«داعش» تسيطر على كامل ريف دير الزور الغربي.. وكرّ وفرّ بريف الرقة

تجدد القتال بين النظام السوري والمعارضة في حلب وتصعيد في جوبر والمليحة بريف دمشق

مواطن سوري يجلس أمام بيته المدمر بعد ان قصفت طائرات النظام حلب القديمة بالبراميل المتفجرة أمس (رويترز)
مواطن سوري يجلس أمام بيته المدمر بعد ان قصفت طائرات النظام حلب القديمة بالبراميل المتفجرة أمس (رويترز)
TT

«داعش» تسيطر على كامل ريف دير الزور الغربي.. وكرّ وفرّ بريف الرقة

مواطن سوري يجلس أمام بيته المدمر بعد ان قصفت طائرات النظام حلب القديمة بالبراميل المتفجرة أمس (رويترز)
مواطن سوري يجلس أمام بيته المدمر بعد ان قصفت طائرات النظام حلب القديمة بالبراميل المتفجرة أمس (رويترز)

استعاد مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروف بـ«داعش»، أمس، السيطرة على كامل الريف الغربي لمحافظة دير الزور بشرق سوريا، تزامنا مع تجدد الاشتباكات بين القوات الحكومية السورية ومقاتلي المعارضة شمال غربي مدينة حلب وتواصل القصف على مناطق في ريف دمشق.
في موازاة ذلك، أدانت المعارضة السورية استخدام القوات النظامية للغازات السامة ضد المدنيين في مدينة عربين، بريف دمشق. وأفاد أمين عام الائتلاف السوري المعارض بدر جاموس أمس باستقبال المكتب الطبي في عربين، بضواحي العاصمة السورية، عشر حالات اختناق ناتجة عن استنشاق غازات سامة ألقتها القوات النظامية. وبعد أخذ العينات، رجح الأطباء الذين عاينوا المصابين أن تكون هذه الغازات شبيهة بغاز الكلور الذي استخدامه النظام في كل من حرستا والمليحة الشهر الماضي، وفق تصريح جاموس.
وأبدى الائتلاف، على لسان جاموس، رفضه «محاولة النظام التلاعب بقرارات المجتمع الدولي والإبقاء على 12 موقعا لتصنيع الأسلحة الكيماوية مغلقة بدل تدميرها وفقا لقرار منظمة حظر الأسلحة الكيماوية الذي تبناه مجلس الأمن»، مشيرا إلى أن «المنسقة الخاصة للبعثة المشتركة لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية والأمم المتحدة سيجريد كاغ؛ كشفت يوم أول من أمس، عن وجود (تناقضات) في القائمة الأصلية التي أعلن عنها النظام»، ما يعني، وفق جاموس، أن «الأسد قد يتمكن من الاحتفاظ ببعض المواد الكيماوية ما لم يتخذ المجتمع الدولي موقفا حازما وجادا تجاه هذه المحاولات».
ميدانيا، أكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، أمس، أن تنظيم «داعش» أحكم سيطرته على «معظم المناطق الممتدة من مدينة الباب بريف حلب الشرقي، حتى مدينة البصيرة في دير الزور، باستثناء قرية حطلة وغرب قرية خشام في المحافظة الشرقية. وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «المقاتلين المعارضين الذين ينتمون إلى جبهة النصرة وكتائب إسلامية أخرى مثل الجبهة الإسلامية، ومقاتلي الجيش السوري الحر، استعادوا السيطرة في دير الزور على بلدتي النملية وأبو النيفل، جنوب بلدة الصور»، لكن مقاتلي «داعش» في المقابل «أحكموا سيطرتهم على المدخل الشمالي لبلدة دير الزور من جهة دوار الصالحية وبلدة الحلبية، في حين انسحب المقاتلون الإسلاميون من ريف دير الزور الغربي بشكل كامل وهو معروف بخط الجزيرة».
