن دفع الفاتورة سيكشف للأم أن مبلغاً كبيراً من المال اختفى من حقيبتها. الجزع يمنعها، على الأرجح، من التفكير. كل ما تريده الآن هو إخفاء الأمر عن زوجها الذي يعاني من قلب ضعيف. فالمبلغ هو لسداد حساب متأخر لا يمكن تأجيله.
ما سبق هو لب الحدث الكامن داخل بيت واحد في يوم واحد. واختفاء المال سيكون طلقة تصيب الجميع عندما يتفشى الخبر (بعد خروج الأب لمشوار قصير) فيتراشق أفراد العائلة بالاتهامات المتبادلة. لا يتحول (ولا كان يجب) الفيلم إلى لغز بوليسي، بل إلى مناسبة لعرض الجروح غير الملتئمة. التراشق بالاتهامات تكشف عن مكنونات وتتداول حقيقة أن صديقة أحد أبناء المجتمعين شيعية (كانت تشعر سلفاً بأنها في غير المكان المناسب). وأن زوج إحدى بنات العائلة فاشي التفكير. هذا الأخير يتهم الخادمة الإثيوبية كاشفاً عن عنصرية بغيضة (يكرر القول: إنها صومالية، أي مسلمة، وتكرر الرد بأنها إثيوبية، أي مسيحية) ويعود ببندقية صيد ناوياً قتلها بعدما ووجه باتهام أفراد الأسرة بأنه السارق.
ليس أن «غذاء العيد» فيلماً سياسياً ولا حتى يقترح لعب دور الحكم في المتبادل من اتهامات. إنه إتاحة لاستعراض مواقف تخرج من تحت عباءة الهدنة القائمة بين أفراد المجتمع بلا سبب مفهوم.
بورجيلي يعمد إلى تصوير (قام به أحمد الطرابلسي بمهارة)، لوضع مسرحي التأسيس مع توزيع اللقطات بروح سينمائية. ليس الفيلم الأول الذي تدور حكايته على مأدبة غداء أو عشاء تتفجر خلالها قضايا كانت مستورة ومخفية، لكن هذا لا يعني أن الفيلم ليس أفضل من سواه من تلك التي عمدت إلى البناء ذاته. وكونه لبنانياً في هويته الدرامية والاجتماعية ومنفتحاً على بحث العائلة اللبنانية بجرأة ووضوح يجعلان العمل شديد الانفراد بين أترابه من الأفلام اللبنانية الحديثة. سجال قوي بفن رفيع.
(1*) لا يستحق
(2*) وسط
(3*) جيد
(4*) ممتاز
(5*) تحفة