«مار نرساي»... مدرسة آشورية في القارة الأسترالية

تنمي مهارات التواصل مع المجتمع الجديد

TT

«مار نرساي»... مدرسة آشورية في القارة الأسترالية

في 21 يناير (كانون الثاني) 2018، تفتتح كلية «مار نرساي الآشورية» بمنطقة هورسلي بارك، في سيدني، مبناها الجديد، بتكلفة أولية بلغت 32 مليون دولار، وبطاقة استيعابية ستبلغ 1000 طالب وطالبة.
تأتي هذه الخطوة في ظل تزايُد عدد اللاجئين الوافدين إلى أستراليا ووصول الطاقة الاستيعابية للمدارس الآشورية إلى أقصاها. وللتعرّف على أهداف بناء الكلية طرحت صحيفة «الشرق الأوسط»، أسئلة على المطران مار ميلس زيا، الوكيل البطريركي لكنيسة المشرق الآشورية في أستراليا ونيوزلندا ولبنان، الذي أوضح أنّه منذ وصوله إلى أستراليا تولدت لديه رؤية خاصة لأبناء الجالية، ترتكز على تنمية الروح القومية لديهم، وتنشئتهم على أسس تربوية تعمل على التغلب على مشاعر التغرب والانسلاخ عن الذات والهوية من جهة، وتقوية الأواصر بينهم من أجل انفتاح آمن وسليم على مجتمع متعدد الحضارات في أستراليا من جهة أخرى.
أهداف بناء الكلية
«إنّها كلية خاصة حديثة تليق بطلبة القرن الـ21. تحوي 40 قاعة دراسية، فيها مكتبة كبيرة ومختبرات علمية مختلفة، وورش نجارة وأخرى فنية، وأقسام تكنولوجيا الطعام وتكنولوجيا المعلومات، ومساحات ملائمة لممارسة الأنشطة الرياضية والمدرسية المختلفة»، يقول المطران الذي يخبرنا أيضاً عن أهداف بنائها وإن كانت اللغة الآشورية من أهمها: «نعم، هناك تركيز في المدارس وكلية اللغة على كتابة وقراءة اللغة الآشورية، والهدف الرئيسي لجميع المدارس الآشورية هو مساعدة الجالية في سيدني على التماسك وتأسيس الإيمان الحضاري الفاعل بما يتلاءم ومقومات العيش في أستراليا، والنهل من أجواء الحضارة ونثر عطرها الفواح بين الطلبة وغرس كل العادات الطيبة في نفوسهم». ويضيف: «تهدف أيضاً لمساعدة الطلبة الوافدين الجدد على التأقلم مع أقرانهم المولودين هنا، اجتماعياً ودراسياً، ودمجهم في أنشطة اجتماعية، ورياضية، وقومية، يسهّل عملية انتقالهم من أركان المنظومة التعليمية الداخلية، إلى بوابة المجتمع الأسترالي، لعدم وجود حاجز الأصل، واللغة بين الطلبة، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة الدافعية لديهم في التعلم والتحدث، فسرعة اندماج الطلبة المغتربين الجدد فيها، يعطي حافزاً لهذه المدارس على سرعة رفدهم بعامل الثقة بالذات لإبراز طاقاتهم وإبداعاتهم الكامنة، وبالمستوى العلمي المطلوب».
حصص التعليم والإجازات
«أسوة بالمدارس الخاصة الأخرى، تملك الكلية إجازة رسمية. تدرّس فيها كل المواد المطلوبة للتخرج في المرحلة الثانوية، حسب المنهاج الأسترالي المقرّر. كما تخضع جميع المدارس الآشورية وبصورة دورية أيضاً، للتفتيش والتدقيق، ويستطيع الطالب، سواء ولد في أستراليا أو قدم لاجئاً، أن يلقى ترحيباً واهتماماً كبيرين من جميع المدرسين العاملين فيها، من خلال آليات متعددة من الدعم النفسي في حال قدومه من بيئاتِ حروبٍ ونزاعات، خصوصاً من فقد عزيزاً، أو خُطف أحد أفراد عائلته، وجميعهم يتلقون المساندة النفسية اللازمة لتخطي آثار ما تعرضوا له، وبالتالي هناك عمل دؤوب على إعادة ترسيخ الشعور بالطمأنينة والأمان لديهم، ومن ثمّ مساعدتهم للتغلب على مشاعر الغربة والانسلاخ عن الذات والهوية وتقوية الأواصر، ليدركوا أنّ الانفتاح على مجتمع متعدد الحضارات في أستراليا، لا يعني الانسلاخ عن الهوية ونكرانها».
وتابع المطران موضحاً لـ«الشرق الأوسط»: «تتميّز المدارس الآشورية الموجودة في أستراليا، بأنّ طلابها يستطيعون إكمال دراستهم الثانوية، كاملةً، من دون الذهاب إلى المدارس الأخرى، وأكثر من 60 في المائة من المتخرجين في مدارسنا ينتسبون إلى الجامعات الأسترالية، والبعض منهم يدرس الدراسات الطبية والهندسية ويتخرّجون بمعدلات عالية»، موضحاً: «توفر مدارسنا مناهج دراسية متكاملة في مجالات التعليم الأساسية، كاللغة الإنجليزية والرياضيات والدراسات الاجتماعية والعلوم (الفيزياء والأحياء والكيمياء)، والفنون والموسيقى وتقنية المعلومات والعلوم الصحية والاقتصادية والدراسات القانونية والتربية الرياضية، إضافة إلى تدريس اللغة الآشورية والتربية الدينية المسيحية، وتنمية مهارات التواصل والانضباط واحترام الذات والآخر والعالم الذي يعيشون فيه».