وتلت هذه الاشتباكات معارك كرّ وفرّ بين مقاتلي «داعش» من جهة، ومقاتلين إسلاميين من جهة أخرى، بدأت في مطلع أبريل (نيسان) الماضي، إثر محاولة «داعش» التمدد من معقله في الرقة وريف حلب الشرقي، باتجاه دير الزور، بهدف ربط مناطق نفوذه في سوريا، بمناطق عراقية يسيطر عليها، أهمها محافظة الأنبار الحدودية مع سوريا.
وقال عبد الرحمن: «هذه التطورات، عمليا، تعني أن لا تقدم للمقاتلين الإسلاميين، بموازاة تقدم مقاتلي (داعش)»، لافتا إلى أن «مقاتلي النصرة انسحبوا من ريف دير الزور الغربي، بسبب وجود كتيبة عسكرية لـ(داعش)، تتألف من 70 مقاتلا شيشانيا وأفغانيا أشداء، منظمين ومدربين». وأشار إلى أن مقاتلي «داعش» أحكموا السيطرة على الجنينة التي تتضمن معبرا من الريف إلى مدينة دير الزور عبر نهر الفرات»، في حين تمددوا أيضا باتجاه قرى محيميدة وحوائج أبو مصعة وزغير جزيرة التي تقع في شمالها محطة بيرو التي تضم مجموعة من آبار النفط.
وأفاد ناشطون بنزوح عدد كبير من أهالي قرية الصالحية، بشمال محافظة دير الزور، بعد توجيه تنبيهات لهم من قبل «داعش» باقتحام المنطقة. وقال هؤلاء إن اشتباكات عنيفة وقعت فجر أمس في المنطقة، أدت لسيطرة «داعش» على قسم كبير من الصالحية. وأشار «مكتب أخبار سوريا» إلى أن حركة النزوح إلى الريف الشرقي من دير الزور، هي «الكبرى» منذ تعرض المنطقة للقصف من قبل قوات الجيش النظامي، حيث إن نسبة النازحين تجاوزت 40 في المائة من أهل البلدة التي يزيد عدد سكانها على 35 ألفا، بينهم خمسة آلاف نازح من مناطق أخرى. في هذا الوقت، هاجم مقاتلو المعارضة السورية نقاطا عسكرية تابعة لـ«داعش» في مدينة الرقة، في معارك وصفها المرصد السوري بـ«معارك كرّ وفرّ»، مشيرا إلى مقتل قيادي في تنظيم «الدولة الإسلامية»، وستة أشخاص آخرين في اشتباكات استهدفت حاجزا للتنظيم. وتلت هذه الاشتباكات عملية تفجير مصفاة النفط في منقطة السويدية قرب بلدة معدان، شرق محافظة الرقة، والخاضعة لتنظيم «داعش».
ونفذت العملية، قوات تابعة لكل من الجيش السوري الحر ومجلس شورى المجاهدين، وهو غرفة عسكرية تضم معظم قوات المعارضة التي تحارب التنظيم في المنطقة الشرقية. وأدى التفجير إلى اشتعال حريق في المصفاة.
وعلى مقربة من الرقة، أفاد ناشطون باندلاع اشتباكات بين «داعش» ووحدات حماية الشعب الكردي، في محيط قرى واقعة غرب مدينة عين العرب (كوباني). وفي غضون ذلك، أفاد المرصد باندلاع اشتباكات بين قوات النظام مدعومة بقوات الدفاع الوطني ومسلحين من جنسيات عربية ومقاتلي «حزب الله» اللبناني من جهة، ومقاتلي جبهة النصرة وجيش المهاجرين والأنصار الذي يضم مقاتلين غالبيتهم من جنسيات عربية وأجنبية وكتائب إسلامية من جهة أخرى، في محيط مبنى المخابرات الجوية بحي الزهراء شمال غربي حلب، بالتزامن مع قصف من قبل قوات النظام على منطقة الاشتباك ومناطق محيطة بجامع الرسول الأعظم.
أما في العاصمة السورية فدارت اشتباكات عنيفة بين قوات النظام مدعمة بقوات الدفاع الوطني من جهة ومقاتلي الكتائب الإسلامية من جهة أخرى في حي جوبر، ترافق مع قصف قوات النظام على مناطق في الحي. كذلك وامتدت الاشتباكات إلى أطراف بلدة بيت سحم، بضواحي دمشق، تزامنا مع قصف قوات النظام على مناطق الاشتباك. وأفاد ناشطون بتعرض مناطق المليحة والزبداني وداريا بريف دمشق، لقصف من القوات الحكومية. كما تواصل القصف على مناطق بريف درعا، في حين اشتد القصف على ريف اللاذقية، شمال غربي سوريا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.