«توسيع المطامر»... خطة تشرع الاستمرار بردم البحر في لبنان

النفايات المنتشرة على شاطئ الأوزاعي في لبنان (رويترز)
النفايات المنتشرة على شاطئ الأوزاعي في لبنان (رويترز)
TT

«توسيع المطامر»... خطة تشرع الاستمرار بردم البحر في لبنان

النفايات المنتشرة على شاطئ الأوزاعي في لبنان (رويترز)
النفايات المنتشرة على شاطئ الأوزاعي في لبنان (رويترز)

أعاد قرار الحكومة اللبنانية توسيع المطامر في لبنان، ملف النفايات، إلى الواجهة من جديد، حيث تأهبت جمعيات بيئية ومدنية لبنانية للتصدي لهذا الطرح.
فقرَّرَت الحكومة توسيع مواقع «الكوستابرافا» و«برج حمود»، وأضافت إنشاء معمل للتسبيخ بقدرة 700 طن يوميا في الكوستابرافا، ليمتد المطمر على طول الشاطئ حتى الأوزاعي، حيث تتراكم ملايين الأطنان من نفايات مختلطة، وفيها نفايات مجهولة الهوية، وبراميل نفايات خطرة وسامة من كل المصادر والأنواع.
من هنا، تطرح مسألة الربط بين طمر النفايات وردم البحر، الأمر الذي حصل فعلا في برج حمود، وفي صيدا أيضا، وسيحصل في الكوستابرافا قريباً.
فبدلاً من أن تحاول الحكومة تصحيح الدمار البيئي الذي سببته مشكلات تراكم النفايات في الشوارع من قبل، تقرر ليس فقط الإبقاء على المكبات، التي يصفونها بـ«المطامر الصحية»، بل توسيعها واستمرارها وإقامة المعامل، دون أي التفات لمواصفات المواقع، وللمعايير البيئية الواجب توفرها فيها.
لذلك، جاء إطلاق «ائتلاف إدارة النفايات» بغية تشكيل مجموعة ضغط مؤلفة من جمعيات ومنظمات وخبراء وأصحاب العلم والاختصاص في مجالات البيئة والصحة والاقتصاد، وناشطين حقوقيين وبيئيين.
«الائتلاف» عرض في مؤتمر صحافي رؤيته وأهدافه والبنود التي يجتمع عليها، فكانت كلمة البروفسورة في الجامعة اللبنانية سليمى شامات التي أشارت إلى أنه «حتى الآن لم تضع الحكومات خطة متكاملة لإدارة النفايات، بدءاً من حملات التوعية وصولاً إلى اتخاذ إجراءات جدية للتخفيف من استخدام بعض المواد ذات الاستعمال الأحادي وتشجيع استخدام المواد القابلة لإعادة التدوير وإعادة الاستعمال، كما أننا لم نرَ أي مبادرة ملموسة لتوسيع معامل الفرز والتسبيخ ورفع قدرتها وكفاءتها بل على العكس بعض المعامل توقف تشغيلها».
وأشارت إلى أن الحكومة لم تضع استراتيجية وطنية لإدارة النفايات وهي تخالف القوانين العالمية والاتفاقيات الوطنية «عبر تمرير خيارات غير بيئية مثل المكبات البحرية وتوسيعها وردم البحر بالنفايات واعتماد المحارق والترويج على أنها خيارات لا بديل عنها».
كما يسعى الائتلاف للعمل بكل وسائل الضغط المشروعة على الحكومة وكل السلطات والإدارات المعنية، من أجل وضع وتطبيق استراتيجية فعالة ومستدامة، وخطة تنفيذية لإدارة سليمة بيئياً لقطاع النفايات، وذلك عبر التشبيك والتحالف والمناصرة والتوعية والإعلام وعبر الوسائل القانونية.
وتؤكد الخبيرة البيئية سوزان زيد لـ«الشرق الأوسط» أن «الخطة الحكومية للتخلص من النفايات بهذا الشكل هي عملية مبرمجة لطمر البحر والابتعاد عن أي حلول قد تكون فعالة للتخلص من هذه الأزمة».
وتضيف زيد: «كلنا نعلم الأرباح التي تجنيها الدولة من المطامر والمكبات الموزعة على أكثر من منطقة في لبنان، الأمر الذي يعرقل بشكل أو آخر أي حل يطرح على الطاولة. والمجتمع المدني يقوم بعمل جبار عبر محاولة إحباط مشروع طمر بحرنا بالنفايات».
وتشير زيد إلى أن الأمر سيزداد سوءاً إذا ما تمكنت الحكومة من صياغة خطط بديلة لتوسيع المطامر «إذ إن طمر البحر بالنفايات سيعود على الحياة البحرية بالخراب والدمار».
وتعدد زيد بعض مخاطر طمر البحر، فتبدأ بانعدام الثروة السمكية، وتلوث المياه، إضافة إلى التأثيرات المباشرة للمخلفات على محركات القوارب والسفن، وتشويه المنظر الجمالي العام للبيئة البحرية السطحية والقاعية، فضلاً عن الطيور التي تموت جراء ابتلاع المواد السامة، وارتفاع نسب تلوث الهواء والمياه الحمضية.
وفي ظل الفشل الحكومي في طرح حلول جذرية، يحاول المجتمع المدني الوصول إلى خطة تنقذ لبنان من كارثة بيئية حتمية، حيث قدم رئيس «الحركة البيئية اللبنانية» بول أبي راشد لوزير الدولة لشؤون التخطيط ميشال فرعون بدائل للبند المتعلق بتوسيع المطامر، وخطة سريعة وغير مكلفة للتنفيذ، ولا تحتاج إلى طمر البحر في أي منطقة.
ترتكز الخطة على تحديث معملي الفرز في العمروسية والكرنتينا اللذين لديهما القدرة بفرز 3 آلاف طن من النفايات يومياً التي تشكل مجموع نفايات بيروت وجبل لبنان، إضافة إلى إقامة مصنع للتسبيخ في البقاع، والنفايات المرفوضة المتبقية يمكن تحويلها إلى وقود بديلة تُستخدَم في الصناعات الكبيرة في البلد أو في معامل الكهرباء، وهذه الخطة لا تحتاج إلى 6 أشهر حداً أقصى، وأموالها موجودة بهبة من الاتحاد الأوروبي مخصصة لبيروت وجبل لبنان، بحسب أبي راشد.
ونجح أبي راشد في تأجيل تنفيذ القرار، حيث أصدر مجلس الوزراء بياناً يقضي بالتريث في تنفيذ خطة توسيع المطامر البحرية والتمديد لها، ومراجعة خطة وزارة البيئة قبل السير في هذا الخيار، بانتظار ما ستؤول إليه الأيام المقبلة، لا سيما في ظل انشغال الأطراف اللبنانية بالتحضير للانتخابات النيابية المقررة بمايو (أيار) المقبل.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.