وعن إلزامية تدريس اللغة الآشورية لغير الآشوريين يقول: «اللغة الآشورية في مدرستي القديس ربان هرمزد وكلية مار نرساي إلزامية للمراحل 2 – 10. ولدينا بعض الطلبة من خلفيات أسترالية وشرق أوسطية يلتحقون بمدارسنا وهم يجدون متعة في تعلم اللغة، كونها وسيلة مضافة للتواصل مع السواد الأعظم مع أقرانهم الطلبة».
المؤسسات التربوية الآشورية في أستراليا
وحسب المطران، فإن في أستراليا مؤسساتٍ تربويةً آشورية كثيرة هي: دار رعاية الأطفال - النعمة - للفئة العمرية (2 – 4) سنوات، ومركز القديس ربان هرمزد للتعليم المبكر للأطفال (4 - 5) سنوات، ومدرسة القديس ربان هرمزد الابتدائية، للفئة العمرية (5 - 12) سنوة. وكلية مار نرساي الآشورية للفئة العمرية (12 - 18) سنة. وكلية اللغة الآشورية للأعمار 18 وما فوق.
وأسوة بالمدارس الحكومية والخاصة في أستراليا، تفتح هذه المدارس أبوابها لطلابها، خمسة أيام في الأسبوع، من الاثنين إلى الجمعة، ومن الساعة 8:40 صباحاً ولغاية الساعة الثالثة ظهراً، وأحياناً إلى الساعة الرابعة، عدا كلية اللغة الآشورية التي تُدرّس 5 ساعات أسبوعية فقط، أي خلال يومين مسائيين في الأسبوع.
يُطلِعنا المطران على سيرة تعليم اللغة الآشورية للجالية في أستراليا، قائلاً: «هذه الكلية ليست المركز التعليمي الأول للآشوريين في أستراليا، فقد أُسست أول مدرسة ابتدائية باسم القديس ربان هرمزد عام 2002، وهي تضمّ حالياً نحو 800 طالب وطالبة.
وفي عام 2010 فتحت كلية مار نرساي الآشورية أبوابها، وعدد طلابها اليوم بلغ 700. وفي العام ذاته افتتح مركز النعمة لحضانة الأطفال، في سيدني. وبالموازاة مع ذلك، شُيّد مركز التعليم المبكر للأطفال في عام 2012.
في أستراليا أيضاً، حسب المطران، كلية «اللغة الآشورية» التي أُسّست بالتعاون مع عدد من الأساتذة ذوي الخبرات والكفاءات العالية في مجالات التعليم والثقافة لتعليم الأفراد البالغين ممّن هم فوق سن الـ18، للمبتدئين والمتقدمين، منذ 2016، وذلك من خلال خطة خمسية وضعتها كنيسة المشرق الآشورية في أستراليا لغرض محو الأمية لهذه اللغة، كما وضعت إمكانيات لتعليم قرابة 5000 شخص خلال السنوات المقبلة.
أعداد الآشوريين في أستراليا
أسهمت الحروب والاضطرابات في العراق وسوريا بهجرة كثير من الآشوريين إلى دول أوروبا وأميركا وأستراليا، هرباً من تنظيم داعش الذي سيطر على أماكن تمركزهم، فكم يبلغ عدد الآشوريين في أستراليا حالياً؟
يقول المطران: «فيما يخصّ أستراليا ونيوزيلندا، هناك أكثر من 5 آلاف عائلة مسجلة في سيدني، وهذا العدد لا يشمل العوائل التي وصلت أخيراً من سوريا والعراق ويبلغ عددهم حالياً قرابة 300 - 500 عائلة غير مسجلة على أقل تقدير».
ويلفت أنّه «حسب إحصاء العام الأسترالي لـ2016 بلغ عدد الآشوريين المسجلين 28517 وعدد الكلدان المسجلين 17700، أي معاً 46217 ومن المتوقّع أن يرتفع العدد الإجمالي مع نهاية عام 2017 إلى أكثر من 53 ألف نسمة».
في جميع الدول حيث يوجَد أبناء الجالية الآشورية هناك جمعيات تعنى بتعليم اللغة كتابة وقراءة، بيد أن الأمر يختلف في أستراليا، إذ يوضح المطران مار ميلس زيا: «هناك اختلاف بين المدارس الآشورية في سيدني ونظيرتها في بريطانيا وغيرها من الدول؛ فمدارس سيدني مسجلة في وزارة التربية بولاية نيو ساوث ويلز، رسمياً، وهي خاضعة لشروط الحكومة من حيث البنية التحتية وتسجيل المعلمين.
ولكونها مدرسة آشورية خاصة، فقد أُفرد بها اهتمام خاصّ وممنهج لتدريس اللغة الآشورية والدراسات المسيحية».


مقالات ذات صلة

دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

الولايات المتحدة​ دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

أظهر بحث جديد أن مدى جودة مدرستك الثانوية قد يؤثر على مستوى مهاراتك المعرفية في وقت لاحق في الحياة. وجدت دراسة أجريت على أكثر من 2200 من البالغين الأميركيين الذين التحقوا بالمدرسة الثانوية في الستينات أن أولئك الذين ذهبوا إلى مدارس عالية الجودة يتمتعون بوظيفة إدراكية أفضل بعد 60 عاماً، وفقاً لشبكة «سكاي نيوز». وجد الباحثون أن الالتحاق بمدرسة مع المزيد من المعلمين الحاصلين على تدريب مهني كان أوضح مؤشر على الإدراك اللاحق للحياة. كانت جودة المدرسة مهمة بشكل خاص للمهارات اللغوية في وقت لاحق من الحياة. استخدم البحث دراسة استقصائية أجريت عام 1960 لطلاب المدارس الثانوية في جميع أنحاء الولايات المتحدة

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي مصر: نفي رسمي لـ«إلغاء مجانية» التعليم الجامعي الحكومي

مصر: نفي رسمي لـ«إلغاء مجانية» التعليم الجامعي الحكومي

نفت الحكومة المصرية، أمس السبت، عزمها «إلغاء مجانية التعليم الجامعي»، مؤكدة التزامها بتطوير قطاع التعليم العالي. وتواترت أنباء خلال الساعات الماضية حول نية الحكومة المصرية «إلغاء مجانية التعليم في الجامعات الحكومية»، وأكد مجلس الوزراء المصري، في إفادة رسمية، أنه «لا مساس» بمجانية التعليم بكل الجامعات المصرية، باعتباره «حقاً يكفله الدستور والقانون لكل المصريين».

إيمان مبروك (القاهرة)
«تشات جي بي تي»... خصم وصديق للتعليم والبحث

«تشات جي بي تي»... خصم وصديق للتعليم والبحث

لا يزال برنامج «تشات جي بي تي» يُربك مستخدميه في كل قطاع؛ وما بين إعجاب الطلاب والباحثين عن معلومة دقيقة ساعدهم «الصديق (جي بي تي)» في الوصول إليها، وصدمةِ المعلمين والمدققين عندما يكتشفون لجوء طلابهم إلى «الخصم الجديد» بهدف تلفيق تأدية تكليفاتهم، لا يزال الفريقان مشتتين بشأن الموقف منه. ويستطيع «تشات جي بي تي» الذي طوَّرته شركة الذكاء الصناعي «أوبن إيه آي»، استخدامَ كميات هائلة من المعلومات المتاحة على شبكة الإنترنت وغيرها من المصادر، بما في ذلك حوارات ومحادثات بين البشر، لإنتاج محتوى شبه بشري، عبر «خوارزميات» تحلّل البيانات، وتعمل بصورة تشبه الدماغ البشري. ولا يكون النصُّ الذي يوفره البرنامج

حازم بدر (القاهرة)
تحقيقات وقضايا هل يدعم «تشات جي بي تي» التعليم أم يهدده؟

هل يدعم «تشات جي بي تي» التعليم أم يهدده؟

رغم ما يتمتع به «تشات جي بي تي» من إمكانيات تمكنه من جمع المعلومات من مصادر مختلفة، بسرعة كبيرة، توفر وقتاً ومجهوداً للباحث، وتمنحه أرضية معلوماتية يستطيع أن ينطلق منها لإنجاز عمله، فإن للتقنية سلبيات كونها قد تدفع آخرين للاستسهال، وربما الاعتماد عليها بشكل كامل في إنتاج موادهم البحثية، محولين «تشات جي بي تي» إلى أداة لـ«الغش» العلمي.

حازم بدر (القاهرة)
العالم العربي بن عيسى يشدد على أهمية التعليم لتركيز قيم التعايش

بن عيسى يشدد على أهمية التعليم لتركيز قيم التعايش

اعتبر محمد بن عيسى، الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، ووزير الخارجية المغربي الأسبق، أن مسألة التعايش والتسامح ليست مطروحة على العرب والمسلمين في علاقتهم بالأعراق والثقافات الأخرى فحسب، بل أصبحت مطروحة حتى في علاقتهم بعضهم ببعض. وقال بن عيسى في كلمة أمام الدورة الحادية عشرة لمنتدى الفكر والثقافة العربية، الذي نُظم أمس (الخميس) في أبوظبي، إن «مسألة التعايش والتسامح باتت مطروحة علينا أيضاً على مستوى بيتنا الداخلي، وكياناتنا القطرية، أي في علاقتنا ببعضنا، نحن العرب والمسلمين».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.